الرسوم المستنسخة.. سطو فني أم توارد خواطر؟

الرسوم المستنسخة.. سطو فني أم توارد خواطر؟

للحقيقة والحقيقة فقط قررنا أن نفتح في هذا العدد الملف الشائك المتمثل بظاهرة السطو الفني في الكاريكاتير والذي يطيب للبعض تسميته توارد الخواطر أو التأثر بالحضارات الأخرى, وليست عنا ببعيد تلك الضجة التي أثارتها جملة "رواد الكاريكاتير لصوص ظرفاء" في كتاب "رسوم ممنوعة" لرسام الكاريكاتير المصري جورج بهجوري, الذي فتح على رأسه السيل العرم من الاتهامات فهو المتطاول والمقلل من شأن أحد رموز فن الكاريكاتير المصري صلاح جاهين, وعلى الرغم من أن تلك الاتهامات لم تستند إلى تحليل منطقي مدعما بالدليل حول ما طرحه البهجوري في كتابه - وإنما مجرد كتابات إنشائية تستنكر وتندد بحسه وضميره الوطني وحقوق الزمالة- إلا أنها آتت أكلها مما دفع الرسام ليسارع بصنع كاريكاتير مضاد له مع جاهين وهو يصعد السلم ويتوجه بتاج "ملك الكاريكاتير" كما قال أيضا (استخدامي للفظ "لص ظريف" هو من باب الدعابة فقط، ولم يخطر ببالي قط أن أتطاول على جاهين أو اشوه ذكراه، إطلاقا، وبالمناسبة أقول إننا كلنا "لصوص ظرفاء" في مرحلة البدايات على الأقل، وكذلك كل رواد فن الكاريكاتير) ولأننا نختلف مع البهجوري حول الجزئية الأخيرة من كلامه قررنا أن نقدم التوضيح التالي حول مسألة توارد الخواطر والمرحلة التي يمكن أن نسمي فيها ذلك سطوا فنيا, من المعلوم أن الفكرة في الكاريكاتير تعتمد في المقام الأول على المفارقة الكاريكاتيرية الساخرة وهي البذرة الأولى لولادة الكاريكاتير وهذه المفارقة قد تخطر لأكثر من رسام ويقوم بتطبيقها فنسمي ذلك توارد خواطر ومثالا على ذلك "السلحفاة" فمعروف عنها ثقلها وبطء حركتها والمفارقة الكاريكاتيرية هي تشبيهها بشيء معين لنرمز لثقله وبطء حركته فلو رسمها أحدهم على شكل سيارة إسعاف مثلا ورسمها الآخر على شكل سيارة إطفاء لا يمكننا أن نسمي ذلك سطوا فنيا وإنما هو توارد خواطر, وإن رسمها الاثنان كسيارة إسعاف يجب أن ننظر إلى نوعية الخطوط المستخدمة في التشريح فإن تشابهت كانت هناك سرقة فنية من أحدهم وإن اختلفت فتكون مجرد توارد خواطر ولكن الشبهة الفنية ما زالت قائمة ويحكمها عدد مرات التكرار كما أن المفارقة الكاريكاتيرية قد تكون أحيانا معقدة جدا بحيث يستحيل أن نسمي التشابه معها مجرد توارد خواطر, وإذا استخدم في رسمين متباعدين المفارقة الكاريكاتيرية نفسها وطريقة الإخراج أو الخطوط نفسها فنحن أمام سطو فني سافر يجب كشفه وعدم التغاضي عنه حتى لا نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم عندما أعلن موقع أمريكي عن مسابقة لجمع رسوم مسروقة من قبل فنانين عرب، أما ما يسمى بالتأثر بالحضارات الأخرى كما قال أحدهم فالمتلقي أذكى من أن ينطلي عليه مثل هذا التشبيه ولعل من أبسط حقوقه أن يحصل على مادة فنية إبداعية لائقة عند شرائه صحيفته اليومية التي هي أغلى من قيمة رغيف الخبز.
للاطلاع على المزيد حول موضوع السطو الفني في الكاريكاتير:

www.bader59.com/stolen_cartoon.htm
www.arabcartoon.net
www.syriacartoon.com/dialogue/2005/dialoge-bahjouri.html

الأكثر قراءة