ضعف الاحتياطات وغياب الوعي من أسباب تفشي الظاهرة
وقعت نحو نصف الشركات الألمانية خلال العامين الماضيين
ضحية للجرائم الاقتصادية فقد أفادت دراسة قامت بها مؤسسة بحث الأوضاع الاقتصادية ( برايس ووترهاوس كووبرز PWC) بالتعاون مع جامعة مارتن لوثر ومقرها مدينة هالي فيتينبيرج أن نحو شركة ألمانية واحدة من كل اثنتين تعرضت خلال العامين الماضيين لجريمة اقتصادية. وبلغ معدل حجم الأضرار الناتجة في بعض القطاعات نحو 3.4 مليون يورو لكل شركة. و في إطار الدراسة قامت مؤسسة بحث الآراء المستقلّة ، تنس إمنيد، TNS Emnid ، باستفتاء أكثر من 3600 شركة حول العالم بخصوص تجاربها مع الإجرام الاقتصادي خلال عامي 2002، و2003. وشاركت نحو 400 شركة رائدة في ألمانيا عن طريق المقابلات الهاتفية.
وحسب ما جاء عن الدراسة فقد زادت نسبة الجرائم الاقتصادية المسجّلة مقارنة بعامي 2001/2002 بنحو 7 في المائة. وبلغ إجمالي حجم الأضرار في الشركات التي تم استفتاؤها فقط نحو 622 مليون يورو. وبرغم التزايد، والمناقشة الموسّعة حول الفساد، فلا تكاد تظهر المخاطر بشكل جلي وتوقعت الدراسة أن يزداد عدد ضحايا الجرائم الاقتصادية بنسبة 21 في المائة خلال الأعوام الخمسة المقبلة. وحسب ما ورد عن شتيفين سيلفينموسير وهو أحد الشركاء في مؤسسة PWC فإن الإحصاءات تشير إلي أن الاستهداف يشمل كل الشركات و لكن الشركات الكبرى كانت بالأخص الأكثر تعرضا لمثل هذه الأفعال.
وعلى كل حال فقد تمكّنت الشركات الصغيرة من التأرجح في وسط منطقة الأمان بينما حظيت الشركات الكبرى بميكانيكية أعلى للضبط و الكشف عن المزيد من تلك الجرائم. ويتوقع كاي بوسمان الأستاذ في علم الجريمة في جامعة هالي فوتيمبيرج أن يكون المعدّل المحتمل للجرائم غير المبلّغ عنها، أعلى من معدّل الجرائم المسجّلة بالفعل . و يُقدّر بوسمان أن نحو 80 في المائة من الشركات من الممكن أن تتعرض لمثل هذه الأفعال. وعلاوةً على ذلك، فهو يدعو إلى استخدام ضبط مباشر للإجرام الاقتصادي، ويؤكد بوسمان حقيقة القول الشائع أن المال السائب يغري بالسرقة مشيرا إلى أن أكثر من 40 في المائة من الشركات المقصودة حددت ضعف آلية الضبط كسبب رئيسي لوقوع الجرائم إضافة إلى افتقاد جانب الوعي بالقيم .
ويؤكد سالفينموسير أن ألمانيا تتخلف بصورة واضحة عن معدلات ضبط الجرائم الاقتصادية في منطقة غرب أوروبا حيث أشار إلي أن نحو ثلثي الجرائم الاقتصادية لا يتم كشفها في ألمانيا إلا عن طريق الصدفة و ليس من خلال جهاز تنظيمي . ونصح بوسمان الشركات بوضع خطوط اتصال ساخنة ومعززة، وتعيين محقق في الشكاوى لكشف الجرائم بسرعة.
ويرتكب الموظفون في الشركات نحو نصف الجرائم والفاعل التقليدي في هذه الحالة عادة ما يكون إنسانا غير اجتماعي في الظاهر وغالباً ما يتراوح عمره في حدود 40 عاماً . وأظهرت الدراسات، أنه لا يوجد سبب للتخلي عن الضبط في الشركات التي تشغّل موظفين قدماء.
ويقول بوسمان: التجربة تناقض ذلك كله. فقد أظهرت الدراسات أن الفاعل غالباً يكون قد عمل في الشركة من ستة إلى عشرة أعوام، قبل أن يقوم بالجريمة. وإضافةً إلى ذلك، فإن الدراسات أظهرت أن كل جريمة من ثلاث، يكون الفاعل فيها من إحدى القوى الإدارية والمسؤولة. وكلما كان منصب الفاعل أعلى، كلما كانت الأضرار أكبر. وفي الغالب يتم الكشف عن الجريمة في ألمانيا طالما أنها لا تخص المدير المسؤول، حسب توضيحات سالفينموسير.
وتُظهر الدراسة أن أغلب أنواع الجرائم التي تم ذكرها هي الاحتيال و الخداع و سلب الأموال . وأشار سالفينموسير إلى أن مفهوم سلب الأموال يتضمن كذلك جريمة الخيانة التي لا يعترف بها في كثير من الدول على هذا الشكل. ولهذا فقد تم اختيار مجموعات الجرائم في ألمانيا للاستفادة من مفاهيم قانونية شائعة.