المستثمرون حذرون على الرغم من الخطة الأمريكية لشراء الموجودات
مشاعر اللبس حول الخطة الأمريكية لشراء الموجودات السامة أبقت أسواق الأسهم في حالة انتظار وترقب أمس.
ظل المستثمرون يشعرون بحالة من الحذر لا لبس فيها حول مقدار النجاح الذي يمكن أن تحققه خطة الحكومة الأمريكية بتخصيص مبلغ 700 مليار دولار وأثرها في مساعدة النظام البنكي المعتل.
هذه المشاعر الفاترة كان من شأنها إحداث تراجع في مؤشر فاينانشال تايمز 100 ومؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 ومؤشر نيكاي 225 في طوكيو، وكانت تحوم حول مؤشر ستاندارد آند بورز 500، الذي حقق تقدماً يسيراً بحلول منتصف الجلسة فقط.
قال نايجل رينديل، وهو محلل استراتيجي في مؤسسة آر بي سي كابيتال ماركتس RBC Capital Markets: "الشكوك حول المبادرة الأمريكية تنزع بهجة كل شيء، سواء كان ذلك في عالم البلدان المتقدمة أم البلدان النامية. وجميع أسواق الأسهم في حالة تراجع".
قال إدموند شينج، وهو محلل استراتيجي للأسهم الأوروبية لدى بنك بي إن بي باريبا BNP Paribas: "مشاعر اللبس والإبهام هي الكلمة المناسبة لوصف الأمور، اللبس حول ما إذا كان بمقدور الولايات المتحدة إيقاف الانهيار في النظام البنكي. نحن جميعاً نتحسس أيدينا في الظلام ولا ندري ما إذا كان هذا نقطة تحول وما إذا كانت الأسواق وصلت أدنى نقطة لها". ولكن رتشارد بيرنر من بنك مورجان ستانلي كان أكثر تفاؤلاً وقال إن خطط وزارة المالية الأمريكية "لديها فرصة طيبة للنجاح إذا استخدمت بصورة نشطة". وقال: "يفترض أن تعمل الخطة على تخفيف الانقباض الائتماني، وتضييق الفروق في أسعار الفائدة على القروض والسندات، وتعزيز التوقعات بعودة الأرباح إلى وضعها الطبيعي في نهاية المطاف".
من جانب آخر، استمرت حالة العسر في أسواق المال، حيث ارتفعت أسعار الفائدة على القروض بين البنوك في لندن لجميع آجال القروض التي تزيد على أسبوعين. وتوسع الفرق مرة أخرى بين سعر فائدة ليبور وسعر الفائدة المحدد من البنك المركزي الأمريكي بمقدار 1.375 نقطة أساس ليصل إلى 121.125 نقطة أساس، وهي أوسع مسافة له منذ كانون الأول (ديسمبر) 1987، والذي جاء بعد شهرين من انهيار البورصة الذي وقع في ذلك العام.
فال توني كريسنزي، وهو محلل استراتيجي لدى ميلر تاباك إن هذا التحرك هو علامة على "استمرار العسر في التمويل في سوق القروض بين البنوك، وعلامة على مشاعر القلق حول النظام المالي الأمريكي بصورة عامة. وسيمر بعض الوقت قبل أن تهدأ الأعصاب على ضوء الأحداث الأخيرة".
ارتفاع الفائدة على قروض الدولار والاسترليني واليورو في أسواق المال اقترن بارتفاع مبالغ التأمين على القروض المتقابلة. وتقيس هذه الفرق بين متوسط أسعار الفائدة لليلة واحدة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة وسعر فائدة ليبور لأجل الأشهر الثلاثة.
