توقعات بضعف النمو في منطقة اليورو مقارنة بالاقتصاد الأمريكي
ستظهر خلال هذا الخريف معظم مؤشرات الوضع الاقتصادي، بالتوقعات الخاصة بضعف النمو في منطقة اليورو مقارنة بالاقتصاد الأمريكي. كما ستقدّم المفوضية الأوروبية خلال الأسابيع المقبلة توقعاتها بهذا الشأن.
وحتى الآن، فإن إجمالي التوقعات و التنبؤات أقل تفاؤلاً بنسبة ضئيلة من العام الماضي. وهذا ينطبق بالذات على ألمانيا، حيث إنه خلال العام المقبل، بخلاف عام 2005، يُتوقع أن يحقق النمو الاقتصادي الفعلي نحو 1.0 في المائة من جديد. هذا ما تنبّأ به محللو تطوّّر الاقتصاد الإجمالي. ولا يساهم كبار المتداولين في برلين في دعم ثقة الشركات والمستهلكين، وبث الروح في الوضع الاقتصادي.
ونظراً للوزن الذي يحظى به الاقتصاد الألماني في منطقة اليورو، فإن هذه التنبؤات تبعث على اليأس، وذلك لأنها تدفع منطقة الإقليم النقدي لانتظار التقدّم في المسيرة الاقتصادية المعتدلة. والضعف الاقتصادي في منطقة اليورو يشهد تحسّنا بسيطا منذ الصيف. ففي الربع الثالث تمكّن الاقتصاد من تحقيق بعض النمو.وهنالك معلومات أدّق حول التقديرات الأولى ستقدّمها دائرة الإحصاءات في الاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع المقبلة.
ويتوقّع وزراء المالية في دول الاتحاد الأوروبي الذين ناقشوا التطور الاقتصادي في بروكسل أخيرا، أن يستمر هذا التوجه في نمو القدرة الاقتصادية حتى نهاية العام ، بدون الخضوع إلى أي ضغط باتجاه التضخم في إطار التوسع الاقتصادي الإجمالي. ويُقدّر معدّل القدرة التنافسية المقارن لمنطقة اليورو في الوقت الحالي بنحو 2 في المائة. وبكلمات أخرى، يُتوقّع أن يصل معدّل النمو إلى 1.7 في المائة خلال عام 2006 دون الاقتراب من خطر التضخم. وهذا يعني أيضاً أن السياسة المالية المتوسّعة بقوّة حتى الآن لا يمكن تبريرها من خلال عوامل الاستفادة من القدرة الإنتاجية.
ونظراً لذلك، توحي التحذيرات السياسية غير العادية التي أطلقها الوزراء للبنك المركزي الأوروبي بعدم رفع الفائدة الأساسية بسرعة. وبخلاف أصحاب العمل الأوروبيين، ومجتمعات المهن التي ترى نفسها مهددة برفع الفائدة، تبرر مجموعة اليورو مناشدتها بطريقة منطقية. وتعزى الزيادة في شهر سبتمبر (أيلول) في معدل التضخم بنحو 2.6 إلى عوامل لا صلة لها بالبنك المركزي الأوروبي.
ومن أهم هذه العوامل ارتفاع سعر النفط الذي حسب أقوال الوزراء، ليس له تأثير في عوامل الدورة الثانية من خلال رفع عقود الأجور. ومن العوامل الأخرى التي اكتشفتها مجموعة اليورو أن معدلات التضخم لدول اليورو تختلف فيما بينها. وهذا يعود في الحقيقة إلى جانب الأسباب الاقتصادية، إلى أسباب هيكلية، وسياسية. أما الدول التي تشهد قيم تضخم فوق المعدل، فتتفق على أن معدل الأجور بالنسبة لقائمة الأسعار تضاعف. والسبب الآخر للأسعار المرتفعة يعود في بعض الدول إلى قلة حجم القدرة التنافسية في قطاع الخدمات نظراً لتقلّص تنظيمات مداخل السوق الحكومية. وفي النهاية، يؤثّر رفع الضرائب في رفع الأسعار كذلك.
ومن المجدي فعلاً أن يذكر الوزراء أسباب التضخم بالتفصيل. ولكن ماذا يستفيد البنك المركزي الأوروبي من تحليلهم؟ ويمكن انتظار ذلك حتى ترفع بلجيكا أو فرنسا قائمة الأجور، وبهذا يمكن خفض معدل تضخم اليورو. وبالنسبة إلى معدل التضخم المرتفع، والعوامل التي لا تؤثّر في البنك المركزي، فهي بالتأكيد خاطئة من وجهة نظر معيّنة، حيث حجم المال المرتفع بقوة منذ فترة طويلة يُعد مؤشّراً على التضخم، ويمكن أن يؤثّر في السياسة المالية.
وتبقى المسألة الجدلية هي "تأثيرات الدورة الثانية". وحتى الآن لا يبدو أن لها اي تأثير، حيث إن حلقة الأسعار والأجور المرتبطة بأسعار النفط، غير معروفة حتى الآن. وقد تأثّرت البضائع والخدمات بالفعل بأسعار النفط المرتفعة بصورة ملحوظة. وأغلب الاقتصاديين لا يرون أن هذا الارتفاع سيصبح بمنزلة السعر النهائي. وبالفعل يجب ألاّ يبقى الأمر على هذه الحال. كما لا يُتوقّع تراجع سريع في أسعار النفط. وكلما طالت فترة ارتفاع أسعار النفط، ظل معدل التضخم مرتفعاً. وعلى هذا، سيصبح الخطر أكبر، وذلك بأن يتبع هذا الارتفاع ارتفاع في أسعار أخرى. وتتبادر الشكوك الآن إلى أن البنك المركزي الأوروبي يريد التريث الآن.
ولا يبدو أن الصناعة في ظل توقع الرفع الطفيف للفائدة تعتريها المخاوف. وفي النهاية، ربما سيتم توجيه السياسة المالية بصورة أوسع. وتحسّنت ثقة الصناعة في منطقة اليورو منذ آب (أغسطس) الماضي، بشكل ثابت. كما ارتفع الإنتاج الصناعي خلال الأشهر الأخيرة الماضية. وعلى هذا يتوقف الأمل في إحياء الوضع الاقتصادي من جديد خلال الأعوام المقبلة لأول مرة منذ سنين عديدة، حيث التوقّع بزيادة الاستثمارات المحلية بوضوح. غير أن الأقل وضوحاً من ذلك هو تطوّر الاستهلاك الخاص. وبالفعل تحسّنت ثقة الاستهلاك نظراً لمظاهر التشغيل الجيدة الأخيرة. ولكن يبقى هنالك باستمرار حذر في قطاع الاستهلاك، إذ من الممكن أن تنخفض مساهمات النمو الاستهلاكي الخاص بصورة طفيفة جداً خلال عام 2006.
وفي المقابل، يتحدث الكثير عن أن التصدير يمكن أن يكون دعامة للنمو. كما تحسنت القدرة التنافسية للأسعار في اقتصاد اليورو في الفترة الأخيرة. والمهم بالنسبة للتصدير هو التطوّر الإجمالي للاقتصاد العالمي. وحتى الآن، تفيد كل المؤشرات إلى أن أسعار النفط خلال العام المقبل سوف تتراجع بصورة طفيفة، ويتوقع المحللون نمواً بنسبة 3.9 في المائة للاقتصاد العالمي، و 3.0 في المائة للولايات المتحدة الأمريكية، حيث هناك عوامل قوة للنمو أعلى بكثير مما هي عليه في منطقة اليورو.