إعادة النظر في الأنظمة ضرورية لاستمرار التميز الطبي في المملكة

إعادة النظر في الأنظمة ضرورية لاستمرار التميز الطبي في المملكة

دعا الدكتور أحمد بن علي التركي رئيس مجلس إدارة شركة أدمة الطبية، في حوار مع "الاقتصادية"، إلى إعادة النظر في الأنظمة الصحية في جوانب تقديم التسهيلات للقطاع الخاص على غرار القطاع الصناعي للإسهام في رفع المستوى الطبي، وتقديم خدمات أفضل للمستفيدين، وجذب الاستثمارات الأجنبية، ودعم الطبيب السعودي. فإلى الحوار:

- ما الإمكانات المتوافرة في مستشفى أدمة، والتخصصات التي يحتويها، والتكلفة الإجمالية للمستشفى؟

الإمكانات الموجودة في المستشفى كثيرة ومتعددة، ونحن في مستشفى أدمة نختص بعلاج الجلد والتجميل، وهذا التخصصان يحتاجان إلى توفير أجهزة خاصة لتساعدنا في تقديم أفضل الخدمات التي تسهم في تحقيق نتائج جيدة ومشجعة لنا لمواصلة الاستثمارات في هذا القطاع، ومشروع المستشفى بالتحديد أنشئ أساسا لتحقيق هدف وطني، وبدأت الفكرة بإيجاد مركز يجمع الأطباء السعوديين المتخصصين في المملكة لممارسة أنواع مختلفة من التخصصات الدقيقة والنادرة في علاج الأمراض الجلدية والتجميل.
وهذا نتج عن التخطيط السليم في الابتعاث المبكر للأطباء الذين استطاعوا أن يعودوا من الخارج بخبرات طبية في مجالات مختلفة، خاصة المتخصصة منها التي نحن فعلا بحاجة ماسة إليها في بلادنا، حيث بدأ المشروع عام 2000 بإنشاء عيادات صغيرة وصل عددها آنذاك إلى ست عيادات فقط، بينما الآن يوجد في المستشفى أكثر من 44 عيادة، وطاقم يفوق عدده 20 طبيباً جميعهم متخصصون في هذا المجال.
ومستشفى أدمة جزء من هذا المشروع المتخصص الذي يعرض خدمات متخصصة في الجراحة الجلدية والتجميل وتفرعاتها المختلفة الدقيقة منها والنادرة، مثل البهاق والحساسية الجلدية والألوان والتصبغات الجلدية وتخصصات الليزر والتجميل، إضافة إلى الجراحة الميكروسكوبية لسرطان الجلد هذا من ناحية الجراحات الجلدية، ومن ناحية التجميل أو الترميم يقدم المستشفى جراحة اليد والفك وفروعها وتخصصاتها المختلفة.
وتركز "أدمة" على العمل المهني العلمي، وتوفر ورشا تعليمية لنشر المهنة, خاصة التخصصات الدقيقة مثل العلاج بالليزر وزراعة الشعر وإدخال عمليات التخدير الموضعي، حيث إننا قمنا بجعل الممرضات والأطباء يعملون حسب رؤانا، وتم تشكيل فريق متكامل لكي لا نضطر لعمل عملياتنا خارج المستشفى التي قد يغيب عنها التخصص.
أما بشأن التكلفة الإجمالية للمستشفى فتجاوزت 100 مليون ريال بما في ذلك المباني والتجهيزات والتشغيل، فمن الطبيعي أن يسعى كل مركز إلى جلب الأجهزة التي تساعد الطبيب المتخصص في عمله، خاصة أجهزة الليزر بأنواعه المختلفة وتقنية الضوء التي تم إدخالها إلى السوق السعودية، وذلك لإعطاء النتائج المرجوة من إجراء العمليات، في الوقت الذي اتجهت فيه عدد من المراكز إلى اقتناء مثل هذه التجهيزات، ونحن في "أدمة" نعتبر أنفسنا مكملين للقطاعات الطبية المتخصصة الموجودة في المملكة.

- ما الانعكاسات الاقتصادية في وجود مثل هذه المستشفيات المتخصصة في المملكة؟

لا شك أن وجود هذه المستشفيات المتخصصة يسهم في دعم الاقتصاد الوطني، ومن المعروف أن المملكة تعد أفضل الدول العربية في المجال الطبي المتقدم والمتخصص، كما تلعب السياحة العلاجية دورا بارزا وتحقيق مردود جيد على القطاع الصحي الخاص في المملكة، حيث إن ظاهرة السفر للبحث عن علاج بدأت تختفي تدريجياً نظراً لتوافر الإمكانات الطبية في المملكة, التي لا تقل في نجاحاتها عن أي مركز صحي في العالم.
كما أن اقتناع المرضى بأن ما يقدم لهم داخل المملكة من خدمات طبية لا يقل عما تقدمه المستشفيات الأجنبية، بل ربما يجدون رعاية أفضل في بلادنا وبتكلفة أقل من تكاليف العلاج في الخارج، ومن هذا المنطلق بدأت تفد إلينا أعداد كبيرة من المرضى من دول الخليج والدول العربية وبعض البلدان المجاورة، التي كان مرضانا يسافرون إليها في السابق، وذلك لأن المستشفيات المتخصصة محدودة على مستوى العالم.

