( اتحاد الجامعات).. الخطوة الصحيحة جاءت متأخرة !
تتسابق دول العالم المتقدمة رياضيا من أقصاها إلى أقصاها، لصناعة نجوم يشرفون بلدانهم ويرفعون أعلامها عاليا في المحافل الدولية، فالرياضة أضحت علامة بارزة لتقدم الشعوب ورقيها، وبروزها، كما أنها تحولت لاستثمار ناجح بكل المقاييس، فالبرازيل مثلا تعتمد كثيرا على عوائد عقود لاعبيها الاحترافية.
ولا يختلف اثنان على أن الجامعات ثروة لا يستهان بها لتخريج النجوم الخصبة في مختلف الألعاب، كما أن أغلب الدول تعتمد عليهم كمورد خصب في المنافسات الأولمبية.
واليوم وبعد إعلان إطلاق ( اتحاد الجامعات) في السعودية، تطرح "الاقتصادية" في حلقة مثيرة اليوم أبرز التجارب العالمية التي سبقتنا في هذا المجال، وكذا آراء مختصين في كيفية إنجاح المشروع الضخم، والذي سيدر المواهب الرياضية السعودية ويجعلها قادرة على المنافسة.
أبدى الدكتور حبيب الربعان أستاذ علم النفس الاجتماعي الرياضي المشارك في جامعة الملك سعود في الرياض ومدرب سابق لمنتخب جامعي امتعاضه من عدم الاهتمام بالمواهب الرياضية في الجامعات، بقوله:" رغم خبرتي الطويلة مشرفا على عدد كبير من النشاطات الرياضية التي تقيمها الجامعات، إلا أني لم ألحظ أي اهتمام بمواهب الجامعات الرياضية، حتى على الرغم من وجود مشرفين رياضيين يتابعون هذه الأنشطة، ولكن برؤية أداء واجب لا أكثر ولا أقل، وليس بعين المطور لمواهب هؤلاء الرياضيين".
وأضاف: أنشطتنا الجامعية رياضية ليست كما ينبغي، ولا تقارن بما يحدث في دول العالم المتقدمة التي تخصص ميزانيات ومتطلبات عالية الجودة لتطوير المواهب الطلابية في الجامعات.
واستشهد الربعان بما شاهده في بولندا أبان مشاركة ألعاب القوى في بطولة العالم على مستوى الجامعات، وأغلبهم من فئة 18 سنة، بقوله:" هناك شاهدت بأم عيني أعدادا كبيرة من الكشافين قدموا من أمريكا لمراقبة اللاعبين الموهوبين، ومن ثم تقديم عروض للأفضل منهم للالتحاق بأرقى الجامعات الأمريكية، ومنحهم فرصة لإكمال دراستهم مجانا مقابل أن يشاركوا مع منتخبات جامعاتهم في المشاركات العالمية، بحيث يلعب بشعار الجامعة، وذلك يكون مقابل التعليم المجاني".
ووصف اهتمام دول العالم المتقدمة بطلبة الجامعات من الموهوبين رياضيا بأنه يفوق اهتمام أنديتنا الممتازة باللاعبين في كرة القدم، كما أن دوري الجامعات في أمريكا على سبيل المثال يتفوق من ناحية القوة والأداء على دوري الدول العربية مجتمعة.
وأوضح الربعان أن الرياضة الجامعية فيها أيضا دخل مادي كبير جدا، وجوائز ضخمة أيضا، فمن البارز في الرياضة الجامعية عالمية أنها تعمد إلى استثمار نجومها الرياضيين من خلال الدعاية والإعلان، والنقل التلفزيوني عالي الجودة، وكذا الإعلانات داخل الملاعب وعلى القمصان، إضافة على أن التزاحم الجماهيري لحضور منافسات الرياضة الجامعية وما لها من عشق لديهم، جعلت الجامعات تستقطع رسوما على تذاكر الدخول على الجماهير، وهنا تحولت مشاهدة مباريات الجامعة إلى دعم مادي آخر للجامعة".
