الإغراق يهدد صناعة المكيفات السعودية

الإغراق يهدد صناعة المكيفات السعودية

لم تعد السوق المحلية هدفا للمنتجات المحلية، بل أصبح هدفها أبعد من ذلك، مما جعلها تتواجد في كثير من الأسواق العالمية، مما يؤكد ذلك وصول منتجات السعودية من المكيفات إلى أكثر من 70 دولة في العالم، وزاد عليه قدرتها على المنافسة في تلك الأسواق.وبالرغم من ذلك فإن كثيرا من الصناعات المحلية ومنها المكيفات والثلاجات تواجه الإغراق من الخارج، خاصة وأن كثيرا من هذه المنتجات تباع بأقل من سعر التكلفة، بهدف إخراج المصنعين السعوديين من سوقهم المفتوحة. هذه المحاور تطرحها "الاقتصادية" أمام أسامة العيسى رئيس صناعات العيسى. فإلى التفاصيل:

المكيفات والثلاجات أبرز منتجاتنا
ـ لعلنا نبدأ حوارنا هذا عن أبرز المنتجات التي تنتجها مصانع العيسى حاليا؟
في الحقيقة نحن ننتج أكثر من منتج، لعل من أبرزها حاليا، أجهزة التكييف بنوعيها النافذة والاسبيلت، وكذلك ننتج أجهزة الثلاجات بنوعيها العادية (تبريد فقط ) والفريزرات بأنواعها الصغيرة والعمودية، وكذلك الثلاجات الصغيرة التي توضع على سطح الطاولة إضافة إلى الثلاجات والفريزرات كبيرة الحجم.

ـ ذكرتم أن لديكم منتجين رئيسين، هما الثلاجات والمكيفات، كم يمثل كل منهما من إنتاجكم الكلي؟
نعم تعتبر المكيفات هي المنتج الرئيسي لدينا، حيث تصل نسبة إنتاج المكيفات من إنتاجنا الكلي ما يقارب 70 في المائة من إنتاجنا، والنسبة الباقية من إنتاجنا للثلاجات.

عوائق الصناعة السعودية
ـ من خلال تخصصكم في إنتاج تلك الأجهزة الكهربائية، ما أبرز العوائق التي تواجه صناعة تلك الأجهزة في السوق المحلية؟
قبل أن نتكلم عن العوائق، دعني أتكلم عن نقطة مهمة يجب أن نذكرها من باب الاعتراف بالجميل، فنحن كمصانع وجدنا دعما لا محدود من الدولة حفظها الله ومازلنا نجد الدعم من جميع الجوانب سواء مادية أو معنوية فلها الشكر منا كصناعيين. أما من حيث العوائق التي تواجه صناعة المكيفات والثلاجات المحلية فكثيرة، وهذه في الحقيقة طبيعة الصناعة، فمن أبرز العوائق التي تواجه هذه الصناعة حاليا، عدم وجود قوانين تحمي المنتجات المحلية من منتجات بعض الدول غير الملتزمة بالمنافسة الشريفة، إضافة إلى وجود البيروقراطية في بعض الجهات التي لها علاقة بالصناعة والصناعيين.

ـ ماذا عن المعوقات التي تواجه الصناعة السعودية بشكل عام، كونكم أحد الصناعيين ؟
من وجهة نظري أبرز العوائق التي تواجه الصناعة السعودية في الوقت الحالي، شح الأراضي الصناعية، إضافة لما سبق أن ذكرت في إجابة سابقة من أن الصناعة السعودية عموما تعاني من المنافسة غير الشريفة من منتجات مستوردة للسوق السعودية، وهدف هذه المنافسة بالطبع الإغراق للمنتجات المحلية.

ـ ذكرتم أنكم تواجهون منافسة غير شريفة من منتجات بعض الدول ماذا تقصد بهذه المنافسة غير الشريفة، وما مصدرها؟
طرق المنافسة غير شريفة كثيرة جدا في السوق، ولعل من أبرزها الإغراق الذي تواجهه صناعة الثلاجات والمكيفات المحلية من منتجات تلك الدول، ولعلني أعطيك مثال على هذا الإغراق الذي تواجهه هذه الصناعة، عندما يأتينا منتج من تلك الدول نجد أن سعر المواد الخام الداخلة في تصنيع المنتج سعرها أعلى من سعر بيع المنتج نفسه في السوق، وهذا مثال واحد من أمثلة المنافسة غير الشريفة.
أما مصادر هذه المنتجات، فمن عدة دول ليس هناك دولة بعينها.

