إجراءات جديدة لتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص
تعتزم الحكومة اليمنية اتخاذ سلسلة من الإجراءات الجديدة لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في البلاد، في ضوء مقتضيات وظروف البيئة الداخلية ومتطلبات الاندماج في الاقتصاد العالمي.
وأوضح لـ "الاقتصادية" مسؤول حكومي رفيع أن الحكومة قررت أخيرا لأول مرة تبني سياسات وخطوات مواتية لتعزيز الشراكة التجارية والاقتصادية مع القطاع الخاص المحلي، وأنه سيتم الإعلان قريبا عن إنشاء مجلس أعلى مشترك بين القطاعين، برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية الوزارات ذات العلاقة المباشرة بالنشاط الاقتصادي والتجاري، وعدد من ممثلي شركات ومؤسسات القطاع الخاص.
وقال المسؤول الحكومي إن المجلس ـ يعد الأول من نوعه ـ سيتولى دراسة الاستراتيجيات والسياسات التي تقترحها الحكومة، وكذلك التقارير والمقترحات التي يقدمها القطاع الخاص، إضافة إلى مراجعة الإستراتيجية التصنيعية في ضوء المتغيرات الاقتصادية، وتبني سياسات وإجراءات متوافقة مع التوجهات العامة ذات تأثير ايجابي على القدرات التنافسية للمنتج المحلي.
وسيقوم المجلس المشترك الأعلى بتشكيل لجان مشتركة من القطاعات والمجالات المرتبطة بنشاط القطاع الخاص، تكون مهامها الأساسية مراجعة وتقييم نتائج تنفيذ السياسات والخطط والبرامج والقوانين والأنظمة ذات العلاقة، وتوسيع نشاط الشراكة ليغطي عموم محافظات ومديريات البلاد، من خلال إشراك القطاع الخاص في مناقشة مختلف الجوانب الاقتصادية والمجالات ذات العلاقة بنشاط القطاع الخاص.
ترشيد الأعباء الإضافية
وقال إنه من ضمن الإجراءات الاقتصادية، ترشيد الأعباء الإضافية والتعريفية الجمركية ومراجعة السياسة الضريبية لتقليص تعدد الضرائب والجباية وازدواجها بما يشجع الحد من التهرب الضريبي وتضافر جهود مختلف مؤسسات الدولة وإمكاناتها لإزالة الاختلال وكل المعوقات أمام الاستقرار الاقتصادي وتدفق الاستثمارات.
معالجة هروب المستثمرين
وبين أن الحكومة تعتزم أيضا اتخاذ إجراءات حازمة ضد الممارسات الضارة بالنشاط الاقتصادي والاستثماري أو إلحاق السمعة السيئة به، وفرض عقوبات صارمة على تجاوز حدود المسؤولية والقانون والتي تدفع المستثمرين الرساميل إلى الهروب، إضافة إلى التزام الجهات الحكومية باحترام القرارات.
القطاع الخاص والتخفيف من الفقر
ولفت المسؤول اليمني إلى أهمية أن يقوم القطاع الخاص بدوره في تحقيق الشراكة، من خلال إدراكه متطلبات هذا الدور والمسؤوليات الملقاة على عاتقه وأبرزها تطوير نشاط تنظيماته بما يتيح تقديم الخدمات لوحدات القطاع الخاص وتقديم الرؤى والأفكار والمقترحات حول السياسات والقوانين، وكذلك المساهمة بفاعلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبرامج التنمية المستدامة والتخفيف من الفقر، وإعداد برامج لتنمية القدرات في تنظيمات ومؤسسات القطاع الخاص والتركيز على البحوث والدراسات الاقتصادية واكتساب المعارف والمهارات الإدارية والفنية.
دعم الإصلاحات الاقتصادية
كما على القطاع الخاص أن يقوم ببناء علاقات متينة بين فئات وتنظيمات قطاعه، وكذلك مع الجهات الحكومية المعنية مباشرة بأمور القطاع الخاص والمساهمة الفعالة في إعداد وتنفيذ الخطط وبرامج التنمية الوطنية، وإجراء المسوح الميدانية من خلال جهات استشارية لجمع البيانات واستطلاع الآراء حول القضايا الاقتصادية والتنموية، ودراسة القوانين والأوضاع الاقتصادية وتقديم المقترحات بما يخدم تطوير الأنشطة الاستثمارية وتحقيق التنمية، وكذا دعم الإصلاحات الاقتصادية بما يحقق توازن مصالح القطاع الخاص مع المصالح العامة.
رأي القطاع الخاص
من جهته تحدث لـ "الاقتصادية" عبد السلام الاثوري المحلل الاقتصادي والأمين العام لمجلس رجال الأعمال اليمنيين، مشيرا إلى أن الحكومة مرتبطة بتوجهات أساسية تقوم على أساس اقتصاد السوق وهو الذي أتاح للقطاع الخاص وأصحاب المبادرات بتوسيع النشاط والملكية في جوانب الملكية الخاصة وتوسع القطاع الخاص خلال العشر السنوات الأخيرة بعد تبني سياسة الإصلاحات الاقتصادية إلى مستوى تجاوز أضعافا مضاعفة في مجالات مختلفة وقد وفر هذا التوجه فرص عمل أكثر بعشرات الآلاف.
