الخليجيون ينامون على النفط ولا يستثمرون فيه

الخليجيون ينامون على النفط ولا يستثمرون فيه

دعا محمد العتيبة رجل الأعمال الإماراتي، رجال الأعمال والمستثمرين الخليجيين إلى دخول مجال الاستثمار في صناعة النفط ومشتقاته، مبديا استغرابه من انخفاض استثمارات القطاع الخاص الخليجي في هذا المجال رغم أن دول الخليج في مقدمة لدول العالم إنتاجاً للنفط.
كما دعا العتيبة في حوار مع ''الاقتصادية'' إلى زيادة عدد الشركات الخليجية العاملة في مجال النفط ومشتقاته المدرجة في أسواق المال الخليجية.
وكشف عن قيام شركته المتخصصة في مجال الصناعات النفطية بتأسيس شركة في السعودية بشراكة مع عدد من رجال الأعمال السعوديين.
إلى نص الحوار:

متفائلون بالمرحلة المقبلة

في ظل التغييرات التي يشهدها اقتصاد أبوظبي. كيف ترون مستقبل الإمارة ؟
متفائلون بالمرحلة المقبلة بعدما التقى الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي برجال الأعمال ووضح لنا الكثير من الأمور التي كانت غائبة عنا، ومنحنا ضوءاً أخضر للانطلاق بروح جديدة للاستثمار في مجالات متنوعة وعلى رأسها قطاع النفط، خصوصا و أن دول الخليج معروفة بالنفط لذلك مجال النفط واسع للاستثمار فيه.
ولو نظرت إلى أداء البورصات الخليجية ستجد ندرة شركات النفط المدرجة في البورصات وهذا خطأ وتقصير، ويجب على رجال الأعمال الاهتمام بالاستثمار في النفط ومشتقاته وهو مجال غير محدود سواء في البتروكيماويات أو الحفر أو في مجالات أخرى. ولا شك أن بعض الدول الخليجية نجح في الاستثمار في هذا المجال، لكن لا نزال في بداية الطريق إذا قارنا الوضع بما هو عليه في دول أقل إنتاجا منا مثل ماليزيا، التي تضم شركات استثمارية عديدة في مجال النفط مثل شركة بتروناس المعروفة ونتمنى أن تتكرر التجربة الماليزية في دولنا النفطية، فماليزيا تقوم بالاستثمار في المجالات النفطية كافة لتبدأ من ما انتهى إليه الآخرون من خلال نقل التكنولوجيا والأفكار من الآخرين وبخطط مدروسة. وأتصور أن الاستثمار في النفط سيفتح مجالات عمل عديدة أمام المواطنين الخليجيين والعرب معا، بدلا من الاستعانة بالعمالة الأجنبية التي تغادرنا وتترك الأعمال مع أية أزمات قد تحدث لنا كما حدث أثناء حرب الخليج، ففي يوم من الأيام غادرنا الأجانب في مواقع العمل لولا إخواننا المصريون، وهنا أدعو إلى زيادة أعداد شركات النفط المدرجة في البورصات الخليجية.

متأخرون في الاستثمار النفطي

معنى ذلك أنك ترى أنه رغم الثروات النفطية الموجودة في دول الخليج إلا أنها لا تزال متأخرة في الاستثمار النفطي ؟
ليست لدي أرقام محددة في هذا المجال، لكن خذ على سبيل المثال لكي تعرف حجم الثروات تحت الأرض يتعين أن تقوم بعمليات مسح زلزالي ولا تتوافر لنا شركات من هذا القبيل، لذلك نلجأ إلى شركات أجنبية من الخارج لتقوم بهذا العمل، فلماذا لا نؤسس شركة محلية أو خليجية متخصصة في هذا المجال؟ لنبدأ بشركة ولو محلية تكبر وتدخل في مجال المنافسة مع الشركات الأجنبية وفي الوقت نفسه نعمل على تكوين كوادر متخصصة من أبناء المنطقة، يجب ألا يكون هذا المجال محصوراً على الأجانب، وأن نبدأ سريعاً لأننا لا نزال متأخرين في مجال الاستثمار في الصناعة النفطية.

