الهواتف الجوالة تفشل شركات في تحقيق رغبات المستهلكين

الهواتف الجوالة تفشل شركات في تحقيق رغبات المستهلكين

خلال العقود الماضية، ازدهرت صناعة الهواتف الجوالة الأوروبية، بقوة كبرى يحفزها التقدم المفاجئ لوسائل الاتصال " في أي وقت، وفي أي مكان" وعززتها الأفكار الإبداعية غير المتوقعة للبطاقات المدفوعة مسبقا والرسائل القصيرة. ولكن النمو تباطأ، حيث يبحث المشغلون عن الضربة الكبيرة المقبلة.
ولسوء الحظ، لا يبحث معظمهم في المكان الصحيح. فما يفكر به المشغلون من ماهية المنافسة، وقيم المستهلكين غالبا لا يتناغمان على نقيض تناغم أسلوب المشغلين في مباشرة العمل في خططهم الاستراتيجية. وعادة ما ينظرون إليها كمعركة لزيادة الحصة التسويقية وذلك بالتفوق على الجميع ضمن شروط النشاط ذاتها. وهكذا، يعرف قادة السوق أنهم المساهمون الأوائل في إضافة تقنيات وإيجاد خدمات جديدة يقلّدها المساهمون الآخرون. ولكنّ هذا ما لا يريد المستهلكون أن يقوم به المشغلون.

ولكن، هل هنالك استثناءات؟ نعم، ونحن لا نعتقد أن من قبيل المصادفة كون المشغلين الذين تبنوا استراتيجية مختلفة يحققون أرباحاً أعلى من منافسيهم. وبدلا من مراقبة المنافسة ومضاعفة تحركاتها فإنهم يوجدون أو يطورون العناصر التي يرغب بها المستهلكون ويخفضون أو يقصون البقية. وبمعنى آخر، إنهم يتبعون منطق الابتكار القيمي الذي يواصل تقدمه عبر الصناعات. ونتيجة لتقديم قيم أكثر للمستهلكين، يبدو المساهمون الناجحون مدركين لأهمية الاهتمام بالتقييم من وجهة نظر المستهلك أولاً.
إخفاق غالبية الشركات في إدراك رغبة المستهلك
في القسم الأول من هذا المقال، سنأخذ بعين الاعتبار التاريخ القصير المدهش لقطاع الهواتف الجوالة. وفي القسم الثاني، سنشرح كيف أخفقت غالبية الشركات في فهم رغبة المستهلك. أما في القسم الثالث، فننظر في آلية خروج المشغلين من قيدهم الاستراتيجي.
تقدم ومفاجأت الهاتف الجوال
كان التقدم في قطاع الهواتف الجوالة ظاهرة استثنائية، حيث ارتفعت القيم المالية الظاهرة للعيان ما بين عامي 1993 و2003 لتوجد صناعة ا? 350 مليار يورو. وما أوجدها هو التقييم الفعلي للمستهلكين لمواصلة التقدم، وما حافظ عليها هوّ تحسن شبكة التغطية والأجهزة الجذابة والقدرة على استخدام الخدمات عبر مزودي الخدمة، أو حتى الدول. والآن يمكن الوصول إلى المستخدمين بغض النظر عن أماكن وجودهم وإجراء المكالمات الهاتفية أينما كانوا، ومتى أرادوا. وهكذا يوجّه الهاتف الجوال قيماً استهلاكية أكثر من البديل الثابت، رغم أنّ الهاتف الجوال عادة ما يقدم نوعية صوتية أقل، واعتمادية أدنى، وتكلفة أعلى.

