سننافس بأسعار خدمات طائراتنا أسعار "النقل الجماعي" بين بعض المحطات الداخلية

سننافس بأسعار خدمات طائراتنا أسعار "النقل الجماعي" بين بعض المحطات الداخلية

في منتصف عام 1999 قابلت المهندس محمد بن حمد الزير في الطابق الـ 14 في المركز السعودي للأعمال في جدة، كان وقتها يحمل مشروع إنشاء شركة طيران أخرى في السعودية، ورغم حديثه المفعم بالتفاؤل والواثق بنفسه وعمله، والود الذي ساد ذلك اللقاء إلا أنني اعترفت له صراحة بأن هذا المشروع ضرب من الخيال.
وعاما بعد عام أصبح مشروع الشركة الوطنية للخدمات الجوية "ناس" أخبارا واقعية تتناقلها الصحافة ووكالات الأنباء العالمية. وتبرز أعمالها إلى الواقع بشكل لافت للنظر حتى دخل مشروع خدمة السفر الجوي في شركة ثانية في السعودية خلال أقل من نصف عقد من الزمن في حالة نادرة تسجل بحق ريادة لإدارة هذه الشركة الوليدة.
يصف يوسف بن عبد الستار الميمني عضو مجلس الشورى الذي رأس مجلس إدارة الشركة الوطنية للخدمات الجوية "ناس" على مدى أربع سنوات ماضية، يصف المهندس الزير "بأنه الرجل المناسب في المكان المناسب" ويضيف الميمني بالقول "في إدارة الطيران المدني أنت كمستثمر تحتاج إلى رجل ديناميكي ولديه المقدرة على التنقل والتطوير وضمان نجاح تسويق المنتج وهذه الصفات تتوافر بكفاءة المهندس محمد الزير.
وبتواضعه الكبير وأدبه الجم، يصر المهندس الزير على أن كل هذه الإنجازات والنجاح يقف خلفها جميع فريق العمل، بدءا من حامل الحقائب حتى مساعديه, ويفاخر بتلك الكفاءات السعودية الذين يعملون معه بقوله "أثبتنا للجميع أنه بالإمكان أن تأخذ منتجا عالميا وتوطنه محليا" في إشارة إلى أن السعوديين يملكون قدرات هائلة في العمل في الطيران التجاري.
لقد عكست سياسة الشركة التي لفتت النظر في أوساط مجتمع المال والأعمال مدى مقدرتها على تنويع مصادرالدخل التي تنتهجها منذ قرابة أربع سنوات. وشهد العام الحالي إعلان "ناس" عن تقديمها خدمتين جديدتين هما تقديم خدمات الطيران الاقتصادي بين بعض المحطات والمطارات الإقليمية في السعودية. وقبلها إطلاق خدمة الخيالة للطيران الفاخر المجدول بين مدينتي الرياض وجدة, والرياض ودبي بعيد حصول الشركة على ترخيص التشغيل التجاري من رئاسة الطيران في المملكة العربية السعودية في سابقة تعد الأولى من نوعها في قطاع الطيران السعودي.
لقد انفردت "ناس"منذ تأسيسها بتقديم منظومة من الخدمات المتنوعة التي مكنتها من تقديم حلول شاملة لقطاعات الطيران الخاص التي غالباً ما كانت توصف بأنها مهملة في المنطقة. وتقدم الشركة خمس خدمات مميزة تشمل برنامج "نت جتس الشرق الأوسط" للتملك والتأجير الجزئي للطائرات الخاصة, وبرنامج الطائرات المستأجرة, وبرنامج إدارة الطائرات, وبرنامج الإخلاء الطبي.
الزميل سعود التويم مدير التحرير صعد إلى الطابق الثامن في برج بن حمران في شارع التحلية في جدة والتقى المهندس محمد بن حمد الزير في مكتبه وخرج بالحوار التالي:

بداية أود معرفة متى بدأت انطلاقة الشركة الوطنية للخدمات الجوية "ناس"؟
بدأت الشركة كفكرة عام 1999 وبدأ العمل في دراسات الجدوى في نهاية 1999. بدأت عملي في "ناس" في نيسان (أبريل) عام 1999، وبنهاية العام تسلمنا أول طائرتين وكان حينذاك عددنا لا يتجاوز عشرة موظفين, والآن يتجاوز عدد موظفي "ناس" 500 ونشغل أسطولا يتجاوز 30 طائرة ولا نقدم حلا واحدا بل منظومة من الخدمات والحلول المبتكرة لتلائم الطلب المتنامي على خدمات الطيران الخاص والفاخر والاقتصادي.

