الأزمة الحالية الأخطر في تاريخ الاقتصاد الحديث.. والعولمة عمقت آثارها

الأزمة الحالية الأخطر في تاريخ الاقتصاد الحديث.. والعولمة عمقت آثارها

أكد خبراء ومحللون اقتصاديون أن الأزمة المالية الراهنة ما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن، مشيرين إلى تأثيرها الأكبر على الاقتصاديات العربية، كما أن تداعيات الأزمة سينتج عنها تراجع معدلات النمو في مختلف دول العالم. وشدد الخبراء على ضرورة التحرك السريع والتعامل بشفافية مع أسباب وتداعيات الأزمة. جاء ذلك خلال الندوة النقاشية التي نظمها "موقع معلومات مباشر" تحت عنوان "إلى أين تتجه الأسواق العربية في ظل الأزمة المالية العالمية" بمشاركة خبراء اقتصاديين ومتخصصين فى أسواق المال.
وصف الدكتور هاني سري الدين رئيس هيئة سوق المال المصري السابق, الأزمة المالية العالمية الراهنة بالأخطر في تاريخ الاقتصاد الحديث بعد أزمة الثلاثينيات من القرن الماضي، مشيرا إلى أن العولمة التي تعيشها الشعوب حاليا كانت السبب الرئيسي وراء تعميق الأزمة وزيادة خطورتها خاصة أنها لم تقتصر على الأسواق المالية فقط بل امتد أثرها إلى القطاعات الأخرى مثل العقارات والتأمين وغيرهما.
وقال سري الدين إن تأثير الأزمة على الاقتصاد العربي بوجه عام والمصري على وجه التحديد لم تتبلور بعد ولكن بلا شك أن تلك الأزمة سوف تؤثر بشكل كبير في اقتصاديات العالم النامي ككل وبدون تفرقة في إشارة منه أننا في مرحلة المشكلة ولم نصل إلى مرحلة الأزمة كما هي في أمريكا وأوروبا".
وأشار إلى " أن الأزمة ستخلق تحديات كبيرة للاقتصاد المصري تتمثل في الاستثمارات المباشرة والتي ستؤثر بشكل كبير في عملية الاستثمار في البورصة سواء القادمة من أسواق الخليج أو أوروبا والولايات المتحدة وشرق آسيا، ومن الطبيعي أن تؤثر في عملية النمو, الأمر الذي يتطلب مراعاة أبعاد ذلك ".
من جهته، توقع هشام توفيق عضو مجلس إدارة شركة النعيم القابضة أن تستمر الأزمة لمدة عامين أو أكثر. واستعرض توفيق أسباب الأزمة المالية العالمية التي بدأت منذ نحو عامين وأثرها في الاقتصاد المصري والعربي، مشيرا إلى أن أزمة التمويل العقاري في الولايات المتحدة هي السبب الرئيسي والمباشر فى تزايد الأزمة, فضلاً عن أن المجتمع الأمريكي وسلوكه الاستهلاكي تسبب فى الأزمة ، حيث يعيش المواطن الأمريكي على القروض الردئية التي منحتها البنوك لشراء المنازل ومبالغ مماثلة بصفة قروض استهلاكية بموجب بطاقات الائتمان. وطالب توفيق المسؤولين بإعطاء تصورات واضحة للوقوف على حجم الأزمة وأن تكون أكثر مصداقية
قبل أن تحدث المزيد من الانتكاسات على مستوى اقتصادات العالم، موضحا أنه من المفترض أن يعلن محافظو البنوك المركزية عن الأصول أو الوادئع المملوكة للبنوك في الخارج فضلاً عن الاحتياطيات النقدية وأين تم إيداعها؟
