دعوة أوروبية لزيادة الضرائب على مصادر الطاقة الملوثة للبيئة
يبدو أن مجال حماية البيئة لا يحظى بما يجب أن يناله اهتمام داخل الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن . فاتحادات البيئة تسير في اتجاه مناقض لاقتراحات الهيئة الأوروبية الخاصة بتوحيد قوانين وتسجيل والتصريح باستخدام المواد الكيميائية وهي الاقتراحات التي تم التباحث حولها وإقرارها من قبل الحكومات الأوروبية والبرلمان الأوروبي التي وجدت في ذلك إشارة للتكيف الجديد للصناعات الموائمة للبيئة في سياسة الاتحاد الأوروبي.
وأظهر تقرير لمنظمة حماية البيئة الأوروبية أن هنالك تناقضا بين جهود القدرة التنافسية وحماية البيئة. و تنصح المنظمة بزيادة الضغط على المنتجات والخدمات الضارة بالبيئة في الوقت الذي يتم فيه تخفيف الضرائب على العمل و الاستثمارات.
وتعرض المنظمة ( ومقرها في كوبنهاجن ) في التقرير صورة تظهر مدى افتقاد الانسجام بين الجهات المسؤولة. وترى أن مهمة حكومات الاتحاد الأوروبي هي تجميع المعلومات، كما أن المنظمة تقدّم التحاليل والنصائح. وهي تركز على العواقب التي تنجم عن الارتفاع الحراري في الغلاف الجوي للكرة الأرضية، ومدى تأثيره على المناخ، وعلى الكثير من المصادر الطبيعية.
وتقول جاكلين ماجليد رئيسة المنظمة "عندما نزيد بأنفسنا الارتفاع الحراري الأرضي لهدف من أهداف الاتحاد الأوروبي بنحو 2 درجة مئوية، سنعيش بلا شك تحت رحمة شروط الغلاف الجوي التي لم يعشها الناس من قبل"
وبغض النظر عن الخطوات الحالية لحماية الأماكن المأهولة بالبشر فإن الكثير من الكائنات مهددة في أوروبا. وهذا ينطبق على 42 في المائة من الثدييات، و15 في المائة من الطيور، و 45 في المائة من الفراشات، و 30 في المائة من البرمائيات، و45 في المائة من الزواحف، وكذلك 52 في المائة من أسماك مياه الأنهار.
ولم تتحقق سوى نتائج محدودة في تلك القضية منذ أن بدأ شيوع مفهوم "الأمطار الحمضية"، و"موت الغابات" قبل نحو ربع قرن من الزمان ولم تؤثر المواضيع والقضايا المطروحة في تقليص الأسباب التي تؤدي إلى تفتت طبقة الأوزون بسبب مواد الفلور و الكلور و انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون. و لكن تلزم الإشارة إلى جانب إيجابي يتمثل في تطبيق تقنية المواد المحفّزة المتدرّجة، إذ تم تقليص إصدار تلك المادة بنحو 90 في المائة. وكذلك فإن تقليص إطلاق غيرها من المواد الضارة أدى إلى تحقيق التقدّم.
إلا أن هذا التقدّم الإيجابي أخذ بالتراجع شيئاً فشيئا بسبب ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، وحركة النقل المتزايدة منذ فترة نتيجة تخفيض أسعار وسائل النقل الجوي. وبدأت نسبة تلويث البيئة بالارتفاع من جديد، حسب ما ورد في تقرير المنظمة.. كما زادت حركة النقل الخاص خلال العقد الماضي بنحو 20 في المائة. ومع معدلات الازدحام الكبيرة ارتفعت أيضا في معدلات تركيز الغازات بنحو 30 في المائة. وفي أوروبا تسجل خسائر تصل إلى نحو 200 مليون يوم عمل بسبب الحالات المرضية التي يسببها تلوّث الهواء. وتحقق نجاح نسبي في مسألة الربط بين النمو الاقتصادي واستخدام الطاقة و المواد الخام.
وتدعو ماجاليد وجميع العاملين معها بإحداث تغيير منهجي يدعو إلي زيادة رسوم الضرائب على "مصادر الطاقة الملوثة للبيئة" وفي الوقت ذاته تدعو إلى تخفيض لضرائب، و دعم العمل والاستثمارات على مصادر الطاقة النظيفة . وهناك تأكيد أقوى على أثر تكاليف البيئة في أسعار البضائع و الخدمات .
وعلى سبيل المثال تقول ماجاليد إن فرض ضرائب على مواد الطاقة التي تبث و تنفث معدلات مرتفعة من الغازات في الجو أدى إلى تطوير صناعة السيارات الأوروبية بحيث قل معدل استهلاكها للوقود بنسبة قد تصل إلى ضعف نظيرتها الأمريكية وهو ما يعد انتصارا في إطارها الحثيث لتحقيق القدرة التنافسية. كما ساهمت ضرائب النفط في أوروبا في تغيير دائم في الاستخدام الاستهلاكي للنفط بنحو 50 في المائة.
ومن الممكن أن يتحول النجاح الذي تحقق في مجال صناعة السيارات إلى نموذج يقاس عليه و يتبع فى العديد من فروع الاقتصاد الأخرى في أوروبا. ويقول التقرير : "من الممكن أن يمنح ترشيد الطاقة ميزة تنافسية في أسواق الدول النامية في آسيا، وأمريكا الجنوبية."