فرص اقتراض المشاريع الخليجية من الخارج باتت محدودة بسبب الأزمة

فرص اقتراض المشاريع الخليجية من الخارج باتت محدودة بسبب الأزمة

توقع تقرير مصرفي حديث أن ينمو الناتج المحلي الاسمي لدول مجلس التعاون الخليجي الست بمعدل 14 في المائة هذا العام إلى 1.151 تريليون دولار مقارنة بمبلغ 815 مليار دولار عام 2007. وبذلك يكون الناتج الاسمي قد تضاعف بأكثر من ثلاث مرات منذ عام 2002 في أكبر منطقة منتجة للنفط في العالم. وقال التقرير الذي صدر عن مصرف الراجحي إن إجمالي المتوسط السنوي لدخل الفرد في دول المجلس ارتفع إلى أكثر من 20 ألف دولار خلال عام 2007. وفي قطر قفز متوسط دخل الفرد إلى أكثر من 70 ألفاً كما بلغ 40 ألفاً في الإمارات.
وارتفع فائض الحساب الجاري في دول المجلس إلى أكثر من 227 مليار دولار خلال عام 2007 بالمقارنة بـ 205 مليارات دولار في 2006. وللعام الثالث على التوالي يتجاوز الفائض 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس، وبذلك يصل إجمالي الفائض خلال السنوات الخمس الماضية إلى 740 مليار دولار. ومن الأرجح أن تبقى الآثار في دول المجلس محدودة نسبياً من الأزمة المالية العالمية الراهنة؛ حيث إن المصارف الخليجية لم تتعرض لمخاطر تذكر من جراء أزمة الرهن العقاري الأمريكي وانهيار مصرف ليمان براذرز لمحدودية تعاملاتها في ذلك الإطار، إلا أن فرص الاقتراض الخارجي للمشاريع العملاقة في المنطقة تظل محدودة أو شبه معدومة في الوقت الحاضر، مما سيكون له أثر سلبي في تسارع وتيرة النمو الاقتصادي في المنطقة، كما أن انخفاض أسعار النفط الذي ارتبط بتداعيات الأزمة أخيرا له آثاره السلبية في قدرة حكومات دول المجلس على الإنفاق مستقبلاً ومن ثم في معدلات النمو الاقتصادية.
وبلغ متوسط النمو الحقيقي في المنطقة 6.1 في المائة و5.7 في المائة خلال عامي 2006 و2007 على التوالي؛ ويتوقع أن يبلغ 7.1 في المائة خلال عام 2008. ويتوقع أن تواصل قطر تسجيل أعلى معدل نمو في الناتج المحلي الحقيقي لعام 2007 بالغاً 15.9 في المائة، تليها الإمارات 7.4 في المائة، ثم عمان 6.4 في المائة، البحرين 6.0 في المائة، الكويت 4.6 في المائة، فالسعودية 3.4 في المائة.
تراجع أداء أسواق الأسهم الخليجية كافة خلال فترة الشهر الممتد من 15 أيلول (سبتمبر) وحتى 15 تشرين الأول (أكتوبر) وسجلت سوق دبي أعلى الخسائر بمعدل -15.24 في المائة يليها البحرين -6.13 في المائة ثم عمان -6.01 في المائة والسعودية -5.41 في المائة والكويت -5.18 في المائة فقطر -1.43 في المائة. وخـلال الفتـرة مـن بداية العام وحتى 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2008 سجلت الأسواق كافة تراجعاتٍ حادة, ولا سيما سوقي دبي والسعودية اللتين تراجعتا بمعدلي -42.21 في المائة و-37.83 في المائة على التوالي. وخلال الاثني عشر شهراً المنتهية في 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2008 تراجعت الأسواق كافة عدا سوق عمان التي ارتفعت بمعدل 2.86 في المائة، وسجلت الإمارات أعلى الخسائر بمعدل -26.18 في المائة تليها السعودية -13.26 في المائة ثم الكويت -10.39 في المائة والبحرين -8.86 في المائة فقطر -4.70 في المائة.
