مصدر غربي: يمكن معالجة انكشاف بعض شركات التأمين الإسلامية الخليجية على شركات التأمين الغربية المتعثرة
أكد لـ "لاقتصادية" مصدر غربي على إطلاع وثيق بقطاع التأمين الخليجي، أن بعض شركات التأمين الإسلامية (تكافل) لديها انكشاف "يمكن إدارته" مع كبرى شركات التأمين الأمريكية والأوروبية، ولا سيما تلك "التقليدية" التي ضربتها الأزمة المالية الحالية.
وكشف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن تلك العلاقة التجارية قد تكون تمت بمباركة من المجالس الشرعية بهذه الشركات التي رأت ضرورة إبرام مثل تلك الاتفاقيات من أجل تعزيز المحفظة التأمينية لشركات تكافل وتقوية حظوظها التنافسية في هذا القطاع.
إلا أن المصدر عاد وأكد أن بعض هذه المجالس قد لا يكون لديها علم بمثل تلك العلاقات التجارية في المقام الأول، إلى جانب أن بعض تلك المجالس الشرعية تمارس سلطه واسعة على الفريق الإداري لشركة التأمين الإسلامية، الأمر الذي أسهم في إنقاذ وعدم تورط تلك الشركات في إبرام اتفاقيات إعادة تأمين مع تلك الشركات الغربية المتضررة.
وفي السياق ذاته، طمأنت وكالة ستاندر آند بورز المستثمرين السعوديين بأن ليس في نيتها اتخاذ أية إجراءات سلبية بخصوص التقييمات الائتمانية لشركات التأمين وإعادة التأمين المحلية بالنظر إلى جوانب الالتباس في البورصة.
وأشارت على لسان كبار محلليها إلى أنهم "يشعرون بالارتياح من الضوابط الحصيفة التي تضعها مؤسسة النقد العربي السعودي باعتبارها الجهاز الرقابي الذي ينظم عمل الشركات المالية على النشاطات الاستثمارية لشركات التأمين وإعادة التأمين العاملة في المملكة، ومن الرسملة القوية عموماً للجيل الجديد من شركات التأمين وإعادة التأمين السعودية".
وهنا أشار ديفيد أنتوني, كبير محللي الخدمات المالية (التأمين) في وكالة ستاندارد آند بورز, بالفرص التجارية المعتبرة لشركات التأمين في قطاع الرعاية الصحية في السعودية، على الرغم من أن هذا القطاع يبدو بأنه مخدوم جيداً استناداً إلى القاعدة العريضة من شركات التأمين الموجودة به, حيث يقول "حتى تلك الشركات التأمينية القائمة التي تفتقر إلى ما يكفي من البنية التحتية لإدارة السجل الصحي الخاص بها، تشعر في غالب الأحيان بضرورة تقديم هذا الخط التأميني انسجاماً مع زبائنها من الشركات. وحققت هذه الشركات ذلك تقريباً من خلال استخدام أطراف إدارية من جهات ثالثة" ويتابع "إننا نعتقد أنه ليس بإمكان أي شركة تأمين عاملة في السعودية، أن تتجاهل القطاع الصحي الذي تتصاعد أقساط التأمين الخاصة به لتبلغ نحو نصف أقساط التأمين الصافية للسوق ككل . ومن المحتمل أن تزداد شدة المنافسة، وبالذات على عقود التأمين الصحية الخاصة بالشركات الكبرى".
علاقات التكافل المشبوهة
ومن أجل استشفاف ما إذا كان هناك انكشاف من عدمه لشركات تكافل مع مؤسسات التأمين الغربية، أجرت "الاقتصادية" مقابلة مع كيفين ويليز، كبير المحللين لدى ستاندر والخبير في قطاع التأمين الخليجي, حيث أكد من مقر إقامته في لندن أنه "لا يمكن تجنب" عمليات الانكشاف الخاصة بشركات التأمين الخليجية (بشقيها الإسلامي والتقليدي) مع الشركات "الغربية المعتلة". إلا انه اعترف بأن هذا الانكشاف يعد "محدودا نوعا ما" بالنظر إلى الشركات التي تقيمها ستاندرد. ومذكرا في نفس الوقت أن بعض الحكومات الأوروبية أعلنت استعدادها لإنقاذ شركات التأمين المتعثرة إلا أنه، وبحسب كيفين، لم تطلب حتى الآن أي شركة أوروبية أي مساعدة حكومية بعد.
وتابع كيفين "إننا باستمرار نرصد أوضاع جميع الشركات المقيَّمة لدينا، ونحن نرصدها حالياً بهدف تقييم التأثير الذي يمكن أن تتعرض له بفعل الأزمة الائتمانية "في الغرب" والهبوط الحاد في البورصات الخليجية. " وأوضحت مؤسسة التصنيف الدولية أن "مستوى انكشاف الشركات أمام أي حدث هو إلى حد كبير أمر فردي يتعلق بكل شركة على حدة، ولا يختص بشركات (التكافل) في مقابل الشركات (التقليدية). ففريق الإدارة في الشركة يرسم مدى عِظم حجم المخاطرة لدى الشركة، ولكن ربما يتأثر ذلك بعوامل خارجية مثل الأنظمة الرقابية المحلية أو المجلس الشرعي".
AIG
معلوم أن الأزمة المالية العالمية التي ضربت الأسواق العالمية قد شلتّ أمريكان إنترناشيونال جروب (AIG)، التي كانت يوما أكبر شركة تأمين في العالم بأصول في السوق العالمية تبلغ نحو 1.1 تريليون دولار، ويزيد عدد المستفيدين من خدماتها على 74 مليون شخص في 130 دولة من جراء عمليات إعادة التأمين التي تبرمها مع شركات التأمين الصغيرة بهذه الدول. وقد خسرت الشركة خلال الأشهر الماضية أكثر من 18 مليار دولار بسبب أزمة الرهن العقاري التي تمر بها أمريكا، وقد ترتب على ذلك خسارة الشركة ما نسبته 91 في المائة من قيمة أسهمها.
وأعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) حينها حزمة من الإجراءات لإنقاذ مجموعة التأمين الأمريكية أمريكان إنترناشيونال جروب "أيه. آي. جي". وكشف عن أنه سيقدم قرضا بقيمة 85 مليار دولار للمجموعة مقابل سيطرته على نحو 80 في المائة منها.
هل "تكافل" بمنأى عن المخاطر الائتمانية؟
يرى ديفيد أن بعض شركات التأمين السعودية ستكون معرضة للمخاطر إذا كان لديها انكشاف كبير أمام مخاطر السوق، خصوصاً في الاستثمارات المتعلقة بالأسهم أو العقارات، حيث يمكن أن تتأرجح القيمة بسرعة وبصورة لا يستهان بها إما زيادة أو نقصاناً، تماماً مثلما أنها ستكون معرضة للمخاطر الائتمانية إذا كانت لديها موجودات (سواء كانت على شكل استثمارات أو ودائع أو حسابات دائنة) تجعلها معتمدة مالياً على التزام الأطراف الأخرى بتنفيذ تعهداتها. ويواصل " ويمكن لأية شركة تعمل في التأمين أو إعادة التأمين، سواء كانت على شكل تكافل أو على الشكل التقليدي، أن تقلل من انكشافها أمام مخاطر السوق إما من خلال عدم الدخول في استثمارات الأسهم والعقارات، أو بحيازة كمية محدودة من الأسهم أو العقارات نسبة إلى إجمالي مواردها المالية، وبأن تكون متأكدة وواثقة تماماً من أنها تفهم بوضوح أسواق الأسهم والعقارات التي تريد الاستثمار فيها.