القيمة الإجمالية لسوق الأوراق المالية في ماليزيا تضاعفت 7 مرات خلال سنوات
القيمة الإجمالية لسوق الأوراق المالية في ماليزيا تضاعفت 7 مرات خلال سنوات
استعرض خبراء ماليزيون أمس الأول في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات في فندق إنتركونتننتال الرياض، التجربة الماليزية في الصكوك الإسلامية، وكانت الندوة، التي أقامتها الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل وبرعاية إعلامية من صحيفة "الاقتصادية"، قد استضافت الدكتور محمد نور الدين أمجدمون نائب رئيس قسم الأوراق المالية التابع لهيئة الأسواق المالية الماليزية، إضافة إلى الدكتور محمد أكرم لالدين المدير التنفيذي للأكاديمية الشرعية للمالية الإسلامية "اسرا" في كوالالمبور.
وقد أوضح الدكتور أمجدمون أن السوق المالية الماليزية تعد جزءا مهما من النظام المالي في ماليزيا وتقوم بأدوار قيمة تتمثل في تنمية سوق الأوراق المالية والإشراف على المبادلات ومراكز الودائع، ومنح التصاريح والإشراف عليها، وتنظيم عمليات الإشراف والاندماج بين الشركات، وكذلك تنظيم جميع الشؤون المتعلقة بالأسهم والسندات والأدوات المالية، وتلك المتعلقة بالصناديق الاستثمارية.
وأضاف أن الحكومة الماليزية تسعى لأن تكون ماليزيا مركزا دوليا للصناعة المالية الإسلامية، وفي سبيل ذلك فقد تبنت أفكاراً عدة تعمل الآن مع الجهات المتخصصة لتحقيقها.
وذلك وفق رؤى عميقة ووسائل استراتيجية تساعد على بناء عدد من المراكز التي تمكنهم من تحقيق هذه الطموحات، كمركز تأصيل وتوزيع ومتاجرة الأدوات المالية الإسلامية، ومركز إنشاء الصناديق الإسلامية وخدمات إدارة الثروات ومركز العملة الدولية لخدمات المالية الإسلامية، بالإضافة إلى مركز لتعليم أصول المالية الإسلامية والتدريب والاستشارات والبحوث.
وأشار الدكتور أمجدمون أن القيمة الإجمالية لسوق الأوراق المالية في ماليزيا قد ازدادت خلال الفترة من عام 1990 حتى أيلول (سبتمبر) 2008 بسبعة أضعاف، حيث قفزت قيمة السوق من 62 مليار دولار أمريكي إلى 438 مليارا، موضحاً أن 85 في المائة من الأسهم المتداولة في السوق موافقة للشريعة الإسلامية، وأضاف أن الحكومة تولي السوق اهتماماً متزايداً، وتعمل بين الفينة والأخرى على تطوير أدواتها وآلياتها، إذ تشهد السوق منذ عام 2001 تطويراً مستمراً وفق خطة استراتيجية من ثلاث مراحل تضمنت 152 توصية وتعمل على تغطية مجالات متعددة، حيث بدأت المرحلة الأولي منها في العام 2001، واستمرت حتى عام 2004، وفيها قامت السوق بتقوية وتطوير المؤسسات الاستثمارية المحلية، وفي المرحلة الثانية، التي استمرت حتى 2006 عمدت السوق إلى المزيد من التطوير، فيما يخص القطاعات الأساسية، ما جعلها تدريجياً قابل للانفتاح.
أما المرحلة الثالثة والتي ستستمر، إن شاء الله، حتى عام 2010، فيتم من خلالها مواصلة عمليات التطوير لمقتضيات السوق والمرافق وتنمية مسار المنصة لتلبية التحديات الدولية في مختلف الجوانب بطريقة إيجابية حتى تصبح ماليزيا مركزاً عالمياً للسوق المالية الإسلامية، وأضاف أن خطط التطوير هذه تغطي جميع قطاعات السوق كالأسهم، وسوق السندات، والمشتقات، وقطاع السمسرة، ومؤسسات التسويق والإدارة والاستثمار.
