شكوك حول التوصل إلى صيغة إيجابية لجولة الدوحة 2006

شكوك حول التوصل إلى صيغة إيجابية لجولة الدوحة 2006

إن الخطر الأكبر على التجارة هو روح العصر الحمائية، حيث إن محادثات التجارة متعبة لأنها تعيش دائماً على الأمل. وتعمل منظمة التجارة العالمية طبقاً للشعار "مالا يمكنك اليوم تدبيره، أجلّه بكل هدوء ليوم غد". ولذلك فإن منظمة التجارة العالمية كانت قد أجلت التمزق في جولة الدوحة إلى عام 2006 بدلاً من أن تجرّبه كما كان مخططاً له في أواسط كانون الأول (ديسمبر) الحالي، في المؤتمر الكبير في هونج كونج.
وكان المرء يريد هنا تحديد النسب المئوية التي ستنخفض الجمارك طبقاً لها، والمعونات الزراعية التي ينبغي أن تهبط بموجبها. ولكن عندما لاحظت الدول الأعضاء أن المرء يمكن أن يلوم نفسه، تم تقسيم هونج كونج سياسياً إلى شطرين. وإن الخوف من الفضيحة لا يصيب الدبلوماسيين التجاريين وحدهم، كما أن انهياراً ثالثاً بعد سياتل 1999 وكانكون المكسيك 2003 يعتبر كارثة ستضر بمنظمة التجارة العالمية، وستدمر جولة الدوحة، إضافة إلى أن تحفزات أخرى لفتح أسواق متعددة ستكون موضع شك كبير.
إن الأمر ليس مسألة جبن من جانب العاملين في التجارة الحرة عندما يتوجهون إلى آسيا وهم بطموح نصفي، ولكن المسألة تتعلق بإدراك وفهم أن المرء لا يتمكن من التغلب على الحوافز، ومن الأفضل له تجنب الانهيار. وينبغي على المرء تخطي الحواجز الصغيرة على الأقل. وفي النزاع حول تخفيض الضرائب على السلع الزراعية، فإن المرء يحتاج إلى المزيد من اللحوم للعظام النحيفة لنص العقد الحالي، وبعد ذلك يتوجب وضع خطة ثابتة شاملة للقاء الوزراء من أجل أن يكلل الانطلاق الأخير عام 2006 بالنجاح فعلاً. ولأنه لا توجد في هونج كونج لغاية الآن أي تسوية، يجب على الدول الصناعية تسهيل تصدير المحاصيل المبكرة الصغيرة على الأقل للدول الأفقر حالاً التي يبلغ عددها 32 دولة في منظمة التجارة العالمية. وأخيراً فإن جولة الدوحة هي جولة تنمية، أي أن الدول الغنية يمكنها منح الدول الفقيرة الفرصة وفتح أسواقها لجميع المنتجات بدون جمارك، أو أية حصص محددة.
ويتوجب أيضا إلغاء معونات التصدير للقطن التي تدفعها أمريكا بشكل خاص، إذ إن النزاع الزراعي يغطي على جولة الدوحة ويشلها، على الرغم من أن نصيب السلع الزراعية هو 9 في المائة من التجارة العالمية فقط. وهذا للوهلة الأولى شيء مستغرب. إلا أن التجارة الزراعية هي من أهم مصادر العملة الصعبة بالنسبة للكثير من الدول النامية. ومن يريد أن يخفف من الفقر ويشجع التنمية، يجب عليه تجنب الأسس والقواعد غير العادلة. وبين الأغنياء كثير من الماكرين تماماً. ففي حالة المحاصيل من المناطق الحارة، تظل الجمارك متدنية، ولكن على كثير من المحاصيل التي تنمو أيضا في دول الشمال تفرض جمارك بنسبة تتجاوز 100 في المائة.
إن السوق الزراعية نقطة الضعف لسياسة التجارة الأوروبية. وطالما أن ذلك مستمر، فإن بروكسل لن تتمكن من الخروج من هذا المأزق . ولذلك فإن بيتر ماندلسون المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي لم ينجح أيضاً في عروضه الزراعية لكل من البرازيل والهند، من قيادة مجموعة دول العشرين، بالحصول على امتيازات أكثر للجمارك الصناعية والعروض الأفضل للخدمات. وهذه الدول يمكنها في النزاع الزراعي أن تتحرك بتأثير جماهيري للفقراء. والوضع في الحقيقة متشعب، إذ إن الأفارقة لهم مصالح أخرى غير تربية المواشي، ومزارعي قصب السكر في البرازيل والأرجنتين. ولكن الأوروبيين من خلال نظام الأفضليات الخاص بهم كانوا يدعمون المستعمرات الفرنسية القديمة وحمايتها زراعياً، بحيث إن هذه الجولة أصبحت رهينة للزراعة.
ولا يتوجب على أوروبا أن تضحي بجميع رصيدها من المزارعين على مذبح جولة التجارة هذه. ولكن بدون عرض أفضل من جانب الاتحاد الأوروبي، فلا وجود لأي نجاح يذكر. فهل يمكن إنهاء جولة الدوحة في عام 2006 بعد أن فشل كل هدف مبدئي لغاية الآن؟ وكانت جولة أورجواي 1986- 1994 لفترة طويلة احتفالاً جامداً جداً، ولكن النهاية جاءت بشكل غريب وسريع في لحظة ما، إذ جرى عقد الصفقات.
ويقول الدبلوماسيون الخبراء إنه بالرغم من جميع الاختلافات، فإن المرء يقف الآن لمدة سنة أمام النهاية، زيادة على ذلك الوقت في جولة أورجواي، وإن كانت الأوضاع اليوم مختلفة.

الأكثر قراءة