أبعاد أوروبية جديدة للحماية ضد الفصل التعسفي

أبعاد أوروبية جديدة للحماية ضد الفصل التعسفي

يبدو أن خبراء قانون العمل منقسمون إزاء التأثيرات التي قد يسببها تخفيف الحماية القانونية ضد الفصل التعسفي على أسواق العمل. وحل النقاش الدائر منذ فتر طويلة حول هذه القضية ضيفا على المؤتمر السنوي لقانون العمل لمعهد المحاماة الألماني في مدينة كولونيا .
وخلال المؤتمر أعلن دولاند فولف، رئيس قسم قانون العمل في الجمعية الاتحادية لرابطة أصحاب العمل الألمانية BDA، أن المبالغة في نصوص الحماية تمنع الشركات من توظيف عاملين جدد، لأن الشركات تخشى من الملاحقة القانونية في حالة تسريحهم من العمل . ورحب فولف بالخطط المقدمة من التحالف الجديد في ألمانيا بين الحزب المسيحي الديمقراطي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي والقاضية برفع تاريخ بدء الحماية ضد الإنذار التعسفي من ستة أشهر حالياً إلى سنتين اعتبارا من تاريخ مباشرة العمل كما طالب فولف باستثناء الشركات التي لا يزيد عدد العاملين فيها على عشرين شخصا من قانون الحماية الذي لا يسري حاليا إلا على الشركات التي يعمل فيها عشرة أشخاص فقط .
وفي المقابل قال أرمين هولند، أستاذ القانون في جامعة مارتن لوثر بمدينة هالي ?يتين بيرغ إن هناك مبالغة كبيرة في تقدير تأثير قانون الحماية ضد الفصل التعسفي على إعاقة حركة التشغيل . وأضاف هولند قائلا إن القانون يحتوي على هيكل ، و ليس على تأثيرات كمية قابلة للقياس عند التعيينات الجديدة. واستند هولند في ذلك إلى نتائج دراسة جديدة يعدها المعهد الذي يدرس فيه و سيتم الانتهاء منها مع نهاية السنة.
وأثبتت الدراسة أن المتقدمين بشكاوى و طعون يمثلون نسبة قليلة من إجمالي عدد الموظفين المفصولين ، فمن بين نحو مليوني حالة فصل قام بها أصحاب العمل في عام 2001، لم يعرض علي القضاء سوي نسبة لا تتجاوز 15 في المائة منها فقط من جميع العمال في جميع نشاطات القطاع الخاص بينما لم تقض المحاكم بصرف تعويضات إلا لنسبة لا تزيد على 8 في المائة فقط .
إلا أن فولف شكك في هذه التقديرات، داعيا المشرعين إلي تغيير الجو السائد حاليا والذي يشوبه الخوف من نصوص قانون الحماية ضد الفصل التعسفي . كما شكك فولف في الأرقام و المعلومات التي تلاها هولند مشيرا الى أنها اعتمدت على بيانات من نحو 26 في المائة فقط من إجمالي عدد محاكم العمل، و32 في المائة فقط من إجمالي محاكم الولايات. غير أن هولند دافع بدوره قائلا إن هذه النسبة كافية لإجراء الدراسة. وعاد فولف لانتقاداته مشيرا إلى أن الدراسة لم تحتو على قيمة ومقدار التعويضات التي دفعت للعمال المفصولين .
أما جريجور توسينج، أستاذ القانون في جامعة بون فقد اهتم بالقانون الجديد المرتقب ضد التمييز متوقعا أن يحدث هذا القانون تأثيرات كبيرة على عملية التوظيف في الشركات.
وشدد توسينج على ضرورة تفعيل بنود و نصوص القانون في أسرع وقت ممكن وذلك لأنه القانون يراعي العديد من الأطر القانونية الأوروبية وقال توسينج إنه ما زالت هناك حرية كبيرة و هامش واسع للمناورة لأصحاب الأعمال مما يوسع من دائرة التمييز بين الذكور و الإناث عند التعيينات . ووفق القانون الجديد – كما يقول توسينج – فإن أصحاب الأعمال عليهم أن يقدموا تبريرات و أسباب مقنعة لرفض تعيين المتقدمين لشغل الوظائف .
و لعل البادرة الأولى لتطبيق هذه البنود كان يتمثل في قرار محكمة العمل في برلين الصادر في تموز ( يوليو) الماضي، حيث أصدر القضاة قرارا يقضي بإمكانية لجوء أي مدعية أصيبت بإعاقة خلال فترة عملها بالاستناد مباشرة إلى الأطر القانونية الأوروبية في هذا المجال. وعند تقدير قيمة التعويض أكدت المحكمة في قرارها على وجوب مراعاة ما لحق بالمدعية من خسائر مادية بسبب عدم قدرتها علي العمل نتيجة الإعاقة ، إضافة إلى تقدير الخسائر المعنوية الناشئة عن الضرر الجسماني الواقع عليها .
وتوقع توسينج أن تتوسع دائرة قانون الحماية ضد التمييز بحيث تشمل الحماية ضد التمييز بسبب الجنس، أو الأصول العرقية أو الدين و العقيدة أو السن أو الإعاقة أو الرؤية السياسية مستشهدا بما حققته هولندا وفرنسا في هذا المجال حيث لا يسمح بموجب القوانين هناك بعدم المساواة بسبب المعتقد السياسي، أو بسبب المظهر.
وشدد توسينج على أن أهم التغييرات التي يمكن أن تحدث هي ما تتعلق بالتفرقة بين المتقدمين للوظائف بسبب أعمارهم . و يقول إن حالات تمييز ما زالت تحدث إلى الآن بسبب السن. حيث تحدث التفرقة بسبب السن في حالات الفصل و الإنذارات كما في حالات إبرام عقود العمل ذاتها . ووفقا للقيود الجديدة فإن هذا لن يستمر في المستقبل و إلا حصل أولئك على حقوقهم في العمل عن طريق القضاء.

الأكثر قراءة