تغييرات هيكلية كبرى بتوجهات أوروبية في سوق العقارات الألمانية

تغييرات هيكلية كبرى بتوجهات أوروبية في سوق العقارات الألمانية

ظل البنك التجاري الألماني "كوميرتس بانك" ولسنوات عديدة لا يقوم إلا بتنفيذ الصفقات والمعاملات التي تقترب بشكل مباشر من نشاطاته الخاصة, ولكن يبدو أن هذا التوجه قد طرأ عليه تغيير.
وقرر كل من "دويتشه بانك" و"أليانس درسدن بانك" من حيث المبدأ بيع رزمة من أسهمهما إلى شركة يوروهيبو المساهمة التي تعد أكبر البيوت المالية الأوروبية المتخصصة في مجال التمويل العقاري وقررت بيع حصة أخرى من تلك الأسهم إلى البنك التجاري "كوميرتس بانك". وإذا وافقت مجالس الإدارة والسلطات الرقابية، فإن القيمة السوقية للبنك التجارى العتيد سترتفع بين عشية وضحاها ليصبح ثاني أكبر بنوك ألمانيا.
وأبدي البنك منذ أسابيع قليلة اهتماما بشركة يوروهيبو. وليس من قبيل الصدفة أن يعمل كلاوس بيتر موللر رئيس الشركة العملاقة على استقرار البنك التجاري (ومقره في فرانكفورت) ليعيده إلى عالم الأرباح المستمر بعد مرحلة إعادة تنظيم استغرقت سنوات طويلة تسببت في خسائر كبيرة. وحققت شركة يوروهيبو العملاقة في 2005 نحو مليار يورو من الأرباح. وبالتوازي مع ذلك، تحرك موللر الذي يفضل التركات الهجومية أكثر من التركيز علي عمليات إعادة التنظيم تحرك ليطلق حملات مختلفة للسير مرة أخرى باتجاه النمو. وعلى أية حال، أصبح له مجال للعمل مع بنك شميدت الصغير نسبياً. إلاّ أنه مني بالفشل لدى محاولة العمل مع عدد من البنوك وصناديق التوفير الأخرى.
وقرر موللر إضافة صفقة جديدة، وأعلن بنك هيبو ريال ستيت في ميونيخ عن اهتمامه ورغبته في إتمام صفقة الأسهم من شركة يوروهيبو الأوروبية. ولكن البنك التجاري نفسه الذي يشارك بنحو 32 في المائة في شركة يوروهيبو يتمتع بحق الشفعة في هذه الأسهم، وتلك التي تخص "دويتشه بانك".
والواقع أن البنوك الثلاثة الكبرى زادت حصصها المتعلقة بالرهن العقاري من عام 2002 في شركة يوروهيبو التي كانت تعد مؤسسة جديدة في ذلك الحين. وسعى بنكا دويتشه بانك، واليانس إلى بيع حصصهما في الشركة الأوروبية إلى البنك التجاري وهما بذلك يحصلان الآن على نقود في الصندوق بشكل أسرع من الخطة الأصلية، ويتم إدخال شركة يوروهيبو إلى البورصة بعد نجاح إعادة تنظيمها. وقامت الشركة بتعديل محفظة القروض الخاصة بها وخفضت التكاليف والتوسع دولياً، فإنها غيّرت من نفسها إلى ممول عقارات وممول حكومي. وفي الأشهر التسعة الأولى من العام، ربحت الشركة، حيث إن لديها مبلغ ميزانية يساوي 241 مليار يورو. وبلغت أرباحها بعد خصم الضرائب 337 مليون يورو. وهذا يعادل عائد رأسمال ذاتي بنسبة 8.8 في المائة .
ومن المتوقع أن يتغير البنك التجاري بعد تولي أعمال ومهام شركة يوروهيبو بعد أن كان نشاط البنك الأساسي يقتصر على الأمور المصرفية المباشرة. وبعد تولي المهام سيكون النشاط في مجال العقارات الذي يعتبر حالياً جذاباً بشكل خاص لرواد سوق العقارات في أوروبا.
ويرى محللون أن تحالف البنك التجاري مع شركة يوروهيبو منطقي. وعلى أية حال، فعندما يكون سعر الشراء المتناقل على الألسن صحيحاً، يساوي نحو 20 يورو لكل سهم يورو هيبو، فإنه يمكن لهذا الاستحواذ أن يساهم في تحسين النتيجة الكلية للبنك التجاري. وبذلك يمكن ألا تكون عملية صعبة مرة أخرى، حين يتمكن من تمويل سعر الشراء بنحو 4.6 مليار يورو. وباع البنك التجاري أسهماً إلى البنك الإيطالي بمبلغ 800 مليون يورو ومن المحتمل أن يتحتم على البنك التجاري تمويل جزء من سعر الشراء بقيمة 13.5 مليار يورو في البورصة عبر إصدار أسهم صغيرة.
ويسعى البنك التجاري إلى قيادة شركة يوروهيبو بنجاح كشركة فرعية تابعة له. وهنالك فرصة لاكتساب زبائن جدد عبر النشاط التجاري الذاتي للطبقة المتوسطة القوية. وإن الأوقات مناسبة لها، لأن تمويل العقارات يعتبر من أسخن المواضيع في التمويل التجاري. وهذا ينعكس في الاهتمام القوي للمستثمرين الأجانب بالعقارات الألمانية.
وفي العديد من الدول المجاورة، يعتبر من الأمور العادية قيام الشركات ببيع عقاراتها وإعادة استئجارها، وبواسطتها تعمل على إيجاد رأسمال ذاتي لتمويل النمو. وهذه العقارات يتم ربطها مرة أخرى بسوق رأسمال العقار المناسبة ضريبياً.
ومنذ سنوات طالب بل تنبأ الخبراء باستقرار عالم القروض الألمانية. والآن يتخذ التطور تحولاً غير متوقع حيث تولت "يوني كريدت" الإيطالية أمور بنك الرهن العقاري في وقت يتحرك فيه البنك التجاري لإكساب نفسه صفة البنك العالمي الذي يتمتع بحصة عقارية كبيرة, وذلك من خلال دمج نفسه مرة أخرى في عمل عقاري. وهذا يفرض توقعات بأن التغيير الهيكلي سيأتي بمفاجآت أخرى جيدة.

الأكثر قراءة