وهنالك فكرتان إبداعيتان مهمتان في مجال الهواتف الجوالة حفزت هذا النمو في نهاية التسعينيات، وكلاهما غير متاح في الهاتف الثابت. فعلى صعيد الساحة التقنية، صممت خدمة الرسائل القصيرة SMS لصيانة الخدمات، ولكنها أوجدت فسحة تسويقية جديدة بتقديم خدمات بيانية لعالم الهواتف الجوالة. وتسارعت وتيرة النمو عندما بدأ مشغلو الهواتف الجوالة بخدمة الرسائل عبر الشبكة. ففي المملكة المتحدة، ارتفعت فجأة، وبسرعة نسبة استخدام الرسائل القصيرة من 50 مليون رسالة خلال شهر أيار (مايو) من عام 1999 إلى أكثر من 2.2 مليار رسالة في شهر أيار (مايو) من عام 2004. وأضافت خدمة الرسائل القصيرة SMS قيمة من خلال تمكين المستخدمين من التواصل مع بعضهم دون الحاجة إلى الاتصال لتتوسع كطريقة للاتصال والتفاعل مع الخدمات المبرمجة كالتصويت في البرامج المتلفزة، والتنبيهات والتحذيرات المعلوماتية.
كما أوجدت أيضاً الفكرة التجارية للخطوط المدفوعة مسبقاً قيمة تسويقية كبيرة، حيث طرحها المشغلون في الأسواق في أواسط التسعينيات للتقليل من الدين السيئ، ولكن بصورة غير متوقعة، فتحوا باباً تسويقياً جديداً لمستخدمي الهواتف الجوالة. وقبل ذلك، طالب المشغلون المستهلكين الجدد ببيان تاريخ تعاملهم الحسن متوقعين منهم دفع مستحقاتهم الشهرية التي استبعدت العديد من المستهلكين. وأكثر من ذلك، فإن فواتير الزبائن تقدم فقط في نهاية الشهر لتحد من قدرتهم على التحكم بالمصاريف الخاصة بالخدمة الجوالة. وأزالت خدمة الدفع المسبق هذه الحواجز مخفضة من التكاليف الكلية، ورافعة من حس المستهلك بسيطرته النهائية. ونتيجة لذلك، فتحت السوق لغير المستخدمين السابقين.

ولم تكن أي من هذه الأفكار الإبداعية نتيجة لعمليات المشغلين والمستهلكين، وبينت أنّ الإبداع لا يتعلق بالضرورة بالتقنيات الجديدة، بل إنّ نمو السوق الناجم عن خدمتي الرسائل القصيرة والدفع المسبق نشأ من خلال استغلال القدرات الموجودة.
وخلال الفترة الأخيرة تباطأ نمو السوق الأوروبية، وزادت المنافسة. وتظهر تقديرات حديثة أنّ الدول المتقدمة تسهم ? 20 في المائة من النمو العالمي من المستخدمين مع تركز معظمه في الولايات المتحدة. وتمتلك غالبية الدول الأوروبية الغربية معدلات اختراق فوق 80 في المائة، بوجود 95 في المائة في كل من إيطاليا والسويد. وفشلت الابتكارات التقنية الحديثة مثل بروتوكول التطبيقات اللاسلكية WAP، والرسائل متعددة الوسائط MMS، في إحداث النمو المطلوب في أوروبا. وقدرت التنبؤات نمواً بمعدل 5.2 في المائة فقط بين عامي 2004 و2005، هابطاً من 14.2 في المائة ما بين عامي 2000 و2001 إلى جانب دخول مشغلين جدد في السوق: فيوجد حالياً في المملكة المتحدة خمس شركات تشغيل و59 مزوداً بخدمة الهواتف الجوالة.

الشكل (1)

ولمعرفة آلية مواجهة الصناعة لتلك التحديات، أجرينا بحثاً على 27 شركة تشغيل في القارة الأوروبية (الشكل 1)، وسألناها عن تحديد عوامل تنافسها. ووجدنا أن هنالك مجموعة من العوامل التي تتنافس عليها الغالبية (الشكل 2). ثمّ توجهنا إلى أكثر من 1200 مستهلك في دول مختلفة نسألهم عن مدى أهمية هذه العوامل بالنسبة إليهم. ويظهر الشكل الثالث أنّ ما تركز عليه شركات التشغيل، لا يهم المستهلك دائما.