وشدد على أن وجود قوانين صارمة للرياضيين في الجامعات أمر في غاية الأهمية، ومن أهمهما أن يكون اللاعب منتظما في دراسته وألا يقل معدله الدراسي عن جيد كحد أدنى، وإلا فإنه يستبعد تماما من مزاولة أي رياضة، فالطالب لا يحضر للجامعة كلاعب، وإنما يحضر كدارس، ومن ثم تهيأ له الإمكانات اللازمة لبروزه.
وأكد أن أكثر الأبطال الأمريكيين الذين حصدوا ميداليات ذهبية هم في الأصل طلبة جامعيين، حتى البطلة الموزمبيقية التي حصدت أربع ميداليات مابين ذهبية وفضية هي في الأساس طالبة في جامعة أمريكية استقطبتها لبروزها، ودرستها بالمجان.
وأهاب الربعان بضرورة ضمان الاعتماد في نجاح اتحاد الجامعات على أن تتحول الجامعات السعودية إلى مستفيدة من اللاعبين الرياضيين المتميزين من الناحية المادية والتسويقية عن طريق الشركات والدعاية والإعلان، مع أهمية وجود النقل التلفزيوني والإعلامي لسحب الجمهور لمتابعة أحداث المسابقات الرياضية في الجامعات.
وأشار إلى أن الرياضيين الموهوبين أشد تأثيرا وقبولا لدي الطلبة في الجامعات، فمدرب كرة القدم الأمريكية داخل مرافق الجامعات أكثر شهرة وتأثيرا من مديري الجامعات، وهنا يبرز دور الرياضي الجامعي كمؤثر في محيطه ومجتمعه.
وتحدث عن تجربته كمدرب منتخب جامعي بقوله: "شاركت في تدريب منتخب الجامعة عندما كنت أحضر الماجستير، كمساعد مدرب ألعاب القوى، وهناك شاهدت اهتمام الجامعة باللاعبين، حتى أنها كانت توفر لهم الدروس الخصوصية المجانية، للحفاظ على مستوياتهم الدراسية، كخدمة إضافية تقدمها الجامعة لهم".
وأضاف: وكنا مع لاعبينا نلتقي مع جميع الطلاب ونتحدث معهم باستمرار في بهو الجامعة وفي كل مكان من أرجائها، كما أن الملاعب كانت مليئة بالجماهير، وبكثافة عالية جدا".
ونوه الربعان بإعلان انطلاق اتحاد الجامعات الرياضية، مشيرا إلى أهمية أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون ونستفيد من تجاربهم النيرة في هذا الشأن، كما يجب أن تتغير أنظمة كثيرة لدينا تخص الجامعات.
وأبدى أسفه على ما حدث لنجمنا العالمي حسين السبع الذي رفضته إحدى الجامعات السعودية الكبرى بسبب تدنى معدله في الثانوية العامة إذ كان أقل من المطلوب، وهذا هو الفرق بيننا وبينهم هم يستقطبون ويعلمون في أرقى الجامعات العالمية، ونحن لا نمنح المبدعين من اللاعبين في مختلف الألعاب حقهم من الرعاية والاهتمام، مع أنه يفترض أن يتدخل اتحاد اللعبة التي ينتمي لها اللاعب لتسجيله ومتابعته.
يجب أن يعمل الاتحاد خارج النطاق الأكاديمي
من جهته، أكد بندر عثمان الصالح رئيس الإتحاد السعودي للمبارزة والخبير الرياضي المعروف أن الأمير نواف بن فيصل نائب الرئيس العام لرعاية الشباب لم يبادر بإعلان اتحاد الجامعات، إلا وهو على يقين أنه بات ضرورة ومطلبا حقيقيا لتطوير الرياضيين لدينا.
وقال:" من خلال تجربتي مع الأمير نواف بن فيصل هو لم يعلن اتحاد الجامعات إلا بعد دراسة وافية ومتأنية جدا".