حجم السوق السعودية
ـ في رأيكم كم يبلغ حجم سوق المكيفات السعودية، وكم نسبة الإنتاج المحلي من هذا الحجم السوقي؟
في تقديرنا لحجم سوق المكيفات الكلي، يصل إلى 750 ألف مكيف سنويا، أما نسبة الإنتاج المحلي من هذا الحجم السوقي الكلي فتصل إلى 80 في المائة، و20في المائة من ذلك الحجم للمنتجات المستوردة.

ـ ماذا عن حجم سوق الثلاجات المحلية، بما أننا نتحدث عن الحجم السوقي؟
سوق الثلاجات المحلية حجمها يصل إلى 250 ألف ثلاجة سنويا، تمثل المنتجات المحلية من هذا الحجم الكلي ما يقارب 35في المائة، والنسبة الباقية وهي 65 في المائة للمنتجات المستوردة.

ـ لماذا نسبة المنتجات المحلية من الحجم الكلي لسوق الثلاجات متدنية، مقارنة بسوق المكيفات، التي تسيطر عليها المنتجات المستوردة بشكل كبير؟
أعتقد أن تدني عدد المصانع المحلية المنتجة للثلاجات أحد الأسباب الرئيسية التي أدت لمثل هذا الانخفاض إضافة إلى أن المنتجات المستوردة مازالت منافسة للمنتجات المحلية وبقوة.

السعودة والصناعة السعودية
ألا ترى أن حملة السعودة التي تقودها وزارة العمل حاليا أثرت في الصناعة السعودية سلبيا ؟
قبل أن أجيبك عن هذا السؤال أحب أن أوضح أننا نحن كأصحاب مصانع نريد مصانعنا سعودية بالكامل، ولكن الأيدى العاملة السعودية محدودة جدا، ومع هذه المحدودية لا تستمر في العمل إذا عملت، ومن هذا المنطلق، نعم أثرت السعودة في بعض الصناعات لعدم وجود الأيدي الفنية المناسبة لمثل تلك الصناعات، وإليك تجربة من تجاربنا مع السعودة، التي نعمل على توطينها في مصانعنا، عندما بدأنا في عملية السعودة قمنا بتهيئة البيئة المناسبة لتلك العمالة، وذلك بعمل سكن خاص مؤثث بالكامل للسعوديين، إضافة إلى تخصيص مطعم خاص بهم، كل ذلك من أجل ترغيب العمالة السعودية في العمل، ولم تقتصر جهودنا على ذلك بل جعلنا المسؤولين عن تلك العمالة السعودية سعوديين كذلك، لأننا وجدنا من تجارب سابقة لدينا أن العامل السعودي لا يرغب أن يكون المسؤول عنه أجنبيا، فقمنا بتلبية رغباتهم وبعد فترة بسيطة من العمل لا تتجاوز ثلاثة أشهر تركوا العمل بدون سابق إنذار، وكما قلت في بداية حديثي نحن مع السعودة، ولكن هل تم إيجاد تهيئة مناسبة للسعودة من حيث التدريب والأنظمة والقوانين، التي تحفظ حقوق صاحب المصنع، وفي نفس الوقت العامل، من وجهة نظري أعتقد أن هذه هي المشكلة الرئيسية.

ـ ذكرت من خلال إجابتك أن المشكلة تكمن في عدم وجود بيئة مناسبة للسعودة من حيث الأنظمة والقوانين ماذا تقصد بذلك؟
القوانين والأنظمة التي أقصدها هي الآلية التي يتم بها تشغيل العامل السعودي بمعنى من يحفظ حقوقي من الأضرار التي قد تلحق بي كصاحب مصنع عند ترك العامل السعودي المصنع فجأة من دون سابق إنذار، وكذلك ما الأنظمة والقوانين التي تحفظ حق العامل السعودي إذا واجهت مضايقات من صاحب المصنع أو المنشأة، والذي أقصده هنا أن توفير الأرضية المناسبة للسعودة قبل تطبيقها على أرض الواقع من عوامل نجاح الحملة التي تقودها وزارة العمل.

ـ نحن نتحدث عن السعودة، إلى أي مدى وصلت نسبة السعودة لديكم حاليا؟
كما ذكرت نحن نتمنى أن تكون مصانعنا سعودية بالكامل، ونحن نعمل على ذلك لتحقيق أهداف الدولة حفظها الله التي تسعى إليها، ومما يؤكد ذلك نسبة السعودة التي لدينا فقد وصلت السعودة لدينا حاليا إلى 25 في المائة منذ بدأنا تفعيل برامجنا الخاصة بالسعودة.

