أبطالنا الأولمبين: سخروا منا في الجامعة..لم يقدروا إنجازاتنا..وأصابونا بالإحباط
تتسابق دول العالم المتقدمة رياضيا من أقصاها إلى أقصاها، لصناعة نجوم يشرفون بلدانهم ويرفعون أعلام بلدانهم عاليا في المحافل الدولية، فالرياضة أضحت علامة بارزة لتقدم الشعوب ورقيها، وبروزها، كما أنها تحولت لاستثمار ناجح بكل المقاييس، فالبرازيل مثلا تعتمد كثيرا على عوائد عقود لاعبيها الاحترافية.
ولا يختلف اثنان على أن الجامعات ثروة لا يستهان بها لتخريج النجوم الخصبة في مختلف الألعاب، كما أن أغلب الدول تعتمد عليهم كمورد خصب في المنافسات الأولمبية.
واليوم وبعد إعلان إطلاق ( اتحاد الجامعات) في السعودية، تطرح "الاقتصادية" في حلقة أخرى اليوم أبرز العقبات التي تعترض طريق نجومنا الأولمبيين، وكذا غيرهم من المواهب من طلبة الجامعات الرياضيين الذين هم في أمس الحاجة إلى رعاية واهتمام لتصديرهم كنجوم يمثلون في مشاركات أولمبية وعالمية.
وفي حلقة اليوم نستضيف أبطالا سعوديين مثلونا في البطولات الأولمبية والعالمية، رفعوا فيها شعار العلم السعودي عاليا، نافسوا بقوة، حصدوا نتائج بضراوة، أما ما لا يعرفه أحد عنهم فهو أنهم أحبطوا في مواقع كثيرة هنا، ولم يجدوا ما يدعم إمكاناتهم، ويعاضد جهودهم لمواصلة الإبداع والتألق.
أكد لـ "الاقتصادية" محمد الخويلدي البطل الأولمبي العالمي في الوثب الطويل أن الجامعات السعودية لا تزال مقصرة في دعمها للطلبة الرياضيين والأولمبيين بشكل خاص، كما أنها لا تملك مقومات وصالات وملاعب مهيأة لممارستهم الرياضية عليها، باستثناء وجود مضمار فقط.
ووصف تعامل الجميع معه عندما كان طالبا في الجامعة بالعادي جدا، ولا يحظى بأي امتيازات عن سواه، كما أنه واجه إحباطا كبيرا جدا، فهو أحيانا يظل طول السنة خارج البلاد في برنامج زمني تدريبي ومشاركات خارجية وإعداد للأولمبياد وفي النهاية لا يجد أي تقدير من أحد ويضعون ما نقوم به بأنه "خرابيط".
وأضاف أيضا، أثناء دراستنا في الجامعة، لا يسمح لنا الأستاذ بالتغيب عن المحاضرة بسبب التدريب، بل ينظرون إلى أن التدريب لا فائدة منه، وإزاء ذلك تركت الجامعة، بعد أن توافرت لي وظيفة جيدة.
وكشف الخويلدي أنه تلقى أكثر من عرض من جامعات أمريكية أعجبت بموهبته، للالتحاق بها كدراسة جامعية مجانية وتكفلها بذلك إلى أن يحصل على درجة الماجستير، وذلك مقابل أن يلعب للجامعة ويمثلها في المشاركات الداخلية والخارجية.
وطالب المسؤولين بأهمية دعم الطلبة الأولمبيين وقبولهم في الجامعات حتى وإمكانات معدلاتهم منخفضة فقد يبرز ويحمل لواء الجامعة، كما أنه قد يتخصص في مجال رياضي وبذلك تتم الاستفادة منه، كما يجب أن يكون هناك تنسيق بين الجامعات والاتحادات الرياضية، لدعم الألعاب بأسماء متميزة.
واعتبر جامعاتنا لا تزال متأخرة من ناحية تحفيز اللاعبين الأولمبيين ومنحهم مكافآت بعكس ما يحدث في الدول الأوروبية الأخرى.
- السبع: قالوا لي"خل رياضتك تنفعك"
من جهته، أكد العداء العالمي حسين السبع أنهم لا يجدون اهتماما كما يجده اللاعب الجامعي الأمريكي من حرص عليه حتى على عائلته، مشيرا إلى أن إحدى الكليات رفضته عندما تقدم لها بحجة أن معدله منخفض.
