التقلب في أسواق المال مفيد للهواة .. حكاية الطاهي كرافت
ليس الجميع بخاسرين في أشد الأسواق تقلباً خلال جيل من الزمن، حيث استطاع الطاهي المحترف، نيك كرافت، وهو الآن في مستهل الثلاثينيات من عمره، أن يجني 15 ألف جنيه استرليني (25 ألف دولار، أو 19 ألف يورو)، منذ انهيار بنك ليمان قبل شهر، وذلك عبر التداول في أسواق الأسهم خلال أوقات فراغه.
ويقول كرافت، وهو يتحدث من منزله في سسكس جنوبي لندن، "كانت الأسابيع الثلاثة الماضية في القطاع المصرفي جيدة للغاية بالنسبة إلي، حيث اشتريت أسهم "بنك ليلويدز" خلال الشهر الماضي، وحققت أرباحاً بنسبة تزيد على 20 في المائة. وأضاف: "أعتقد أن القطاع المصرفي هو الطريق المناسب للمضي قدماً، حين ستكون هنالك بعض الارتفاعات الجميلة للغاية خلال الأشهر المقبلة، وإنها فقط مسألة انتظار هدوء الأسواق".
ويمثل كرافت مجموعة متزايدة من مستثمري التجزئة الذين غالباً ما يعملون انطلاقاً من غرف معيشتهم، حيث تجتذبهم القدرة على تحقيق كثير من الأرباح، بينما تتأرجح الأسواق بشدة وسط أسوأ أزمة مالية منذ عام 1929.
ومنذ الانفجار الداخلي لبنك ليمان في 15 أيلول (سبتمبر)، قفزت الأرقام على بعض مواقع التداولات المالية على الإنترنت بنسبة تبلغ 400 في المائة، حيث كان عدد المشترين يزيد على عدد البائعين بمعدل ثلاثة إلى واحد، بوجود مستثمرين يراهنون على أن الأسواق وصلت نقطة الحضيض.
وتسببت هذه الكميات القياسية خلال الأسبوع الماضي في انهيار كثير من المواقع على الإنترنت، حيث كان الناس الذين يحاولون التداول عبر الهاتف يتركون على الخطوط لساعات الطويلة، خلال محاولاتهم الشراء أو البيع.
وكانت أكبر التداولات في قطاع أسهم البنوك التي شهدت مستويات حادة للغاية من التقلب، كما شهد بعضها هبوطاً يومياً بلغ 30 في المائة. وكان المعيار السائد هو هبوط بنسبة 10 في المائة لكثير من الأسهم المالية هذا الأسبوع.
ويقول أنجوس رجبي، الرئيس التنفيذي لشركة تي دي ووتر هاوس، التي تدير موقعاً إلكترونياً، وخدمة هاتفية للمستثمرين عبر العالم "إن أسهم البنوك كانت تحرك كميات التداول، وإن تلك الأسهم كانت ضمن أعلى خمس عمليات في الشراء أو البيع بسبب التقلب".
ويضيف ستيفن باربر، رئيس الأبحاث في شركة سلف تريد، العاملة في مجال التداول في لندن، حيث تقدم الخدمات الاستثمارية على موقع إلكتروني، وعبر الهاتف "كان مجمل الكميات خلال الأسبوعين الماضيين ضخماً للغاية، حيث لم نشهد كميات أعلى من ذلك، حتى خلال فقاعة الدوت كوم، أو هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)". وأضاف: "نشهد تراجع الأسواق بأكثر من 300 نقطة، أو بنسبة 8 في المائة، ثم تعود إلى مستوياتها لفترة قصيرة، لتعاود هبوطها الحاد، الأمر الذي يشجع الناس على الشراء أو البيع، حيث يقوم البعض بذلك سريعاً في محاولة للإسراع في جني الأرباح، بينما يشتري آخرون وينتظرون".
في الولايات المتحدة أكبر عدد من مستثمري التجزئة الذين يقومون بالتداول بالفعل، حيث يتحرك بعضهم يومياً، بينما يشتري آخرون وينتظرون إلى فترات تصل إلى شهر كامل، بتقديرات تراوح بين 20 مليونا إلى 60 مليون مستثمر. أما في أوروبا، فهنالك نحو خمسة ملايين مستثمر. وعادة ما يكون هؤلاء المستثمرون من الذكور الذين بلغوا الأربعينيات من أعمارهم، كما يقول باربر، حيث يقومون ببعض المراهنات خلال فترات الغداء، وهم في وظائفهم أثناء النهار، بينما يقامر آخرون طوال الوقت.
وتغيرت صورة هؤلاء المستثمرين خلال السنوات القليلة الماضية. وكان معظم مستثمري التجزئة النشيطين، قبل عشر سنوات، من بين المتقاعدين الذين يديرون تقاعدهم. وأما الآن، فهنالك الكثير من النساء النشيطات في هذه الأسواق.
إن الرهان على الفروق الذي يتضمن توقعات مدى عمق صعود الأسواق وهبوطها، انطلق بقوة خلال العام الماضي. ويراهن المتداول ، على سبيل المثال، بأن السوق ستهبط بـ 500 نقطة، حيث يربح جنيهاً استرلينياً، أو دولاراً من كل نقطة هبوط. وبالعكس، فإنه إذا ارتفعت الأسواق فوق عتبة معينة، فإن عليهم أن يدفعوا ثمن ذلك.
ويقول دا?يد جونز، كبير استراتيجيي الأسواق في الشركة الرائدة في رهانات الفروق، IG Index "فتحنا 2.700 حساب خلال أيلول (سبتمبر)، بالمقارنة مع ما يزيد قليلاً على 1.000 حساب قبل عام مضى، أو ما إلى ذلك. وإننا نشهد كذلك أرقاماً قياسية من صفقات التداول، حيث يشهد يوم الأربعاء، أكبرها، من حيث إنه يوم التخفيض المنسق لمعدلات الفائدة".
"فاينانشيال تايمز" خاص بـ "الاقتصادية"