توجه لبناء مخزون استراتيجي للأغذية وتوحيد الشراء لـ 8 سلع أساسية

توجه لبناء مخزون استراتيجي للأغذية وتوحيد الشراء لـ 8 سلع أساسية

أكد مسؤولون خليجيون وخبراء أمس، أهمية بناء مخزون استراتيجي للأغذية في الدول الست لمواجهة الأزمات المتكررة من ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية وإضرارها بالقوة الشرائية للسكان، مع تفعيل عمليات الشراء الموحد لأهم ثماني سلع غذائية.
كما أكدوا أيضا ضمن توصياتهم في اختتام أعمال ندوة "الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون لدول الخليج" أمس في الرياض، أهمية إيجاد آليات وخطط لإدارة المخزون الغذائي وكيفية التصرف فيه ووضع برامج لمراعاة ظروف المنتج المخزن وعملية استهلاكه، إلى جانب انتقال السلع والمنتجات المخزنة بين دول المجلس وتبادلها بكل سهولة ويسر أثناء الطوارئ، خاصة أن المقترح تضمن تحديد أكثر من موقع للخزن الاستراتيجي. كذلك ضرورة أن تكون الجهات الرسمية في دول المجلس على اطلاع مستمر ولديها معلومات عن كميات هذه السلع وأين مخزنها، متابعة أسعارها في السوق سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي حتى يتمكن المواطن من الحصول عليها، مع ضرورة أن يكون هناك خطة معدة مسبقا ما بين دول المجلس لمواجهة أي طارئ فيما يتعلق بقضية الأمن الغذائي.
وأوضح لـ "الاقتصادية" محمد بن عبيد المزروعي الأمين العام المساعد ‏للشؤون الاقتصادية في الأمانة العامة لمجلس التعاون، ‏أن المشاركين من كبار المسؤولين في ‏الوزارات ‏‏والهيئات الخليجية المعنية بالزراعة في الندوة توصلوا إلى توصيات محددة كمقترحات في إطار تحقيق الأمن الغذائي الخليجي وسيتم رفعها إلى الجهات المعنية للنظر فيها والتوجيه بما يلزم حولها.
وأبان المزروعي أن من أبرز هذه التوصيات التأكيد بضرورة تفعيل الشراء الموحد لدول المجلس لعدد معين من السلع الأساسية والمنتجات الزراعية التي لا يمكن الاستغناء عنها والتي تم تحديدها في ثماني سلع رئيسية، وهي: الأرز، الحليب، السكر، الزيوت، القمح، اللحوم، حليب الأطفال، الذرة، مع توفير الأغذية بأسعار مناسبة وتكون آمنة ومفيدة في محتوياتها وتلبي احتياجات المستهلك في الدول الست. كما أوصوا بإقامة شركة أو هيئة خليجية مشتركة تقوم بالاستثمار في المجال الزراعي سواء في داخل دول مجلس التعاون أو خارجها، وأيضا توجيه الاستثمارات الخليجية المشتركة للتركيز على الاستثمار في القطاع الزراعي، إلى جانب توفير التسهيلات الائتمانية والتمويل للمستثمرين الخليجيين.
وأكد المشاركون في الندوة أهمية توحيد اللوائح المنظمة للتمويل والدعم والحوافز المقدمة من قبل حكومات دول المجلس للقطاع الزراعي، وأهمية إيجاد برامج تنموية إرشادية سواء للمزارعين أو المستهلكين على السواء، مع ضرورة الاهتمام وترقية الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني في دول المجلس والتركيز على المنتجات التي تعد ميزة نسبية لها مثل التمور والخضراوات، مع الأخذ في الاعتبار الموارد الموجودة في دول المجلس، خاصة الموارد المائية حيث يأتي الأمن المائي في مقدمة الأمن الغذائي. كما أكدوا أهمية أن تعتمد دول المجلس على مواردها الذاتية في هذا المجال والتنسيق المشترك فيما بينها، خاصة أن هناك سياسة زراعية مشتركة مقرة من قبل المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون، مطالبين في هذا الصدد بتفعيل تنفيذ ما ورد في هذه السياسة واستكمال ما تبقى من آليات ومقترحات فيها التي تم تنفيذ جزء كبير منها، مع تشكيل فريق عمل من الجهات المعنية في دول المجلس والجهات الأخرى لمتابعة هذا الموضوع.
