البلوتوث يحول الجلسات إلى مراسلات والمسميات كوارث طبيعية ونجوم.
نجحت تقنية "البلوتوث" في السيطرة على أوقات الشباب، التي يمضونها بصحبة بعضهم بعضا. فمنهم من تجده منهمكاً في تفتيش هواتف أصدقائه بحثاً عن مقطع لم يشاهده من قبل، فيظفر به ويرسله إلى هاتفه، ومنهم من لا تكف سبابته وإبهامه من الضغط المتكرر على أزرار هاتفه بحثاً عن "أسماء مستخدمين" جدد يصدر لهم الرسائل ويستقبلها منهم. بعض الشباب نجحوا في التعارف مع بعضهم بحكم اشتراكهم في هذه الهواية، التي يحلو للشباب استخدامها في المراكز التجارية والمطاعم والمقاهي، وهي أكثر الأماكن التي يتم فيها تبادل رسائل "البلوتوث" من قبل الشباب والفتيات، إضافة إلى أماكن العمل، والتي عادة ما يتبادل الزملاء فيها رسائل مختلفة المحتوى من باب الترفيه. وتمكنت هذه الخدمة من خرق الحواجز التقليدية المتبعة في بعض المجتمعات، وأصبح الاتصال عبرها أكثر أمناً وسهولة، حيث يقوم المستخدم بتفعيل وظيفة "البلوتوث" في هاتفه، ثم يبحث عن أشخاص آخرين لديهم التقنية ذاتها في محيط دائرة تقدر بنحو عشرة أمتار، وبعدها، تظهر قائمة بأسماء الهواتف التي في حوزة الأشخاص الموجودين ـ ضمن نطاق تلك الدائرة ـ على شاشة هاتفه، وغالبا ما تكون بأسماء مستعارة، وباللغة العربية في معظمها، حتى يحصل صاحبها على الرسائل المختلفة المصدر مما يزيد من الإثارة والمرح، حتى إن بعض الشباب والفتيات يستعيرون أسماء ذات معان غير مألوفة حتى تكون أكثر لفتاً للانتباه ومن ثم يحوزون على أكبر عددا من الرسائل، ومن أبرز الاستعارات التي يستخدمها الشباب أسماء الكوارث الطبيعية، فتجد أثناء بحثك أسماء مثل "تسو نامي" و"كاترينا" ويتجاوز الأمر ذلك إلى الشخصيات التاريخية مثل "عنترة" و"قيس" ولدى الفتيات ديانا وعبلة. دلالات الأسماء المختارة ذات مضامين مختلفة فمنها ما هو فكاهي ومنها ما هو عاطفي ويتجاوز الأمر ذلك أحيانا إلى ماهو تعبير عن الذات بطرق مختلفة. أحد الشباب يرجع أسباب كثافة استخدامها أخيرا للتسلية والترفيه، ومحاولة كسر الرتابة والجمود اللذين ينتابان الحياة الاجتماعية، أما في حالة إساءة استخدام هذه التقنية عبر تداول رسائل غير لائقة، فغالبا ما تؤدي إلى مشكلات اجتماعية بين العائلات أو الشباب بعضهم بعضا إذا سهل التوصل إلى مصدرها.
