لا للسبورة.. نعم للحلقات الدراسية
يعد نظام التعليم المفتوح وما يتضمنه من مقررات رافدا مهما لمد سوق العمل بحاجتها من المختصين، وهذا النظام الوافد إلى المنطقة العربية حديثاً ساهم في استقطاب عدد كبير من الدارسين بما يتكيف مع متطلبات السوق، وبما أوصى به المسؤولون الذين يحتاجون إلى خريجي الجامعة ـ في مواقع عملهم المختلفة ـ حيث كان لهم صوتهم المسموع في توجيه أنشطة التعليم المفتوح.
ومن خلال هذا النوع من التعليم يتشكل للطلاب مناخ جامعي متميز يوفر لهم فرص تلقي العلم والتدريب العملي والميداني ـ وفق خبراء متخصصين في التعليم ـ في المجالات المتصلة بتخصصاتهم.
كما يعمل التعليم المفتوح ـ بحسب الخبراء ـ على العناية بالتنمية المتكاملة لطلابه علمياً وعملياً، وإعدادهم ليكونوا قادة في مواقع العمل التي سيلتحقون بها.
ويصف خبراء ومتخصصون في علم التقنية أن هذا النظام من التعليم يتميز بأنه متحرر من قيود النظم الإدارية والمالية الحكومية بحكم اعتماده على موارد خاصة، إلا أنه يلتزم بالقيم والأعراف والمستويات الجامعية الرفيعة، وملتزمَ بتقديم أرقى مستوى من الخدمات التعليمية والتدريبية التي تعكس الاحتياجات المحلية من جانب، وأحدث تكنولوجيات تعليم العلوم الحديثة في العالم من جانب آخر.
وحول منافع التعليم المفتوح في المجتمع، تناول الدكتور عمر حامد، المتخصص في علوم برمجة الحاسب الآلي ونائب رئيس قسم دراسات تقنية المعلومات والحاسوب في الجامعة العربية المفتوحة، في حوار مع "الاقتصادية" عددا من المحاور التعليمية.
وفيما يلي مجمل ما دار في الحوار:
من واقع ممارستك نظام التعليم عن بعد، ماذا يميز الجامعة العربية المفتوحة؟
يسجل لهذه الجامعة الفتية، أنها بدأت مسيرتها التعليمية على ثوابت متينة، معتمدة على خبرات أعرق الجامعات العالمية، وتميزت بأنها طبقت أسلوباً فريدا في وسائل التعليم عن بعد يقتدي به الآخرون, أرى أن أمتنا العربية في أشد الحاجة إلى مثل هذه الفلسفة التعليمية الرائعة.
فلكل القائمين على هذه الجامعة الشكر، لما قدموه ويقدمونه لأمتنا العربية، وفي مقدمتهم صاحب هذه الفكرة ومتبنيها الأمير طلال بن عبد العزيز، الذي تتوج صورته واجهة موقع الجامعة الإلكتروني، وهو زارع هذه الثورة التعليمية.
ولفت نظري في هذه الجامعة أن منهجها يدخل ضمن بيئة الفلسفة اللبنانية، حيث يقوم المرشد Guide on the side المراقب عن بعد، بتهيئة البيئة ضمن فصل إلكتروني لا حدود زمنية ولا حدود مكانية لهذا الفصل. ويتحاور أعضاء الفريق من خلال ما تهيئه لهم البيئة من منتديات علمية ومجموعات نقاش إلكترونية ويقومون بالتحاور والتعاون، ليس فقط من أجل بناء المعرفة، بل من أجل نشر تلك المعرفة.
كيف ترى دور الجامعة نحو توافق مناهجه مع سوق العمل؟
ـ دور الجامعة مهم وفاعل, فالمقررات التعليمية التي تطبقها الجامعة تتواءم مع متطلبات بيئة التدريب والعمل في المملكة العربية السعودية، وللجامعة فلسفة تعليمية نأمل تعميمها على جميع المراحل الدراسية. وعلى المسؤولين في الجامعات التقليدية والجامعات الأهلية الاستفادة من هذه التجربة، وذلك بزيارة فرع الجامعة في الرياض وأخذ تصور شامل عن بعض المقررات الرائعة ضمن مناهج الجامعة العربية المفتوحة، التي لا يمكن للجامعات التقليدية مضاهاتها على سبيل المثال: المقرر TU170 الذي يجب أن يكون متطلبا جامعيا في كل جامعات العالم العربي؛ مقررات الرياضيات الحياتية التي تستخدم التقنية استخداما فاعلا من أجل تقديم المفاهيم الرياضية بصورة محببة وحياتية؛ مقررات البرمجة الجميلة التي تقدم للمستكشف مفاهيم البرمجة بوسائط متعددة فصلا إلكترونيا متكاملا وأشرطة فيديو بإخراج متميز وأقراص ممغنطة وغيرها.