- كيف ترون التعاون المشترك في القطاعين الصحيين الخاص والعام؟ وما مدى انعكاس ذلك على نوعية الخدمات الطبية التي تقدمونها للمواطن السعودي؟

تحدثنا مع الغرفة التجارية الصناعية في الرياض عن دور الطبيب السعودي في القطاعين الخاص والعام، حيث كان هناك الكثير من النقاط المهمة في هذا الموضوع، وفي اعتقادي الشخصي فإن الأنظمة لو سمحت للطبيب الحكومي بممارسة العمل في القطاع الخاص بدون قيود، فسيثري القطاع الخاص بشكل كبير، وأرجو أن يعاد النظر في النظام القائم لأنه عند تطبيقيه بحذافيره سيؤثر بشكل قوي في القطاع الخاص، ويجبر الأطباء على مغادرة القطاع الخاص، أو أن يكون لهؤلاء الأطباء استثمارات في القطاع الخاص تفوق مصالحهم في القطاع العام مما يجعلهم يضطرون إلى مغادرة القطاع العام، وبالتالي يتأثر المريض الذي لا يملك المقدرات المالية للعلاج في القطاع الخاص. وقد يكون هذا الطبيب هو الوحيد في هذا المستشفى العام الذي يجري نوعا من العمليات المعينة، أو بعض الإجراءات الطبية التي لا يجريها غيره، فيؤدي خروجه إلى انعكاس سلبي كبير على القطاع العام.
أما إذا قطع الطبيب علاقته بالقطاع الخاص واتجه إلى القطاع العام فهذا أيضا يؤثر في مستوى القطاع الخاص، الأمر الذي يعيد القطاع إلى مرحلة الأخطاء الطبية الجسيمة التي كانت تجري على أيدي أطباء غير مؤهلين، مع التأكيد أن ليس كل من لدينا من الأطباء غير السعوديين مميز، فالطبيب المميز يكلف دفع مبالغ مالية عالية تراوح بين 100 و160 ألف دولار كراتب أساسي شهرياً، لذا يجب أن ندرب أطباء سعوديين قبل أن تطول الطبيب السعودي هجرة العقول كما طالت رجال أعمال فهاجرت أموالهم إلى خارج البلاد.

- هل ترون أن القطاع الطبي مستعد لدخول المستثمر الأجنبي ؟ وكيف تتوقعون حجم المنافسة بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية؟

لا أعتقد أن يكون هناك تأثير للمنافسة في حال وجود إجراءات إيجابية تجاه القطاع، وبشكل خاص إذا سمح للطبيب السعودي ممارسة العمل في القطاع الخاص بعد دوامه الرسمي، وفي ساعات المساء. وقد تكون هناك منافسة نوعية، وكما نحمي الشركات يجب أن نحمي الأفراد والمميزين علميا ونغير الأنظمة التي تؤثر في المهنة بشكل حاد ويجب أن يعاد النظر فيه. وأذكر هنا استفتاء أجراه الدكتور فالح الفالح وأطباء آخرون نتج عنه أن ما نسبته 85 في المائة من المشاركين في الاستفتاء يؤيدون فكرة أن يعمل الطبيب السعودي بعد دوامه الرسمي، وفي اعتقادي أن هذه أهم نقطة لمواجهة المنافسة الأجنبية بأيد سعودية.

- يلاحظ تزايد الأخطاء الطبية في مجال عمليات التجميل التي تجريها النساء؟ هل ينتج ذلك عن السعي وراء الربح أو نقص القدرات والخبرات؟

الأخطاء الطبية أو الآثار الجانبية تحدث نتيجة كثرة العمليات الجراحية، وهنا يجب أن نفرق بين الخطأ الطبي هل هو خطأ متعمد أو غير متعمد، وما ينتج عنه هل آثار جانبية أم خطا؟ وهناك تحسن كبير في المجتمع وتطور كبير في الفهم حول الفرق بين الآثار الجانبية والخطأ الطبي.

كيف توفقون بين الجوانب الاستثمارية التي يتطلبها المشروع والجوانب الإنسانية للطب؟

يعود التوفيق في هذين الجانبين إلى مدى التزام الطبيب بأخلاقيات مهنته، سواء كان الطبيب مسلما أو غير مسلم، فهناك قسم معروف لدى الأطباء يركز على الجوانب الإنسانية من تقديم المساعدة للمريض، كما أنه يجعل الطبيب ينسى أي مواضيع أخرى، فالطبيب لا يعرف عدوا في العلاج، ولا يعرف الناحية المادية حينها، ويركز على عمله المهني البحت، والطبيب المسلم مطالب بأكثر من ذلك بحكم تعاليم الإسلام السمحة.

د. أحمد بن علي التركي في سطور:

- حاصل على بكالوريوس طب بشري, جامعة الملك سعود عام 1990.
- حاصل على شهادة الزمالة الكندية للأمراض الجلدية من جامعة تورنتو كندا عام 1997.
- حاصل على البورد الأمريكي في الأمراض الجلدية عام 1997.
- حاصل على تخصص دقيق في جراحة الجلد والليزر وزراعة الشعر من جامعة تورنتو كندا عام 1998.
- بدأ العمل في القطاع الخاص بين عامي 1990 و2000 في مراكز مختلفة.
- أنشأ عيادات أدمة في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2000.

الأكثر قراءة