أسباب عديدة وراء عدم جواز اختلاط النساء بالرجال أثناء دخول المسجد والخروج منه

أسباب عديدة وراء عدم جواز اختلاط النساء بالرجال أثناء دخول المسجد والخروج منه

أسباب عديدة وراء عدم جواز اختلاط النساء فالرجال أثناء دخول المسجد والخروج منه
لا شك أن النساء هن شقائق الرجال ولهن مكانتهن في الإسلام، والمرأة منذ عهد النبوة وهي ترتاد المساجد وتحرص على الصلاة فيها يقول النبي - صلى الله عليه وسلَّم - مخاطباً أولياء أمور النساء: (لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ الله)، ومن هنا فإن المرأة إذا أرادت أن تصلي مع الرجال في المسجد وتشهد الخير معهم فلا بأس بذلك وقد أكد الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين عضو الإفتاء سابقا أنه لا يجوز للمرأة أن تكون مع الرجال في المسجد في الصف الأول, وقال كلما كان المرأة أبعد كانت أفضل, ويظهر أن السبب في كون خير صفوف النساء آخرها هو بعده عن الرجال فإن المرأة كلما كانت أبعد عنهم كان ذلك أصين لها وأحفظ لعرضها وأبعد لها عن الميل إلى الفاحشة، لكن إذا كان مصلى النساء بعيداً عن الرجال ومفصولاً بحاجز من جدار أو سترة منيعة وإنما يعتمدن في متابعة الإمام على المكبر فإن الراجح فضل الصف الأول لتقدمه وقربه من القبلة. لكن لا بد أن تلتزم الآداب التي لا بد منها، ومن هذه الآداب ما يلي:
أولاً: الإخلاص لله - جل وعلا - فينبغي للمرأة المسلمة أن تبتغي بكل عمل وجه الله تعالى؛ لأنه شرط من شروط قبول العمل، فلا تخرج بقصد لقاء الأخوات في المسجد أو التلذذ بأصوات القراء، أو غيرة من فلانة أو تقليدا لعلانة من الناس، قال تعالى: "وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء" (5) سورة البينة.
وعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ لِشَيْءٍ فَهُوَ حَظُّهُ).
فلتحرص المرأة المسلمة على أن يكون حظها من الخروج إلى المسجد هو الأجر والثواب لا الإثم والعقاب.
ثانياً: الاستئذان فلا بد للمرأة أن تستأذن من زوجها، فعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (لا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ حُظُوظَهُنَّ مِنْ الْمَسَاجِدِ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ)، وفي رواية: (إذا استأذنكم نساؤكم إلى المساجد فأذنوا لهن)، فإن أذن لها وإلا فلا تذهب؛ لأن طاعة الزوج مقدمة على نوافل العبادات كلها، قال تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ" (34) سورة النساء، وقال تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ" (228) سورة البقرة. قال ابن كثير - رحمه الله تعالى: أي في الفضيلة في الخلق والمنزلة وطاعة الأمر.
وقال - صلى الله عليه وسلم - (اثْنَانِ لا تُجَاوِزُ صَلاتُهُمَا رُءُوسَهُمَا: عَبْدٌ آبِقٌ مِنْ مَوَالِيهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ، وَامْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا حَتَّى تَرْجِعَ)، أي ترجع عن عصيانه وتطيع أمره.
ثالثاً: ألا تخرج إلا متسترة، فإذا خرجت المرأة للصلاة فعليها الستر الكامل للجسم، وألا يكون حجابها شفافاً ولا ضيقاً، بل واسعاً ساتراً فضفاضاً، وألا تظهر شيئاً من زينتها، ولتعلم أن هذا ليس كبتاً وحبساً لها، وإنما هو احترام وصيانة وحماية لها.
رابعاً: ألا تخرج متعطرة، فبعض النساء تأتي إلى المسجد متعطرة متجملة كأنها تزف إلى يوم عرسها أو كأنها ذاهبة إلى حفلة زواج، وهو فعل محرم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلاةٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ) زاد أحمد: (اغتسالها من الجنابة).
خامساً: تجنب أكل الثوم والبصل، فواجب على المرأة المسلمة أن تعتزل تلك الأطعمة حين ذهابها إلى المسجد؛ لحديث جابر - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ)، ولقوله – صلى الله عليه وسلم - (مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلا فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ).
سادساً: ألا تخرج إلا مع ذي محرم، فلا يجوز للمرأة أن تحضر مع السائق إلى المسجد بمفردها لأداء الصلاة في المسجد؛ إذ بذلك ترتكب المرأة مخالفة شرعية من أجل الحصول على أمر مباح أو مستحب لها، وهذا خطأ، فليس كل غاية تبرر كل وسيلة، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ) فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجَّة، وإني اكتُتبتُ في غزوة كذا وكذا فقال: (اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ).
فعلى المرأة أن تصلي في بيتها إذا لم يكن لها محرم يأتي معها إلى المسجد؛ فإن صلاتها في بيتها خير لها من أن تخرج مع السائق لأداء الصلاة في المسجد.
سابعاً: أمن الطريق إلى المسجد، أي ألا يكون في الطريق إلى المسجد ما يخاف منه مفسدة، فإن كان الطريق غير آمن ويخشى عليها من الفساق حرم خروجها لمظنة الفتنة وتحقق الفساد.
ثامناً: غض البصر فتغض بصرها كما أمرها ربها، فلا تنظر إلى الرجل الأجنبي قال تعالى: "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ" (31) سورة النـور.
قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - "أي عما حرم الله عليهن من النظر إلى غير أزواجهن، ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة".
وقال النووي - رحمه الله تعالى-: "بل الصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي، كما يحرم عليه النظر إليها؛ لقوله تعالى: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ" (30-31) سورة النور؛ ولأن الفتنة مشتركة، كما يخاف الافتتان بها".
وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى-: "لما كان غض البصر أصلاً لحفظ الفرج بدأ بذكره، فقد جعل الله سبحانه العين مرآة القلب، فإذا غض بصره غض شهوته، وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته".
تاسعاً: خفض الصوت: فالمسلم عموماً مأمور بخفض الصوت في المسجد وخارجه؛ لأنه من آداب الإسلام الحسنة، قال تعالى على لسان لقمان الحكيم وهو يوجه ابنه إلى هذا الأدب الرفيع: "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ" (19) سورة لقمان، وهذا الأدب في حق المرأة آكد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم- (الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ)، وهذا يشمل كل المرأة من رأسها إلى أخمص قدميها حتى صوتها - عند بعض أهل العلم - ولا عجب في ذلك فقد قال تعالى: "وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ" (31) سورة النــور، فإذا كان صوت الخلخال في الأرجل فتنة للرجال، فكيف لا يكون صوت المرأة فتنة، ولذا قال تعالى محذراً أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - العفيفات الطاهرات: "فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ" (32) سورة الأحزاب. كل ذلك صيانة للنساء في مجامع الرجال ونحوها؛ لأن في ذلك فتنة لبعض القلوب المريضة.
عاشراً: عدم الاختلاط بالرجال أثناء الدخول والخروج، ولهذا نرى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يرشدهن لهذا الأمر، فقد روى أبو داود والبيهقي بسند حسن عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق يقول للنساء: (اسْتَأْخِرْنَ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ) ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به.
هذه بعض الآداب المهمة التي يجب على المرأة الالتزام بها إن هي أرادت أن تخرج من بيتها لأداء الصلاة في المسجد أو غير ذلك.

الأكثر قراءة