من جانبه اعتبر الدكتور عبد الله الشاملي (محلل اقتصادي وخبير أسواق المال)، أن الأزمة المالية الراهنة لم تحدث فجأة لأننا نعاني منذ عامين تداعيات وأوضاع غير سارة سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، مشيرا إلى أن الأزمة بدأت بالسياسة وانتهت بالاقتصاد، مبينا أنه لم يتم حصر تكاليفها وأبعادها بشكل كامل ولكن آخر الإحصاءات تشير إلى خسائر تُقدر بنحو 1.3 تريليون دولار وهذا تقدير مبدئي ومن الممكن أن يظهر ضعف هذا الرقم خلال الأيام القادمة".
وأضاف الشاملي "أنه إذا قارنا بين هذا الرقم والأرقام التى تطوعت بها الولايات المتحدة من أجل إنقاذ اقتصادها والبالغ 700 مليار ريال نلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تنقذ الاقتصاد العالمي فقط ولكن تعمل على إنقاذ اقتصادها الذى يمثل 40 في المائة من الاقتصاد العالمي". وأضاف " أن الأزمة المالية العالمية بدأت من الولايات المتحدة وسوف تجوب العالم من أدناه إلى أقصاه وستؤثر في الدول الضعيفة والنامية والأفراد في العالم الثالث قبل زعماء المال والأعمال وأصحاب الثروات في العالم المتقدم أو الدول الصناعية أو الدول الناشئة".
بدوره أكد كمال محجوب ــ رئيس قطاع سوق المال في بنك مصر إيران ــ سلامة الجهاز المصرفي المصري فضلا عن الخليجي لوجود فائض سيولة لديه عكس ما يحدث في الولايات المتحدة والذي أدى إلى حدوث تلك الأزمة الاقتصادية العالمية. وقال محجوب :" إننا نحتاج إلى ثقافة قوية بين المستثمرين فضلاً عن تدخل حاسم من صناع القرار, بالإضافة إلى شفافية من جانب الشركات, مشيرا إلى أن أول طريق الخروج من الأزمة هو العودة إلى الاقتصاد العيني".
في المقابل، أكد حنفي عوض المدير التنفيذي لشركة تداول للأوراق المالية, أن القيمة السوقية للبورصة المصرية بلغت نحو 768 مليار جنيه خلال 2007 لتصل إلى 544 مليار جنيه في أيلول (سبتمبر) الماضي, مما يعني أن هناك 224 مليار جنيه تبخرت منها جزء أجنبي والآخر عربي ومصري, وبالنسبة للجزء المصري فنسبة كبيرة منه لن تعود وذلك يرجع إلى الشراء الهامشي .
وأشار عوض إلى أن هناك كثيرا من المستثمرين فقدوا نحو 30 إلى 70 في المائة من محافظهم وذلك ليس بسبب الأزمة الواقعة لأننا توقعنا من قبل حدوث ركود وكساد خلال العام الجاري، مشيرا إلى أن القرارات التي اتخذتها الحكومة المصرية في أيار (مايو) الماضي ساهمت في الإسراع من الكساد ومن ثم بدأ السوق المصري في الانهيار إلى أن فقد 16.4 في المائة من قيمته فى يوم واحد بعد عطلة العيد ثم تبعه اليوم الذي يليه بنحو 7 في المائة لتصل بذلك إجمالي الخسائر في يومين نحو 24 في المائة.
وفي ختام الندوة تحدث نادر عرفة رئيس قسم التحليل الفني في شركة الوسيط المباشر، مؤكدًا أن من بين المتهمين بالأزمة المالية الراهنة هو قرارات خفض الفائدة خلال عام 2000 و2001 و 2002 إلى 1 في المائة مما خلق أكبر حملة استدانة وديون وقروض في الولايات المتحدة في تاريخها, ثم إعادة رفع الفوائد مرة أخرى, ما أدى إلى خلق الفقاعة العقارية ثم بدأت أكبر حملة إفلاس قامت بها كبريات شركات التأمين والتمويل العقاري والبنوك. وأشار إلى أن رجال البنوك الذين استفحلوا في مضاربتهم للحصول على أكبر أرباح ممكنة بغض النظر عن كون هذه المضاربات تؤيد الاقتصاد أم لا.

الأكثر قراءة