خطوطه تتآلف لتبني وترسم الجسد الغائب

خطوطه تتآلف لتبني وترسم الجسد الغائب

في عالم متطلع إلى فكر واضح إلى إبداع فني بعيد عن التقليد والنمطية متجاوزاً ومتخطياً الفكر المجتمعي السائد حيث يكون الفنان بفكره الخيالي النابع من عقلية لا تؤمن إلا بذاتها التي تستمد منها الفضاء الحركي، ولا تؤمن إلا بالبقاء باحثة في مجالها البصري وما يشغل هاجسها ومشاعرها في ظل المتغيرات دون توغل وانسياق وراء مدارس أو اتجاهات بلا فهم لما يدور في فضاء الفن.
حيث يكون الفنان بهذه الرؤى، وبهذا المستوى الفكري يكون الفنان الإماراتي عبد الرحيم سالم صاحب الإبداع المتجدد، والمؤسس لحركة تشكيلية إماراتية متطورة.
عبد الرحيم سالم فنان لا يعرف التوقف يجول في عوالم متغيرة، درس الفن دراسة أكاديمية وتخصص فيه، فنان غني بالتجارب عاش مراحل حياته متنقلاً بين ثقافات مختلفة، ففي البحرين تلقى تعليمه العام، وفي القاهرة درس الفن وفيها تعرف على العديد من المواد المختلفة في مجاله الدراسي وتخصصه الأكاديمي النحت البارز استقر عبد الرحيم في موطنه الأصلي دولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن أنهى دراسته، قدم أعمالاً نحتية رائعة إلا أن بحثه في موضوع يتعلق بالإنسان والمجتمع الذي يعيش فيه اصطدم بالنحت الذي لم يسعفه لترجمة أفكاره ولإعطائه الأبعاد الخاصة التي يبحث عنها لأن ذلك البحث يحتاج إلى نواح روحانية ورؤية تختلف اختلافاً كلياً مع الشكل الصامت (النحت) فتوجه إلى اللوحة بأبعادها فانطلق يرسم خطوطه التجريدية يبني ويهدم، يرسم ويلغي، اللوحة الواحدة عنده مليئة باللوحات المتراكمة فالواحدة فوق الأخرى حتى يصل للنتيجة النهائية، ينطلق من إيحاءات خاصة داخل العمل والنابعة من فكر الإنسان ومخيلته، تجاوز عبد الرحيم سالم همومه وتخلص من القيود والرواسب الشخصية، وبدأ مع "مهيرة" الأسطورة الشعبية التي صاغتها الحكايات حتى أصبحت من نسيج الذاكرة الإماراتية هذه المرأة "العاشقة" التي ابتعدت عن المجتمع وأصيبت بالجنون.
تتراقص الخطوط في أعمال عبد الرحيم لتعكس صدقاً ووعياً بما تملكه من تأثيرات خاصة، فهي تتآلف وتنجذب لتبني فراغات الجسد الغائب عن اللوحة ولتنفي الرتابة والتكرار، أعماله تزداد جمالاً وخطوطه تنطلق إلى آفاق اللوحة بأبعادها وأطوالها التي تجاوزت المألوف فهو لا يرضى بمساحة صغيرة تحد من انطلاقته، وتعوق حركته وتكبل حركته.
لوحات كبيرة يسعى من خلالها لإطفاء ذلك الغرور الذي يشعر به وتمنحه نشوة لا يشعر بها إلا عبد الرحيم سالم نفسه.
فنان أغنى المشهد التشكيلي الإماراتي بتجربته المتميزة وبعطائه اللامحدود ومشاركاته المتعددة والجوائز القيمة التي حصل عليها داخل الدولة وفي المحيطين العربي والدولي.

الأكثر قراءة