فضائح في جرائم استغلال الشركات لعمالها خلال الحرب العالمية

فضائح في جرائم استغلال الشركات لعمالها خلال الحرب العالمية

روى كارب فوكوتروب قصته حين كان في سن السابعة عشرة في معسكر الاعتقال. حان الآن وقت الغداء". هذه الشوربة كانت تحتوي على ملفوف، وبداخلها ديدان، حيث أطلنا النظر إليها، وقلنا في أنفسنا: سوف لا نأكل هذا! وأجابوا (المسؤولون عنا) جيد، في حالة أنكم لا تريدون أكل ذلك، فسوف تكافحون غدا من أجلها، وسوف تطلبون المزيد منها" وهذا ما حصل بالفعل حيث أغمضنا أعيينا وأكلنا الشوربة كلها. وبالتدريج تعودنا عليها.
ويتذكر عامل الأشغال الشاقة المولود في عام 1925 زمن عمله في شركة BMW في الحرب العالمية الثانية، حيث كان هناك سيلندر يتوجب علي تنظيفه وذلك لأن بعض الطبقات كانت مغطاة به، وكانت الآلات مملوءة بالزيت الذي كان يمطر على قدمي مما ألحق بهما ضررا بسبب الأحماض التي يحتويها الزيت، وحدثت من خلال ذلك جروح.
والراحة في العمل لم تكن واردة ، حيث إن القمل والبق لحقا بنا، ولم يكن بالإمكان النوم ليلاً، وعندما تتم إضاءة الضوء يسقط علينا القمل من الأعلى إلى الأسفل، إذ يتمكن المرء من رؤية الآلاف منها". والعديد من الناس عاشوا خلال الحكم النازي في الشركات الصناعية الألمانية حالة فزع وخوف مشابهة، والعديد منهم فقدوا حياتهم. غير أن فوكوتروب نجا من ذلك، وعاش بعين واحدة. وبعد عودته إلى أوكرانيا اتهم بأنه متعاون مع الألمان وخائن. وروى قصته الحزينة في كتاب بعنوان "اقتصاد الحرب والأشغال الشاقة في شركة BMW"، حيث قامت شركة خلفت BMW، شركة بناء موتورات الطيران محدودة المسؤولية، بتقديم فصل مظلم من تاريخ تعامل الشركات الصناعية.
وكانت BMW في ظل الرايخ الثالث شركة مهمة في صناعة التسليح. ومن عام 1939 لغاية عام 1944 تضاعف عدد العاملين في الشركة العملاقة إلى 56 ألف عامل، كما أعلنت المؤرخة كونستازي فيريز، مؤلفة الكتاب الذي تم نشره حول ذلك. وكان 25 ألفا - 30 ألفا منهم عمالا بالأشغال الشاقة، إضافة إلى أكثر من عشرة آلاف سجين.
وفي السنوات الثلاث الأخيرة من الحرب، توجب عليهم تصنيع أكثر من 20 ألف محرك طائرة. وفي المصنع الكبير وحده في ميونيخ، كان هناك ما يربو على 60 في المائة من الـ 18 ألف عامل، يعملون بأحكام الأشغال الشاقة، ويرد في صفحة التاريخ المعتم ذلك الدور الذي لعبته الإدارة، حيث عضو مجلس الإدارة فرانس جوزيف بوب على قمة الشركة، وقرر الدخول إلى السلطة في عام 1933.
وجرى تبديل شركة BMW بشركة تسليح بحتة لمحركات الطائرات، ولكن الشركة بهذه المهام كانت تعمل فوق طاقتها بكثير، بالنظر إلى الطلبيات الهائلة في النصف الثاني من الحرب. ولم تكن المنتجات الواسعة، والنقص الكبير في القوى العاملة هي أكبر الصعوبات في ظل عدم استيفاء متطلبات الإنتاج. وإضافة إلى ذلك، كانت الفوضى السياسية لوزارة طيران الرايخ، أصابت مصنعي طائرات ومحركات آخرين، مثل هاينكل ويونكرز.
ولتجنب الضرب بالقنابل من جانب قوات التحالف، وزعت BMW المرافق والمنشآت بعيدة عن بعضها البعض في الزاس، وكاليبرجيركي، حيث أحاط الصدأ بالمنشآت، وعانى الإنتاج من الصراع على السلطة، والمؤامرة بسبب ضعف الارتباط مع مجلس إدارة متراخ. ولم تهمل المؤرخة كونستاسا فيريز الإشارة إلى أن مثل هذه الألعاب السلطوية عملت على شل حركة الإدارة في بعض الشركات.
وفي بداية الحرب العالمية الثانية بذلت إدارة شركة BMW جهوداً لتعليم القوى العاملة الأجنبية والاهتمام بتوفير "إدارة مرافق سكنية" بشروط محتملة لهم. ولكن مؤلفة الكتاب تبين أن هذه التقديرات صبت في النهاية في تمييز متزايد، واستغلال منظم لعمال الأشغال الشاقة والمساجين في المعتقلات. وتتحمل الإدارة حسب معلوماتها مسؤولية مباشرة وغير مباشرة لجرائم الحكم النازي. وبما أن إدارات المشاغل في الحالات الكثيرة لم تكن تستطيع منع السلطة التعسفية من التدخل في نشاط الشركات، فإن ذلك كان مبرراً لبعض تصرفات إدارة الشركة. وبشكل عام، فإن عمال الأشغال الشاقة كانوا عوملوا في BMW بأسلوب أفضل من دايملر – بنز، وشركات تسليح ألمانية أخرى.
وتنظر إدارات الشركات إلى الكتب التي أرّخت علاقاتها مع العمال كدوافع ضد أي تمييز، أو إساءة إلى القوى العاملة في الحاضر أو المستقبل.

الأكثر قراءة