بعد هذا المشوار الناجح والسريع أين تقف"ناس"؟
اليوم تقف الشركة الوطنية للخدمات الجوية (ناس) في مقدمة الشركات الرائدة في مجال الخدمات الجوية المتخصصة وخدمات الطيران الخاص في منطقة الشرق الأوسط من خلال منظومة خدمات مبتكرة ومرنة لقاعدة عملائها العريضة على مستوى منطقة الشرق الأوسط. التي تضم عدة برامج تتنوع بين برنامج التملك الجزئي, والتأجير للطائرات (نت جتس الشرق الأوسط), وبرنامج الطائرات المستأجرة, وبرنامج إدارة وتشغيل الطائرات الخاصة, وبرنامج إدارة مشاريع مساندة التشغيل، كما أطلقنا منذ أشهر قليلة خدمة الخيالة بين مدينتي الرياض وجدة، التي تعد أول خدمة طيران على مستوى الشرق الأوسط للشركات ورجال الأعمال والشخصيات المهمة وتحقق نجاحا متسارعا ومستويات إركاب متزايدة منذ إطلاقها في تموز (يوليو) الماضي. كما أعلنا أخيرا عن خطط الشركة لإطلاق أولى خدمات الطيران منخفض التكلفة, والمعروف أيضا بالطيران الاقتصادي, قبل موسم الصيف المقبل.

بماذا تمتاز سوق النقل الجوي السعودية؟
السوق السعودية فيها مميزات لا تجدها في أسواق أخرى إلا نادرا. فمثلا معدلات الدخل والوضع الاقتصادي القوي والعامل الجغرافي ونمو السكان ووجود المواسم الدينية السنوية ومعدل السفر السنوي للعائلات خلال العطلات وزيادة الاهتمام بالسياحة الداخلية كلها عوامل مشجعة لشركات الطيران. وفتح باب الاستثمار في قطاع الطيران والنقل الجوي يعطي المواطن والمقيم على حد سواء فرصا وخيارات أخرى لم تكن موجودة في السابق.

ينظر المجتمع إلى الطيران الخاص بأنه طيران الأغنياء، كيف استطعتم أن تصلوا بخدمة "الخيالة" أو طيران الخيالة إلى شرائح أوسع من المجتمع؟
خدمة الخيالة خدمة تملأ الفراغ بين خدمات الطيران الخاص والدرجة الأولى وتضمن للمسافرين تجربة سفر ممتعة من خلال تقديم مستويات خدمة راقية وغير مسبوقة مقارنة بخطوط الطيران التجارية, الأمر الذي يجعل من خدمة (الخيالة) تجربة فريدة للركاب. وتستخدم في رحلات الخيالة طائرات إيرباص A319 صممت مقصورتها لاستيعاب 44 مقعدا فقط بدلاً من سعتها المعتادة التي قد تصل في بعض الأحيان إلى ما يزيد على 120 مقعداً, لتوفير أعلى درجات الراحة والرحابة والفخامة خلال الرحلة, إضافة إلى استخدام صالات الطيران الخاص مما يضمن الخصوصية وسرعة إنهاء إجراءات السفر. وقد صممت "الخيالة" بدرجة عالية من المرونة بحيث توفر لعملائها من الأفراد والشركات والجهات الحكومية عدة خيارات, منها حجز المقاعد حسب الحاجة وعقود الشركات, إضافة إلى عضوية نادي الخيالة إيليت, الذي يمنح معتادي الخدمة شراء رحلات مسبقة الدفع.
والآن بعد مرور نحو نصف عام على تدشين "الخيالة"، كيف تقرأ هذا البرنامج؟
الخيالة بعد ستة أشهر بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بجهد الإخوان في الشركة ومن خلال فلسفة العمل الجماعي وثقة عملائنا بطريقها لتحقيق الهدف المطلوب. وقد أطلقنا أخيرا بعض الحلول التسويقية المبتكرة منها نادي الخيالة إيليت الذي يمنح حامل بطاقة العضوية ميزات خدمية وسعرية خاصة يستطيع التمتع بها هو وعائلته وأصدقاؤه وزملاؤه. كما قدمنا حلا آخر لقطاع الأعمال من خلال عروض خاصة تضمن لهم الحصول على الخدمة لقاء مقابل مادي تنافسي ومناسب للجانبين, وأصبح لدينا الآن عدد من كبار الشركات والبنوك في المملكة وقعت معنا عقود خدمة الخيالة. ودائما نحرص على تطوير وتحسين مستويات الخدمة ونأخذ بعين الاهتمام جميع الملاحظات التي تصلنا من عملائنا والتي تنصب في حرصهم على نجاح الخدمة.
"الطيران الاقتصادي" هذا المشروع الجديد الذي تنوون إطلاقه في المملكة قبل موسم الصيف المقبل، ما أبعاد نجاح هذا المشروع؟
مثل أي منتج إذا ما توافرت له شروط النجاح الأساسية, من منتج وسوق وسعر وترويج, وكان هناك طلب متزايد ضمن وضع اقتصادي قوي ومشجع فإن النجاح آت. فإذا نظرت مثلا إلى مساحة المملكة العربية السعودية الجغرافية والعدد السكاني المتزايد ومعدل النمو المتسارع والوضع الاقتصادي القوي, إضافة إلى سمات خاصة كالترابط الاجتماعي بين الأسر السعودية والمواسم الدينية تزيد من معدلات الطلب على خدمات الطيران والنقل الجوي في المملكة. ونحن لا نتوقف عند حدود أي منتج أو برنامج بل نظل نبتكر ونوطن العديد من الخيارات والبرامج الخدمية الأخرى.
ماذا تعني خدمة الطيران منخفض التكلفة أو الخدمة الاقتصادية؟
خدمة الطيران منخفض التكلفة التي نحن بصدد إطلاقها لخدمة سوق السفر الداخلية ستعنى بتقديم خيارات أكثر اقتصادية للمسافرين بين المحطات الداخلية الرئيسية في المملكة التي تتميز بارتفاع طلب السفر إليها. ولا يتم تقديم أي من الخدمات المجانية الإضافية كالوجبات والمشروبات على متن تلك الرحلات.
كم يبلغ أسطول هذه الخدمة وتكلفتها وآلية تمويلها؟
سيتم اختيار الشركة المصنعة لطائرات الخدمة الجديدة بعناية تامة ليتلاءم طرازها ومتطلبات الخدمة الجديدة خصوصا أنها تعنى بالشريحة الأكبر من حيث الحجم داخل سوق السفر الداخلية في المملكة. ومن المتوقع أن تبدأ الخدمة بأسطول يضم أربع طائرات يصل إلى 16 طائرة على مدى الأعوام الأربعة الأولى من التشغيل. وسيتم تمويل صفقات الطائرات الجديدة بمبلغ من خلال عدد من المصارف وبيوت التمويل العالمية والإقليمية, الأمر الذي يعكس صلابة الوضع الائتماني للشركة داخل المملكة وخارجها.
كيف سيتم تحديد أسعار هذه الخدمة؟
سياسة تسعير هذه الخدمة تعتمد على عوامل عدة من ضمنها وجهة السفر وعدد المسافرين وتاريخ السفر وطريقة الدفع ووقت الحجز. وستتغير أسعار المقاعد كلما تباينت تلك المعطيات وبذلك تعطى الميزة للمسافر الذي يخطط وينهي حجزه مبكرا .

