المطالبة بالكشف عن 150 خدمة إلكترونية أعلنتها الوزارة
أثارت الأوراق المقدمة في حلقة نقاش الخطط المعلوماتية ودورها في بناء الاقتصاد الرقمي، خلال فعاليات المؤتمر الوطني التاسع عشر للحاسبات "الاقتصاد الرقمي وصناعة تقنية المعلومات والاتصالات"، المناقشين الدكتور فهد العبود والدكتور محمد القاسم والمتداخلين، للحديث عن ملاحظات أهملتها الخطة وفشلت في نقاط أخرى، رغم حديثهما عنها بالإيجاب. فقد انتقد الدكتور سليمان التركي، مدير إدارة الحاسب الآلي في كلية الملك خالد، مشروع "يسر" الذي جعل الكلية كأحد مشاريعه ولم يجد في المقابل دعمهاً تقنياً، مضيفا أن التعميد المالي جاء متأخراً، ولم تبدأ المالية إلا قبل سنتين فقط في صرف هذا البند.
وطالب التركي وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بالكشف عن 150 خدمة إلكترونية أعلن وزير الاتصالات وتقنية المعلومات إنجازها، ذاكراً أن ما يحمله موقع مشروع "يسر" مجرد معلومة وليست خدمة.
وانتقدت إحدى المداخلات ما سماه بفوضى التخطيط، وأن المخططين لا يشتركون في التنفيذ، مما يوجد فجوة بينهما، كما أن التنمية الحاصلة في المملكة كبيرة وضخمة جداً، وأن المؤسسات التعليمية لا تستطيع حتى الآن تقديم خدمات التعليم الإلكتروني، وحتى خدمة المؤتمرات عن بعد، التي ما زال يعترضها بعض المشكلات بسبب البنية التحتية للاتصالات. فيما انتقد آخرون مبادرة "الحاسب المنزلي"، كأحد المشاريع التي قامت بها الوزارة رغم الإعلان عن فشلها. وطالب بعض الحضور بضرورة إيجاد مؤشر لقياس مدى التقدم نحو تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية في الجهات الحكومية.
د. العبود: تم الانتهاء من الإجراءات الأولية
تحدث الدكتور فهد العبود، عضو مجلس الشورى، عن تاريخ الخطط في المملكة العربية السعودية، وعرّف هذه الخطط بأنها خطط استراتيجية تعتمد على استغلال تقنيات المعلومات والاتصال حسب الموارد الاقتصادية لكل دولة. وتركز هذ الخطط بشكل عام على محورين رئيسين، هما: استخدام تقنية المعلومات لتطوير قطاعات تنموية كالتعليم والصحة وغيرهما، واستخدامها في تطوير صناعات محلية في هذا المجال وإسهامها في زيادة الناتج المحلي كصناعة تصديرية، كما حدث في دول العالم، مشيرا إلى أن الخطط الخمسية التي بدأت منذ عام 1970 اهتمت ببناء مؤسسات التطوير العلمي والتقني، وفي عام 1977 تم إنشاء مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وفي عام 1980 تم انشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني. وقد شكلت هذه المؤسسات قاعدة للتطوير العلمي والتقني، موضحا أن الخطة الخمسية السادسة ركزت على أهمية إعداد قوى عاملة وطنية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، وفي الخطة التي تليها تم اقتراح وضع خطة وطنية لتقنية المعلومات، وتم طرح ثلاثة مواضيع رئيسية، هي: العلوم والتقنية في القضايا الوطنية، والرؤية المستقبلية للعلوم والتقنية، وتطوير أساليب العمل ورفع كفاءة العمل الحكومي من خلال استخدام التقنية. وتضمنت أهدافاً تتلخص في توظيف التقنية والمعلومات لدعم الاقتصاد، وإعداد البنية التحتية الأساسية للاتصالات، وتطوير شبكات الاتصالات والمحتوى المعلوماتي، ونشر خدمات الاتصالات وإتاحتها للجميع، وتضييق الفجوة التقنية بين السعودية والدول الصناعية بحلول عام 2020.
وتتضمن الخطة التنموية الثامنة الاهتمام بالتعليم العام والعالي والبحث والتطوير ونقل التقنيات وتوطينها والاهتمام بالقدرات البشرية. وأشار الدكتور العبود إلى أن هذه الخطة يجب أن تدعم بدعم القيادات العليا في جميع مستويات الخطة، وتوفير إجراءات وأنظمة حكومية مناسبة، وتوفير بيئة جذب للاستثمار المحلي والأجنبي، وتوفير بيئة خدمية جيدة في السعودية، وتبني مفاهم تشجيع الإبداع والابتكار، مشيرا إلى أن الخطة رصدت 98 مشروعاً، بعضها تحقق، والآخر في طور التحقق، منها تعيين مديرين لتقنية المعلومات في الجهات الحكومية، وإيجاد حوافز خاصة في القطاعات الحكومية، وتدريب موظفي الدولة، وإقرار نظام التعاملات الإلكترونية، ونظام مكافحة الجرائم الإلكترونية، وبناء الملف الطبي الإلكتروني الموحد، وإنشاء مراكز للعمل عن بعد، وإصدار تراخيص إضافية للثابت والمحمول، وإنشاء منطقة حرة للصناعات التقنية وإيجاد قوافل لمحو أمية الحاسب الآلي.
