تفكيك بنك ليمان يستغرق بضع سنين: مستقبل غامض لحقوق المودعين والموظفين
خلال فترة الأسبوعين التي انقضت منذ الانهيار العجيب لبنك ليمان براذرز، بيعت معظم أقسامه التشغيلية إلى بنوك أخرى واستطاع الآلاف من موظفي البنك الاحتفاظ بوظائفهم. بالنسبة للمراقب الذي يُلقي نظرة عابرة، فإن انهيار بنك ليمان لم يعد الآن يُنظَر إليه على أنه كارثة ذات حجم هائل.
ولكن البيع السريع لأقسام المصرفية الاستثمارية للبنك في الولايات المتحدة، وما تلا ذلك من بيع لمعظم أقسامه الأوروبية والآسيوية، ليس إلا عرض ثانوي بالنسبة للمهمة الحقيقية، وهي رد الأموال إلى الآلاف من دائني هذا البنك المنهار عن طريق القيام بتصفية موجوداته المالية بالغة التعقيد. وليست هناك حالة سابقة من حالات الإفلاس أو الإعسار تشكل ولو من بعيد التحدي الذي يواجه موظفي المراقب الإداري والمحامين الذين يحاولون الآن استخلاص ما يمكن استخلاصه من قيمة من بنك ليمان.
فقد أعطوا الأولوية لبيع الأقسام التشغيلية للبنك، لأن آفاق تحقيق أي عملية بيع من هذا القبيل كانت تتراجع بسرعة كبيرة في الوقت الذي أخذت فيه البنوك المنافسة استهداف واجتذاب العملاء والموظفين.
لم يتبق الآن إلا الحصول على مشترين لعدد من الأقسام، هي نويبيرجر بيرمان، وهو القسم المشهور المتخصص في إدارة الثروات في الولايات المتحدة، وقسم إدارة الموجودات وقسم كابستون مورتجيج سيرفسز Capstone Mortgage Services، وكلاهما في بريطانيا. ومن المتوقع الحصول على صفقات لهذه الأقسام في غضون أربعة أسابيع.
الصفقات التي تمت حتى الآن كانت تتعلق بالناس والبنية التحتية, وكان المستفيد الحقيقي منها هم الموظفون فقط، على اعتبار أن المشترين لم يُدخلوا إلا مبالغ اسمية ستذهب إلى الصندوق المخصص لرد مبالغ الدائنين.
لم تشتمل صفقة بنك نومورا Nomura لشراء قسم الأسهم الأوروبية وتمويل الشركات على أي موجودات للعملاء أو مخزون التداولات.
وكان من شأن موافقة بنك باركليز Barclays البريطاني على شراء عمليات المصرفية الاستثمارية في الولايات المتحدة أن استحوذ فقط على ما قيمته 47 مليار دولار من موجودات التداول في بنك ليمان ومحفظة مطلوبات بالحجم نفسه تقريباً، وهما لا يشكلان إلا جزءاً من القيود الإجمالية للتداولات والأعمال المصرفية لبنك ليمان.
وهذا يُبقي أمام المراقب الإداري مهمةَ ضخمة، وحسبما تشير إليه الأمور فإن النسبة التي يمكن أن يستردها الدائنون من أموالهم تظل نسبة قليلة.
يقول توني لوماس، وهو شريك لدى "برايس ووترهاوس كوبرز"، وهي شركة المحاسبة المختصة بالتصفية الإدارية للأقسام الأوربية لبنك ليمان براذرز: "ما يهمني هو أن الديون ستباع بنسبة 19 في المائة من قيمتها الأصلية. والحقيقة التي تقول إن جهة ما تضع سعراً على الدين في الأصل هي مقامرة مذهلة". الأولوية الجديدة الآن هي الإفراج عن الموجودات التي تنتمي إلى صناديق التحوط التي كانت من عملاء قسم الوساطة المالية المتخصصة لبنك ليمان في أوروبا.
يتوقع المسؤولون عن التصفية الإدارية أن يستغرق هذا الأمر بضعة أسابيع، على اعتبار أنه لم يتم تجميع حسابات كل عميل على حدة، كما أن بعض الموجودات كانت تستخدم كضمان لزيادة رأس المال الذي كان يقترض من خلال الديون الثقيلة.