التغطية تغطية جغرافية وتغطية داخلية واتفاقيات التجوال
السعر التكاليف التي على المستهلك أن يدفعها لاستخدام الخدمات مثل تعرفة الرسائل القصيرة والبيانات وتكلفة الجهاز
بساطة العرض وضوح العرض وشفافية السعر
سهولة الدفع تعدد خيارات الدفع ودقة الفواتير وبساطتها وشمولية الحساب المدفوع مسبقا
عروض الهاتف الجوال نوعية الجهاز والتنوع في التصميم والخصائص.
برامج إخلاص الزبائن تقديم المكافآت مثل اتفاقيات إعادة تجديد الهاتف
مرونة العرض القدرة على دمج أو تسيير أو تغيير الخدمات
علامة المشغل قوة أو درجة تمركز العلامة التجارية للمشغل
القنوات وجود شركاء بيع بالقطعة أو محلات للمشغلين، أو شبكة إنترنت فقط
خدمات متطورة التوافر والتنوع والانفراد في خدمات البيانات والمداخل الاحتوائية للهاتف كخدمات الرسائل متعددة الوسائط وبرامج التطبيقات الللاسلكية وغيرها.

الشكل 2
سبب عدم التواصل بين مشغلي الهواتف الجوالة والمستهلكين.

إنّ سوء التناغم بين توقعات المشغلين والمستهلكين يظهر بقوة في بياناتنا المتوافرة. فالمستهلكون يركزون أكثر على البساطة وسهولة الدفع، بينما يركز المشغلون أكثر على الخدمات المتطورة. ونظراً لاهتمامهما بالسعر والتقنية معاً فإنّ هذه العوامل تأتي من ضمن أوائل الخيبات الثلاثة, ربما لإدراكهم لها بطرق مختلفة. ومن ضمن بعض القضايا الأكثر دقة، وجدنا ستة عوامل عدم تواصل رئيسية.
الفاصل الأول: التسعير
أشار المستهلكون إلى أنّ السعر من أهم العوامل التي على أساسها يبنون قراراتهم الشرائية. وبالمثل، فإنّ 85 في المائة من شركات التشغيل حددت السعر كعامل رئيسي للتنافس. ويبقى السعر من أكثر خيبات الأمل للمشترين.
فماذا يجري؟ من الواضح أن المشترين يرغبون في أقل الأسعار بينما يرغب المشغلون في تجنب تخفيض أرباحهم. وعلاوة على ذلك، فإنّ تخفيض أسعار محدد يمكن أن يحث السوق على النمو عن طريق إيجاد بدائل خدماتية قابلة للتطبيق في الأسواق المجاورة. ولا يزال المستهلكون يستخدمون خطوطهم الثابتة مرتين أكثر من استخدام الهواتف الجوالة بسبب التكاليف القليلة للخطوط الثابتة. والواقع أننا وجدنا أن تخفيض تكاليف المكالمات الصادرة من الهاتف الجوال إلى سعر المكالمات الصادرة من الخطوط الثابتة يمكن أن يجعل 43 في المائة من المستهلكين يوقفون خطوطهم الثابتة تماماً.
واستفادت شركة O2 الألمانية، أصغر مشغل حالي في سوق الهواتف الجوالة الألمانية مع حصة تبلغ أقل من 10في المائة من هذه الفرصة. فبمبلغ 9.95 يورو شهريا سيتمكن زبائنها من إجراء مكالمات معادلة لتلك المكالمات الصادرة من الخطوط الثابتة، وذلك عند وجودهم في "منطقتهم المحلية"، وهي نصف قطر أي نحو خمسة آلاف متر حول المكان المعين من قبل المستهلك. ويعين المشتركون خط رقم ثابت لتحويل المكالمات إلى الجوال مجاناً، حيث منطقة سكنهم. وعند وجودهم خارج المنطقة، يختار المشتركون تحويل مكالماتهم إلى هواتفهم الجوالة ضمن معدل محدد أو تحويلها إلى بريدهم الإلكتروني. وبالتالي لا يدفع المتصلون قيمة عالية لاتصالهم. وسجل 3 من أصل 4 مشتركين في الخطوط غير المدفوعة مسبقاً في هذه الخدمة. وتقول الشركة إن هذه الخدمة ساعدتها سنة مقدماً على بلوغ أرباح إيجابية قبل الفائدة، والضرائب والتخفيضات والاستهلاكات EBITDA.
فكيف يمكن للمشغلين دون ذلك جعل الأسعار قريبة من رغبة المستهلك؟ وسيتمكن العديد منهم من إدارة فواتيرهم مباشرة موفرين تكاليف البريد، وعمليات التشغيل، وسيتوقف 44 في المائة عن استخدام خدمات متطورة يراها المشغلون مهمة مقابل خصومات على خدماتهم الأساسية.
الفاصل الثاني: التغطية
هنالك عاملان اثنان جوهريان لا يساوم عليهما المستهلكون: التغطية الشاملة، وخدمات الزبائن. وتقدم الهواتف الجوالة للزبائن قيمة أساسية هي القدرة على إجراء المكالمات أينما وجدوا، ومتى أرادوا. علاوة على ذلك، فإنّ أكثر من 67 في المائة من المشاركين السويديين مقابل 44 في المائة منهم في فرنسا وإيطاليا وبريطانيا عبروا عن خيبتهم من التغطية المقدمة لهم عن طريق شركات التشغيل التي تشير بفخر إلى تغطيتها المحلية والدولية. فما الفائدة؟ إنهم لا ينظرون إلى التغطية بالطريقة ذاتها، فهم يعرفونها على أنها البلوغ الجغرافي، على حين يعرفها المستخدمون على أنها نوعية الاستقبال في الداخل. ويمكن أن يستخدم 3 من أصل 4 مشتركين الهاتف الجوال بصورة متزايدة إذا حصلوا على تغطية أفضل في المباني والأنفاق والقطارات.

