أهتم بالخيال والأساطير القديمة.. ورسوماتي تعكس ذلك
نسج الرسام التشكيلي المصري محمد حجي خيوطاً من عالم الخيال, وقد انعكس ذلك على لوحاته التي قدمها لنا في معرض "أحلام معتادة" في دار الأوبرا المصرية فتأمله الواسع والدقيق لفنون الحداثة التشكيلية ومتابعته الدائمة لإبداعات كبار الفن التشكيلي .. أثرت هذه العوامل مجتمعة في رؤيته الفنية ومن هنا تميز بأسلوبه الذي استمد جذوره من تخيلاته الميتافيزيقية والأساطير القديمة مع تفسيره الفلسفي لمصير الإنسان.
التقت به "الاقتصادية" وحول فترة الطفولة وتأثيرها على اتجاهه إلى عالم الفن التشكيلي، وعن الخامات التي اعتمد عليها في لوحاته، وعن تجربته كرسام ومحرر، تفاصيل كثيرة، وأسرار مثيرة يكشف عنها هذا الحوار.
قال إنه يتذكر طفولته وهي ما زالت عالقة بذهنه ومحفورة بداخله ويظهر ذلك في كثير من رسوماته الفنية, فقد ترعرع ونشأ في أحضان الريف المصري وسط دلتا النيل المليئة بالطيور والنباتات والفراشات والبشر، ومن هنا تأثر بهذه الطبيعة الساحرة واعتمد عليها في لوحاته.
وبالنسبة لأنواع الخامات التي يستخدمها في لوحاته قال إنه يفضل الألوان الزيتية فهو يعتمد على تحويل الرسوم المعدة للطباعة إلى لوحات متحفية بكل المقاييس بعد أن يتم بواسطته تغيير مقاساتها وخاماتها وإعادة تنفيذها لتصبح صالحة للعرض على حوائط الصالات والمتاحف.
وعن أفكاره الفنية التي يستوحيها في معظم رسوماته قال إن الطبيعة الخلابة تعد مصدر إلهامه إضافة إلى سفر الفنان إلى دول مختلفة فهو يتأثر بمناظرها وعاداتها وتقاليدها، وقد تجول في هضبة التاسيلي جنوب غربي الجزائر واكتشف هناك رسوما صخرية انعكست في رسوماته وهذه الرسوم يعود تاريخها إلى عشرة آلاف عام قبل الميلاد, حيث أشار إليها بعض العلماء بأنها أحد مصادر الفن الفرعوني القديم، إضافة إلى الثقافة الموسوعية التي يتمتع بها وتساعده على متابعة الحداثة التشكيلية والاطلاع على إبداعات كبار الفن التشكيلي.
وعن الأسلوب الذي يميزه عن باقي الرسامين يؤكد أنه يهتم بالخيال والأساطير القديمة التي تفسر مصير الإنسان، فالحقائق ما هي إلا مدلولات لتجربة ذاتية مباشرة، فعلى الرغم من أن رسوماته من وحي الخيال لكنها تبدو كأنها حقائق لا يرقى إليها شك فهي تمنحنا شجاعة وقوة وتغدق علينا قدراً كبيراً من التمتع بالخط والشكل واللون.
وعن تجربته كرسام ومحرر بعدة جرائد ومجلات فقال إنه عمل في عدة جرائد ومجلات سواء داخل مصر أو خارجها فمنذ تخرجه في كلية الفنون الجميلة قسم التصوير عام 1963 عمل في مجلة "المنصورة" وقدم العديد من التحقيقات المرسومة مباشرة من واقع القرى في ريف الدقهلية والتحق أيضاً بمؤسسة روز اليوسف فقد رسم فيها قصص الأنبياء ومعاني القرآن الكريم وقدم تحقيقات عديدة من البلدان العربية واهتم بالحياة في الريف المصري والمناطق البعيدة كالواحات والجنوب المصري، وكذلك جبهات القتال والعمل الفدائي الفلسطيني، وعمل أيضاً في جريدة الأسبوع الثقافي (طرابلس) الغرب 1974 ـ 1977 سجل من خلالها وجه الحياة في ليبيا في عدد من التحقيقات المرسومة التي نشرت في كتاب بعنوان "رسوم من ليبيا" وحالياً يرسم في مجلة "العربي" الكويتية, ومجلة "وجهات النظر", و"نصف الدنيا" حيث ترافق رسوماته أحلام فترة النقاهة للروائي الكبير نجيب محفوظ منذ بداية عام 2000 وحتى الآن.
وعن إسهاماته ككاتب ورسام, قال إنه صدر له عدة كتب تناول فيها برسوماته كثيرا من القضايا الإنسانية والاجتماعية والحضارية منها كتاب بعنوان "شمال يمين" (تونس), "رسوم من ليبيا" (طرابلس), "تحت الحصار" (عمان), و"رسام يقرأ القرآن" (مصر ـ تحت النشر)، وقد قام بتحديد هذه الموضوعات بنفسه.
وعن أهم المعارض التي شارك فيها برسوماته قال إنه أشرف على عدد من المعارض العربية والدولية التي شاركت فيها جامعة الدول العربية حيث كان يعمل مديراً للشؤون الفنية والنشر في جامعة الدول العربية 1984 ـ 2000 وشارك أيضاً في العديد من المعارض المحلية والعربية والدولية وله أربعة معارض شخصية.