ما الإشكالية التي تواجهها في ثقافة الناس في مشروع الطيران الفاخر أو منخفض التكلفة؟
نحن نقدم منتجا جديدا بأسلوب جديد وبطريقة جديدة لسوق اعتادت على مدى 60 عاما على خدمة الشركة الواحدة. دورنا يأتي في السعي إلى تغيير هذا المفهوم بتقديم خيار ثان وبمفهوم مختلف وبأسلوب آخر. أمامنا طريق طويل ومملوء بالتحديات ولكن تجربتنا خلال السنوات الست الماضية في مجالات الطيران الخاص تثبت جدارتنا في الوصول إلى أهدافنا في الأوقات المحددة لذلك.
ذكرت أنك ترحب بدخول شركات أخرى في النقل الداخلي, ألا تخشى أن تصل أسعار المنافسة بالسوق إلى مستوى بحيث تقدم الأسعار بشكل منخفض إذا علمنا أن بعض الأسعار حاليا من محطات داخلية إلى محطات دولية وصلت إلى أقل من 100 ريال؟
نعم كل هذا مأخوذ في الحسبان. فبالفعل قد تجد مقعدين متلاصقين وبسعرين مختلفين، لماذا؟ لأن الأول خطط مسبقا وقام بعملية الحجز والدفع بينما قرر الآخر السفر قبل السفر بيوم أو عدة ساعات. لا أخفيك سرا ستكون أسعار النقل الجوي بين بعض المحطات الداخلية وفي بعض الأحوال أقل من أسعار النقل الجماعي.

ألا تخشى من منافسة الطيران الخاص, خصوصا من شركات الطيران الخاص المحيطة بك؟
بالعكس نرى في المنافسة عاملا لتطوير السوق وضامنا لمستويات الجودة والسلامة فيها شريطة أن يتم هذا ضمن مظلة وحماية الأنظمة والقوانين.

بكم تقدر عدد الطائرات الخاصة في السعودية ؟
تقريبا في حدود 70 طائرة منتشرة من جميع الأنواع والأحجام وتتركز في المملكة العربية السعودية حيث تظل أكبر أسواق الطيران الخاص في الشرق الأوسط.

