استخدام الطاقة المائية في الكهرباء.. عقبات واحتجاجات

استخدام الطاقة المائية في الكهرباء.. عقبات واحتجاجات

فنت ستبقي فنت .. وستظل كما كانت دائما ... هذه الشعارات يرفعها سكان قرية فنت Vent الجبلية الصغيرة التي تقع في إقليم تيرول جنوبي النمسا، حيث يخوض السكان حاليا معركة شرسة للاعتراض على إقامة سد يبلغ ارتفاعه 170 مترا في القرية.
وتنفذ شركة تيفاج Tiwag المشروع الذي يعد واحدا من أكبر مشاريع توليد الطاقة من مصادر المياه في منطقة جبال الألب.
ومن غير الوارد على الإطلاق أن يوافق اتحاد الألب الألماني على المشروع الذي يفترض أن يقام على أراض يملكها حيث سيتسبب السد في غمر مساحات شاسعة من الأراضي بالمياه في محيط قرية فنت و نصف مساحة منطقة فايدال لاند التابعة له. أما النصف الثاني من المساحة المخططة لإقامة المشروع فتؤول ملكيتها إلى فلاحي منطقة تيرول الجنوبية الذين أعلنوا رفضهم الصريح و المباشر للمشروع.
ويقول هانز أور مساعد في مؤسسة الطاقة الاقتصادية في جامعة فينا التطبيقية : " لا يمكن إحراز تقدم في مشاريع محطات توليد الطاقة الجديدة دون أن يتم ربط المشروع بصورة أساسية مع حاجات مواطني المنطقة منذ اللحظة الأولى .و قد استغرقت مجريات النقاش و التباحث ما يزيد على 5 أعوام إلى 6". وعلى الأغلب، فإن الشركة تسعى إلى تحقيق إيرادات تداول تجاري مربح في بورصات الطاقة الدولية.
ولا تقف الاعتراض علي بناء محطة توليد الطاقة المائية على احتجاجات سكان قرية فنت فقط بل إن القضية لها أبعاد بيئية . فعلى الرغم من أن الطاقة المائية تعد أحد مصادر الطاقة المتجددة غير المضرة بالبيئة في حد ذاتها إلا أن إقامة محطات توليد الطاقة المائية لها تأثيرات خطيرة على التوازن البيئي المعقد والمنظم لعملية تدفق وانسياب المياه. كما أنها تسبب أضرارا جسيمة ومصاعب جمة لسكان مناطق الأنهار .
وتسبب محطات توليد الطاقة المائية تغييرات في المحيط البيئي للمياه المنحدرة بصورة أساسية. ولا يمكن تجنب حدوث تلك التأثيرات السلبية التي لا ترتبط بحجم المحطة. وهذه الحقيقة تمثل عائقا تجب مراعاته عند وضع الشروط العامة لاستغلال المياه في دول الاتحاد الأوروبي لتأمين وضع بيئي سليم للمياه حتى عام 2015. ويظهر اتجاه الاتحاد الأوروبي تصميماً على إنتاج الطاقة من مصادر طاقة متجددة في السوق الداخلية للكهرباء للدول الأعضاء، وذلك لتحقيق أهداف إنتاج الطاقة بشروط مصادر الطاقة المتجددة.
وتهدف النمسا إلى زيادة نسبة اعتمادها على المصادر المتجددة للطاقة فيما يتعلق بالاستهلاك الداخلي من الطاقة من 70 في المائة في عام 1997 إلى 78.1 في المائة حتى عام 2010. ومن هنا تبرز ضرورة تعزيز بناء مصادر لإنتاج الطاقة. وتدير النمسا مباشرةً حصة تبلغ بالمعدل نحو الثلثين من حجم الإنتاج الإجمالي من الطاقة الهيدروكهربائية في الاتحاد الأوروبي من محطة مائية تقليدية لتوليد الطاقة في الألب.
وعلى هذا الأساس فإن بناء محطات توليد الطاقة المائية على الأنهار والجداول النمساوية متقدّم إلى حدٍ بعيد. وحسب ما جاء عن تقرير الطاقة لعام 2003 للحكومة النمساوية، سجّل إنتاج الطاقة عن طريق محطات توليد الطاقة المائية خلال عام 2003 نحو 37.2 تيراوات في الساعة.
وإلى جانب محطات توليد الطاقة عن طريق الحركة، وأهمها الموجودة على نهر الدانوب، تم خلال العقد الماضي في مناطق الألب الغربية تأسيس العديد من محطات التوليد التخزينية التي تخدم تغطية حاجة القمم الجبلية من الطاقة في فصل الشتاء. وفي فصل الصيف تتم تغطية الطلب كافة على الطاقة النمساوية نظرياً عن طريق محطات توليد الطاقة النمساوية. وهنالك جزء من الطاقة المولدة في محطات توليد الطاقة التخزينية يتم استيراده، والجزء الآخر تتم تغطيته من خلال محطات توليد الطاقة الحرارية.
وحين تكون محطة توليد الطاقة المائية شركة تزويد طاقة مجدية، فإنه توجد لشركات تزويد الطاقة النمساوية طاقة احتياطية لدى المقارنة الدولية، كما تشير دراسة للمؤسسة الاستشارية أيه تي كيرني، A.T. Kearney.
وزاد الربح الفعلي لشركة تزويد الطاقة النمساوية خلال الأعوام الثلاثة الماضية بفضل المجالات الجديدة في هذه السوق، مثل تجارة الطاقة، و ارتفاع الكفاءة بنحو الثلث، إلى 990 مليون يورو. وبينما سجّل الهامش الفعلي للشركات الخمس عشرة الرائدة في الاتحاد الأوروبي خلال عام 2003/2004 نمواً بنحو 14 في المائة، فإن أهم الشركات النمساوية سجّلت نحو 10 في المائة فقط. ولدى شركات الطاقة الأوروبية تتحقق هوامش تتحرك بين 27.7 في المائة إلى 5.9 في المائة. وفي النمسا من 14.5 إلى 6.4 في المائة.
ولا يبدو أن الربحية النسبية القليلة للطاقة من مسؤولية رابطة شركات تزويد الطاقة النمساوية الرائدة، بل هي من مسؤولية الشراء الخارجي المتوقّف على الشركات المحلية. ومن الممكن أن يتحقق المزيد من النمو في الإنتاجية النمساوية إذا لم يزد عدد المنافسين الأوروبيين حسب ما ورد عن فلوريان هاسلور المتخصص في الطاقة لدى مؤسسة A.T. Kearney.
ويرجع السبب في هذا إلى اختلاف بنية و أحجام الشركات، وإلغاء فرص العمل. وعلاوةً على ذلك، فإن إلغاء فرص العمل بين عامي 1995 و 1998 في السوق الاحتكارية، عمل على تخفيض عدد العاملين في شركات الطاقة بنحو 2200 ليصبح 28.500. وتم القضاء إجمالاً بين عامي 1995 و 2003 على نحو ربع الوظائف. ولدى الشركات الفردية سجّل ذلك بين عامي 1998 و 2003 أكثر من 30 في المائة.
من المحتمل نظراً للفشل المتوقع لحل الطاقة الداخلي المخطط له، ألاّ يتمكن التعاون مع تحالف الطاقة لمزودي المناطق من التأثير في المنافسة العامة بين المزودين بصورة دائمة. وكان الحل قبل أربعة أعوام هو العمل التعاوني بين مجموعة شركات الطاقة ومحطة توليد الطاقة المائية، وهو ما عمل على تقدّم بناء محطة توليد الطاقة المائية في النمسا أكثر من إعاقتها.

الأكثر قراءة