وأوضح أنه تلقى عروضا من جامعات أمريكية مثل جامعة "نبراسكا" وغيرها للدراسة المجانية عندما شاهده مدربون في الأولمبياد، وعرضوا عليه الدراسة في المجال مقابل التمثيل، بينما على العكس تماما هنا فعندما تخبر أحدا في الجامعة أنك لاعب، تجدهم يقولون لك بهذه اللهجة "خل رياضتك تنفعك".
وأضاف، في أمريكا عندما تدرس في جامعة ويعلمون أنك بطل أولمبي، فهذا وحده يكفيك، تجد كل من حولك يساندك بما فيهم أساتذتك الجامعيون، فتجد كل أنواع المحفزات تحيط بك، وهنا يحدث العكس تماما حينما تؤثر رياضة الأبطال إيجابا لهم في تلك الدول نجد العكس تماما، فرياضتنا هنا تنعكس سلبا على دراستنا الجامعية بسبب وجود الصعوبات وعدم التقدير لنا كرياضيين.
السقا: إمكانات جامعاتنا الرياضية قاصرة
يرى الدكتور صلاح السقا عضو هيئة التدريس في قسم التربية البدنية في كلية التربية في جامعة الملك أن الجامعات في الأساس هي مجتمع شبابي رياضي أغلب من فيه يمارسون الرياضة، وأعمارهم ملائمة لذلك، لذا فمن المطلوب أن تسوق الجامعات لمسابقاتها الرياضية، ليس تسويقا لأن يكونوا لاعبين ولكن لأن يكونوا جمهورا وحشدا يهتم ويتابع الرياضة بشكل عام.
وأضاف، للأسف أن الواقع الذي نعيشه هو أن أغلب جامعاتنا لا تملك الإمكانات الرياضية التي تجعل ملاعبها ملائمة ليمارس فيها الطلاب هواياتهم الرياضية، فجامعة الملك سعود في الرياض على سبيل المثال يوجد بها نحو 25 ألف طالب ولا يوجد لهم سوى ملعبين فقط، فكيف يتم توزيع هذا الحشد الهائل منهم.
وأعترف أن أعدادا من طلاب الجامعات يلتحقون بها ويتخرجون دون أن يعلموا عن أي نشاط رياضي مقام، أو حتى يمارسوا يوما رياضة محببة لهم، وذلك لأن الصالات والملاعب لا تستوعبهم، فالإمكانات كثيرا ما تعطل البرامج.
وأبان أيضا أغلب المسابقات التي تقيمها الجامعات هي تنافسية مختصرة على الصفوة، إذ لا يمثلون الأغلبية، وهنا لا تقدر الجامعات على إقامة أنشطة رياضية تستطيع أن تستقطب أعدادا كبيرة من الطلاب.
توجه الجامعات والاتحادات الرياضية متناقضة
وعرج الدكتور السقا في حديثه على أن الجميع يعترف بعدم وجود علاقة وترابط بين الجامعات والاتحادات الرياضية، فالجامعة هدفها إقامة برنامج رياضي تنافسي، بينما الاتحادات تقوم بإعداد منتخبات للمشاركة في البطولات الخارجية والداخلية.
وأشار إلى أن الجامعة هنا دورها يختلف تماما عن توجه الاتحادات الرياضية، كما لا توجد برامج تعاونية بين الجامعات والرئاسة العامة لرعاية الشباب من أجل تعزيز المشاركة الرياضية في الجامعات. لذا فإننا لا نستطيع أن نطالب الجامعات بتصدير أبطال أولمبيين ما لم تهيأ الجامعات لذلك.
ووصف أنشطة الجامعات الرياضية بأنها برامج غير منظمة بين الطلاب، وغالبيتها يشارك بها الصفوة بها من لاعبي أندية، أي لا نستطيع اكتشاف مواهب جديدة، كما أن الجامعة في الأساس ليست مصدرا أساسيا لمواهب الأولمبيين، لأن النجوم تصقل دائما مبكرة.
ولإيجاد عوامل تفعل دور الجامعات في تصدير النجوم أجاب أنه يجب أولا إيجاد نظام تعاوني بين ثلاث جهات هي وزارة التربية والتعليم، الرئاسة العامة لرعاية الشباب، والجامعات.
وأعتقد أن هذا التعاون سيجعل الجامعات مكانا ممتازا لاستقطاب النجوم ومنحهم فرصا أكاديمية أيضا، إضافة إلى الفرص لتطوير قدراتهم البدنية كلا حسب إبداعه في لعبته.
وشدد السقا على أهمية استقطاب مدربين للجامعات من نوع خاص بأن يكونوا مدربي إعداد وليس بطولات، ويتم انتقاؤهم بعناية، وألا يكون التركيز على الفوز والخسارة فقط.