النمسا بين حالة النمو والتساؤلات المستقبلية الكبرى
النمسا بين حالة النمو والتساؤلات المستقبلية الكبرى
يشهد الوضع الاقتصادي النمساوي نمواً سريعاً على غير ما كان متوقعاً. وبالنسبة لعام 2006، أشارت مؤسسات البحث الاقتصادية النمساوية الرائدة، ومنها مؤسسة الدراسات العليا، HIS، والمؤسسة النمساوية للبحوث والدراسات الاقتصادية، Wifo، إلى أن توقعاتها لمعدل النمو لحجم الناتج المحلي الإجمالي سترتفع من 1.9 في المائة خلال العام الجاري إلى 2.3 حتى 2.4 في المائة في العام المقبل. وتنمو النمسا بأسرع من باقي المعدلات في اقتصادات باقي دول منطقة اليورو. ومع ذلك تبقى تحت معدلات النمو خلال التسعينيات.
ويرى خبراء الاقتصاد في عام 2007 تأرجحاً في معدل النمو بين 2 و2.2 في المائة. والسبب الرئيسي لهذا التراجع في ذلك المعدل من وجهة نظر مؤسسة Wifo، هو بالأخص ارتفاع قيمة الضريبة المضافة مع بداية عام 2007 لأهم شريك اقتصادي، وهو ألمانيا. ومن وجهة نظر مؤسسة HIS يكمن السبب في عدم حل مشاكل البنية والهيكلة الاقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي كافة، حيث سيشكل هذا عائقاً أمام النمو.
وهنالك عملية بطيئة في إنعاش الوضع الاقتصادي من جانب التجارة الخارجية، وديناميكية الاستثمارات. وسينمو معدل تصدير البضائع خلال العام المقبل بين 4.9 و6.2 في المائة. وفي الوقت ذاته يمكن أن يكسب التشغيل التصديري من ناحية هيكلية أيضاً المزيد من القدرة التنافسية، أي: تكاليف الأجور النسبية، ودرجة قياسية للقدرة التنافسية مقابل الشركاء التجاريين الآخرين. وتجمع التوقعات على أن كل ذلك سيتحسن في العام المقبل، 2006، بنحو نقطة مئوية، وفي عام 2007 بنحو 1.5 في المائة.
ورغم مظاهر التحسن التي يُقال عنها خلال العام المقبل، إلا أنه لا توجد أي إشارات إلى أن هذا التحسن سيقلل من حجم البطالة الموجودة في النمسا, فمن ناحية، تنمو عروض القوى العاملة باستمرار، ومن ناحية أخرى فإن النمو المتوقع يُعتبر ضعيفاً لتطوير قوة ذات قيمة مذكورة لسوق العمل. وبفضل ارتفاع عدد الملتحقين بالدراسة بصورة ملحوظة لن يزيد حجم البطالة العمالية بصورة ملموسة في عام 2006، حسبما ترى مؤسسة Wifo.
وتتوقع المؤسستان لعام 2006 معدلاً ثابتاً دون تغيّر في نسبة البطالة العمالية في حدود 5.3 في المائة. وسوف تجعل النمسا من النمو وحجم التشغيل والتوظيف نقاطاً أساسية لرئاسة الاتحاد الأوروبي للنصف الأول لعام 2006، حسب ما يقول وزير الاقتصاد من الحزب الديمقراطي المسيحي، مارتين بارتنشتاين. وفقط في حالة أشار النمو الاقتصادي إلى توجه ملحوظ لأعلى، يمكن حينها لحجم البطالة العمالية في الاتحاد الأوروبي أن ينخفض عن رقمه الحالي البالغ نحو 19 مليون عاطل عن العمل. وتبقى النمسا من ناحية السياسة المالية في عجز نظراً للآثار الكبرى للخطوة الثانية في عملية التعديلات الضريبية.