احذروا.. فقاعة تتشكل في سوق الأسهم السعودية
الأمير الوليد بن طلال شخصية نابغة في دنيا الأعمال، ورجل له لمسة ذهبية اقتصادياً، معظم ما يستثمر فيه يتحول إلى ذهب بغض النظر عن مكان الاستثمار حتى أصبح رمزا في دنيا الأعمال، ورجلاً حائزاً على إعجاب الجميع.
مجال عمله رائع. وهو ليس بعالمي فقط، بل يشمل نشاطات عدة. فمن وراء مكتبه الواقع في الطابق ا? 66 من ناطحة سحاب في الرياض تعرض شعارات الشركة من الجدار إلى الجدار، ومن السقف إلى الأرض، أفضل مشاريع النشاطات العملية المعروفة عالمياً. ففي المملكة العربية السعودية، توجد محال مثل هرفي، بنده، صافولا، الماريا، سامبا، الشركة الوطنية للاستثمار، عبر العالم، الموفنبيك، مجموعة فنادق الفورسيزون، فيرمونت، وإي باي، أمازون، أبل، سيتي جروب، روتانا، الفضائية اللبنانية، نيوزكوربس، وتايم وارنر.
ومن أبرز أوجه تفرده بشكل لا يستطيع رجال الأعمال السعوديون الآخرون تقليده، وأدى إلى نجاحه، أنه لا يتدخل في الأعمال الخاصة بشركاته، لامتلاكه مهارة إدراك أنه لا يعرف كل شيء، وكذلك مهارة ترك الناس يؤدون أعمالهم وفقاً لمهاراتهم.
وإلى جانب ذلك، فإنه شخص منضبط قادر على تكوين رأي واتخاذ قرارات سريعة، ويمتلك ذاكرة فوتوغرافية لأدق التفاصيل.
يقول عنه البعض إنه مدمن عمل. ولكنه ليس كذلك, فيمكنك الاجتماع به والتحدث إليه على غير العادة من أولئك الذين هم في مكانته، كما أن لديه الوقت لأشياء أخرى أكثر من العمل، فهنالك وقت للعائلة والقراءة، والراحة، إلى جانب تخصيص وقت لما هو أكثر تحفيزاً، وهو القيام بالأعمال الخيرية ليس فقط لمشاريع في المملكة، وإنما أيضاً للأعمال الخيرية والإنسانية في العالم بأسره.
إنه أحد المحركين المهمين جدا في أسواق المال. والرجل الذي فعل الكثير ليجعل إنجازاته تتحدث عنه.
وفي الأسبوع الماضي, وبمناسبة إصدار الملحق السنوي ملحق أكبر 100 شركة في جريدتي "الاقتصادية" و"عرب نيوز" أجرى الزميلان لبنى الحسين ومايكل كوزنز مقابلة صحافية مع الأمير الوليد، وخلال المقابلة كان الأمير في حالة منسجمة تماماً مثل شركاته التي يتحدث عنها بثقة، وكذلك عن أداء الاقتصاد السعودي.
كيف ترون الأداء خلال السنة الماضية؟ وما الاستثمارات الجديدة التي أحدثتها "المملكة القابضة" في السعودية لعام 2005؟
كانت سنة 2005 سنة ممتازة لنا، على الأقل من وجهة نظر محلية، والاستثمارات المحلية لم تتزايد فقط بل حلّقت عالياً, وكانت السوق السعودية نشيطة للغاية بسبب ارتفاع أسعار النفط, والآن هنالك نمو اقتصادي كبير وجميع شركاتنا السعودية متحمسة في حين لم تنخفض الاستثمارات الدولية، بل كان هنالك ارتفاع أقل مما هو عليه في الاستثمارات السعودية.
