"سوني" للإنتاج تنهي موسمها بنوعية مختلفة
يبدو أن التميز والجودة أصبحا من الصفات الملازمة للإنتاجات السينمائية التي تقدمها شركة سوني بيكتشر في ميدان الإنتاج السينمائي, أخيرها وليس آخرها فيلم "الكهف" لبروس هانت في الإخراج ومجموعة من الوجوه الشابة في الطاقم التمثيلي، الأمر الأكثر تميزاً في هذا العمل هو القصة الجديدة نسبياً عن عالم الإنتاج السينمائي في كيفية طرحها، مجموعة من المهرة في مجال اكتشاف الكهوف في تحد كبير أمام أكبر الكهوف العذراء والذي لم تطأه رجل إنسان والذي تملأه الأقاصيص والخرافات عن لعنات تلازمه هو الآن في متناول أيديهم لاكتشافه وتحقيق أحلامهم وطموحاتهم من خلاله، الكهف يمتد لأميال طويلة لا أحد يعلم أين ينتهي.
رومانيا و17 كيلومترا هو "الكهف" الأطول في هذا الفيلم والواقع أن هذه البلد يحتوي على 12 ألف كهف مسجل, وهذا من الأمور الواقعية الحقيقية التي يحتويها الفيلم وأطولها هو الكهف موضوع الفيلم الذي يمتد على طوال 17 كيلومترا ليحقق رقماً قياسيا وليسجل قصة جديدة في تاريخ السينما قد تتحدث عن مخلوقات مخيفة قاتلة قابعة في هذه الكهوف ولا يعلم عنها أحد, أو عن مقابر محفوظة في هذه الكهوف التي تحتوي على الكثير من الأسرار يطرح هذا الفيلم أحدها.
قصة الفيلم تدور حول فئة من المتخصصين من علماء ومستكشفين لأكبر الكهوف العذراء الموجودة في رومانيا, كل الأمور تبدو أنها مغامرة جميلة لاكتشاف المجهول تم الإعداد لها بالوسائل كافة التي تضمن السلامة ونوعية هذا الاكتشاف، إلا أن أموراً ومخلوقات غير متوقعة تكشف عن مقابر موجودة في هذا الكهف وعن كائن غريب متوحش قاتل يصبح الفريق بأجمعه فريسة وصيداً وفيراً له, هذا الكائن الموجود بأعداد على امتداد الكهف يبدأ بمهاجمة الفريق ليتبين له أن أي جرح يسببه هذا المخلوق للبشر قد يؤدي إلى تحول البشري إلى كائن مشابه ليدخل الفريق ومعه المشاهدين في متاهة وملاحقات شرسة ودموية على امتداد 97 دقيقة من التشويق, الرعب, والأكشن.
إنتاجياً يبدو أن العمل كلف الشركة الكثير نظراً لسعيهم تقديم عمل سينمائي تتوافر فيه مختلف عناصر الجودة وقد أصدقكم القول أن بعد مشاهدتي للعمل أدركت المهنية العالية التي استخدمت في التفاصيل كافة المكونة لهذا العمل, فمن ناحية التصوير كان على طاقم التصوير والإنتاج التنقل بين مجموعة من الكهوف المتميزة لتقديم ضخامة وتنوع أكبر في موقع الحدث السينمائي, فتنقل الطاقم بين رومانيا, جمهورية التشيك, إيطاليا, والمكسيك سعياً وراء الأفضل تصويرياً حتى أن مشاهد التصوير التي تم تنفيذها في الاستديوهات كانت قصيرة ومحدودة, إذ اعتمد المخرج في هذا العمل على الواقعية إلى حد كبير لإضفاء عنصر أكبر في التأثير، أيضاً أن الكاميرات السينمائية التي استخدمها تعتبر من الأكثر تكلفة ودقة في نقل المشاهد في أجواء تصويرية معتمة وضعيفة مصادر الإضاءة، 3500 ساعة و4000 شخص كان طاقم العمل الذي قدم "الكهف" في عام 2005, ليشكل بصمة سينمائية متميزة نالت وستنال إعجاب الكثيرين غطاسون, مدربون, متسلقون, مصورون, عمال إضاءة تقنيون, وممثلون... مجموعة أيضاً متخصصة قدمت هذا العمل السينمائي في زحمة من الإنتاجات ذات نمط الرعب الذي يجنح نحو القساوة دون مبرر أو جدوى إلا أن الواقع في هذا الفيلم مختلف، القيادة وروح المبادرة الإنسانية والخوف وردات الفعل في اللحظات الأخيرة والحاسمة هي الأفكار الرئيسية التي تناولها العمل بشكل واضح, أضف إلى التركيز على شغف الكثيرين في اكتشاف المجهول الذي لا يؤمن عقباه, أضف إلى واقع الأساطير والخرافات التي تتحدث عن أماكن ملعونة قد تصدق ولا يمكن أن تعقل الأمور كافة في الحياة من خلال العقل.
11 أسبوعا كانت كافية لطاقم التأثيرات الخاصة أن يقوم بنقل المكان كمبيوترياً لإمكان تنفيذ الكائن الخرافي المسخ وإدخاله إلى واقع التصوير بطريقة تنفيذية ماهرة عن طريق مبدأ composite media وبالفعل جاء المخلوق بوزن 20 بوندا, له جناحان يتميز بشكل جديد غير مأخوذ من واقع الحيوانات الموجودة على الأرض, بل أقرب إلى حيوانات الأساطير والخرافات.
2005, قد انتهى تضمن العديد من العلامات السينمائية المتميزة التي تضيف إلى الأدب الإنساني نكهات متعددة ومختلفة هذه الوسيلة التي أصبحت الأكثر تأثيراً تعطي المزيد والمزيد وتحقق الأرقام وترفع مخرجين وتشهر ممثلين, إلا أنها قبل كل ذلك هي وسيلة اتصالية مؤثرة تعطينا العبر التي لا بد من استخلاصها من هذه الأعمال التي تحمل إضافة إلى غاياتها الربحية الكثير من القيم الفنية والإنسانية التي تتنوع وتختلف فيها الآراء، "الكهف" هو أحد هذه الأعمال, إنه أكثر من رائع.