أين ذهبت ملايين القحطاني.. ومتى يكشف الجوهر سر نور؟
ربما يخطئ البعض في تصوره وحساباته بأن قوة الدوري السعودي ومصدر تقلبات أحواله تتمركز في الأندية الخمسة الأوائل وهي الهلال والاتحاد والنصر والأهلي والشباب, وأن انتصار أحدها على جميع أقرانه يضمن له مغازلة كأس البطولة, ومسألة الاقتران به مجرد وقت, غير مدركين تماماً أن من يحدد شكل البطل ويرسم صورته هي الأندية الصغيرة التي تقبع في المتوسط الأخير من ترتيب الدوري السعودي !!
فجماهيريتها الغفيرة وثروة مواهبها الشابة لم تشفع للأندية الصغيرة وهي تعاني معاناة قاسية تجعلها غير قادرة على رسم أهدافها بوضوح تام على ملاعب الدرجة الممتازة التي تتحدث بعشرة ملايين فما فوق, بسبب محدودية مواردها المالية, لدرجة أن النادي يغادر إلى ملعب المنافس براً ويصل قبل المباراة بساعات.
أيضا تفتقد أندية الظل من يصون حقوقها القانونية أو يرد لها كرامتها عندما ترى مدربيها واحدا تلو الآخر يهربون من أسوار النادي.
فمسلسل هروب المدربين مازال يتصدر القضايا في الدوري السعودي, ومع ذلك لم يسلط الضوء عليها من قبل الجهات المعنية, ولكم أن تتخيلوا ماذا سيحدث لو حزم كوزمين أو رادان حقائبهما ولاذا بالفرار قبيل مطلع الشمس من يوم جديد !!
ستتوقف الأنشطة الرياضية وتتضافر الجهود من أجل تعويض النادي معنوياً والبحث عن حلول وسطية ومطاردة المدرب بالطائرات والغواصات ومن ثم تسليمه لعدالة الفيفا.
ربما كانت الأندية المتواضعة أكثر استقرارا ورؤية صافية الألوان عندما كانت في درجات أدنى, فكان حينها جميع الأندية تتساوى في مداخيلها ومصروفاتها ومستوى طموحها, وكانت المنافسة حامية وشديدة والهدف واحد وهو الصعود إلى الدرجة الممتازة.
للأسف أنديتنا الصغيرة مركونة على الرصيف تتأمل فقط البقاء على قيد الحياة, فلا تستطيع أن تلغي عقد لاعبها الأجنبي الذي لم يقدم ما يشفع له بالاستمرار وإحضار بديل آخر عنه لأن ذلك قد يرهق ميزانية النادي، كما تقف عاجزة عن تحسين منشآتها الرياضية.
كيف نطالب ناديي الوحدة والحزم أن يعودا على الأقل بميداليات برونزية من دوري أبطال العرب إذا لم يفرش طريقهما بالدعم المادي وجميع سبل النجاح المغلفة بالروح الوطنية!
حتى لا أكون قاسياً بعض الشيء, ربما الأندية هي المسؤولة في ذلك، فلم تحسن التصرف في كيفية تجزئة هذه الموارد لتصحح الخلل الحاصل في النادي، ولذلك ينبغي على الرئاسة العامة لرعاية الشباب التدخل في شؤون إدارة النادي ولم شمله ومساءلته عند المستويات الهابطة.
وعلى ضوء ذلك, أطرح على نفسي سؤالاً, أين ذهبت الـ25 مليونا قيمة عقد ياسر القحطاني التي دخلت خزينة نادي القادسية, وكيف لم نشاهد آثار تلك الملايين في دعم خطوط الفريق لمواصلة النجاح.
نطالب بما هو أكبر من محمد نور!!
عندما خلت تشكيلة منتخب إسبانيا في كأس أوروبا الأخيرة من القائد المخضرم راؤول, خرج المدرب أراجونيس بشجاعة لوسائل الإعلام الغاضبة, بالمسطرة والمنقلة ليشرح قناعته الفنية وفلسفته الكروية في استبعاده اللاعب.
أيضا الحال نفسه جرى مع المدرب الإيطالي مارسيلو ليبي وهو يستبعد اللاعب المخضرم ديل بييرو, مطالباً إياه أمام المصورين ببذل المزيد من الجهد. ما نطالبه نحن بشدة من المدرب القدير ناصر الجوهر, ليس استدعاء محمد نور, ولكن أن يسدل الستار عن وجه الحقيقة من جراء الحظر المزمن على هذا اللاعب.
المتلقي أصبح أكثر وعياً وإلماما بالأمور الفنية, ولنا الحق في معرفة كل صغيرة وشاردة عن منتخبنا الوطني, وإلا لن يهدأ بال الشارع السعودي من هذا التهرب الفاضح والتعتيم عليه.
وكأن الوضع يشبه بمن يسكب مزيداً من الوقود على النيران المشتعلة !!