أوروبا تبحث عن الكفاءات الهندسية في الخارج

أوروبا تبحث عن الكفاءات الهندسية في الخارج

أعلنت الشركة الأوروبية لصناعة الطائرات "إيرباص"، أنها بصدد توظيف نحو 1200 مهندس. وردّت نقابة المهندسين الألمانية بطريقة غير معتادة على الأمر، وصرّحت بوجود نحو 607 56 مهندسين يعانون من البطالة العمالية المسجّلة، وذلك بناء على بيانات من منظمة العمل الألمانية. ويعطي خبر التوظيف هذا أملاً للقطاع بتوفير فرص جديدة للعمل، برغم أن المظاهر تبدو سيئة، حسبما يقول سيفين رينكيل من نقابة المهندسين الألمانية.
وتتزايد أعداد الشركات الألمانية التي ترتكز في توظيفها على القوى العاملة القادمة من الخارج، بدلاً من التمسّك بالمتقدّم الألماني، إذ أن ألمانيا لديها القليل من القوى العاملة المتخصصة. وكما لا يوجد في أي مهنة أخرى، هنالك في ألمانيا "ثغرة"، حسبما أشارت إليه الدراسات، وهذه هي الحالة السائدة الآن والمفارقة التي نشهدها منذ أعوام عديدة.
وتركز بحث شركة إيرباص عن المهندسين في 16 منطقة في روسيا، والولايات المتحدة الأمريكية، والسويد، وبولندا، حسبما صرّح به متحدث باسم شركة إيرباص في ألمانيا. وبدلاً من أوروبا، توجد مراكز التطور في كل من الولايات المتحدة، روسيا، والصين، حيث إن ألمانيا تفتقر إلى المهندسين المتخصصين ببناء الطائرات. وذكرت نقابة المهندسين، أن هناك خمس جامعات في ألمانيا تدرس العلوم الهندسية المتصلة بتقنيات الجو و الفضاء.
وعلى ذلك، فإن الأمر لا يدور حول سد الفراغات فقط، كما كانت الحال في التسعينيات، إذ أن هنالك مشاكل تتعلق بعدة مجالات منها تكنولوجيا المعلومات.وتغيّرت بالفعل معايير الشركات، حيث تبحث عن خريجين ممن لديهم معرفة شاملة في التقنية الحديثة. وعلى أفضل الأحوال،يجب أن يكونوا متخصصين بقطاعات المستقبل، مثل تقنية الإلكترونيات الحديثة . "هذا القطاع سيصبح أكثر تعقيداً وتميزاً"، حسبما يقول رينكيل. وهذا ما يحدث بالضبط عند انتقاء القوى العاملة المتخصصة.
وهنالك 20 في المائة من الشركات في اتحاد تقنية الإلكترونيات الآن لا يمكن أن يشغل مناصبها المؤهلون الحاليون في المجال حسبما جاء في دراسة الهندسة للاتحاد لعام 2005. وعلاوةً على ذلك، انخفض عدد الملتحقين بتخصصات تكنولوجيا المعلومات و الإلكترونيات خلال العام الماضي بنحو 5 في المائة إلى 17.200. ومع مخصصات البحث و التطوير السنوية التي تبلغ نحو ثمانية مليارات يورو، تنتمي صناعة الإلكترونيات والكهرباء إلى قطاعات البحث و التحديث المكثّف، حسبما ورد في الدراسة. وبرغم ذلك يستمر تراجع أعداد القوى العاملة المتخصصة هنا.
وبالكاد تمكّن نحو ثمانية آلاف من خريجي تكنولوجيا الإلكترونيات من سد الحاجة العملية للاقتصاد لهذا العام. وحتى إذا ارتفع عدد الخريجين في هذا المجال بحلول عام 2008 إلى ألف، فلن يكفي هذا العدد من القوى العاملة لسد الفراغ في قطاع صناعة الإلكترونيات الألمانية، حسبما تتوقعه رابطة تقنية الإلكترونيات. و"الشركات تبحث عن المبدعين"، حسبما تقوله المتحدثة باسم الاتحاد، ميلاني شميت. وتشير إلى أنه يُتوقع أن تكون هناك دفعات قوية في تكنولوجيا المايكرو (الأجزاء الدقيقة) والإلكترونيات، حيث إن 70 في المائة من الشركات الأعضاء في اتحاد تقنية الإلكترونيات ترى أن هذين المجالين يشكلان أهم دفعات التحديث في الاقتصاد الألماني.
وتظهر الدراسة المفارقة بين العرض و الطلب للمهندسين الألمان منذ بداية فترة البحث. وبالمقارنة مع الجامعات و الكليات المتخصصة الأجنبية، لن تتوفر أبسط القدرات المطلوبة مستقبلاً، مثل العمل ضمن فريق، أو مهارات الاتصال، حسبما تورده دراسة اتحاد تقنية الإلكترونيات عن مستوى الجامعات المحلية. وعلاوةً على ذلك، تتقلص اللغات الأجنبية و التبادل الدولي الأكاديمي في المجالات العلمية. "إن جامعاتنا تتخلف عن مواكبة نظيراتها في المقارنة الدولية"، حسبما أشار إليه متحدث باسم نقابة المهندسين. ولوحظ أن 56.6 في المائة من الشركات التي سعت إلى البحث عن مهندسين في بناء الطائرات، أو تقنية الإلكترونيات، وجدت نقصاً في هذا المجال، بسبب التعليم النظري المكثّف.
وتشبه ذلك حال التطوير في مجال بناء الآلات، والمنشآت. فمن وجهة نظر هارموت راوين، من اتحاد بناء الآلات و المنشآت الألمانية، التي لطالما حظيت بفرص جيدة في سوق العمل، وجعلت من ألمانيا دوماً ضماناً للجودة في التعليم الهندسي، ولديها حضور مميز في العلوم و البحث، فإن هناك نقصاً في القوى العاملة المؤهلة والمتخصصة مثل: الميكانيك، الإلكترونيك، والمعلوماتية.
ويقول راوين: "إن الطلب على هذه الوظائف ارتفع خلال الأعوام الماضية بسرعة أكثر من سرعة الجامعات في تخريج الطلاب المؤهّلين".
وبرغم الطلب المرتفع، فهنالك نحو 13 ألف عاطل عن العمل في مجال بناء الآلات في ألمانيا. ويوضح راوين الوضع الفعلي قائلاً إن العديد من المهندسين القدامى أصبحوا أكثر تمكناً في عملهم، وأكثر عمقاً، ولكنهم يجدون صعوبة في التحوّل إلى مجال عمل آخر.

الأكثر قراءة