فقط ربع شركات التشغيل حددت البساطة على أنها عامل رئيسي

الفاصل الثالث: الملاءمة
التغطية هي من واحد من أوجه القيمة الواسعة للملاءمة والراحة. ففي بعض المواقف، يتلقى المشترك إرسالاً كافياً، ولكنّ المكالمة غير ملائمة بسبب انشغال المتحدث بقيادة سيارته أو حمل حقائبه. ويمكن أن يزيد عدد مستخدمي الهواتف الجوالة إذا حلت شركات التشغيل هذه المشكلة. كيف؟ بجعل امتلاك سماعة أو جهاز هاتف للسيارة أمرا إلزامياً، لا بقرار شخصي, فيقدم المشغلون معدات منخفضة الثمن لجعل مصنعي السيارات يعرضونها في سياراتهم كإضافة إكسسوار ثابتة. ومن الفرص الأخرى الموجودة لتطبيقات الهواتف الجوالة تلك التي تتجاوب مع الأوامر الصوتية مثلا، وهي خدمة إيجاد الرقم والاتصال به صوتياً، أو تلك التي تقدم توجيهات أو أوامر متعلقة بمعلومات عن حركة السير (المرور). ولمثل هذه التطبيقات أثر على استخدام تلك الخدمات.
الفاصل الرابع: البساطة وسهولة الدفع:
يجد غالبية مشتركي البطاقات المدفوعة وغير المدفوعة مسبقا أهمية في سهولة الدفع. وعلى النقيض من ذلك، ترى 12في المائة فقط من شركات التشغيل أنه أساسي للتنافس. فهل من المصادفة أن يجد 29 في المائة من مستخدمي البطاقات المدفوعة مسبقا صعوبة أكثر في دفع التكاليف أكثر من المفروض. قال أحدهم :
" سيكون من الأبسط لو تمكن المستهلكون من استخدام بطاقاتهم الاعتمادية بدلا من بطاقات مشغليهم التي يصعب إيجادها وشراؤها سريعا. وبالمثل، مع ازدياد أعداد العائلات التي فيها مشتركون متعددون أو بطاقات غير مدفوعة مسبقاً، سيكون الدفع بصورة منفصلة غير ملائم جدا. ويريد المستهلكون الحصول على خصومات عائلية، أو خطوط مدفوعة سلفاً للأطفال ضمن فاتورة الوالدين ليساعد ذلك المشغلين على التعاقد مع العائلة، بدلا من فرد أو فردين منها.