افتتح الفرق في أسعار الفائدة على القروض في الولايات المتحدة بمقدار 130 نقطة أساس وارتفع ليصل إلى 141 نقطة أساس. وارتفعت الفائدة على الأوراق التجارية المدعومة بالسندات لليلة واحدة من 3.75 في المائة لتصل إلى 4.61 في المائة يوم الإثنين. عملت مشاعر اللبس على عرقلة الاندفاع في الأسواق الناشئة، التي كانت في حالة تصاعد منذ يوم الجمعة. فقد هبط مؤشر مايسيكس Micex الروسي القياسي بمقدار 3.1 في المائة بعد أن حقق رقماً قياسياً في الأرباح في مدة يومين بنسبة بلغت 29 في المائة، في حين أن مؤشر بنك مورغان ستانلي المركب لأسهم الأسواق الناشئة MSCI emerging markets shares index هبط بمقدار 2.3 في المائة ليصل إلى 834.57 نقطة.
ارتفعت أسعار السندات الحكومية، حيث عكست السندات الحكومية الألمانية لأجل عشر سنوات مسيرة هبوط استمرت أربعة أيام بعد صدور تقرير أظهر استمرار التقلص في نشاط التصنيع والخدمات في منطقة اليورو. الأمر الذي دلالته كذلك أن العائد على سندات الحكومة الألمانية لأجل سنتين هبط بصورة أكثر حدة من العائد على السندات لأجل عشر سنوات، وهو علامة على أن المتداولين يرون أن آفاق الاقتصاد العالمي قد تدهورت. كذلك ارتفعت سندات الخزانة الأمريكية.
ارتفعت الفروق في عقود التأمين المتقابلة على السندات، حيث ارتفع مؤشر آي تراكس أوروبا iTraxx Europe، الذي يرصد حركة 125 اسماً من الأسماء الممتازة في عالم السندات، بمقدار سبع نقاط أساس ليصل إلى 111 نقطة أساس، أي أن مبلغ التأمين أصبح 111 ألف يورو على السندات التي تبلغ قيمتها عشرة ملايين دولار والتي يقع تاريخ استحقاقها بعد خمس سنوات. كذلك ارتفع مرشر آي تراكس للسندات الخطرة، الذي يرصد حركة 50 نوعاً من السندات معظمها سندات خطرة لا قيمة لها، ارتفع بمقدار 19 نقطة أساس ليصل إلى 580 نقطة أساس.
استعاد الدولار بعضاً من خسائره بعد عمليات البيع المكثفة يوم الإثنين في الوقت الذي أعطته البيانات الضعيفة في منطقة اليورو نغماً أكثر استقراراً. ارتفع الدولار بمقدار 0.4 في المائة في مقابل اليورو، و0.2 في المائة في مقابل الإسترليني، و0.2 في المائة في مقابل الين. وكان الراند، وهو عملة جنوب إفريقيا، من أكثر العملات تحركاً في قيمته، حيث هبط بمقدار 3.2 في المائة في مقابل الدولار ليسجل رقماً متدنياً هو 8.2120 راند للدولار بعد استقالة تريفور مانويل، وزير المالية في جنوب إفريقيا، في أعقاب استقالة رئيس الجمهورية ثابو مبيكي إثر قرار عزله من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي. وفي فترة متأخرة عوض الراند بعضاً من خسائره وبلغت نسبة تراجعه 1.9 في المائة ليصل إلى 8.1350 راند للدولار، بعد أن أصبح من الواضح أن من المرجح إعادة تعيين مانويل في منصب وزير المالية. خسر النفط بعضاً من بريقه بعد الاندفاع القياسي الكبير في يوم واحد يوم الإثنين. هبطت العقود الجديدة تسليم تشرين الثاني (نوفمبر) بحدود دولارين للبرميل ليصل إلى 106 دولارات للبرميل. وكانت العقود الآجلة تسليم تشرين الأول (أكتوبر) قد قفزت بمقدار 25 دولاراً للبرميل يوم الإثنين في الوقت الذي اضطر فيه المستثمرون الذين كانوا يراهنون على هبوط أسعار النفط، اضطروا لتغطية تعاملاتهم قبيل انتهاء موعد العقود الآجلة. كذلك تراجعت أسعار النفط وسط عمليات جني الأرباح في أعقاب المكاسب الكبيرة يوم الإثنين بسبب مشاعر القلق والتخوف من أن خطة الحكومة الأمريكية لشراء الموجودات السامة يمكن أن تضيف المزيد من الضغوط إلى الوضع التضخمي.