وأضاف أيضاً أن أغلب عمليات ونشاطات سوق الأوراق المالية الماليزية موافقة للشريعة الإسلامية، وهذا ما يعني عملياً تحريم الفائدة "الربا" في معظم نشاطات البيع أو الشراء المنطوية على الغرر، وتحريم الميسر أو ما يتصل بها، ثم تحريم إنتاج أو بيع أو توفير أي خدمات محرمة شرعا، وفي مقابل ذلك أضاف أمجدمون أن السوق تعرض عددا من الأدوات المالية والخدمات المتميزة ذات الصبغة الشرعية كالصكوك الإسلامية التي تعتمد على الأصول الإسلامية والأسهم والأدوات المالية المركبة والمشتقات الشرعية، وجميعها محكومة بضوابط يقوم بإصدارها المجلس الاستشاري الشرعي وهو مجلس وطني يشغله عشرة علماء متخصصين في الشريعة مهمتهم التدقيق والفحص للتأكد من أن الأدوات التي تُصدر موافقة لمتطلبات الشريعة الإسلامية.
وأضاف، في السياق نفسه، أن هذا المجلس يسهم إسهاما جادا في تطوير الأسواق المالية الإسلامية عبر تيسير وسائل تطوير وتنظيم الأدوات المالية الجديدة وإزالة الشبهة عنها وغرس الثقة في نفوس المتعاملين من خلال نشر القرارات الشرعية وإجراء المناقشات الدورية مع المتعاملين ومديري الأسواق المالية والخبراء الشرعيين لأخذ آرائهم تمهيداً لإصدار القرارات المناسبة، وأبان الدكتور أمجدمون أن حجم الصكوك التي تمت الموافقة عليها حتى 30 سبتمبر من هذا العام تمثل 26.2 في المائة من إجمالي السندات التي تمت الموافقة عليها، وأن 64.2 في المائة من هذه الصكوك قد صيغت على المشاركة.
من جانب آخر، أوضح أن هناك قبولاً كبيراً للصكوك الإسلامية في الأوساط غير المسلمه، وأشار إلى أن سوق المال الماليزية يحظى بشهرة متزايدة بصفتها قطاعا حيويا وفاعلا، وقد أدى تصاعد الإقبال على هذه المنتجات الشرعية إلى ظهور طلب جديد من الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وشمال إفريقيا معظمهم مستثمرون تقليديون، وأضاف أن الحكومة تقوم بتشجيع الأجانب للاستثمار في السوق وتقدم لهم الكثير من التسهيلات كالإعفاءات الضريبية والمشاركة في الصناديق الاستثمارية، كما نوه إلى حجم الاستثمارات الخليجية في هذه الصناديق، وأورد الكثير من الأرقام التي تؤكد مدى رغبة المستثمرين من هذه المنطقة في الاستثمار في الصناديق الإسلامية الماليزية.
وفي سياق الندوة نفسها تحدث الدكتور محمد أكرم لالدين المدير التنفيذي لـ "اسرا" عن أهم المراحل التاريخية للصكوك في ماليزيا، موضحاً أن ماليزيا تعد أول دولة في العالم تقوم بإصدر صكوك حكومية إسلامية، وهي صكوك الإجارة المشهورة بمبلغ 600 مليار دولار أمريكي، حيث أصبحت بهذا الإصدار أول دولة في العالم تصدر صكوكا حكومية دولية.
وأضاف أن 76 في المائة من السندات التي صدرت في عام 2007 هي صكوك موافقة للشريعة الإسلامية بصيغ مختلفة منها 58 في المائة مشاركة و9 في المائة استصناع، و11 في المائة إجارة، و1 في المائة مضاربة، و19 في المائة مرابحة و2 في المائة بصيغة البيع بثمن آجل، وأضاف أن إجراءات الموافقة على الصكوك محصورة في جهة واحدة من جهات لجنة مراقبة عمليات البورصة (وكذلك السندات)، ودعا الدكتور لالدين في ختام حديثه إلى ضرورة الاستفادة من الظروف الحالية التي تمر بها الاقتصادات العالمية من أزمات للترويج للنظام الإسلامي والعمل على تجاوز التحديات التي تعيق من تطويره، وذكر أن أبرز هذه التحديات تتمثل في الكوادر البشرية المتخصصة.