ما الاستثمارات الجديدة التي تمت في المملكة؟
استثمرنا في مجالات عدة: فذراعنا المالية تتمثل في شركة سامبا، وذراعنا الصناعية تتمثل في شركة الاستثمار الصناعي، والذراع الغذائية المتمثلة في شركة صافولا، وجميعها تتوسع. فالشركة الوطنية تتوسع في المشاريع الاقتصادية، وشركة صافولا تعمل على بناء المزيد من المحال التجارية الكبيرة، والمزيد من سلسلة مخازن بنده ومطاعم هرفي. ونحن نتوسع في هذه المجالات، ونشهد نمواً متزايداً في ربحية الشركة، وارتفاع أسهمها، خاصة في الشركات الخدماتية.
تمتلك شركة الاستثمار الصناعي الوطنية حصة في شركة التصنيع الوطني للبتروكيماويات تبلغ 51 في المائة؟ فكيف ترون نشاطها؟
جيد جداً، فأرباحها آخذة في الارتفاع الشديد، ومعظمها ناجم عن مصدرين اثنين: استثمارنا في مجال الكريستال في المنطقة الغربية، واستثمارنا في شركة التصنيع الوطني للبتروكيماويات. ونحن الآن نفاوض لشراء الحصة المتبقية البالغة 49 في المائة، وسنفعل ذلك على أن يعلن في العام المقبل.
تسهم الشركة القابضة في مجال الإعلام العالمي مثل الشركة الأمريكية لخدمة الإنترنت،AOL، وتايم وارنر، والمؤسسة الإخبارية وعالم ديزني في باريس، فهل لديكم أي خطط في المملكة أو أي خطط مستقبلية في المنطقة؟
نعمل الآن من خلال "روتانا"، كما أننا مشاركون بقوة في صناعة الإعلام في الشرق الأوسط والفضائية اللبنانية التي تحتل المركز الثاني أو الأول اعتماداً على البرامج في الشرق الأوسط. ولـ "روتانا" ست محطات: وتضم 60 في المائة من الأفلام المعروضة في العالم العربي، و80 في المائة مما يعرض في قطاع الموسيقى في العالم العربي كإنتاج أشرطة الكاسيت وتوزيعها وغيرها، فدورنا كبير في ذلك.
بناء على ذلك لديكم اهتمام كبير بمكافحة القرصنة؟
بالتأكيد، فالقرصنة تؤثر في صناعة الموسيقى، وهي في قمتها في العالم العربي، والمملكة العربية السعودية. ونحن مشاركون أيضاً في الإعلام المكتوب كمشاركتنا في بعض وسائل الإعلام اللبنانية المكتوبة مثلاً. وفيما يتعلق بالنشر، فإننا ننظر في الموضوع ولكن لا شيء نهائيا بعد.
مع حصول المملكة على عضوية منظمة التجارة العالمية، كيف ترون التحديات التي ستجلبها المنافسة لكل من شركة المملكة القابضة والمملكة العربية السعودية؟
مع حصول المملكة على العضوية، لا بد من فتح الاقتصاد أمام نشاطات عملية كثيرة. فشركات عديدة ستأتي إلى المملكة، وستصمد الشركات السعودية ذات الأساس القوي المتين أمام موجة الشركات القادمة من الخارج. أما الشركات الضعيفة، فإن عليها أن تعيد تشكيل ذاتها، أو ترتبط بشركات أقوى أجنبية. وعلى سبيل المثال، تمتلك شركة صافولا شركة تدير كلاً من "بنده"، و"هايبر بانده"، و"العزيزية". ونجد قوة مؤثرة في مجال المخازن التجارية، ونسيطر على 40 في المائة من مبيعات المخازن في المملكة من خلال الشركات الثلاث السابق ذكرها. وهنالك بعض الشركات الموجودة في السوق السعودية مثل الفرنسية كارفور، وجاينت، ويورومارشيه. ولذلك فإننا معتادون على منافسة النشاطات العملية الغربية. ورغم ذلك نسعى إلى تقوية وضعنا. والشركات القوية المستخدمة مقاييس ومؤشرات أجنبية ستتمكن من تحمل الضغط الخارجي. وأقول للشركات الضعيفة نسبيا: انتبهوا، ما من مصالح لكم في المملكة. ومن قبل قلق الناس بسبب الإرهاب وانخفاض النمو في الناتج المحلي الإجمالي. أما الآن، فتدفقت الأموال، وزاد نمو الناتج المحلي الإجمالي، وضعف الإرهاب، إن لم يستأصل تماما. ولكثرة المصالح هنا، ستأتي الشركات بأعداد كبيرة. فالوضع ليس كما كان منذ ثلاث سنوات عندما اشتكى الناس من عدم دخول النشاطات العملية. والآن سيأتي الكثير من الأعمال مع العضوية في منظمة التجارة العالمية، ونحن نشعر بذلك ونلمسه في فنادقنا. نعم هنالك ازدهار في المملكة، وسنشهد منافسات عديدة جيدة لنا وللمستهلك.