ويُظهر تحليل العائدات الشهرية التي حققتها كل من الأسواق السبع منذ بداية عام 2008 وحتى أيار (مايو) منه أن الأداء ظل متفاوتاً خلال كانون الثاني (يناير) وأيار (مايو) مع ميلٍ نحو الارتفاع، في حين ارتفع أداء الأسواق كافة خلال شباط (فبراير) ونيسان (أبريل) 2008. وتراجع الأداء في آذار (مارس) 2008 إلا أنه ارتد مرتفعاً بقوة في نيسان (أبريل)، حيث تصدرت قطر الأداء بمعدل 18.2 في المائة تليها السعودية 11.9 في المائة ثم عمان 11.0 في المائة وأبو ظبي 9.5 في المائة ودبي 7.2 في المائة والكويت 2.8 في المائة فالبحرين 1.9 في المائة. وسجلت معظم الأسواق ارتفاعاً محدوداً في أيار (مايو) على رأسها قطر بمعدل 5.3 في المائة ثم عمان 3.1 في المائة والكويت 2.2 في المائة والبحرين 1.1 في المائة, وأبو ظبي 1 في المائة فيما تراجعت سوقا السعودية ودبي بمعدلي -5.3 في المائة و-1 في المائة على الترتيب. وشهدت البورصات الخليجية تراجعاتٍ حادة في أيلول (سبتمبر) 2008، حيث تكبدت السوق السعودية أكبر الخسائر بمعدل -14.8 في المائة تليها دبي -13.3 في المائة ثم الكويت -11.1 في المائة وقطر -10.8 في المائة وعمان -10.5 في المائة وأبوظبي -10.4 في المائة فالبحرين -8.5 في المائة. وكان تشرين الأول (أكتوبر) هو الأسوأ للأسواق الخليجية منذ بداية عام 2008، حيث تراجعت سوق دبي بمعدل -28.7 في المائة تليها عمان -26.9 في المائة ثم السعودية -25.8 في المائة وقطر -25.6 في المائة والكويت -23.8 في المائة وأبوظبي -15.9 في المائة فالبحرين -9.9 في المائة.
ومنذ بداية أيلول (سبتمبر) 2008 شهدت الأسواق الخليجية تقلباتٍ غير مسبوقة متأثرةً بتراجع الأسواق العالمية؛ ففي 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2008 أغلقت السوق الكويتية عند 9433.5 وهو أدنى مستوىً لها في 52 شهراً في حين أغلقت أسواق عمان وقطر والبحرين في 28 تشرين الأول (أكتوبر) 2008م عند 2869.76 و5977.12 و6435.55 و2119.05 نقطة على الترتيب وهي أدنى مستوياتها في 52 شهراً، أما السوق السعودية فقد أغلقت في 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2008 عند 5218.13 نقطة وهو أدنى مستوىً لها في 52 شهراً، وفي 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2008 هبطت سوق أبوظبي إلى 3062.66 نقطة وهو أدنى مستوىً لها في 52 أسبوعا أيضاً.
ولا يزال الهبوط الكبير الذي شهدته البورصات الخليجية في 2006 ماثلاً في ذاكرة المستثمرين، حيث خسرت الأسهم السعودية حينها -65 في المائة من قيمتها في حين تراجعت بقية الأسواق بمعدلاتٍ راوحت بين -30 في المائة و-70 في المائة. ومن الواضح أن المخاوف من هبوطٍ مماثل سوف تقود إلى مزيد من التقلبات في أداء الأسواق.

الاقتصاد السعودي
استمر الاقتصاد السعودي في أدائه القوي خلال عام 2007، حيث يقدر أن يصل الناتج المحلي الاسمي إلى 1430.5 مليار ريـال (381.5 مليار دولار) محققاً بذلك معدل نمو سنوي يبلغ 7.11 في المائة. وبلغ فائضا الميزانية وميزان المدفوعات إلى الناتج المحلي الإجمالي 12.3 في المائة و24.9 في المائة على التوالي خلال عام 2007. ونما الناتج المحلي الاسـمي للقطاع النفطي والقطاع الخاص غير النفطي والقطاع الحكومي بمعدلات بلغت 8.00 في المائة و7.96 في المائة و2.93 في المائة على التوالي خلال العام نفسه.
