تجمد خطوط الائتمان وسط مشاعر اللبس حول صفقة إنقاذ البنوك المعتلة

تجمد خطوط الائتمان وسط مشاعر اللبس حول صفقة إنقاذ البنوك المعتلة

انهارت أقسام رئيسة من النظام المالي في تعاملات الأسبوع الماضي (اختتمت التعاملات فيه أمس) في الوقت الذي أدت فيه الشكوك حول مخاطر العملاء والشركات ذات العلاقة مع أكبر البنوك العالمية إلى تجميد الإقراض.
وتجمدت الأسواق المالية في الوقت الذي رفضت فيه المؤسسات المالية الإقراض إلى بعضها بعضاً بسبب المخاوف من المزيد من حالات الانهيار بين البنوك.
وفي تعاملات أمس، تعمقت المخاوف في الأسواق في الوقت الذي استمرت فيه المحادثات في الكونجرس حول صفقة الإنقاذ التي تقدمت بها الحكومة الأمريكية لإنقاذ البنوك المعتلة، وأصبحت شركة "واشنطون ميوتشوال" Washington Mutual تمثل أكبر حالة من حالات انهيار البنوك الأمريكية في التاريخ، في أعقاب انهيار بنك ليمان براذرز في الأسبوع الماضي.
التوتر المتصاعد أشعل فتيل المراهنات بأن البنك المركزي الأمريكي ربما يختار أسعار الفائدة الطارئة أو يخفض أسعار الفائدة الرئيسة بمقدار النصف عن معدلها الحالي البالغ 2 في المائة، في حين أن أحد المقاييس الرئيسة لمخاطر الائتمان ارتفع إلى مستويات عليا جديدة.
قفزت الفروق بين أسعار فائدة ليبور للإقراض بين البنوك في لندن على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر وبين متوسط أسعار الفائدة للقروض لليلة واحدة، قفزت لليوم الرابع على التوالي لتصل إلى 206 نقاط أساس.
كذلك، فإن الفرق على مقياس "تي إي دي" TED، الذي يقارن بين العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل ثلاثة أشهر وسعر فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر ظل يحوم فوق مستوى 300 نقطة أساس حول أعلى مستوياته في التاريخ، ما يؤكد مشاعر الحذر لدى المستثمرين في الوقت الذي تحولوا فيه نحو الملاذ الآمن للأوراق الحكومية قصيرة الأجل.
قال ميريك تشابمان، وهو محلل استراتيجي لاستثمارات الدخل الثابت لدى بنك يو بي إس: "هذا الأسبوع شاهدنا أسواق المال وهي تصل إلى مرحلة الجمود. وكان الجو العام محموماً. نحن لا نعلم ماذا يحدث بالنسبة لخطة الإنقاذ الأمريكية، ثم إن بنكاً آخر انهار، والموجودات في حالة تدهور، ونحن نقترب من نهاية الربع الثالث من العام".
كذلك تجمدت أسواق إعادة شراء السندات، التي تقوم فيها البنوك بإقراض الأموال النقدية مقابل ضمان من السندات الحكومية. وفي هذا الأسبوع اعترفت البنوك أنها غير مستعدة لإقراض الأموال السائلة إلا مقابل الضمان ذي الدرجة الرفيعة، مثل السندات الحكومية الألمانية. وقال بعض المتداولين إن بعض الأطراف المتعاقدة المقابلة ترفض حتى قبول سندات الخزانة البريطانية بسبب التخوف الشديد من وضع النظام المالي.
من جانب آخر كانت أسواق الأسهم في حالة تقلب كبير في الوقت الذي انتعشت فيه الآمال حول آفاق صفقة الإنقاذ الأمريكية.
قال فيليب جيسلز، وهو محلل أول لاستراتيجية الأسهم لدى مؤسسة فورتيس جلوبال ماركتس Fortis Global Markets: "أنا أعمل في الأسواق منذ 25 عاماً، ولم أر شيئاً مثل هذا. خلال الأسبوعين السابقين كان التقلب العنيف والتوتر في غاية القوة".
"من الذي كان يتصور أن نشهد انهيار اثنين من أكبر البنوك خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن؟ هذا يعني أننا الآن دخلنا ساحة لعب مختلفة تماماً ولها قواعد مختلفة. ولكنني ما أزال أرى أن هناك بصيصاً من أمل في نهاية النفق المظلم، مثلما أنني مقتنع أنه سيتم التوصل إلى صفقة حول خطة الإنقاذ الأمريكية".