وهل هذه مسؤولية رجال الأعمال فقط ؟
أتصور أن المسؤولية مشتركة وليست مقصورة على رجال الأعمال وحدهم، وفي مرحلة معينة كنا نرى أن هذه الصناعة مقصورة على الأجانب دون غيرهم، لكن الوضع تغير في الآونة الأخيرة، ولا بد أن يكون لأبناء البلد دور في هذه الصناعة خصوصا وأنه أصبحت عندنا كوادر وطنية ذات خبرة. وهنا يأتي دور الحكومة في فتح المجال أمام القطاع الخاص للدخول في مجال الصناعة النفطية، وهناك قصص نجاح كبيرة لأفراد خليجيين في هذا المجال، وأرى أن مستقبل الاستثمار في الصناعة النفطية أكثر منه في العقار.

لا أؤيد رفع الأسعار

تتفاوت أسعار الخدمات المقدمة للمواطن الخليجي من دولة إلى أخرى، كيف تراها؟ هل هي مناسبة أم أنها مرتفعة ؟
لا أؤيد رفع أسعار الخدمات على المستهلك خصوصا في هذه الظروف التي تتزايد فيها عوائد النفط وتشهد ميزانيات الحكومات الخليجية فوائض جيدة نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالميا، ففي هذه المرحلة لا بد من تخفيض تكلفة الخدمات المقدمة وفي الوقت نفسه لا بد من استمرار الدعم الحكومي لبعض القطاعات الحيوية مثل القطاع النفطي، خصوصا في مجال البنزين الذي يترتب على ارتفاعه ارتفاع أسعار السلع المصاحبة مثل الشحن وخلافه. وأرى أن دول الخليج دول نفطية ولا يعقل أن تكون الأسعار فيها مرتفعة مقارنة بدول مجاورة، لذلك لا أرى مبرراً لرفع الأسعار.
لنبحث عن حلول أخرى للشركات التي قد ترى أنها تتضرر من رفع أسعار النفط ولا نلجأ إلى حلول رفع أسعار السلع، لأن ذلك ستكون له انعكاسات سلبية على المستثمر الراغب في المجيء للاستثمار لدينا، ويتردد مخافة استمرار ارتفاع أسعار خدمات النقل والكهرباء والماء وخلافه، لنعط مصداقية للمستثمر للاستثمار على المدى الطويل.

التجربة السعودية

في رأيك لماذا تلجأ الإمارات إلى تكرير النفط في دول خارج المنطقة ؟
دولة جارة كبيرة مثل إيران من الدول المصدرة للنفط تستورد من الخارج وهذا ليس عيباً لأن الاستهلاك مرتفع لذلك تستورد كميات كبيرة من الخارج، وتدعم الحكومة النفط ومشتقاته وهو ما يجب أن تفعله حكوماتنا بدعم مشتقات النفط وليس برفع الأسعار، وأعتقد أن الحكومة موجودة ولدينا أهل الاختصاص في هذا المجال، خذ على سبيل المثال تجربة السعودية في مجال إنشاء صندوق لدعم الصناعات والتي أثبتت فعاليتها، ويمكن أن تأخذ دول الخليج بمثل هذه التجربة خصوصا وأن الصندوق لا يفرض فوائد على تمويلاته للصناعات كما هو معمول به في غالبية الدول.

التعاون الخليجي

كيف ترى التعاون الخليجي في مجال الاستثمار ؟
لماذا لا يعرف الخليجي صناعات بلاد خليجية أخرى ؟ إذا كان هناك معرض سعودي لماذا لا ينتقل إلى بلد خليجي أو عربي آخر بهدف الترويج للمنتجات الخليجية والعربية بين الدول العربية، لدينا أهداف مشتركة ومصالحنا واحدة، ولا بد من تسليط الضوء على تجاربنا.
نحن بحاجة إلى الاستثمارات البينية وأن يكون لنا شركاء خليجيون وعرب، وأن نجلس سويا للتشاور والمشاركة طالما أن مصالحنا واحدة.
لدينا شركة في الخدمات النفطية وحققنا نجاحات رائعة في هذا المجال ونطمح إلى توسيع حصتنا سواء داخل الإمارات أو داخل دول الخليج.

