د.سعد الشثري: نخالف رأي ابن تنباك رغم حقه في الاجتهاد

د.سعد الشثري: نخالف رأي ابن تنباك رغم حقه في الاجتهاد

شهدت سبتية الجاسر خلال استضافتها للدكتور سعد الشثري عضو هيئة كبار العلماء، جدلا حول كتاب الدكتور مرزوق بن تنباك، ولم يعلق الشثري إلا بعدما استمع إلى رأي ابن تنباك الذي نشر في الحلقة الماضية، حول وأد البنات عند العرب.
وجاءت آراء العلماء مؤكدة حق ابن تنباك في الاجتهاد في قضية خلافية مثل هذه، مع تأكيد مخالفتهم رأيه بشكل عام تمشيا مع ما ورد في النصوص والتفاسير.
وشددوا على أهمية المرجعية الشرعية والتأكد من مناسبة ما يبحث من علوم وعرضه على المراجع الشرعية، بعدا عن الخلاف والقيل والقيل.
وبعد أن عرض الدكتور مرزوق بن تنباك رأيه علق الدكتور حسن بن غانم شاكرا للدكتور مرزوق بن تنباك على بحثه الذي تجرد فيه، مبينا أن لبحثه مجالا واسعا في الاجتهاد، ومعلوم أن مجال الاجتهاد قابل للأخذ والرد، وشدد في الوقت نفسه على أنه إذا جاءنا نص شرعي من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يخبرنا عن قضية من القضايا كالمؤودة محل النقاش، فلابد من قبوله، ولو لم نجد نصا أو شبه نص عن العرب، مادام أن الله ذكر قضية المؤودة، ومعلوم أن الإسلام يحرم الوأد.
وذكر الدكتور ابن غانم مثالاً على القضايا التي حسم الأمر فيها بنص شرعي ومنها ما يذكر من أن العرب في الجاهلية كانت لهم أمور مذكورة،منها أن المشهور وما درسناه ودرّسناه أن العرب ينقسمون إلى قسمين: عرب عاربة وعرب مستعربة، ونحن نظرنا إلى هذا الخبر من ناحية صحته أو عدم صحته من ناحية الإسناد نجد أن هذا الخبر من دون إسناد، ومعلوم أن الخبر إذا جاء من دون إسناد، فوجوده كعدمه، وعندنا ما يعارضه يدل على أنه لا يوجد عرب عاربة و مستعربة، وهذا النص أورده الإمام البخاري في صحيحه، وبوب عليه باب نسبة اليمن إلى إسماعيل، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: يعني قحطان ثم ساق البخاري في سنده المتصل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال لنفر من الأنصار- وهم بإجماع أهل النسب من القحطانيين من الأزد، ومعلوم عند علماء التاريخ أن الأزد ثلاثة أقسام: أزد السراة وأزد شنوءة وأزد عمان، وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الأزد وهم قحطانيون من ذرية إسماعيل بنص الحديث: "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا"، فأكد الرسول عليه الصلاة والسلام في الفقرة الأخيرة من الحديث أن القحطانيين والأزد منهم أنهم من ذرية إسماعيل، فلو رجعنا إلى مسألة الوأد والله تعالى ذكرها ولم توجد في الإسلام قطعنا جزما أنها في الجاهلية، ونحن أيضا نشكر الدكتور على ما وصل إليه واقتنع به وأنا أفكر إن شاء الله أن أبذل جهدي، وأرجع إلى جميع ما كتب عن العرب سواء كان مخطوطا أو مطبوعا، وأصل إلى نتيجة إما الموافقة وإما المخالفة.