هناك بنوك جديدة افتتحت، كالبنك الحكومي الهندي والبنك الوطني الباكستاني. ألا تعتقدون أنها متجهة لغزو هذا القطاع؟
إنها جيدة للمستهلك. فأنا أملك 5 في المائة من شركة سامبا، وهي حصة كبيرة. وأنا أحب المنافسة وأسعى إليها لأنها تحفز اهتمامات وطاقات الناس. والمملكة تتحمل وجود 20 بنكا. ولدينا حالياً 11 بنكاً وثلاثة أو أربعة بنوك حصلت على الترخيص، ونحن بصدد الوصول إلى 20 بنكاً. وتم الإعلان عن ذلك. والأفضل سيبقى، لأن هذه هي الرأسمالية.
وبودي أن أشير هنا إلى أن هذا الوقت هو أفضل وقت للمملكة لدخول منظمة التجارة العالمية، وذلك لأنها في القمة. فلم تشهد المملكة نمواً كما يحصل الآن. نحن الآن ناضجون، حيث تم إنشاء البنى التحتية، من منازل، وخدمات هاتفية، وكهرباء، وتم عمل معظم ما هو مطلوب للنمو والتقدم في المجالات ذات البنية التحتية الضعيفة جداً مثل شبكة المجاري، والمياه، والكهرباء. نحن بحاجة ماسة إلى النمو، غير أن البنية التحتية ناضجة، وسيبدو عظيما دخولنا في منظمة التجارة العالمية وسط الأموال المتدفقة إلى المملكة من خلال الأموال العامة، والملكيات العامة، والقطاع العام، نتيجة ارتفاع أسعار النفط . والعديد من الناس يعيدون أموالهم إلى الداخل سواء بسبب إيمانهم بالاقتصاد المحلي، أو بسبب الفرص غير الجذابة في الخارج. فالنمو السعودي في السنة الماضية أفضل من نمو منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD.
تمر المملكة الآن بمرحلة انتعاش نفطي مبشرة بنمو أكبر من المرة الماضية. ما الدروس المستفادة من المرة الماضية خاصة فيما يتعلق بالتنمية المستدامة؟ وهل يتم إنفاق الأموال بصورة صحيحة وحكيمة؟ مثلا هنالك تزايد كبير في أعداد المجمعات التجارية الكبيرة Malls في أماكن مثل مدينة جدة التي هي بالتأكيد غير قابلة للاستدامة؟
هنالك اختلاف بين القطاعين الخاص والعام (الحكومي). ففي القطاع العام تعلمنا دروساً عديدة من الازدهار السابق المشتمل على سرعة التطور، وهدر الأموال. وما من شك في ذلك. والدرس الثاني كما نرجو هو العمل على تقليص الفساد؛ فالعديد من المشاريع نفذت اعتباطاً إلى جانب بعض المشاريع التي لم تنفذ بصورة مناسبة. فمثلا، بعض المشاريع الإسكانية الحكومية المبنية هنا لم تستخدم لغرضها المنشود. والدروس هي: فساد أقل، ووضع نهاية لهدر الأموال، ووجود دراسات أكثر.
ولدينا الآن زعامة الملك عبد الله الذي أخذ قراراً بتوجيه جانب من الدخل القومي ثانية إلى الشعب، أولاً في الرواتب مع زيادة مقدارها 15 في المائة لموظفي القطاع الحكومي. والبعض يقول إن هذا يزيد التضخم، ولكنني لا أرى ذلك، لأنّ أولئك الناس لم يحصلوا على زيادة منذ 20 سنة. وثانياً، يتم صرف جزء من المال على التعليم والصحة والرفاه، وهذه المجالات تلمس حياة الناس بشكل مباشر. وهذا تحرك إيجابي آخر.