الحديث عن "البلوتوث" ربما يكون مشوقا من جهة وذا شجون من جهة أخرى خصوصا عندما يتحدث بعض الشباب عن هذه التقنية بإيجابياتها وسلبياتها بكل صدق وعفوية وعن الحلول المناسبة التي يجب اتباعها للاستخدام الأمثل ولردع المتجاوزين الذين كانوا طرفاً في القضايا التي حدثت بسببه. من جهته يقول عبد الله الحمام: البلوتوث خدمة حديثة جاءت بفضل تسارع التطور في التكنولوجيا المعلوماتية التقنية التي يشهدها العالم، وبما أننا جزء من هذا العالم فبالتأكيد ستطولنا هذه التكنولوجيا. ويعبر عبد الله عن شديد أسفه للاستخدامات السلبية لهذه التقنية الحديثة وصدور الممارسات من بعض الشباب والفتيات على حد سواء، ولفت إلى إغفال الاستخدام الايجابي العملي لهذه التقنية، ويضيف "قد سمعت وسمع غيري الكثير من الشباب ببعض القضايا والأحداث التي تناقلتها هذه التقنية الحديثة وهي للأسف تمس المحظورات في مجتمعنا المحافظ وهذا شيء مؤسف حقا"، ويستمر عبد الله في انتقاده بعض ما يتناقله الشباب والفتيات في أجهزتهم المحمولة عبر هذه التقنية من الصور العارية أو المشاهد الفاضحة وغير الأخلاقية والدور الكبير للبلوتوث في انتشارها بسرعة لا مثيل لها، موصياً في ختام حديثه بضرورة سن قوانين من قبل المسؤولين لكل مسيء للآداب العامة وإعلان العقوبات لكل مستهتر بها حتى يتسنى الحفاظ على الآداب العامة في مراسلات البلوتوث.
علي الحاجي يتحدث عن هذه التقنية قائلاً: ليست ضرورية للجميع ووجودها أو عدمه لا يؤثر في حياتنا الطبيعية ولكن لهذه التقنية دور في حياتنا وهو دور إيجابي حيث تمكننا هذه الخدمة من الاحتفاظ ونقل العديد من الذكريات الجميلة وبعض الصور الخاصة بنا لتجعل لنا ذاكرة صغيرة في حجمها ، لكنها كبيرة بطاقتها التخزينية ، حيث من الممكن أن نحتفظ ونرسل الكثير من الصور الفوتوغرافية والتسجيلات الصوتية والرسائل النصية التي قد نحتاجها في المستقبل، ويأسف الحاجي من سيطرة سلبيات هذه التقنية على إيجابياتها من فئة شاذة من الشباب لا تعي الغرض الإيجابي من توافر خدمة البلوتوث فيتحول استخدامها إلى سلبي بحت سيكون ضرره واضحا للعيان في مجتمعنا إن لم يكون هناك تثقيف كامل بضرورة الاستخدام الأمثل.
إيهاب محمد، موظف تسويق في مؤسسة إلكترونيات يصف هذه التقنية بالممتازة جدا، وأنها جاءت في وقتها المناسب متماشية مع التطور الحضاري لنقل المعلومات والصور ومقاطع الفيديو بصورة سليمة وعملية ودقيقة، ويتفق إيهاب مع من سبقوه من الشباب في السلبيات التي تقع على المجتمع بأكمله جراء الاستخدام السلبي والبعد عن الأخلاق والشعور بالمسؤولية.
خلف العيافي أستاذ حاسب آلي يعتقد أن الكثيرين من الشباب والفتيات لا يدركون إيجابيات هذه الخدمة الحديثة المتقدمة وبحسب وصفه هي تقنية مفيدة ولكن تكمن فائدتها في نوعية استخدامها ويضيف "أذكر هنا ظاهرة جيدة بدأت أراها بشكل لافت وهي إرسال بعض العبارات الدينية المشتملة على أدعية وكذلك مقاطع صوتية لبعض المشايخ يتلون بعض الآيات في بعض التجمعات الشبابية ".
الشاب عبدا لله الفريح يتذكر الكثير من القصص ذات الأثر السلبي على المجتمع وأحدثت ضجة كبيرة ومن أبرزها حادثة نفق النهضة وقد انتقلت لنا عبر هذه التقنية. ويضيف "المصيبة أن البعض يتهاونون في تصوير بعض المناسبات الخاصة وإرسالها عن طريق البلوتوث لبعض أصدقائهم وأقاربهم من باب الثقة وبعد فترة يفاجأون بانتشارها بشكل أوسع خاصة حفلات الزفاف، فقد يشاهد أحدهم حفل زفافه في هواتف الآخرين!" متمنياً في ختام حديثه أن ينتبه الجميع لهذه النقطة وأن التهاون فيها قد يخلق حالة سلبية تتجاوز أضرارها محيط الفرد.