إضافة إلى ذلك فإن صفقات بعض صناديق التحوط كانت مرتبطة بأقسام أخرى من إمبراطورية "ليمان"، التي تم تقسيمها إلى أجزاء قانونية مستقلة في اللحظة التي أُعلِن فيها عن إفلاس البنك. وبالتالي فإنه في حين أن بنك ليمان ربما يكون في حوزته بضع مئات من الملايين من أسهم المجموعة النفطية "بريتش بتروليوم" على سبيل المثال، فإن كيفية تقسيم هذه الأسهم بين مجموعة من صناديق التحوط من عملاء البنك التي تدعي كلها أنها استثمرت في هذه المجموعة النفطية من خلال بنك ليمان هو أمر لا يزال أبعد ما يكون عن الوضوح.
ولا يقتصر الأمر على صناديق التحوط، فكثير من عملاء الاستثمارات التقليدية الذين لا يتعاملون إلا بشراء الأوراق المالية على أمل ارتفاع أسعارها لم يتمكنوا من إقفال تعاملاتهم التي كانت قائمة مع بنك ليمان وقت انهياره.
ليس هناك ضمان بأن يسترد العملاء الاستثماريون المذكورون القيمةَ الكاملة لمحافظهم كما كانت ليلة الجمعة السابقة على انهيار بنك ليمان يوم الأحد. وربما يكون للبنوك التي قدمت القروض الثقيلة لتمويل رأس المال الأولوية في الحصول على الموجودات. ويمكن أن تكون قيم المحافظ قد تضررت بفعل تحركات السوق خلال الأسبوعين السابقين، حين لم يكن باستطاعة صناديق التحوط إجراء التداولات.
وبالتالي فإن التحدي الأكبر يبدأ الآن بمنتهى الجد، وهو تصفية محفظة ليمان العملاقة من عقود المشتقات ومقتنياته من الأوراق المالية والضمانات، والقروض السكنية المخزَّنة والموجودات العقارية. وفي تقريره الربعي الأخير، الذي نشر قبل أيام من انهياره، قال بنك ليمان إن مجموع موجوداته يبلغ 600 مليار دولار. ولكن من الصعب حتى الآن معرفة ما الموجودات والمطلوبات الحقيقية في بنك ليمان نظراً للنطاق الضخم لعملياته في المشتقات. إذ تبلغ القيمة الإجمالية لقيود التأمين المتقابلة على أسعار الفائدة في البنك أكثر من عشرة تريليونات دولار، وفقاً لما يقوله أحد العالمين ببواطن الأمور. وإن إقفال هذه التعاقدات جميعاً سيتطلب مساعدة الطاقم الحالي من الموظفين، وهو أمر يمكن أن يكون مصدراً من مصادر التوتر.
لا يتوقع أي شخص أن تكون العملية سريعة, ويتوقع معظم المراقبين أن يستغرق ذلك مدة سنتين على أقل تقدير.
ربما يشعر كثير من موظفي البنك بالعثور على صاحب عمل جديد يعملون لديه مثل بنك باركليز أو بنك نومورا، ولكن الدائنين الذي أقرضوا البنك المنهار عليهم أن ينتظروا فترة طويلة قبل أن يعلموا مقدار المبالغ التي ستُرَد لهم، هذا إن كان هناك ما يُرَدُّ لهم.
العد التنازلي للأحداث – في الشهر الأخير من عمر البنك، وهو أيلول (سبتمبر) 2008
الأحد – 14/9: الإعلان عن إفلاس بنك ليمان براذرز في الولايات المتحدة.
الأربعاء – 17/9: يوافق بنك باركليز على شراء موجودات بنك ليمان في أعمال التداولات والوساطة المالية والموجودات العقارية، بما في ذلك المقر الرئيس للبنك في ميدان تايمز سكوير في نيويورك. عدد الموظفين الذين انضموا إلى بنك باركليز هو عشرة آلاف موظف.
الإثنين – 22/9: يوافق بنك نومورا على شراء القسم الآسيوي لبنك ليمان. انسحاب بنك باركليز من المحادثات المتعلقة بشراء القسم الأوروبي لبنك ليمان.
الثلاثاء – 23/9: يوافق بنك نومورا على شراء الأعمال الأوروبية لبنك ليمان في قسم تمويل الشركات وقسم الأسهم، وبالتالي الإبقاء على 2500 موظف.
الجمعة – 26/9: تعثر المفاوضات مع بنك نومورا حول صفقة شراء القسم الأوروبي من بنك ليمان المتخصص في استثمارات الدخل الثابت.
"فاينانشيال تايمز" خاص بـ "الاقتصادية"