والواقع أن هنالك بعض المشاريع التي تنفذ في القطاع الخاص دون دراسة وتخطيط كافيين. وكما ذكرت، فإن مجمعات البيع أو المولات في جدة تستهدف الشريحة الضيقة ذاتها, أي الطبقة المتوسطة. وهي لا تتوجه إلى الأثرياء أو إلى ذوي الدخل المحدود، وإنما إلى الطبقة المتوسطة. ونحن نرى النتائج, حيث إن بعض الشركات تأثرت بشدة, فهي لا تستطيع البيع لأن تلك المولات أُنشئت عشوائياً. ولذلك على المرء أن ينجز واجباته, سواء كان في القطاع الخاص، أو القطاع العام.
السيولة تملأ البلاد والأموال تسعى إلى هدف، والنتيجة ارتفاع أسعار العقارات بشدة، خاصة في جدة، وازدهار سوق الأسهم مع تحرك مبالغ كبيرة من الأموال نحو فرص محدودة. وذكر تقرير حديث أن أسهم شركة الاتصالات السعودية STC كانت عالية السعر، فهل هذا قابل للاستدامة؟
نعم, رأيت التقرير وهو جيد. والمشكلة هي أن هناك أموالاً وفيرة في النظام، ولكن الفرص نادرة، والناس يمتلكون أموالا في جيوبهم، فإما ينفقونها على العقارات، أو في سوق الأسهم، أو استثمارها في الخارج. ومعظم السكان لا يرغبون في ذلك، وإنما يفضلون بقاء أموالهم هنا لأنهم إما لا يعرفون الكثير عن العالم الخارجي، وإما بسبب خوفهم أو قلقهم حول التورط في استثمارات خارجية. لذا فهم يطاردون فرصاً قليلة جداً، وهذا هو سبب ارتفاع أسواق الأسهم. كما أن هنالك شركات معينة جنت فوائد عظيمة من العمل في سوق الأسهم، ليصل بعضها إلى 60 في المائة، وهذا يبرر بعض ارتفاعات أسعار الأسهم. غير أنّ شركات أخرى اكتفت بتوليد الأرباح كالسابق وهنالك فقاعة تتشكل، وهذا أمر مقلق. ونصيحتي للمستثمرين عدم النظر إلى السوق بشكل عام، ولكن إلى شركات معينة جيدة الأداء، متزايدة الأرباح، بحيث يتم تبرير الزيادة في سعر السهم.
أما فيما يتعلق بالعقارات في مدينة جدة، فإنها محصورة المساحة بالنسبة إلى النمو. فهي واقعة بين البحر والجبال. فالمنطقة الجنوبية غير مناسبة للتطوير على نقيض المنطقة الشمالية. والفرص محصورة في منطقة صغيرة جداً، وهنا تكمن المشكلة. وفي الرياض نجد أن الأوضاع مختلفة قليلا. فالنمو السكاني أكبر (8.4 في المائة مقارنة بـ 3.1 في المائة في جدة)، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف إلى جانب توجه الناس إلى بناء المنازل السكنية في ظل توافر الأموال. وقبل ثلاث سنوات، بلغ معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد في المملكة 7.500 دولار، أما الآن فيبلغ 13.500 دولار مما يعني أنّ السعوديين أكثر غنى مما يمكنهم من بناء المنازل. وأنها ليست فقاعة كما هي الحال في جدة، حيث إن معظم المشاريع ذات توجه أعمالي، على نقيض التوجه العمراني في الرياض لارتفاع عدد السكان. ومع ازدياد الأموال في جيوب الناس، ازدهرت تجارة العقارات.