وهنالك المزيد, فغالبا ما تبدو قواعد التعرفة والاشتراكات معقدة للمستخدمين، وهي مهمة لاتخاذ القرارات الشرائية فمنحها المستهلكون 4.3 نقطة من أصل 5 من حيث الأهمية مع ضيق المستخدمين الأكبر سناً من هذا التعقيد (انظر الشكل 4). ولذا، حددت ربع شركات التشغيل المستجوبة أن مفتاح التنافس هو العرض البسيط.

الشكل (4)

ونجح القليل من شركات التشغيل في تقديم عروض سهلة وبسيطة باستثناء شركة Comviq/ Tele2 في السويد التي تحاسب على السعر نفسه للمكالمات بغض النظر عن شبكة المستقبل أو التوقيت. ورغم تقديم Comviq/ Tele2 نحو نصف الخدمات المتطورة التي تقدمها Telia الرائدة وتقديم تغطية محدودة لخدمة البيانات مقارنة مع منافسيها، إلا أنها تملك حصة تسويقية تبلغ 39 في المائة، وتحتل المرتبة الثانية في السويد.

الفاصل الخامس: الأجهزة البسيطة

تقدم الهواتف الجوالة الآن خدمات منها البريد الإلكتروني والرسائل والولوج إلى شبكة الإنترنت، والوظائف الترفيهية. وعلى حين أنها تقدم فرصاً للمشغلين، إلا أن المستخدمين منزعجون من هذه الأجهزة عالية التعقيد. ومن جديد، يشكل العمر عاملاً مهماً, فالأصغر سناً يفضلون الهواتف المتطورة على نقيض الأكبر سناً الذين أعمارهم 35 سنة فأكثر. ولذا، تخاطر شركات التشغيل بفقدان زبائنها الأكبر سناً عند طرحها أجهزة ذات مواصفات جديدة لخلق خدمات جديدة.

الفاصل السادس: الخدمات المتطورة

أخبرنا 77 في المائة على الأقل من المشغلين أن الخدمات المتطورة عامل تفضيلي وتنافسي مهم، بينما اعتبر 73 في المائة من المستهلكين أنها غير مهمة، وإنما هي أسوأ عامل تنافسي، إلى جانب أنّ ثلثي المشاركين في الاستفتاء لم يرسلوا أو يستلموا رسائل متعددة الوسائط. وكما قال أحدهم : " تقدم العديد من الخدمات الآن, قلتها ستكون أفضل".
ولا يعني ذلك عدم وجود مستقبل للخدمات المتطورة: فهنالك 28 في المائة من المستخدمين يستخدمون هواتفهم لالتقاط الصور، و18 في المائة أحياناً يستخدمون الرسائل متعددة الوسائط MMS. ويجد أولئك الذين يستخدمون الخدمات المتطورة باستمرار أنها معيار شرائي مهم. ولكن لا يزال المشغلون غافلين عن بعض التوقعات الاستهلاكية المهمة.