ـ ماذا تقصد ببرامجكم للسعودة ومنذ متى بدأت؟
البرامج التي أعنيها هي إيجاد البيئة المناسبة للعامل السعودي قبل أن يعمل، مثل إيجاد السكن المناسب القريب من مكان العمل والمواصلات والتدريب والمكافآت، إضافة إلى توفير ما قد يحتاجه الموظف أو العامل من متطلبات. أما بداية البرنامج فقد كانت منذ سنتين تقريبا، وحققنا نسبة لا بأس بها وصلت كما ذكرت إلى 25 في المائة من حجم العمالة الكلى لدينا، ونسعى إلى زيادة ذلك خلال السنوات المقبلة بمشيئة الله.

هجرة الرساميل من السوق المحلية
ـ يقال بين فترة وأخرى إن هناك رساميل سعودية هاجرت من السوق المحلية لأسواق خارجية، وكان من أسباب هجرتها السعودة، ما مدى صحة ذلك من وجهة نظركم؟
في ذلك جزء من الصحة، نعم هناك رساميل هاجرت لأسواق خارجية، ولكن لم يكن السبب الرئيسي هي السعودة، التي تقودها وزارة العمل حاليا، وإنما السبب وجود فرص استثمارية في تلك الأسواق دفعت بعدد من المستثمرين لتلك الأسواق، مع بقاء استثماراتهم الأساسية في السوق المحلية. نعم السعودة أثرت في جذب الاستثمارات الخارجية للسوق المحلية ولكن لم تكن السبب الرئيسي في هجرة الأموال المحلية. ومن وجهة نظري أعتقد أن السعودة عامل من العوامل التي دفعت بتلك الاستثمارات الجديدة للخارج ومنعت من توطينها، ولكنها ليست السبب الرئيسي كما ذكرت ذلك في بداية إجابتي.

منظمة التجارة العالمية والصناعة المحلية
ـ تعلمون أن المملكة أصبحت العضو رقم 149 في منظمة التجارة العالمية، كيف ترون تأثير ذلك في الصناعات المحلية عموما، وصناعة المكيفات والثلاجات على وجه الخصوص؟
أنا من المتفائلين جدا بدخولنا منظمة التجارة العالمية، لأن ذلك سيكون إيجابيا على الصناعات المحلية من حيث تكافؤ الفرص بين المنتجين حول العالم، أيضا سيكون هناك منافسة عادلة في السوق، وستكون هناك أنظمة وقوانين تحفظ حقوق المنتجين والمستهلكين في نفس الوقت، أيضا الإغراق الذي تعاني منه السوق حاليا سيبدأ في الخروج من السوق تدريجيا. وبشكل عام يعتبر الدخول في منظمة التجارة العالمية إيجابيا للسوق السعودية بجميع شرائحها.

ـ في رأيك هل لدى المصانع المحلية معرفة كاملة بأنظمة وقوانين تلك المنظمة في الوقت الحالي؟
للأسف المعلومات التي لدينا محدودة جدا، ونحن نعمل على تثقيف أنفسنا بجهدنا الذاتي بمعلومات عن هذه المنظمة وقوانينها، وأرى أن المصانع السعودية تحتاج إلى حملة تعريف بالقادم للسوق السعودية من جميع الجوانب.

المنتجات المحلية والتصدير
ـ تعلمون أن كثيرا من المنتجات المحلية دخلت كثيرا من الأسواق الخارجية، ماذا عن المكيفات والثلاجات السعودية، هل دخلت تلك الأسواق؟
حقيقة قبل أن أتحدث عن منتجاتنا (الثلاجات والمكيفات) والتصدير، أحب أن أشير هنا، ومن خلال خبرتنا ومشاركتنا في كثير من المعارض الخارجية إلى أن المنتجات المحلية عموما لها وجود في كثير من تلك المعارض، وهذا يدل على أن مصانعنا بدأت تستهدف الأسواق الخارجية، ولا تكتفي بالسوق المحلية أو الأسواق القريبة، بل أصبحت نظرتها أبعد من ذلك، وهذا مؤشر إيجابي للصناعة السعودية. أما فيما يتعلق بتصديرنا للأسواق الخارجية، فنحن نصدر لأكثر من 70 دولة، والطلب على منتجاتنا من تلك الأسواق في نمو مستمر ولله الحمد، وأحب أن أضيف هنا أنه ونتيجة للثقة الكبيرة في منتجاتنا من حيث الجودة والتجديد المستمر، دفع هذا بكثير من أصحاب العلامات المشهورة في الأسواق العالمية إلى التصنيع لدينا، وذلك من أجل تلبية رغبات عملائهم في السوق المحلية والأسواق الخليجية الأخرى، وهذا يدل وبشهادة المنافسين أن مصانعنا ومنتجاتنا أصبحت مقبولة في أغلب الأسواق على مستوى العالم.