ما رأيكم في الصناعة السياحية المحتملة في المملكة العربية السعودية؟ وهل لديكم خطط لإقامة فنادق كبرى جديدة؟
عند لقائي خلال الفترة الأخيرة الأمير سلطان بن سلمان أخبرته أنه سينجح إن ركزّ على السياحة المحلية. ويبلغ عدد السكان في المملكة 16 مليون نسمة؛ والملايين منهم يذهبون إلى سورية ولبنان والقاهرة وأوروبا. وإذا أقنعنا جزءاً منهم بقضاء إجازتهم هنا، فسيكون ذلك إنجازا رئيسيا. وهو هدفنا الآن. وهذه الصناعة تركز على المدى المتوسط على السياحة المحلية.
وفيما يتعلق بالفنادق هنا, فلدينا فندق الفورسيزون في الرياض، إلى جانب إدارة فندقي موفنبك في جدة، واثنين آخرين في المدينة المنورة، وواحد يجري العمل على بنائه في المنطقة الشرقية. أسعار فنادق الموفنبك مرنة، وهي تراوح بين ثلاث وخمس نجوم، بمعنى أنها تتلاءم والقدرات المالية لمعظم السكان. ووقعنا اتفاقية لإنشاء فندق آخر في حائل، ومن المقرر افتتاحه بعد نحو 18 شهرا.
هل عملية التخصيص تجري بسرعة كافية؟
لا، إنها تسير ببطء، وتتحرك بالطريقة السعودية، أي ببطء أيضاً. وهذا شيء لا بدّ من تقبله. وحقيقة أنها تتقدم شيئا فشيئا كاف لإسعادنا. ولو لم تكن كذلك، لما فرحنا أبداً بها. ولا بدّ لنا من قبول واقع التحرك البطيء للمملكة، وواجبنا تحفيز الأشياء بأسرع ما يمكن. وهذه هي مهمتي كوني فرداً من أفراد العائلة المالكة بأن أكون شخصاً نشيطاً واجتماعياً ومرتبطاً بالقطاع الخاص إلى جانب تسريع تقدم الأمور. ولكننا لا نستطيع القول إنها سريعة التقدم.
ماذا عن تخصيص الخطوط الجوية السعودية، وفتح الأجواء السعودية للمنافسة؟
يتحرك التخصيص في السعودية قدماً. ولكن كما أشرت سابقاً، لا بدّ من أدائك واجبك. فلا يمكنك أن تقول: اجعل الأشياء سعودية، أو خصخصها فوراً، حيث تم تعيين الشركة لتقييم الوضع السعودي، والقيمة، والتوقيت. ولكن طرح أسهم الخطوط السعودية قريب، ويمكنني أن أؤكد لك ذلك.
إنكم تقومون بشيء لم يقدم عليه سوى القليل من رجال الأعمال السعوديين، وهو تخويل الصلاحيات أو التفويض؟
هذه مشكلتهم وليست مشكلتي. فأنا أخول الصلاحيات للآخرين.
التقيت مصادفة أشخاصا يديرون عمليات واسعة النطاق ولكنهم لا يزالون يرغبون حتى في مقابلة الشخص الذي يشرف على موقف السيارات.
هذه نقطة جميلة. فأنا لا أخول وأفوض فقط، بل أمنح تفويضاً كاملاً. فإن جاءني أحدهم يسألني مجالسته سأقول له: إن لم تستطع احتمال حرارة المكان، فاخرج من المطبخ. وهم أحيانا يقترفون الأخطاء، ويدفعون ثمن ذلك، ويتعلمون. إنه تفويض كامل، وكل شركة لديها سلطتها الكاملة، وذلك لأن الشركات لن تعمل إن أدرتها أنا جميعاً. وعند شراء شركة ما، فإنني أشتري عقولها وإدارتها وفلسفتها واسمها التجاري، ولذا هنالك تفويض كامل لثقتنا وتثبتنا منها. نثق، فنذهب، ونفحص, ونذهب لنرى ما يحدث مع تلك الشركة في نهاية الربع، دون تركها وحدها تماماً.