زيادة تعقيد الهواتف الجوالة تزعج الكثير من المستخدمين,

العمر مهم هنا، ولكن بطريقة مختلفة.
إن خمسي من تراوحت أعمارهم فوق 55 سنة منحوا درجة عالية لخدمات المراقبة الصحية، وثلثي من تراوحت أعمارهم بين 25 إلى 44 سنة اهتموا بالقدرة على اقتفاء أثر أطفالهم، بينما منح من تراوحت أعمارهم بين 15 إلى 24 سنة أعلى درجة للموسيقا. ويركز المشغلون حالياً على الجمع بين خدمات الجوال والعناصر ذات التوجه الترفيهي والمسلي مثل الموسيقى، والفيديو والصور، مع اهتمام أقل بالمجموعتين الأولى والثانية. ولكن بعض الخدمات المؤدية إلى اهتمام استهلاكي عال لديها الكثير لتفعله لتوسيع الإنتاجية الشخصية أو تقليل المخاطر (اهتمامات الراشدين) أكثر من حصولهم على المتعة.
إهمال مستخدمي البطاقات المدفوعة مسبقا
عادة ما تقدم شركات التشغيل إلى مستخدمي البطاقات المدفوعة مسبقا أجهزة منخفضة التطور، على نقيض ما يقدمونه لأصحاب الخطوط غير المدفوعة مسبقاً. ورغم ذلك، لا يختلف اهتمام أي منهما بالخدمات المقدمة، ولكنها محصورة بأجهزتهم. وبين أصحاب الخطوط غير المدفوعة مسبقا وجدنا أنّ 37 في المائة منهم لديه كاميرا في جهازه مقارنة مع 17 في المائة فقط من أصحاب البطاقات المدفوعة مسبقاً، وهم يستخدمون الرسائل متعددة الوسائط بصورة اعتيادية لإرسال الصور أكثر من المشتركين في الخطوط غير المدفوعة مسبقاً. أما ما تعلق بإنزال الصور الجرافيكية والبحث في صفحات الإنترنت، فكلاهما متساويان من حيث الاهتمام ما دامت تتوافر الإمكانات الضرورية في أجهزتهم.
كيف تؤثر الخطة الاستراتيجية على التباعد؟
عادة ما نسأل ما إن كانت الخطة الاستراتيجية مهمة موضحين سابقاً أنّ هذه حالة خاصة بذاتها، فإن بحثنا المجرى على 27 شركة تشغيل يشير إلى أنهم يتبعون أسلوبا مشابهاً للخطة الاستراتيجية، وهي عملية يتخذ فيها المديرون العامون قرارات خلال اجتماعات المراجعة الاستراتيجية نصف السنوية، ومن ثمّ يعدلونها على مستوى السوق الإقليمية أو المحلية.
و يظهر المشغلون أيضاً تحيزاً تقنياً قوياً في أسلوبهم الابتكاري. فغالبا ما تركز دراساتهم التسويقية على طريقة حفظ المستهلك لمنتجاته الحالية أو على اهتمامهم بتطورات التقنية الحديثة كمنتجات الجيل الثالث 3G، دون السعي الدائم لفهم رغبات المشترين وغير المشترين حول ما قدم لهم. والنتيجة هي استراتيجية تحفزها التقنيات المتاحة أكثر من احتياجات المستهلك. ويقوي هذه النزعة العمل مع المنافسين المباشرين، مما يحفز التقليد التنافسي.
وبينما يحدث ذلك، تستخدم غالبية المشغلين الأدوات ذاتها لتطوير استراتيجياتهم وحقائب خدماتهم، ومنها أسلوب " نقاط القوة ونقاط الضعف والفرص والتهديدات" الذي تؤيده مجموعة بوسطن العامة للاستشارات، وشركة جنرال إلكتريك، ونموذج " القوى الخمسة " المنسوب إلى مايكل بورتر Michael Porter. وهما يستخدمان تلك الأدوات في دائرة مغلقة معتبرين شركات التشغيل الأخرى شركات منافسة، على حين أن القليل يراقب المنافسين المحتملين من الأسواق المجاورة كمشاركين ثابتين. ويشترك المشغلون في إدراك أنّ الخطة الاستراتيجية معركة " لسرقة الزبائن من منافسيهم الرئيسيين" كما صاغها أحدهم. وبما أنها تعرف بمعركة الحصة التسويقية فإنّ الهدف الرئيسي هو صون الحصة التسويقية بعمل ما يقوم به الآخرون، وربما أفضل. وكما قال أحد المشغلين: " إننا نرغب بالتحسن التدريجي في جميع المجالات للحفاظ على موقع مهم".
إنه لهدف وجيه، ولكنه يمكن أن يؤدي إلى آراء مشوهة للواقع. وسألنا أربع شركات تشغيل في السوق ذاتها لتصنيف عروضها الخاصة وعروض منافسيها المتعلقة بالخدمات الإعلامية المتعددة المتطورة. وكانت النتيجة فجوة كبيرة بين رؤيتها لأدائها ورؤية المنافسين لها فكلاهما بالغ في تقييم أدائه أو بخس قيمة المنافسين.