شركة جديدة في السعودية

هل لنا أن نتعرف على استثماراتكم في السعودية ؟
نحن في طور تأسيس شركة للاستثمار في مجال الاستكشاف في السعودية مع رجال أعمال سعوديين، خصوصا وأن المرحلة السابقة لم تكن تتيح لنا فرصة دخول السوق السعودية، ذلك أن سياستنا الاستثمارية تقوم على أن يكون معنا شريك فعلي من أهل البلد الذي نعتزم الاستثمار فيه، وأن يكون للشركاء إضافة وخبرة بالسوق الموجودين فيه وأن يكون معنا كفاءات محلية من أهل البلد حتى لو كانوا خريجيين جدد. نحن ندرس مجال الاستكشاف بدقة بناء على دراسة دقيقة، ودولنا فيها فرص كبيرة في هذا المجال.

كيف تقيم فرص الاستثمار في الإمارات ؟
فرص الاستثمار مفتوحة للجميع، والشيخ محمد بن زايد أعلنها صراحة أن المجال مفتوح في المجالات كافة وإن برز مجال السياحة لكن إجمالا الفرص متاحة أمام رجال الأعمال وحتى أمام الشركات العالمية.

أي الفرص الاستثمارية أفضل؟
أبوظبي مقبلة على نجاحات في مجال الصناعة النفطية، وهناك تشجيع من حكومة أبوظبي لنا كتجار، وترحيب أكبر كلما دخلنا كمجموعات محلية أو خليجية أو مع شركاء أجانب، وهنا أهنئ المجموعات السعودية التي دخلت للاستثمار في أبوظبي. أتصور أن عوامل النجاح للاستثمار متوافرة من كل المجالات، وأدعو إلى تأسيس معاهد علمية متخصصة تعمل على دراسة الفرص الاستثمارية الجيدة وطرحها على رجال الأعمال والتجار.

اتفاقية التجارة مع أمريكا

ما رأيك في اتفاقية التجارة مع الولايات المتحدة ؟
كل دولة ولها مصالحها وإذا اتفقت هذه المصالح مع مصالح دولة أخرى فهذا جيد، لكن لا يجب أن أتنازل عن مصالحي وهنا يجب ألا نخلط السياسة بالتجارة ولذلك سميت اتفاقية تجارة.

هل تمت مشاورتكم كرجال أعمال في هذه الاتفاقية ؟
أذكر أننا كنا ما يقارب 70 تاجرا بصحبة وزير الاقتصاد السابق الشيخ فاهم القاسمي في إحدى الجولات الخارجية، وقلنا له إذا كانت هناك اتفاقيات خذوا آراءنا واستطلعوا وجهة نظرنا كتجار في مثل هذه الاتفاقيات، لكن مرات نفاجأ بقوانين وأنظمة تؤثر فينا تأثيرا مباشراً وهنا أرى ضرورة مشاورة غرف التجارة وأن تكون هناك ورش عمل ولقاءات مع التجار ونحن متأكدون أن آراء التجار لو وصلت إلى المسؤولين وأصحاب القرار في الوقت المناسب سيأخذون بالكثير منها.

وماذا لو جرى تجاهلكم كرجال أعمال ؟
ربما يكونوا قد أخذوا آراء رجال أعمال أو مجموعات تجارية إزاء هذه الاتفاقية لكن أنا لم أُدْعَ لأي اجتماعات ولم ترسل لي رسالة بهذا الخصوص.

كيف ترى اتجاه الحكومة نحو تخصيص المشاريع الحكومية ؟
التوجه الآن يميل نحو التخصيص، وأنا مع الاتجاه الذي يدعو إلى إتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص لإدارة الأعمال التي يمكن أن يديرها أفضل من الحكومة، خذ على سبيل المثال تجربة السعودية الناجحة في مجال إدارة المستشفيات، عندما أتيح للقطاع الخاص السعودي الدخول في هذا المجال، ولدى السعودية شركات رائدة في إدارة المستشفيات وتعرفت على هذه التجربة على قرب، وهناك مجموعات سعودية رائدة تدير مستشفيات معروفة، وأتمنى أن تتحول جميع المستشفيات الحكومية في الإمارات إلى القطاع الخاص حيث يمكن بسهولة محاسبة القطاع الخاص في حال الخطأ.

الأكثر قراءة