نجاحك جعلك رمزا في العالم العربي؟
أنا إنسان واضح وشفاف, ويمكنك أخذ فكرة عن شركتي لأني لا أخفي شيئاً. كله هناك وكله معلن عنه: الأموال والاستثمارات والشركات التي أملكها، وتكلفة طائرتي، وسيارتي. لا شيء أخفيه. بدأت ? 30 ألف دولار ثمّ أفلست، فاقترضت مليون ريال سعودي، ثمّ أفلست أيضاً، فاقترضت مرة أخرى ثلاثة ملايين ريال وانطلقت. ليسّ عندي ما أخفيه.
لماذا لا يفعل الآخرون ذلك؟
اسألهم, أتريدني أن أجري معهم مقابلة صحافية! ولأكون عادلاً، فإن الآخرين جيدون في مجالات عملهم، ولكنهم ملتزمون بمجالات معينة، فأحدهم يتاجر في السيارات، والآخر يعمل في مشاريع صناعية فقط، وآخر يعمل في الصناعة البنكية فقط. وأنا لا أعمل بهذه الطريقة. فـ "المملكة" شركة قابضة، ووظيفتي لا تقتضي إدارة الشركات لأنها ليست كذلك. فإن طلبت مني الشركات أن آتي وأديرها سأقول: لا لن أدير أياً منها لأنها ليست وظيفتي، ولأنني سأنغمس فيها على حساب كوني إنساناً حالماً ومؤسساً لتلك المشاريع. ولا أستطيع الانغماس فيها، وذلك لأن كل شركة تعمل بصورة مستقلة، وكانت سنة 2005 أفضل سنة على الإطلاق.
كأنكم ترون وظيفتكم تقتضي تحفيز العاملين على أداء عملهم؟
تماماً. فإن أخطأوا وجهتهم، وأتحدث إليهم وأرشدهم بمساعدة الآخرين؛ فأدعو اللجان لعقد الاجتماعات، ولا أملي عليهم ما ينبغي أن يفعلوه. إنها ليست حالة الأمير قال كذا وكذا. وإنني أقوم بذلك من خلال المشاركة وتوسيع مجال القرارات. ولحظة اتخاذ القرار نطبقه.
كيف تجدون وقتاً لأنفسكم كونكم مركزاً لإمبراطورية مشاريع أعمالية؟
لدي الوقت الكافي لممارسة التمارين الرياضية، والقراءة، وقضاء وقت مع عائلتي لأنني أفوض الآخرين. ولا بدّ من وجود أناس جيدين يعملون. فهل سأذهب وأدير شركة نيوز كروب؟ هذه إمبراطورية إعلامية تبلغ حصتي فيها 6 في المائة. وما أفعله أنني أتواصل معهم عن طريق الهاتف.
خلال فترة انهيار نشاط أعمال "دوت كوم" قبل ثلاث سنوات، كنتم الأوائل في العودة وشراء شركة أمازون عندما كانت أسهمها في أدنى سعر في حين خاف الآخرون، وكانت مربحة. يبدو أنكم لديكم حاسة شم بوجود صفقة كبرى؟
أولاً، عند استثمارك في شركة ما لا بدّ أن تنظر إلى الاسم التجاري لتضمن أنها ذات أفضلية وفائدة إلى جانب امتلاكها قيماً ومواصفات لا تملكها الشركات الأخرى. بمعنى آخر، أن تكون فريدة من نوعها. ولا بدّ أن تكون مقتنعاً بإدارتها الجيدة. فقد تكون رئيسا للشركة، ولكن يديرها آخرون. وأنا أراهن على الشركات بهذه المعايير، حيث النظام يعمل ويعمل. وإن أريتك ورقة تبين المكاسب التي تحققها الشركات لدهشت. ولكنني لا أظهرها لأن الناس لن يصدقوا ذلك قائلين إنني لا أقول الحقيقة. ويقدر المجموع الكلي للعائد السنوي على أرباح شركتي محلياً ? 150 في المائة. فمثلا شركة سامبا، شركة عامة يمكن التحقق من أرقامها، حيث أخذت بنكاً مفلساً كالبنك السعودي الأمريكي، ودمجته مع بنك القاهرة السعودي، ثم دمجتهما معاً مع شركة سامبا مستثمراً نحو 50 مليون دولار أمريكي وصلت الآن إلى 1.8 مليار دولار أمريكي. وتبلغ عوائد رأس المال فيها 168 في المائة ويمكن التحقق من ذلك، إلى جانب أرباحي في "صافولا" 257 في المائة، وشركة الصناعات الوطنية 317 في المائة. وجميع الشركات السعودية ناجحة وعالمية ما عدا "يزني – باريس" فبطيئة النمو، ولكنها ليست مدمرة لأنها تمثل ما نسبته أقل من 1 في المائة من ثروتي، وإنني أضمن لك عودة ديزني الأوروبية. لذا ليسّ من العدل مقارنتي بغيري من المستثمرين في المملكة العربية السعودية لنجاحهم في مجالاتهم. فالتكتل المتنوع في المجالات هو عملنا.