والبعض القليل منهم انحرف عن المعيار التسويقي. حيث ذكرنا شركة Comviq التي احتلت المركز الثاني في السويد، والرائدة في مجال الأسعار طارحة أسعارا منخفضة بسبب اتخاذها خيارات أدت إلى بنية تكاليف منخفضة. فعلى سبيل المثال، ليست لديها مواقع بيع خاصة، ولكنها تستخدم باعة الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية بالتجزئة محافظة على قناة معلوماتية (شبكة الإنترنت) قوية مجتذبة للمستخدمين الذين يعرّفهم المنافسون بالمستخدم النهائي متحدية المعرفة التقليدية. وتقدر الإيرادات المتوسطة للمستخدم الواحد ARPU في سنة 2003 ? 19 يورو شهرياً أي أقل بكثير من منافستها كشركة Vodafone 43 يورو، وشركة TeliaSonera 31 يورو. ورغم ذلك، وصلت شركة Comviq إلى حد ا? EBITDA بمعدل 50 في المائة، حيث إنها واحدة من الأعلى في القارة الأوروبية، وأعلى من شركتي Vodafone وTeliSonera.

المستهلكون يريدون خدمات متاحة الشراء

الخلاصة

من الواضح أن المناهج الاستراتيجية لشركات التشغيل لا تقدم الأجوبة المطلوبة لاستمرار النمو والتقدم. فهي تركز أكثر على تحركات ومنتجات وخدمات الآخرين أكثر من اعتمادها على ما يقدره المستهلكون حقاً.
و اقتراحنا هو تقديم المشغلين للمستهلكين أشياء أبسط وبطرق مختلفة كجعل استخدام الهاتف الجوال أكثر ملاءمة من خلال التغطية الخارجية الأفضل والإكسسوارات. وفوق هذا كله، يرغب المستهلكون بخدمات أساسية قادرين على تحمل نفقاتها. ويشكل نجاح المشغلين الذين وفروا مثل هذه الاحتياجات كشركتي Comviq وTelmore توجهاً صناعياً. ونعتقد أنّ النماذج المشابهة يمكن تكرارها عبر القارة الأوروبية.
و لكن يمكن أن يقاوم أصحاب المراتب العليا سلوك هذا النهج خائفين من زعزعة صورتهم التجارية الاستثنائية، أو تآكل الأرباح. وإننا نرى عدم قدرتهم على تجاهل رغبات المستهلك الكلية للعروض البسيطة والملائمة ضمن أسعار منخفضة. وسيكون من الخطأ الموازنة بين هذه السوق والمستهلك الراغب بالقيمة الأقل.
وبالمثل، ينبغي على المشغلين الاستمرار في اكتشاف الفرص لإيجاد مجالات تسويقية جديدة. وربما تكمن الفرصة الإبداعية المفاجئة للمشغلين في تحديد وتوضيح المتطلبات التي لم يتعرف عليها بعد المستهلكون، وذلك وراء الحدود الحالية في هذه الصناعة. ومن الواضح أن القتال ضمن الحدود الحالية ليس هو الحل.

الأكثر قراءة