ـ ذكرتم أنكم تصدرون إلى أكثر من 70 دولة على مستوى العالم، وهذا يعني أن لديكم خبرة عريضة في التصدير، سؤالي هو ما مدى صحة أن المصدرين السعوديين يواجهون كثيرا من العوائق الروتينية من قبل الجهات ذات العلاقة بالتصدير، خصوصا الجمارك السعودية على النقاط الحدودية للمملكة؟
لم تواجهنا منذ تصديرنا للأسواق الخارجية حتى الآن عوائق تذكر، بل على العكس الجمارك السعودية لهم جهود كبيرة يشكرون عليها في تسهيل ودعم تصدير المنتجات المحلية، هناك بعض العوائق البسيطة ولكنها لا تذكر، وأحب أن أوضح هنا لو أن هناك عوائق كما يشاع لما وجدت كثير من المنتجات المحلية في أغلب الأسواق الخارجية القريبة والبعيدة.

ماذا عن حجم الطلب على المكيفات في الأسواق الخارجية مقارنة بحجم الطلب محليا؟
ـ في الحقيقة هنا معلومة أود أن أوضحها ، ألا وهي أن منتجاتنا من المكيفات مطلوبة ومعروفة وبشكل كبير في الأسواق الخارجية أكثر مقارنة بالطلب في السوق المحلي، والسبب في ذلك أعتقد قوة المنافسة في السوق المحلية تلعب دورا في ذلك.

المنافسة والمنتجات المحلية
ـ يثار بين فترة وأخرى أن المنتجات السعودية ستكون غير قادرة على المنافسة القادمة للسوق المحلية، ما تعليقكم على ذلك؟
لا، بل على العكس المنتجات المحلية لديها القدرة الكاملة على المنافسة، فجميع مقومات النجاح متوافرة لها من جميع الجوانب، ومما يؤكد ذلك دخولها كثيرا من الأسواق الخارجية منذ سنوات، واستطاعت أن تحصل على حصة سوقية مناسبة في تلك الأسواق.

الصناعات التكاملية
ـ ماذا عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة، يقال إن المنافسة المقبلة ستخرجها من السوق تدريجيا لعدم قدرتها على الصمود أمام التكتلات المقبلة؟
هذه المنشآت لن تؤثر فيها المنافسة المقبلة بالدرجة التي يتصورها الإعلام، لأن السوق السعودية من الأساس سوق مفتوحة، وهذا يعني أن المنافسة موجودة من الأساس، وبالتالي سيكون التأثير محدودا جدا، وسيكون هذا التأثير في المنشآت الضعيفة فقط، وأيضا المصانع المحلية لديها الخبرة والدراية الكافية التي تجعلها تنافس محليا وخارجيا.

ـ من خلال زيارتنا لخطوط الإنتاج في المصنع، لاحظنا أنكم تقومون بإنتاج جميع القطع المتعلقة بالمكيفات ألا يرفع هذا من حجم التكلفة وبالتالي عدم القدرة على المنافسة ؟
صحيح ، هذا يرفع من تكلفة الإنتاج لدينا وبالتالي عدم القدرة على المنافسة، والسبب في ذلك عدم وجود مصانع صغيرة تقوم بتصنيع مثل هذه القطع، وهذا ما تحتاجه السوق السعودية في الوقت الحالي، وأحب أن أوضح هنا أنه لم يعد هناك مصنع حول العالم تقوم بتصنيع المنتج كاملا ، بل كل قطعة من المنتج متخصص فيها مصنع صغير، وهذا التوجه بالطبع ناتج عن قوة المنافسة في الأسواق العالمية.

ـ كثير من المستهلكين في السوق المحلية يفضلون المنتجات المستوردة أكثر من المنتجات المحلية، ما مدى صحة ذلك؟
كان ذلك في السابق، نعم كان أغلب المستهلكين يبحثون عن العلامات المشهورة والمعروفة في السوق، بغض النظر عن مصدرها، ونحن نعلم ذلك، ونعلم أن هناك منافسة من كثير من المنتجات المستوردة، ولكن بعد فترة بسيطة استطعنا كسب ثقة المستهلك المحلي، واستطعنا الحصول على حصة مناسبة من هذه السوق.

الأكثر قراءة