قبل ثلاث سنوات من الغزو الأمريكي للعراق وإسقاط صدام حسين، سألتكم حول الفرص في العراق فأجبتم أنها مكان جيد للاستثمار، وقلتم إن العالم عامة والعالم العربي خاصة وبالتحديد منطقة الخليج العربي سيكونون بحال أفضل بغياب صدام حسين، ولكن هذا متروك للشعب العراقي. ما رأيكم بما يحصل في العراق؟ وهل استثمرتم هناك أو لديكم خطط لذلك؟
قبل ثلاث سنوات، قلت إنني سأستثمر عند توافر الفرص واستقرار وثبات البلاد. فأنت لا تذهب وتستثمر في ظل وجود صراع مدني، وفي بلد محطم، حيث الحرب والقتل والتفتت. وأنا لن أذهب وأستثمر في العراق لأنه بلد خطير لأي مستثمر، وكل مستثمر غامر هناك أصيب بالخسائر. فلن أذهب هناك فاستثمر وأنا أرى ما هو قائم في العراق وسأذهب إلى بلاد مستقرة ذات أنظمة مستقرة، حيث العوائد واضحة، وأنا لست على عجلة من أمري، حيث إن في العالم 205 بلاد.وسأنتظر إلى أن تستقر الأوضاع ويصبح بلداً متحداً. ومن الواضح أن هناك واجباً وطنياً، ولكن لا استقرار في العراق، ولذا فأنا متمسك بما قلته قبل ثلاث سنوات. كما أنني لم أستثمر أو أذهب إلى العراق. ودعيت ولم ألب الدعوة لاعتقادي بعدم وجود أي أساس ترتكز عليه البلاد. وربما ستسوء الأمور, لا سمح الله.
قبل ثلاث سنوات، قلتم إنكم تخططون لإنشاء جامعة, ماذا جرى؟
درسنا الموضوع، وتوصلنا إلى نتيجة أنها غير مربحة لطرح العديد من الاقتراحات لإنشاء الجامعات في المملكة، خاصة في الرياض. ولذا، سننتظر ونرى إن كان هنالك من فرصة. والفكرة لا تزال تدور في ذهننا، ولكن إنشاء جامعة على أساس معياري فردي ليس بمشروع مربح لوجود جامعات عديدة بعضها مجاني، لذا فأنت تنافس جامعات تقدم تعليماً مجانياً.
أترون أنفسكم كممكنين أم ميسرين؟
بالتأكيد، وسأخبرك سراً كبيراً: إنني لست برجل مدقق على الإطلاق، ولكن كل فرد يدرك قدرتي على ذلك. وأنا أثق، وأتحقق، وهم يدركون ذلك. ويحبون ما يقومون به، وهم غير مستعدين للتحفز للعمل لأغراض خاطئة. وهم متحفزون، حتى أنك تلاحظ هذا هنا في المملكة القابضة حيث إن 62 في المائة من العاملين سيدات. وإنهنّ أكثر فاعلية وتحفيزاً، وبالطبع لديهنّ وقت أكثر للعمل لعدم إمكانيتهن قيادة المركبات في المملكة العربية السعودية. وغير مسموح لهنّ القيام بالكثير، ولذا يركزن على العمل إلى أقصى درجة.