د. القاسم: على الجهات الحكومية وضع مؤشراتها الخاصة بالحكومة الإلكترونية
من جهته، نفى الدكتور القاسم، مستشار وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، عدم وجود مؤشرات رصدتها الخطط من أجل قياس المتابعة، كقياس مدى انتشار تطبيقات الاتصالات وتقنية المعلومات، وقوة صناعة الاتصالات، ومدى اعتماد التعليم والتدريب على الاتصالات، ومدى ملاءمة البنية التحتية والأنشطة المتاحة لردم الفجوة الرقمية وخدمتها اللغة العربية والحضارة الإسلامية، ومدى توافر القدرات المؤهلة الوطنية والخبرات العالمية.
وطالب الدكتور القاسم، الجهات الحكومية بوضع مؤشراتها الخاصة بها لتطبيق الحكومة الإلكترونية، وأن دور الوزارة ينحصر في متابعة التحول الوطني لمجتمع معلوماتي، ورصد التطورات الدولية، وإعداد تقرير سنوي باسم "التحول إلى مجتمع المعلومات"، ورصد ومتابعة 98 مشروعا.
وأشار القاسم إلى أن فعاليات الخطة الوطنية تتلخص في تحديد منسقي الجهات الحكومية، وعقد ورش العمل الخاصة بإطار الربط الاستراتيجي لتنفيذ الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات، وورشة العمل الخاصة بآليات العمل والشراكة في التنفيذ. وتم تطوير نماذج للمتابعة وزيارة عدد من الجهات الحكومية، مضيفا أن هناك مشاريع تم إنجازها، كتوحيد مواصفات تطبيقات الاتصالات وتقنية المعلومات، ودعم تطبيق أفضل التجارب، وتطبيق نظام المشتريات الحكومية الإلكترونية، وإعداد وثيقة سياسة لتحديد سقوف الأسعار لمقدمي الخدمة المسيطرين، وإنشاء وحدة خاصة للمتابعة والتحقيق في مخالفات أمن الشبكات والمعلومات، وإدارة موارد الأرقام وأسماء النطاقات، واعتماد نقل الأرقام للهاتف الثابت والجوال، وإعداد أساليب وإجراءات الطيف الترددي وإدارته، واستثمار جزء من العقود الدولية في صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات، وإنشاء مركز وطني للتعليم الإلكتروني، وإطلاق مبادرة المحتوى الرقمي المحلي.
وناقش المؤتمر خلال فعالياته العديد من المواضيع المدرجة، خصوصا المداخلات من قبل المختصين والمهتمين، فيما ناقشت الجلسة الختامية، المطالبة بإيجاد لجنة تنسيق وطنية للقيام بهندسة الإجراءات لجميع التعاملات الإلكترونية لتوفير الوقت والجهد، ونشر الثقافة الإلكترونية للمدارس، وتنظيم أسبوع مخصص للحاسب الآلي، وحث المديرين على المبادرة الإيجابية للتطبيق والتعاون، وتطوير مقاييس لمعرفة التقدم نحو الحكومة الإلكترونية، وإيجاد خطط للتطوير والرقابة، ولجنة تنسق بين الجهات المختلفة، مع توفير حوافز لتطبيق المبادرات، وإيجاد نظم إجرائية لحفظ حقوق الطرفين، وتشجيع العمل التطوعي الحاسوبي، وتبني مشروع التجارة الإلكترونية.
وزارة العمل ستوفر خدمات إلكترونية للتوظيف
من جهته، أوضح الدكتور عبد الرحمن الخضير، مدير عام الحاسب الآلي في وزارة العمل، أن الوزارة تعمل على قدم وساق لرفع إنتاجية العمل من خلال العديد من الوسائل التقنية، موضحا أن توجه الوزارة مواز لتوجه تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية، بطرح الخدمات الإلكترونية على مدار الساعة، مضيفا أن نسبة كبيرة من تلك الخدمات ستوجه للباحثين عن العمل ومن خلالها ستقلل من نسبة البطالة.