هبط مؤشر "ستاندارد آند بورز 500" بمقدار 5 في المائة على مدى الأسبوع بحلول منتصف يوم أمس وبمقدار 1.4 في المائة خلال اليوم. وهبط مؤشر "فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300" بمقدار 4 في المائة خلال الأسبوع و16 في المائة خلال اليوم، في حين أن مؤشر "نيكاي 225" في طوكيو هبط بمقدار 0.2 في المائة خلال الأسبوع و0.9 في المائة خلال اليوم.
ارتفعت أسعار السندات في الوقت الذي تدافع فيه المستثمرون نحو الملاذ الآمن للأوراق الحكومية. هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل سنتين بمقدار 16 نقطة أساس ليصل إلى 2.02 في المائة عند الإقفال في بورصة لندن، في حين أن العائد على السندات لأجل عشر سنوات هبط بمقدار 7 نقاط أساس ليصل إلى 3.79 في المائة. وهبط العائد على سندات الحكومة الألمانية لأجل سنتين بمقدار 19 نقطة أساس ليصل إلى 3.79 في المائة، وهبط العائد على السندات لأجل عشر سنوات بمقدار 7 نقاط أساس ليصل إلى 4.15 في المائة.
كذلك ارتفعت عقود التأمين المقابلة على السندات، التي تؤمن ضد حالات الإعسار عن سداد التزامات السندات. ارتفع مؤشر "آي تراكس"، الذي يرصد حركة 50 اسماً من الأسماء في نطاق السندات الخطرة في أوروبا، والذي يعد واحداً من أفضل المقاييس التي تبين وضع واتجاه المزاج العام، ليصل إلى 589 نقطة أساس، أي اقترب من المستوى القياسي الذي كان عليه في الذروة أثناء الأزمة التي رافقت انهيار بنك بير شتيرنز، حين قفز المقياس المذكور إلى ما فوق 600 نقطة أساس.
من جانب آخر ارتفعت تكلفة تأمين السندات الحكومية الأمريكية بنحو 25 نقطة أساس، أي المستويات نفسها تقريباً التي تُدفَع للتأمين على سندات شركة الوجبات السريعة ماكدونالدز McDonald’s. ورغم أن معظم المحللين قالوا إن الجدارة الائتمانية للحكومة الأمريكية لا يمكن مقارنتها بالجدارة الائتمانية لشركة ماكدونالدز، إلا أن ارتفاع تكلفة التأمين تبرز مدى عمق المخاوف حول التكلفة المحتملة التي ستترتب على دافع الضرائب الأمريكي بسبب خطة الإنقاذ الحكومية.
في قطاعات أخرى، هبطت تكاليف الشحن بصورة حادة بسبب المخاوف حول الاقتصاد العالمي والجمود الذي أصاب المباحثات بين شركات إنتاج خام الحديد وبين مصانع الفولاذ. هبط مؤشر "بحر البلطيق الجاف" Baltic Dry Index، وهو المقياس الرئيس لتكلفة استئجار باخرة لنقل السلع التي من قبيل خام الحديد والقمح بنسبة قياسية مقدارها 10 في المائة إلى الأدنى أمس، وكان معدل هبوطه هو 25 في المائة على مدى الأسبوع.
معنى ذلك أن المؤشر المذكور خسر نحو 70 في المائة من قيمته عن المستويات القياسية التي سجلها في أيار (مايو) الماضي. وبذلك، فإن متوسط الأجرة اليومية لناقلة كبيرة في أسواق الأسعار المباشرة يبلغ الآن 46162 دولاراً، بعد أن سجل عند الذروة معدلاً بلغ نحو 240 ألف دولار في اليوم.
في أسواق العملات كان الين هو العملة الفائزة لهذا الأسبوع، على اعتبار أنه حقق تقدماً بفضل عزوف المستثمرين عن المخاطر وتحوُّلهم إلى الملاذ الآمن للعملة ذات المردود المتدني. على مدى الأسبوع ارتفع الين بمقدار 0.8 في المائة مقابل الدولار ليصل إلى 105.95 يناً للدولار، وارتفع بنسبة 0.1 في المائة أمام اليورو بحيث وصل السعر 154.70 يناً لليورو، وارتفع بنسبة 0.3 في المائة أمام الإسترليني ليصل إلى 195.30 يناً للجنيه الإسترليني.
عانى الدولار عملية بيع مكثفة يوم الإثنين وسط مخاوف حول وقع خطة الإنقاذ الحكومية على وضع المالية العامة للولايات المتحدة، ولكنه استقر في أواخر الأسبوع.
وشهد النفط يوماً قياسياً من الارتفاع يوم الإثنين، ولكنه تراجع في وقت متأخر من الأسبوع.

الأكثر قراءة