هيكل الإصلاح الضريبي الألماني يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال
حان استحقاق الوعود التي قطعت خلال الانتخابات بخصوص تخفيض التسهيلات الضريبية. وطبقاً للبلاغات الرسمية للائتلاف الحكومي الجديد، فإنه ينبغي ألاّ تكون هناك أي فترات زمنية صغرى. وابتداء من عام 2007، سيتم اقتطاع ضريبة أرباح بنسبة 20 في المائة.
إن تحقيق هذا المشروع في عام 2007 لا يحمل في طياته مساهمة في إغلاق "مهارب الضرائب" وتتجاوز العملية فرض ضرائب بسيطة على مالكي الحصص في الشركات الرأسمالية. وإذا كانت الشركات الرأسمالية حسب نسبة ضريبة الصناعة المقتطعة لمركز البلدية خاضعة لعبء مركب بالضريبة الصناعية وضريبة المؤسسات بنسبة قليلة معينة، فإن نسبة 20 في المائة كضريبة ربح على الـ 60 في المائة المتبقية بعد اقتطاع 40 في المائة تؤدي إلى أن ربحاً بمعدل 100 يورو قبل ضريبة الشركات، سيصبح 48 يورو فقط لدى المستثمر.
وحتى في حالة شطب ضريبة أخرى، فإن نسبة 20 في المائة من الضريبة على أرباح سعر السهم المتداول تؤدي إلى عبء كامل على الأرباح المحتفظ بها للشركات الرأسمالية التي تكون بنسبة 52 في المائة فوق النسبة الأعلى لضريبة الدخل وبالذات عندما تقترب مما يسمى ضريبة الأغنياء التي ينبغي عدم اقتطاعها من الشركات الفردية وأصحابها. وبفرض ضريبة على أرباح سعر السهم المتداول، فإنه لا يتم إغلاق مهارب الضرائب، ولكن الحد من النشاط الصناعي للشركات الرأسمالية التي يتم التمييز ضدها. وإن تخفيضاً كبيراً على مستوى الشركات الرأسمالية للضرائب المفروضة، يمكن أن يضع حداً لهذا التمييز. وطبقاً للخطط المعروفة لغاية الآن، سيؤخذ ذلك في الحسبان ابتداء من عام 2008. وإذا تحققت كل هذه الخطط على أرض الواقع، فإنه لن يتم خلق فرص عمل، ولا إيجاد ثقة بالمراكز المالية للشركات في ألمانيا. ويبدو الأمر وكأن ألمانيا لا يمكنها بدون إيذاء نفسها بشكل قوي أن تساير التوجهات الأساسية في فرض الضرائب على الشركات في الدول الصناعية.
وهذا الاتجاه يمكن في حقيقة الأمر من وجهة نظر الكثير من العلماء المختصين بالشؤون المالية أن يصطدم باستنكار فعلي. ومن يوجد بينه وبين حتمية نظرية الاستثمار عداوة، سيعتقد دائماً أن الفوائد والأرباح الناتجة عن استعمال رأس المال من جهة، وإيرادات العمل من جهة أخرى، تم فرض ضريبة عليها بشكل موحد. ولذلك يجب وضعها في وعاء واحد. وفي هذه الأثناء، أدركت معظم الدول أن المرء بوعاء واحد يمكن أن يفسد المعدة. ولهذا بدأت منذ مدة طويلة بتحميل حساب الفرق الخاص بنظرية الاستثمار ما بين بذل جهد العمل وتكوين رأس المال، عبر فرض ضريبي متباين. ولا تتضارب الأفكار الخاصة بنظرية الاستثمار مع ضريبة الربح على السعر المتداول للأسهم فقط، بل تسير أيضا ضد وجهات نظر إدارية، وضد قانون الضريبة الدولي.
وماذا عن التبسيط المنادى به دائماً وأبداً للقانون الضريبي؟ إن الوضع الحالي، وكذلك المخطط له يجبر كل مدّخر صغير على عمل مسك دفاتر لعقود طويلة من السنين. فهل هذا هو سر الائتلاف الحكومي الجديد؟ وماذا يعني صندوق الاستثمار عندما تخضع المعاملات وصفقات الأسهم لضريبة ربح السعر المتداول للأسهم؟ وإن كافة صناديق الأسهم المقيمة في ألمانيا لغاية الآن ستختفي في أقرب وقت.
وعند اقتطاع ضريبة الربح على السعر المتداول للأسهم في حالة بيع حصص الصندوق، سيتم إلغاء الارتفاع المؤمل، وتبقى فروق الاستثمارات في الصناديق معفاة من الضريبة. كما أن الضرائب على بيع حصص الصندوق سينجو منها الغني عبر الهجرة المسبقة، والفقير عبر تأجيل البيع في مرحلة التقاعد التي لا يدفع فيها أي ضرائب.
أما أرباح السعر المتداول لمالكي الأموال المتناثرة الأجانب، فلا يمكن على أية حال فرض ضريبة عليها داخل البلاد، حيث لا يمكن تسجيل ومعرفة الأرباح المتحصلة في الداخل في حالة فرض ضريبة ربح على السهم المتداول دون فرض الضريبة على أرباح الشركات.
وحقيقة الأمر أن ضريبة الربح على السعر المتداول تعمل على طرد دافعي الضرائب إلى خارج البلاد. وهم لا يخشون من ضريبة هجرة لأن قانون الاتحاد الأوروبي يعمل على الحماية من فرض هذا النوع من الضرائب، وبالتالي لا يجب عليهم أي سفر بعيد، بل يكفي التوجه إلى دول الضرائب المتدنية في أوروبا الشرقية. وعلى حدودنا الغربية والجنوبية، تجتذب الدول ذات حرية الضرائب أولئك الذين تقتضي مصالحهم التحرك للاستثمار فيها.
وواضح هنا أن كافة الإجراءات المعروضة سابقاً تكون سارية على أرباح التنازل عن العقارات جزئياً. ومن هذه الناحية، فإن الأمل بإيرادات ضريبية متدفقة سيكون مغامرة إذا أضيف التطور الديمجرافي أيضا إلى السياسة الضريبية والاقتصادية للائتلاف الحكومي الجديد.
* أستاذ إدارة الأعمال في جامعة فوتسبورج