وذكر الدكتور الخضير في مستهل حديثه، أن الوزارة تهدف إلى المساهمة في زيادة عدد الموظفين السعوديين في القطاع الخاص من خلال خدمة التوظيف، وتوليد قيمة اقتصادية إضافية من حيث الإسهام في سرعة تلبية احتياج القطاع الخاص والأفراد من العمالة الوطنية والأجنبية عند الحاجة، وذلك لتلبية متطلبات العمل، وتيسير الوصول لخدمات وزارة العمل من أي مكان وفي أي وقت، وتقليل كثافة الأفراد المترددين على مكاتب العمل، وزيادة فعالية إجراء الحصول على الخدمات من خلال تخفيض الوقت والجهد المبذول من قبل موظفي مكاتب العمل، وضمان جودة ودقة البيانات المطلوبة للخدمات الإلكترونية للوزارة، وذلك من خلال الاحتفاظ بسجلات موحدة ودقيقة للعمالة السعودية وغير السعودية في المملكة.
وأوضح الدكتور الخضير أن منهجية العمل في وزارة العمل تتماشي مع منهجية العمل في برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية، حيث سنبدأ بالتعاون مع برنامج "يسر" بطرح ثلاث خدمات إلكترونية رئيسية، هي: خدمة رخص العمل، وخدمة التوظيف، وخدمة الاستقدام، مبيناً أن هذا ما يتوافق مع التحول إلى التعاملات الإلكترونية الحكومية، وأن تلك الخدمات من الخدمات الرئيسية التي تقدمها وزارة العمل، والتي يتطلب مراجعين كثرا.
وأوصى الدكتور الخضير خلال محاضرته التي ألقاها في المؤتمر، بضرورة نقل المعرفة في مشاريع التعاملات الإلكترونية الحكومية من خلال إشراك العنصر الوطني، وتخصيص مدير مشروع متفرغ لإدارة ومتابعة مشروع التعاملات الإلكترونية الحكومية، وعقد لقاء دوري لتناقل الخبرات والدروس المستفادة من تطبيق مشاريع التعاملات الإلكترونية الحكومية.
الشعيبي: قصة نجاح التعليم الفني تعود إلى عام 1393
استعرض عبد العزيز الشعيبي، مدير أمن المعلومات في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، قصة نجاح المؤسسة في الخدمات الإلكترونية، مشيرا إلى أن المؤسسة من أوائل الجهات الحكومية التي طبقت أنظمة الحاسب الآلي في أعمالها، ففي عام 1393 هـ ومع بداية تطبيق نظام التأمينات أدخلت المؤسسة الحاسب الآلي في أعمالها، وتطور تطبيق الحاسب الآلي في المؤسسة ، حيث أصبح مواكباً للتطور الحديث في مجال تقنية المعلومات. وتبدأ القصة بنظام SIMIS الذي يعد داعما لجميع تطبيقات الإنترنت والحكومة الإلكترونية ، ونظام مخازن البيانات والأعمال الذكية، الذي يدعم التقويمين الهجري والميلادي، ويدعم اللغتين العربية والإنجليزية ، ويتماشى وفق نظام تسلسل عمل آلي Workflow ينقل المعاملات بناء على صلاحيات محددة لجميع المستخدمين ويتميز بوجود نظام حفظ وثائق آلي. ويستفيد من هذا النظام جميع المشتركين المسجلين مع المؤسسة، بحيث يعتبرون قادرين على الوصول إلى النظام باستخدام الإنترنت على مدار الساعة ومن أي مكان، وذلك باستخدام الرقم التأميني الخاص بهم وكلمة المرور التي تعطى لهم، وأيضا جميع المنشآت المسجلة مع المؤسسة قادرة على إتمام عدة عمليات تشمل التسجيل، والاشتراكات، والأخطار المهنية عبر الإنترنت، مما يعود بالفائدة على كل من المنشأة والمؤسسة.
وأشار الشعيبي إلى أن المشترك يمكن من خلال تلك الخدمات أن يستعرض مدة الاشتراك وتفاصيلها، والتأكد من أحقية الصرف، وعرض حساب المستحق للمشترك، عرض حالة الإصابة المهنية، وعرض تفاصيل حساب المشترك الاختياري.
وأنهى الشعيبي حديثه بالتحديات التي تواجه المؤسسة خلال الفترة الحالية، التي من بينها نقل بيانات النظام القديم التي يصل عمرها إلى 30 عاما، فالتصميم الداخلي مختلف بين قاعدتي البيانات الجديدة والقديمة، ولهذا نحتاج إلى تصحيح ونقل في الوقت نفسه، ما يتطلب تقنية حديثة وكفاءات لإدارتها. ولا شك أن مقاومة التغيير تحتاج إلى إدارة تغيير لعدم تخوف المستخدمين من التقنية الجيدة، وعدم تخوف المستخدمين من فقدان خبراتهم في النظام القديم، وعدم تخوف بعض المستخدمين من فقدان بعض صلاحياتهم، وتسويق النظام إلى المستخدمين الخارجيين "أصحاب العمل، المواطنين"، وأبرز تلك التحديات ضعف التواصل مع الجهات الحكومية الأخرى.