وأشار إلى أن الجامعات في العالم هي أهم منبع للنجوم والرياضيين في أقوى المسابقات، نظرا لأن المدارس تعتبر حلما صغيرا غير قادر على إبراز أبطال أقوياء بسهولة.
وشدد على أن تركيزنا على الجامعات سيجعلنا نستخرج الكثير من الخامات المذهلة في ألعاب مثل: السباحة، الفروسية، المبارزة، القدم وغيرها كثير، بشرط أن يعمل اتحاد الجامعات تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وأن نخرجه من إطار الأكاديمية التي لا تقدر المواهب بالشكل المطلوب.
وشدد على أن نجاح اتحاد الجامعات مرتبط باختيار أعضاء من أربع جهات: وزارة التربية والتعليم، رجال أعمال، أكاديميون من الجامعة نفسها مختصون بالرياضة، والرئاسة العامة لرعاية الشباب.
واعتبر الجامعات خطوة رائدة لإعداد جيل ينافس أولمبيا في مختلف الألعاب، نظرا لكون الجامعات ستهيئ اللاعبين فنيا وفكريا، وبالتالي ستقدم لنا خامات جاهزة.
وأبدى أسفه من كون بعض أبطالنا في بعض الألعاب تنقصهم الثقافة المهمة، أما الجامعات فإنها ستقضي على ذلك وستجهز لنا أبطالا مثقفين واعين، لهم القدرة على التحدث والتواصل مع عدد من المجتمعات وأحيانا بلغات عدة.
وأبدى تفاؤله بأن اتحاد الجامعات لو انطلق من الآن وحتى شهرين مقبلين، فإننا سنخرج جيلا قادرا على أن ينافس في أولمبياد لندن 2012 المقبل، وسيكون للاعبينا حضور قوي.
وأكد أن رجال الأعمال ينتظرون مثل هذه المبادرة، وسيفاجئون الجميع بدعمهم واستثمارهم في الرياضة الجامعية، مشيرا إلى أنه سيكون أول المبادرين بقوله:" أتمنى أن يكون رجال الأعمال لدينا شركاء للنجاح في هذا المشروع".
التعليم العالي مطالبة برفع أسماء المتميزين إلى الاتحادات
أما بندر الجعيثن مدرب منتخبات مدرسية وصاحب تجربة في المنتخبات السعودية والأندية في كرة القدم فإنه يرى أن اتحاد الجامعات يعتبر خطوة مهمة جدا بقوله:" اتحاد الجامعات دلالة صناعة جيل جديد من اللاعبين للرياضة السعودية".
وأضاف: قد تكون هذه الخطوة جاءت متأخرة، لكن الأهم هو أن يتم التنسيق مبكرا بين وزارة التربية والتعليم والاتحادات الرياضية الأخرى، بعمل صيغة موحد تستمر عليها التربية ووزارة التعليم العالي حتى في جدولة البطولات والبرامج الزمنية لها، ومتى تتوقف البطولات المدرسية للاستفادة من اللاعبين في مشاركات خارجية ودولية.
ووصف الخطوة بأنها ناجحة وستمنح فرصا ممتازة لعدد كبير من الشباب والناشئين لممارسة رياضتهم وإثبات وجودهم، كما أن التعاون بين الوزارات سيمنح الفرصة للعاملين في هذه البرامج من حكام ومشرفين ومدربين للعمل بأقصى إنتاجية ممكنة.
واقترح أن تكون هناك حلقة وصل بين وزارتي التربية والتعليم العالي، لرفع أسماء المتميزين في مختلف الألعاب للاتحادات المعنية بألعابهم، لاستدعائهم وتطوير قدراتهم للمشاركة في مختلف المسابقات.
كما يجب عمل دوري مستمر لشتى الألعاب، مع أهمية توفير جميع أدوات الرياضة التي تحتاج إليها الألعاب داخل أسوار الجامعة وفي ظروف مهيأة جدا لفرض المواهب.