أما الدكتور سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة كبار العلماء فعلق على ما كتبه الدكتور ابن تنباك بقوله: قبل سنتين تقريبا تواترت علينا الكتابات حول كتابة الدكتور مرزوق، وشكاوى عدة، ويقولون إنه مكذب بالقرآن ويجب أن يطبق عليه حد الردة، واجتمعنا في اللجنة لمناقشة القضية، والمشايخ في اللجنة طلبوا مني أن أقرأ كتابة الدكتور مرزوق، أنا قرأتها قبل سنتين، وكانت في وقتها كتابة مأخوذة من الإنترنت ولم تصدر كتابا ، وتبين لي أن الدكتور لا يتكلم عن الأمم الأخرى غير العرب وإنما حديثه خاص بالعرب، وهو لا ينكر وجود الوأد مطلقا ولكنه ينكر وجود روايات تثبت أنه عند العرب خاصة، والشيء الآخر أن الدكتور يقصر حديثه على وأد البنات فهو يقول لم يكن العرب يقصرون وأدهم على البنات، ولا يميزون بين الذكر والأنثى، من خشي منهم الفقر قتل ولده ذكرا أو أنثى فهو ينفي تخصيص وأد البنات عند العرب خاصة، وبالتالي فهو لا يعارض ما ورد في النصوص، وهو اجتهاد من الدكتور نخالفه فيه، ومن ثم توجهت اللجنة إلى أن هذا اجتهاد من الدكتور والقضية محتملة للاجتهاد وليست قاطعة، وإن كنا نخالفه الرأي في مثل هذه القضية، وعندي بعض الملحوظات الجزئية كنت قد كتبتها في حينها ولعلي أسلمها للدكتور، وهي ليست ملحوظات وإنما إضافات متعلقة بالبحث، ووفق الله الجميع لما يحب ويرضى، والوأد إلى الآن موجود، والناس يقتلون أولادهم في مشارق الأرض ومغاربها. الشيء الآخر تحريم وأد الأبناء وقتلهم هذا محل اتفاق والنصوص جاءت به قاطعة وليس فيه مجال للتأويل أو الاجتهاد لتحريم مثل هذا الفعل، الشيء الآخر لفتة في التفسير متعلقة بهذا في سورة الأنعام، يقول الله عز وجل: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق، نحن نرزقهم وإياكم" بينما في الآية الأخرى: "ولا تقتلوا أولادكم من إملاق، نحن نرزقكم وإياهم" لأن الإملاق حاصل الآن وليس منه خشية، وبالتالي كل من الآيتين له معنى مغاير للآية الأخرى، فلا يقال بأن الآية قد تكررت، وهذه من لفتات القرآن التي ينبغي للإنسان أن يتأملها.
أما الدكتور محمد النجيمي فشدد على أهمية المرجعية الشرعية بشكل عام مؤكدا أن الأمور التي يخشى من الجدل فيها أن تقدم للمرجعية ليحمكوا بمناسبته أو جوازه من عدمه.
وبين في الوقت نفسه أن ما أورده الدكتور ابن تنباك محتمل فعلا، فهو لا ينكر فعلا قضية الوأد عند العرب ولكن خص نقطة معينة اجتهادا منه وإن كنا نختلف معه في هذا تماما، لكن هذا من القضايا التي يسوغ فيها الاختلاف، وهو كتب هذا الكتاب لصفوة المتعلمين، النقطة التي أحب أن أركز عليها والتي هي المرجعية الشرعية، وأنا أردد دائما في الإعلام وأؤكد أهمية المرجعية، الآن جاء الشباب واتهموا الدكتور بالردة وما إلى ذلك، لكن لما وصل الأمر إلى علمائنا إلى هذه الصفوة من أهل العلم إلى هذه المرجعية المباركة، فقرأوا الموضوع وجدوا أنهم لا يتفقون مع ما كتب لكن القضية هي قضية رأي واجتهاد، هنا تبرز أهمية المرجعية الشرعية، ومحاولة إضعاف هذه المرجعية عند بعض الكتاب بقصد أو بغير قصد، عندما انتشر الإرهاب والعنف والتطرف، كان أول مدخل عند هؤلاء هو تحييد المرجعية الشرعية أو بالأحرى التشكيك فيها، حتى يتسنى لهم استهداف الأساس واستهداف. و بعض الكتاب بطرق مباشر أو غير مباشر، مقصود أو غير مقصود لأني لا أستطيع أن أبحث عن النيات لكنهم يسيئون إلى هذه المرجعية، ويتناولون بعض العلماء في هيئة كبار العلماء في كتابات غير لائقة، ولكن نريد من لديه رأي أو قضية يريد طرحها أنه يطرحها على المرجعية الشرعية حتى نستريح من القيل والقال، لأنه هناك بعض الشباب والمتحمسين قد لا يدركون خطورة الأمور، يأتي حرص الدولة، وقد أحتد أنا وأشتد في الرد على أولئك الكتاب، لعلمي أن أي إخلال بالمرجعية الشرعية أو أي إضعاف لها، فإن المجتمع يخسر خسارة كبيرة.

الأكثر قراءة