التعليم العالي في القرن الـ 21: تطلعات اليونسكو

التعليم العالي في القرن الـ 21: تطلعات اليونسكو

التعليم العالي في القرن الـ 21: تطلعات اليونسكو

عندما نتطلع إلى تطوير التعليم العالي وتعزيز معطياته بما يستجيب للمتطلبات المعرفية المتجددة، لا بد أن ننظر إلى ما يجري من حولنا في هذا المجال. وإذا فعلنا ذلك، فلعل بين المعالم التي تلفت النظر، ما تُقدمه "اليونسكو" في هذا المجال. واليونسكو كما هو معروف هي "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة"، وتشمل في عضويتها مُختلف دول العالم، بما في ذلك السعودية، ومقر المنظمة باريس حيث يجري العمل الدولي المشترك في هذه المجالات.
في إطار الاستعداد للاستجابة إلى تطورات القرن الحادي والعشرين، أصدرت اليونسكو بياناً بعنوان "الإعلان الدولي حول التعليم العالي في القرن الحادي والعشرين". وتضمن الإعلان "ثلاثة أجزاء" رئيسة، تم تقسيمها إلى "17 مادة". وسنُلقي الضوء، فيما يلي، على مكونات هذا الإعلان، ونُقدم بعض الملاحظات بشأنه.
تضمن الجزء الأول من الإعلان مادتين. في المادة الأولى، تم تحديد رسالة التعليم العالي على أنها تشمل: التعليم والتدريب والبحث العلمي. وفي المادة الثانية جرى وضع توجهات لتنفيذ هذه الوظائف. وتُركز هذه التوجهات على النواحي الأخلاقية، وعلى استقلالية إدارة هذا التعليم، وتحملها المسؤوليات المُنوطة به، إلى جانب طرح مسألة رصد المتغيرات والعمل على الاستجابة لها.
وشمل الجزء الثاني من الإعلان ثماني مواد تتحدث عن الرؤية المستقبلية التعليم العالي في القرن الـ 21، وشملت عناصر هذه الرؤية: تحقيق المساواة في القبول في التعليم العالي، والاهتمام بتعددية هذا التعليم، إضافة إلى تعزيز فرص المرأة، و تفعيل دور كل من الطلبة والأساتذة في تنفيذ النشاطات المعرفية المُختلفة.
وتضمنت عناصر الجزء الثاني أيضاً قضية العمل المعرفي، وركزت على البحث العلمي في شتى المجالات، وعلى ضرورة نشره والاستفادة منه؛ كما اهتمت بأساليب التعليم والحاجة إلى التعليم الذي يُشجع التفكير الإبداعي. وشملت هذه العناصر كذلك ضرورة أن يتمتع كل نشاط من نشاطات التعليم العالي بمبررات منطقية، بمعنى أن يرتبط كل نشاط بأهداف تُفيد هذا التعليم وتُعزز عطاءه؛ وشملت العناصر أيضاً مسألة التعاون المعرفي على الصعيدين المحلي والدولي، اجتماعياً واقتصادياً.
وطرح الجزء الثالث من إعلان اليونسكو موضوع الانتقال من الرؤية إلى التطبيق، وذلك من خلال سبع مواد رئيسة. وشملت عناصر هذه المواد: مسألة تقييم التعليم العالي وقياس أدائه، إضافة إلى قضايا التقنية المُستخدمة، والإدارة، والنواحي المالية. وتضمنت هذه العناصر أيضاً الشراكة والتعاون، والعمل على المحافظة على كفاءات العطاء الفكري، وتجنب هجرة الأدمغة، خصوصاً من بلدان العالم الثالث.
لا شك أن إعلان اليونسكو هذا بأجزائه الثلاثة ومواده المتعددة يطرح أمامنا قضايا ينبغي الاهتمام بها في تطوير التعليم العالي، خصوصاً أن هذه القضايا لم تُطرح من قِبَل جهة وحيدة، بل من قبل جهات ودول مُتعددة تجمعها اليونسكو تحت مظلتها الدولية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن قضايانا الخاصة، ربما تتفق مع كثير من القضايا التي طرحتها اليونسكو، لكن لها أيضاً خصوصيات ترتبط بواقعنا الذاتي. ولا بُد لهذه الخصوصيات من أن تأخذ حقها من الدراسة، ومن اختيار أفضل السبل للتعامل معها.
وإذا كنا قد نظرنا إلى إعلان اليونسكو من مُنطلق فهم ما حولنا من قضايا التعليم العالي وتوجهاته المستقبلية، فإن من واجبنا الإطلاع على المزيد مما يجري حول العالم في هذا الشأن. فسعة الرؤية، والاستفادة من الأفكار والخبرات المتوافرة، من الوسائل المهمة التي يُمكن أن تعيننا على تحديد توجهات التطوير الملائمة، وعلى اتخاذ القرارات المُناسبة بشأنها.

[email protected]

الأكثر قراءة