الصكوك قد تصبح الخيار المفضل وسط انكماش السيولة
أكد تقرير اقتصادي حديث عن سوق الإصدارات الأولية أن الأزمة المالية التي تعصف بالشركات والمؤسسات المالية والمصرفية نتيجة تراجع ثقة المستثمرين أثرت بشكل مباشر في سوق الإصدارات الأولية وسوق الدين (السندات والصكوك)، بحيث آثرت الشركات التريث في طرح خططها لجمع رأس المال أو الديون لحين انقشاع الغمة عن المستثمرين وعودة الثقة إلى الأسواق المالية، خصوصا أن حكومات العالم مجتمعة أعلنت خططاً صلبة لحماية أنظمتها المالية وضمان الاستقرار فيها.
ولاحظ تقرير مجموعة صحارى، أن عدد الإصدارات العامة الأولية تراجع بالفعل في دول الخليج حيث تم إنجاز 25 اكتتابا أوليا خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2008 مقارنة بـ 26 في الفترة ذاتها من عام 2007، بحسب تقرير لشركة جلف كابيتال، منها 13 في السعودية بلغت قيمتها 9.7 مليار دولار، فيما استقطبت الإمارات ثمانية اكتتابات أولية بقيمة 1.3 مليار دولار، بينما شهدت قطر اكتتابا واحدا بقيمة 511 مليون دولار، وتم في الكويت اكتتاب واحد بقيمة 98 مليون دولار، بينما شهدت عُمان اكتتابين بقيمة 70 مليون دولار.
وقال التقرير إن الشركات التي أعلنت عن خطط للطرح العام الأولي أو إصدار سندات قامت بتأجيل خططها لكيلا تضطر لدفع تكاليف إضافية بسبب ارتفاع تكاليف الإقراض وتسعير السندات والصكوك من جراء الأزمة الائتمانية وشح السيولة. وأكد التقرير أن تدخل الحكومات الخليجية بشكل مباشر لضمان المؤسسات المصرفية والمالية وتوفير الدعم سيعطي دفعة لاسترداد الثقة.
وفي السياق ذاته، قالت شركة أبيار للتطوير العقاري الكويتية إنها قررت تأجيل بيع صكوك تصل قيمتها إلى مليار دولار، كان مزمعا إصدارها العام الجاري بسبب أزمة الائتمان العالمي.
وكانت شركة أبيار للتطوير العقاري قد أعلنت في آذار (مارس) الماضي عن مفاوضات مع مؤسسة ميريل لينش لإصدار صكوك بقيمة 500 مليون دولار وكذلك مع بنك دبي الوطني للاستثمار لإصدار صكوك تراوح قيمتها بين 300 و500 مليون دولار لتمويل عمليات توسع في المنطقة. وأجلت شركة أبيار إدراج أسهمها في دبي أيضا بفعل الأزمة المالية العالمية.
من جانب آخر، أجلت شركة ديار للتطوير بيع صكوك بسبب أزمة الائتمان العالمية وصعوبة جمع الأموال اللازمة. وفي دبي أيضا قالت شركة "تمويل" للتمويل العقاري إن الشركة تبحث إصدار صكوك إسلامية بقيمة تصل إلى ملياري درهم في الربع الأول من العام المقبل رغم أزمة السيولة العالمية. وكانت شركة تمويل قد قامت بالفعل بتسعير صكوك بقيمة 1.1 مليار درهم في تموز (يوليو) الماضي. ويأتي ذلك بعد إعلان "تمويل" و"أملاك للتمويل العقاري" عن محادثات تجري بين الشركتين بشأن صفقة اندماج بينهما.
وبين التقرير أن إصدارات الصكوك شهدت رواجا مهما في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية بفعل النشاطين العقاري والتمويلي المرتبط بهما، حيث تضاعفت إصدارات الصكوك في المنطقة بشكل كبير، وتوقع التقرير اتجاه كثير من الشركات إلى التمويل عبر إصدار السندات الإسلامية للتغلب على ما لحق بالنظام المالي من أذى نتيجة الأزمة المالية.
وفي السياق، اتفق مشاركون في منتدى التمويل الإسلامي المنعقد في تركيا على أن أعدادا متزايدة من المطورين العقاريين يتحولون لوسائل التمويل الإسلامي للبدء بتنفيذ مشروعاتهم في ظل تنامي الصعوبات في عالم التمويل الدولي الناجم عن الأزمة الائتمانية.
وقال التقرير إن طبيعة التمويل الإسلامي الذي يقوم على المشاركة في ملكية الأصول جنبت المؤسسات المالية التضخم في التقييمات وبالتالي بقاء الأصول ضمن قيمتها. وذكر متحدث باسم المنتدى أن هناك العديد من الأمثلة الجديدة عن شركات تطوير عقارية عالمية تتبنى النموذج الإسلامي لتمويل مشاريعها، منها قيام شركة عقارية تتخذ من سنغافورة مقرا لها وتعد أكبر شركة من نوعها في جنوب شرق آسيا بالإعلان عن خطط لإصدار الدفعة الأولى من صكوك بقيمة 700 مليون دولار بنهاية العام الحالي مع استهداف المستثمرين من منطقة الشرق الأوسط بصورة أساسية. وبين التقرير أن دول الخليج تتمتع بسيولة كبيرة تبحث عن استثمارات آمنة، ويبرز التمويل الإسلامي كأحد الخيارات الاستثمارية الآمنة والأقل مخاطرة في ظل عدم الاستقرار المالي.
ومع ذلك، قالت شركة مزايا قطر، عن خططها لرفع رأسمال الشركة إلى مليار درهم، من خلال طرح 50 مليون سهم للاكتتاب العام خلال الربع الأخير من العام الحالي، ممهدة للإدراج في سوق الدوحة للأوراق المالية، على الرغم من الأزمة المالية التي تشهدها أسواق العالم.
و"مزايا قطر" شركة مساهمة قطرية، تأسست برأسمال قدره مليار ريال قطري مدفوع منه 500 مليون ريال مقسمة على 50 مليون سهم، وتعمل الشركة وفق أحكام الشريعة الإسلامية، في حين توزع رأس المال بين مستثمرين قطريين ومستثمرين من دول مجلس التعاون الخليجي. ويعمل 50 في المائة من رأسمال الشركة في مجال التطوير العقاري، بينما يعمل 25 في المائة من رأس المال في مجال تطوير العقارات المدرة للدخل، أما نسب المال المتبقية فستعمل على المشاركة في صناديق ومحافظ عقارية والمتاجرة السريعة بالعقارات.