شراكة ثلاثية
وقال إن هذه السياسة الانفتاحية تقوم أساسا على مبدأ الشراكة الثلاثية بين الدولة وحكومتها والمجتمع بفئاته والقطاع الخاص كطرف أساسي في العملية التنموية.
مصالح لجميع الأطراف
وأكد عبد السلام أن رئيس الوزراء حريص على تحقيق تلك القاعدة من خلال إيجاد مجلس اقتصادي اجتماعي يضم في عضويته الدولة بحكومتها ومن خلال الجهات ذات العلاقة بالنشاط الاقتصادي والاجتماعي وعضوية القطاع الخاص ممثلا بمنظماته الفاعلية والقطاعات القريبة والاقتصاديين ومؤسسات التعليم الجامعي والفني والقطاعات الاجتماعية الأخرى، على أن يحقق هذا المجلس الشراكة الموضوعية في تبنى البرامج والسياسات ومناقشة القضايا ذات العلاقة بما يتطلبه تطور النشاط الاقتصادي والتنموي وفي إطار توازن مصالح جميع الأطراف.
تشكيل إطار الشراكة
ولفت عبد السلام إلى أنه تم الاتفاق مع الحكومة بمتابعة من الرئيس اليمني على أن تتشكل أطر للشراكة ومنها إطار المجلس الاقتصادي الاجتماعي، وكلف القطاع الخاص بتقديم رؤيته في هذا الموضوع في الاجتماع كلا من: رئيس الاتحاد محمد عبده سعيد والشيخ محفوظ شماخ رئيس غرفة الأمانة الأمين العام للمجلس اليمني لرجال الأعمال والمستثمرين ويكلف رئيس الوزراء بقية الفئات أن تقدم رؤيتها للوصول إلى رؤية مشتركة يتم إقرارها وتأسيسها بقرار جمهوري وربما قانون.
القطاع الخاص قدم رؤيته
وأكد الأمين العام لرجال الأعمال أن القطاع الخاص قد أكمل تحديد الرؤية حول هذا الاتجاه وسيقدمها لرئيس الوزراء في الأيام القليلة المقبله، بينما سنقدم للمجلس حال تأسيسه رؤية متكاملة عبارة عن أجندة أعمال اقتصادية تعبر عن جوانب التقييم للسياسات الحكومية والقوانين وتقديم المقترحات عما يجب إيجاده لإكمال بنية المنظومة الاقتصادية قانونيا وإجراءات وسياسات ومؤسسات.
مناخ الاستثمار لم يتطور
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار الإجمالي بلغت 42 في المائة في المتوسط خلال الفترة 1996-2000م
و39.7 في المائة في المتوسط خلال الفترة 2001-2004مقارنة باستهداف 58 في المائة في المتوسط خلال سنوات الخطة الخمسية الثانية 2001-2005م، إلا أن الإحصائيات الرسمية أكدت حدوث تراجع نسبي في استثمارات القطاع الخاص مقارنة بالمستوى الذي حققته في السنوات السابقة على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي الإداري الذي بدأته اليمن منذ آذار (مارس) 1995 بدعم من البنك وصندوق النقد الدوليين، وذلك بسبب أن بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار لم تتطور بالقدر الكافي والملائم.
زيادة في الاستثمارات الحكومية
وبحسب تقرير حكومي صدر أخيرا، فإن هناك زيادة كبيرة في الاستثمارات الحكومية واستثمارات القطاعين العام والمختلط واستثمارات الوحدات المستقلة والملحقة والصناديق الخاصة والتي سجلت معدلات نمو سنوية عالية بلغت على التوالي 23 و31.5 و69.8 في المائة في العام الجاري 2005م، متجاوزة وبدرجة كبيرة ما كان متوقعا لها في الخطة الخمسية الثانية.
رفع مستوى البنية التحتية للاقتصاد
وأرجع التقرير ذلك إلى استهداف الدولة للإسراع في رفع مستوى البنية التحتية للاقتصاد والاقتراب من تحقيق أهداف الخطة وإستراتيجية التخفيف من الفقر من خلال توسيع ورفع نسبة التغطية من الخدمات الأساسية والعامة، وخدمات الضمان الاجتماعي، بما يساهم في تحسين البيئة الاستثمارية إلا أن الاستثمار الإجمالي لم يحقق معدل نمو سنويا متوسطا إلا بمقدار 17.8 في المائة في عام 2005م.
تراجع حجم الاستثمار الخاص 1.9%
بالمقابل ارتفعت استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي خلال الفترة 2001- 2005م وحققت معدل نمو سنويا متوسطا 9.2 في المائة، إلا انه كان أقل من معدل التضخم السنوي لنفس الفترة ما يعني أن حجم الاستثمار الخاص الحقيقي تراجع بمعدل سنوي متوسط 1.9 في المائة وأن القطاع الخاص لم يقم بالدور المناط به في إطار الخطة الخمسية نتيجة لما واجهه الاقتصاد اليمني من تحديات خلال سنوات الخطة.