أرى كذلك أن يتم عمل دورات تدريبية للمدرسين والمدرسات في قطاعات التعليم في جميع المراحل المدرسية لتدريبهم على هذه الفلسفة الرائعة، وذلك من خلال تقديم بعض المقررات كمقرر TUT70 وبعض مقررات البرمجة، عمل دورات لمدرسي الرياضيات تضم المقررات أعلاه، بالإضافة إلى مقرري MU120 وMST121. وهذه المقررات التي تقدمها الجامعة العربية يوصى أن تكون من متطلبات أي جامعة تقليدية.
وفي اعتقادي أن الدور الذي يقع على عاتق الجامعة العربية المفتوحة دور كبير وبالطبع فإن العبء الأكبر يتحمله طلاب وطالبات هذه الجامعة، فعليهم تقع مسؤولية نشر هذه الفلسفة التعليمية في كل مراحل التعليم في بلادنا. كما أنه على التعليم الجامعي التقليدي أن يواكب هذه الأنظمة التعليمية الإلكترونية. حيث إن التعاون بين الجامعات التقليدية والجامعات المتبنية لمبادئ التعليم الإلكتروني سيكون ذا فائدة جيدة على مجتمعاتنا بشكل عام.
ماذا تتمنى من الجامعة؟
لا شك أن المسؤولية كبيرة على جميع العاملين في الجامعة العربية المفتوحة؛ وهناك عنصران مهمان تسعى الجامعة إلى ترقيتهما وتطويرهما. ويتمثل الأول في طرق التدريس وفيه يبذل منسوبو هيئة التدريس أقصى الجهود للتواصل مع الطلاب بجانب الفصول عبر الانترنت على صيغة فصول إلكترونية وحوارات عبر المنتديات والمحادثات الجماعية والتعليم المباشر عبر بث الصوت والصورة.. وهذه التقنيات تمثل ثورة تعليمية تنفرد بها الجامعة العربية المفتوحة؛ وكونها في بداياتها فهي بحاجة إلى وقت لتصل إلى مستوى التطلعات. وأتمنى أن نرفع شعار" لا للسبورة ولا لجهاز العرض الجداري.. ونعم للحلقات".
والعنصر الثاني يتمثل في الإداريين حيث إن دورهم مهم للغاية يتركز في مساهمتهم للتنسيق بين القسم الفني وهيئة التدريس والطلاب. والجميع يقدر المجهود الكبير الذي يبذله القائمون على إدارة الجامعة في تنظيم هذه الأمور.
وأتمنى أن نرى فرعا للجامعة العربية في القدس العربية، كما هو في الكويت والبحرين ومصر ولبنان والأردن، وصحيح أن هناك جامعة القدس المفتوحة ولكنها على ما أعتقد بقدرات محدودة وأعلم علم اليقين أن مقرراتها ليست بالمستوى المطلوب، ومن حق شعب فلسطين أن يتمتع بجمال وكفاءة البيئة الرائعة التي تقدمها الجامعة العربية لأبناء الأمة العربية.
من وجهة نظركم ما فلسفة التعليم المفتوح؟
تدعى الفلسفة التعليمية القائمة عليها الجامعة العربية بالبنائية. والأركان الأساسية لهذه الفلسفة التعليمية هي: العمل الجماعي ضمن أفرقة عمل؛ التعلم من خلال البرمجة والتعليم؛ الفصول الإلكترونية والتي تضم: المنتديات العلمية للنقاشات والحوارات الجادة والرفيعة والهادفة إلى العمل الجماعي لبناء المعرفة، وتنظيم الوقت وبيان جدول العمل أسبوعيا وعلى المدة المقررة لإنهاء الاستكشاف. محاضرات علمية بنيت بالعمل الجماعي، كذلك تواصل تام بين أعضاء الفريق المكون للمقرر في كل مكان وزمان.
وأعتبر أن المستكشف (الطالب) هو اللاعب الرئيس ضمن هذه البيئة التعليمية الرائعة، والمهيأ (المدرس في النظام التقليدي) هو مراقب ومهيأ للبيئة وهو عضو في الفريق. بجانب استخدام كل الوسائط التعليمية المساندة من كتب مطبوعة وحديثة، أشرطة فيديو ذوات إخراج متميز، CD وغيرها. وفي الحقيقة يجعلني هذا الكم الهائل من المعلومات التي يحصل عليها الطالب أو الطالبة عند تسجيله لمقرر ما أتساءل كيف يمكن لمثل هذه الجامعة أن تغطي تكاليف تشغيل هذه الجامعة الفتية؟.
كيف تصف دور التعليم الإلكتروني؟
يقدم التعليم الإلكتروني بيئة تعليمية رائعة محفزة وداعمة للعمل الجماعي الاستكشافي، ونحن بأمس الحاجة إلى مثل هذه الأنظمة التعليمية وذلك كي نبدأ بالتفكير في أن هناك بدائل للنظام التعليمي السائد منذ قرون في عالمنا العربي الذي يحتاج بكل تأكيد إلى إعادة نظر.