مع ارتفاع تكلفة الطائرات الخاصة واتجاه رجال الأعمال إلى الشراء في برامج التملك الجزئي أو الاستئجار بنظام الساعات، كيف ترى إقبال رجال الأعمال على شراء هذه الخدمات؟
يقاس عادة نجاح المشروع من عدة عوامل أهمها تحقيق نسب نمو منتظمة, ولقد تجاوزنا برنامج نت جتس الشرق الأوسط للتملك والتأجير الجزئي للطائرات الخاصة نسب النمو المحققة برنامج نت جتس في أوروبا وفي الولايات المتحدة. فنحن ننمو, وبحمد الله, بوتيرة أسرع حيث تبلغ لدينا الآن فترة انتظار تراوح بين ثلاثة وستة أشهر لضمان تقديم الخدمة للعملاء الجدد.

ماذا يعني دخولكم في برامج أخرى؟
يعني مواكبة متطلبات عملائنا وحاجة السوق, وأفضل مثال على ذلك تقديم الشركة خدمة الإخلاء الطبي الجوي لعدد من شركات التنقيب عن الغاز العاملة في منطقة الربع الخالي. وقد خصص لتلك الخدمة طائرات "توين أوتر" المروحية المشهود لها بالاعتمادية وكفاءة الأداء تحت الظروف التشغيلية القاسية. وإضافة إلى قدرتها على حمل 18 راكبا في الظروف الاعتيادية وإمكانية التعديل لإفساح المجال أمام عمليات الإخلاء الطبي الجوي أو لأغراض الشحن يمتاز هذا النوع من الطائرات بالمقدرة على الهبوط في مهابط قصيرة معبدة وغير مسفلتة.
بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) يقال إنكم فقدتم الكثير من فرص التمويل الأجنبية. كيف تمكنت "ناس" من استعادة الثقة لدى مؤسسات التمويل الأمريكية والأوروبية خاصة الحكومية منها؟
بعيد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الأليمة فقدنا كل فرص التمويل من البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية، ولكن سرعان ما بدأنا التفكير في بدائل أخرى,وبالفعل حصلنا على أول تمويل في غضون عام. وبنهاية عام 2002 حصلنا على تمويل من بنوك أوروبية تبعها تمويل من بنوك خليجية ثم خلال السنتين الماضيتين حصلنا على تمويل من بنك التصدير والاستيراد الأمريكي التابع للحكومة الأمريكية, وحصلنا أخيرا على تمويل من الحكومات الأوروبية، حيث لدينا الآن أكثر من ثماني أو تسع طائرات ممولة من بنوك أجنبية سددت جميع التزاماتها المالية بالكامل.
هل البنوك السعودية غير قادرة أو غير ممولة بمشروع تمويل شراء الطائرات؟
موضوع تمويل شراء الطائرات للبنوك السعودية لا يعتبر من أولويات إدارات التمويل في البنوك المحلية, فلا توجد هناك إدارات متخصصة لتمويل مشاريع الطيران على غرار القطاعات الأخرى العقارية والتجارية والصناعية. في السنوات القليلة الماضية أصبحنا نشعر بتغيير في هذا الوضع وأصبحت هناك حاجة ملحة إلى دخول القطاع المصرفي الوطني في تمويل صفقات الطائرات بالكامل أو تضامنيا مع بنوك أجنبية أخرى لديها الخبرة الواسعة في هذا المجال.

كيف ترى واقع الاستثمار في صناعة النقل الجوي في السعودية، هل هامش الربح مجد ومشجع للاستثمار؟
من الصعب أن نتحدث عن هامش الربح، لأن هامش الربح يعتمد على الأداء الفني لكل شركة, لكن إذا كنت تسأل هل هو مجد؟ بلا شك أن مجال الاستثمار في الطيران يعتبر من أكثر المجالات إثارة وربحية في مجالات الاستثمار في المملكة.
هل مخاطر الاستثمار في هذا القطاع عالية؟
نعم مخاطر الاستثمار في خدمات صناعة الطيران عالية جدا وهي تختلف بين نوع وآخر ومرحلة وأخرى.
وأخيرا ماذا تريد من هيئة الطيران المدني؟
القائمون على هيئة الطيران المدني لهم من الوطنية والكفاءة والغيرة على مصلحة القطاع ما يؤهلها للوصول بقطاع السفر والطيران السعودي إلى العالمية. إن الهيئة تدار الآن بعقلية ديناميكية متطورة تعي متطلبات ومتغيرات وتحديات التي تنتظر القطاع وتضع الأسس والنظم لضمان أعلى مستويات السلامة والربحية للمستثمرين في القطاع. وستشهد الأشهر المقبلة قفزات نوعية تعجل من وتيرة التنمية ومعدلات الاستثمار داخل قطاع الطيران في المملكة.

الأكثر قراءة