وقال المزروعي إن من التوصيات المقدمة أيضا التأكيد على دول المجلس باعتبار أنها تستورد جزءا كبيرا من احتياجاتها الغذائية من الأسواق الخارجية أهمية وجود اتفاقيات مقننة مع عدد من الدول ذات الميزة النسبية حتى تكون هناك مصادر متنوعة لدول المجلس تستورد منها احتياجاتها الأساسية والغذائية، مع ضرورة أن تتضمن هذه الاتفاقيات شروطا موحدة تضمن حصول دول المجلس على السلع. وكذلك ضرورة تحديد حجم الفجوة الغذائية في دول المجلس، التي تحتاج لإحصائيات وبيانات حتى يمكن بناء عليه تبني استراتيجية مستقبلية للأمن الغذائي.
يذكر أن الندوة ‏ناقشت 11 ورقة ‏عمل تغطي ‏خمسة محاور أساسية، هي: تشخيص أزمة ‏الأمن الغذائي وأسبابها، دور ‏القطاعين العام ‏والخاص في تأمين الغذاء، ‏مواجهة طوارئ نقص الغذاء، ‏التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية، ‏وأخيرا ‏نحو سياسة خليجية مشتركة في ‏مجال الأمن الغذائي.‏
وفي هذا السياق اقترحت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في مذكرة حول الأمن الغذائي منهجا يمكن أن يسهم في حال اتبعته دول المجلس في الحد من اتساع الفجوة الغذائية فيها، وتمثل في التنسيق المشترك وتنفيذ المشاريع المشتركة في المجال الزراعي ومعالجة ‏ضعف ‏الكفاءة الإنتاجية من السلع الزراعية، استخدام التقنيات والأساليب الحديثة في الزراعة للحد من التأثير السلبي ‏لمحدودية ‏الأراضي المتاحة للنشاط الزراعي، زيادة التمويل الموجه للنشاط الزراعي المقدم للمزارعين والمساعدة على تسويق ‏‏منتجاتهم الزراعية، وصقل وتدريب العمالة الوطنية وتشجيعها على العمل في المجال الزراعي، إلى جانب وضع حوافز مشجعة للعمل في القطاع الزراعي والعمل على رفع الطاقة ‏الإنتاجية ‏للصناعات الغذائية لتلبية احتياجات السوق كما ونوعا.‏
وأوضحت الأمانة أن قضية الأمن الغذائي على رأس المواضيع التي يتم مناقشتها في إطار ‏منظومة مجلس ‏التعاون لسد هذه الفجوة وللحد من آثارها السلبية المتمثلة في ‏الإضرار بالقوة الشرائية ‏للسكان، حيث تضاعفت أسعار عديد من السلع الغذائية ‏على مدى العامين الماضيين في ‏دول الخليج بنسب زاد في بعضها على 30 ‏في المائة، مشيرة إلى أن أهمية الأمن الغذائي في ‏دول مجلس التعاون الخليجي تبرز كهدف ‏استراتيجي تسعى قياداته لتحقيقه لأسباب ‏عديدة يأتي في مقدمتها ‏الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والمنتجات الغذائية وزيادة ‏الاستهلاك وقلة ‏الإنتاج بسبب البيئة شبه الصحراوية التي تتصف بها المنطقة وقلة توافر ‏الموارد ‏المائية بسبب انخفاض كمية تساقط الأمطار والظروف المناخية القاسية ‏والمتقلبة ‏التي تؤثر في المحاصيل الزراعية وقلة المساحات المزروعة، أما في الدول ‏‏الموردة فبسبب الكوارث الطبيعية والجفاف وعوامل الاحتباس الحراري وزيادة ‏أعداد ‏السكان وارتفاع أسعار النفط، إضافة إلى اتجاه بعض الدول الرئيسية ‏المنتجة للمواد ‏الزراعية إلى تصنيع الوقود الحيوي الذي يعد من أهم العوامل ‏في ارتفاع أسعار السلع ‏الزراعية.‏
وأفادت الأمانة العامة أن دول المجلس وإدراكا منها لحجم الآثار السلبية اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا ‏خصوصا مع ‏التزايد المستمر في ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية بذلت ‏جهودا مختلفة من أجل ‏التقليل من فجوة الغذاء وتوفير الأمن الغذائي، مبينة أن ذلك تركز ‏على المستوى الفردي في ‏تدخل السلطات المعنية للحد من التلاعب في ‏الأسعار ولضمان توفير الغذاء خصوصا ‏المنتجات الأساسية مثل اللحوم، الأرز، ‏البقوليات، القمح، والمنتجات الحيوانية كالألبان ‏وغيرها بأسعار مدعومة، ومراقبة ‏الأسواق، إلى جانب زيادة الرواتب التي أسهمت ‏في التخفيف من الأعباء ‏المالية على كواهل مواطني دول المجلس.

الأكثر قراءة