خطة تدريجية لرفع سن التقاعد في ألمانيا إلى 67 عاما
وضعت أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا الجديدة شؤون التقاعد على رأس الأولويات في أجندتها السياسية الاقتصادية، يساندها في ذلك نائبها وزير الشؤون الاجتماعية، فرانس مونتي فيرينج، في حين تراجع الاهتمام بقطاعات أخري مثل الصحة وإعادة هيكلة بعض القطاعات. والدليل على ذلك حرص الائتلاف الكبير الحاكم في ألمانيا الذي يضم الحزبين المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي، على ورود نصوص في خطاب التحالف بينهما تشير إلى التوقعات قصيرة ومتوسطة المدى فيما يتعلق بالأموال المخصصة لنفقات التقاعد .
ويقول الخطاب بوضوح : " سيتم توزيع هذه الأعباء على الجميع. وينبغي على المتقاعدين التخلي عن الطموح في رفع قيمة أموال تقاعدهم خلال مدة قصيرة، كما يجب على العمال وأصحاب العمل أن يجهزوا أنفسهم لدفع مساهمات تقاعدية أكبر. كما أن العاملين والمستخدمين الذين لا يقتربون في أعمارهم من سن قريبة إلى التقاعد، يجب عليهم قريباً العمل لفترة تمتد بعد سن الستين، ويمكن أن تتجاوز سن الخامسة و الستين " وفق ما ورد في الخطاب .
ويريد كل من اتحاد الحزب الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، أن يعملا بسياسة التقاعد في نهاية السنة المقبلة، وبعدها يكون القرار حول مسألة رفع نسبة مساهمة التقاعد في عام 2007، وبعدها فقط سيظهر أيضا ما إذا كان قد حصل تطوّر في إيرادات المساهمات للمؤمنين بالتقاعد، بحيث ترتفع المساهمة إلى نحو 20 في المائة من الدخل الإجمالي.
ومن الممكن أن تكون هذه القفزة في نسبة المساهمة واقعية، بحيث لا يمكن تجنبها عام 2006 لو أن الحكومة الاتحادية لم تجد مخرجاً بالتوافق والانسجام مع تحالف الحزب المسيحي الديمقراطي. ويجب على الشركات دفع مساهماتها مستقبلاً بشكل مبكر أكثر مما هو عليه الآن للمؤمن الاجتماعي. وبذلك تتوافر في صناديق التقاعد في السنة المقبلة مبالغ تتجاوز إيراد 13 شهراً بحالة استثنائية.
وعلى الرغم من التساؤلات حول إيرادات المساهمات في هذه السنة، فإن من المتوقع أن تظل نسبة مساهمات التقاعد مستقرة وثابتة لمدة سنة أخرى . لكن تأثيرها الخاص سيذهب أدراج الرياح مع حلول عام 2007. ومن الممكن إجراء لعبة حسابية في التكاليف الإضافية للأجور حيث من الممكن أن يتم تعويض تخفيف العبء المخطط له في نسبة المساهمة لتأمين البطالة عن العمل - على الأقل جزئيا - من خلال مساهمات تقاعدية عالية مرة أخرى.
لقد أثبت القائمون على الائتلاف بين الحزبين الكبيرين شجاعة كبيرة ولاسيما فيما يتعلق برفع سن التقاعد إلى 67 عاما وقيمة أقساط التقاعد المعوضة. وهنا فرض التحالف أجندة شائكة و مكروهة علي دفتر أعمال الدورة التشريعية للبرلمان الألماني ( بوندستاج). وعلى العمال والمتقاعدين طبقاً لذلك دفع مساهمة من أجل العمل على استقرار صناديق التقاعد.
ورغم ذلك فقد وردت في البرامج ثغرات أهمها الاستخفاف بمجلس خبراء التقاعد إضافة إلى توقع زيادة معدل العمر الذي يرفع بدوره بداية سن التقاعد في وقت تعاني فيه سوق العمل أصلا من وضع متأزم . وفي هذه الأثناء، فإنه من غير المعروف أسباب رغبة الحكومة الاتحادية في إرجاء قيام البرلمان بتحديد سن التقاعد . ومن المقرر أن يتم رفع سن التقاعد إلى 67 عاما ابتداءً من عام 2012 و بشكل تدريجي حتى عام 2035 إلى سن 67 عاماً.
وعلى أبعد تقدير، ولغاية هذا الوقت، فإن كلاً من اتحاد التحالف المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي يريدان أيضا تثبيت عنصر التعويض الاستردادي بشكل قانوني، كما ينبغي أن يتم سحب تلك الأقساط من تعديلات التقاعد للمتقاعدين في الظروف الاقتصادية الجيدة التي يتم إهمالها حالياً لأنها يمكن أن تؤدي بغير ذلك إلى تخفيضات.
ويشير تمديد التشريع بوضوح إلى أن الائتلاف الكبير يهيئ نفسه لحالة من الصدامات العنيفة مع قطاعات ومجموعات مصالح ابتداءً بالنقابات وحتى الجمعيات الاجتماعية. وسيتركز النزاع حول عنصر التعويض الذي يستفيد منه نحو 20 مليون متقاعد سوف تلحق بهم خسائر في قيمة المعاشات التي يتقاضونها قبل مرور سنتين من الآن .كما أن التقاعد المبكر جلب أيضاً متاعب معه. وبات النزاع حول أسس أو قواعد التقاعد المبكر بخلاف احتساب سنوات تربية الأطفال وسنوات العناية أمرا شبه معتاد .
ووعد كل من الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب التحالف المسيحي الديمقراطي، بالعمل على إجراء إصلاحات في مجال التقاعد وليس مجرد اتخاذ قرارات شكلية تجميلية. وإذا أوفي الائتلاف الكبير بوعوده فإن صناديق التقاعد تنتعش على المدى الطويل بعد تخفيف الأعباء المالية عنها، و هو أمر جيد ولكن الأهم هو أن يتم تطبّيق هذه الخطط بشكلها القانوني سريعاً.