تنامٍ نحو التخلي عن الملكية العامة في فرنسا

تنامٍ نحو التخلي عن الملكية العامة في فرنسا

من المتوقع أن يصبح قطاع الطاقة الكهربائية في فرنسا قريباً من أملاك الشعب بالمعنى الحقيقي للكلمة. فقد ظل قطاع التزويد بالطاقة ملكية عامة بعد أن تم تأميمه في عام 1946 تحت شعار "الكهرباء الفرنسية تخص الأمة". ولكن ذلك التأميم حوّل القطاع إلى ما يشبه ما كان سائدا في ألمانيا الشرقية سابقاً.أما الآن فيأتي الانفتاح الحقيقي حيث نشاهد ونتابع تواصل سير عمل البورصة، حيث يتم طرح 15 في المائة من رأس المال كبداية للجمهور لتبدأ مرحلة تاريخية جديدة تتيح للمواطن الفرنسي أن يقتني نصيبا من شركة التزويد بالطاقة.
وتعد شركة الكهرباء الفرنسية EDF رمزا لأكبر مقدم لعروض الطاقة النووية على مستوي العالم, وهي مؤسسة تحظى بفخر واعتزاز الفرنسيين لما تتمتع به من تقدم تكنولوجي واستقلالية .
ومن المقرر أن تبدأ خلال الشهر الحالي عملية طرح الأسهم, والتي تأتي في وقت تتمتع فيه السوق العالمية بأكبر زيادة في رأس المال منذ خمس سنوات. وستقوم شركة الكهرباء الفرنسية EDF برفع رأسمالها إلى نحو سبعة مليارات يورو فيما قررت الدولة أن تتخلى جزئيا عن حصصها في الشركة لصالح موظفيها وعمالها. كما لم تسمح الحكومة الفرنسية للشركة إلا بإصدار نصف الأسهم المسموح بها قانوناً وتربط بذلك شروطاً ينبغي أن تثبت لكل من المستهلكين والعاملين.
ويظهر هذا التحفظ مدى الصعوبة التي واجهت الحكومة الفرنسية في اتخاذ قرار الخصخصة وطرح أسهم شركة الكهرباء الفرنسية للتداول في السوق كما يثبت نجاح الحكومة الفرنسية في التصدي لخصومها بعد نظرها في اتخاذ هذا القرار. وبعد أن طرح رأس المال أمام الشركات الخاصة فإن هذا قد يؤدي إلى انخفاض نسب المبيعات بشكل طفيف بعد هدوء عاصفة الأمواج السياسية. وهو ما حصل لشركة الطيران الفرنسية، وشركة فرانس تليكوم.
وتدرك الحكومة الفرنسية أن شركة الطاقة الفرنسية EDF شركة ذات رأسمال محدود ولا يمكنها أن تقوم بدور ريادي في سوق التزويد بالطاقة . كما لا تتوافر وسائل مالية حكومية لتقوية رأس المال الذاتي، حيث يتوجب عليها أولا دعوة مانحي رأس المال للموافقة على خططها تلك.و بالنسبة للنقابات فإن الأمور تسير على هواها إذا ما طرحت الأسهم لا على شكل أسهم عامة فحسب بل علي شكل أسهم مشاركة للعاملين في الشركة .ومثالا على ذلك ما جرى في شركة الغاز الفرنسية حيث طرحت 70 في المائة من أسهم العاملين للبيع منذ بدء التداول في تموز (يوليو) الماضي مما حقق لهم أرباحا تجاوزت 20 في المائة.
وبالنسبة إلى الزبائن الفرنسيين، ستعمل التخصيص الجزئي بداية على القليل من التغير. وأوفت الحكومة بالوعد الذي قطعته الشركة بتجديد مواقع توليد القوى الكهربائية، وعدم رفع التعريفة فوق نسبة التضخم لمدة خمس سنوات، والاستمرار بتزويد المناطق البعيدة والنائية. ولا تتوقع غالبية الخبراء أية خسائر كبيرة في حصص السوق عندما يتم فتح سوق الكهرباء الفرنسية في أواسط عام 2007 للمنافسين. وعن كيفية تنظيم الحكومة للتعريفة، فإن ذلك هو مفتاح سؤال، حيث أظهرت شركة الغاز الفرنسية تجاوزات لسلطات التنظيم في اتخاذ قرارها لصالح الحاكم الممثل ضد المنافسين.
وبتجهيزها برأسمال جديد يمكن لشركة EDF الدخول بكل اطمئنان وارتياح في عهد جديد، حيث إن التزامات التقاعد المكلفة، كانت الشركة أوكلتها للدولة بعد دفعة تقدر بالمليارات لم يسبق لها مثيل. وإن محطات توليد الطاقة الذرية التي يبلغ عددها 58 محطة هي بمتوسط عمر يبلغ 19 عاماً، حيث ما زالت حديثة عندما يفكر المرء بأن الخبراء يحسبون في الوقت الحاضر فترة استعمال لأكثر من خمسين عاماً. وتتبّع فرنسا بتركيزها القوي على الطاقة الذرية استراتيجية غير اعتيادية حيث إن 87 في المائة من استهلاك الطاقة يُغطى من محطات الطاقة الذرية.

الأكثر قراءة