ومن المقدر أن يكون الناتج المحلي الحقيقي قد نما بمعدل 3.39 في المائة خلال عام 2007 مقارنة بـ 3.16 في المائة خلال 2006. وتشير التقديرات إلى أن القطاع الخاص قد نما بمعدل حقيقي قدره 5.78 في المائة والقطاع الحكومي بمعدل 2.69 في المائة خلال 2007. وتظهر المؤشرات المتاحة أن القطاعات كافة قد حققت نمواً إيجابياً، حيث سجل قطاع النقل والتخزين والاتصالات أعلى معدل بلغ 10.6 في المائة، يليه قطاع الصناعة 8.6 في المائة، ثم التشييد 7.1 في المائة، والتجارة والمطاعم والفنادق 6.2 في المائة، والمال والتأمين والعقار 5.0 في المائة، والكهرباء والغاز والمياه 4.7 في المائة. وارتفعت مساهمة القطاع الخاص في الناتج الحقيقي إلى 46.6 في المائة نتيجةً لتحسنٍ نسبي في جهود تنويع وتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني.
ومن المقدر أن ينمو الناتج المحلي الحقيقي بوتيرةٍ أسرع تبلغ 4.2 في المائة خلال عام 2008 على الرغم من التوقعات بارتفاع معدل التضخم عما كان عليه في عام 2007 والذي يتجاوز 10 في المائة قليلاً . ومن المنتظر أن تتجاوز الإيرادات الحكومية الفعلـية لهــذا العام مسـتواها لعام 2007, البالغ 621.5 مليار ريال، حيث يرجح أن يسجل متوسط سعر برميل النفط خلال عام 2008 ارتفاعاً كبيراً يناهز 100 دولار للبرميل متجاوزاً متوسط عام 2007 البالغ 69 دولاراً على الرغم من الهبوط الحاد في أسعار النفط اعتباراً من أيلول (سبتمبر) 2008. ومن المتوقع أن يبقى متوسط إنتاج النفط اليومي في حدود تسعة ملايين برميل وفقاً لقرار "أوبك" القاضي بخفض الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يومياً في تشرين الأول (أكتوبر) 2008. وفي ظل ذلك يتوقع أن يظل الإنفاق الحكومي مرتفعاً نسبياً خلال عام 2008، لكن مع احتمال ألا يتجاوز حجمه كثيراً المستوى الفعلي للإنفاق خلال عام 2007, البالغ 443 مليار ريال، وذلك نظراً للجهود الحكومية الرامية للحد من التضخم. ومن الأرجح أن يشهد إنفاق القطاع الخاص والقطاع العائلي نمواً خلال عام 2008 بمعدلات أعلى عن السابق وذلك للارتفاع النسبي في الدخول المتاحة لشريحة كبيرة من القوى العاملة في القطاعين الحكومي والخاص، وللسياسات النقدية التوسعية، وكذلك بسبب الزيادة المتوقعة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ومازالت آثار الأزمة المالية العالمية الخانقة التي عصفت بأسواق المال تلقي بظلالها على أمل أن الأسوأ قد ولى. وقد أجبرت التراجعات التاريخية التي شهدتها الأسواق المالية الحكومات الغربية على الإقدام على سلسلة من التدخلات في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) 2008 لحقن الأموال والثقة في النظام المصرفي بغرض إعادة الانتعاش الاقتصادي. ومن الواضح أن غبار هذه الأزمة، التي بدأت مع الهبوط في سوق المساكن في الولايات المتحدة عام 2006 قد أصاب تقريبا كل مناطق العالم بتراجعٍ في النمو مع اقتراب كثيرٍ من البلدان المتقدمة من الركود. ومن المتوقع أن تعاني اقتصادات المملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا الانكماش خلال عام 2009, وسيكون أي انتعاش لاحق بطيئاً. ويتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بمعدلي 3.9 في المائة و3.0 في المائة خلال عامي 2008 و2009 على الترتيب وذلك بعد أن نما بمعدل أكبر بلغ 5.0 في المائة خلال 2007.

الأكثر قراءة