تضخيم القدرات والخبرات الوظيفية السابقة مشكلة شائعة.. وتزداد بين الفتيات
تضخيم القدرات والخبرات الوظيفية السابقة مشكلة شائعة.. وتزداد بين الفتيات
حذر مديرو ومسؤولو توظيف الموظفين الجدد من تضخيم مسؤولياتهم الوظيفية السابقة أو ادعاء أشياء غير حقيقية خلال كتابة السيرة الذاتية مشيرين إلى انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير في أوساط المتقدمين للوظائف، وعلى الرغم من أن عقوبة اكتشاف الكذب بالسيرة الذاتية هي الفصل من العمل إلا أن الكثير من الأفراد لا يعيرون ذلك أي أهمية في سبيل الحصول على وظيفة، مقتنعين أن قيامهم بهذا لا يعد تزويرا ولكنه حق مكتسب في سبيل الحصول على عقد عمل.
وكان تقرير أعدته شركة "كارير بيلدر" التي تتولى العمل في مجال التوظيف لدى مؤسسات كبرى قد كشف أن 10 في المائة من إجمالي المتقدمين للوظائف قدموا شهادات أكاديمية غير صحيحة، وقال 5 في المائة إنهم أعطوا معلومات غير صحيحة حول وظائفهم السابقة، وأوضح التقرير أن مسحاً على بيانات السيرة الذاتية للمتقدمين لوظائف أظهر وجود خدع كبيرة وأكاذيب يعتمدها المتقدمون يصل بعضها إلى حد السخافة، فمثلا ينسب أحدهم لنفسه عضوية منظمة "مينسا" العالمية الخاصة بالعباقرة. ويفيد آخر أنه كان المدير التنفيذي لشركة كبرى، ليتضح لاحقاً أنه كان أجيراً يعمل بالساعة.و قد وصل الأمر بأحدهم أن ينسب لنفسه أبحاثا وبالمصادفة كانت الأبحاث لأحد المسؤولين عن التوظيف.
يقول محمد الحربي مسؤول توظيف في إحدى الشركات إنه عندما يشاهد السير الذاتية يعرف مسبقا أن غالبية ما ذكر فيها غير صحيح وأن من قدمها كذب ببعض الأمور، ولكنه يعذر المتقدم للوظيفة خاصة إذا كان كذبه ليس كبيرا أو مضحكا فهو أولا وأخيرا فعل هذا للحصول على عمل ويعمد إلى مقابلته بصفة شخصية لمعرفة الجوانب الأخرى منه، ويعترف بأن بعض السير الذاتية يقوم برميها أو إهمالها خاصة إذا شعر أن السيرة فيها كذب مفضوح أو عدد صفحاتها يتجاوز الصفحتين. مبينا أن ملاحظة الكذب تزداد بالسير الذاتية للفتيات ربما لأنهن مازلن حديثات على العمل وليس لديهن خبرة فيضطروا لادعاء الخبرة للحصول على الوظيفة أو لكونهن يعملن في أماكن منفصلة، معتقدين أننا لن نستطيع اكتشاف الحقيقة والتأكد منها لعدم وجود علاقات تربطنا بالمديرات والمسؤولات مثلا، ناصحا من يتقدم لوظيفة ألا ينسب لنفسه أشياء غير حقيقية أو يزيد عدد صفحات السيرة الذاتية، فغالبية مسؤولي التوظيف يفضلون السيرة المختصرة الصادقة لأنهم اعتادوا أن يكشفوا الكذب، فمثلا من غير المنطقي أن يكون الفرد متخرجا حديثا وعمل في خمس وظائف جميعها بموقع المسؤولية أو أن يكون متخرجا من جامعة عربية ولم يسافر للخارج ويجيد الإنجليزية إجادة تامة وليست متوسطة. وحول عقوبة الكذب بالسيرة الذاتية يشير أن قانون العمل أعطى لصاحب العمل الحق بإنهاء العقد لو ثبت أن الموظف ادعى شيئا غير حقيقي أثناء طلبه الالتحاق بالعمل إلا أن هذا في رأيه لا يحدث كثيرا لأن غالبية مسؤولي التوظيف لا يتحققون مما كتب بالسبل القانونية ولا يوظفون بناء على ما كتب بالسيرة الذاتية لأنهم يشكون مسبقا بمصداقيتها ويعتمدون بشكل أكبر على نتائج المقابلة الشخصية.
وتشير هدى الجريسي سيدة أعمال أن كتابة السيرة الذاتية فن وعلى الرغم من إعطاء دورات كثيرة بالمجال إلى أن غالبية الدورات تعلم تضخيم الشخص لذاته وادعاء مقدرات ليست فيه ولا تنصح المتقدم للوظيفة بالمصداقية والبساطة. وتصف المشكلة أن من يتقدم لوظيفة يظن أن صاحب العمل بحاجة إلى "سوبر مان" أو نموذج فائق للمعتاد لتوظيفه فيضطر إلى تضمين سيرته أمورا غير صحيحة، فهذا برأيه لا يعتبر كذبا ولكنه تجميل، قائلة إن الخبرة والواقع جعلت غالبية مسؤولي التوظيف يعرفون مسبقا بقيام المتقدم بتضخيم مسؤولياته وخبراته لذا فهم يعتمدون بشكل أكبر على المقابلة الشخصية لهذا فمن الأفضل للمتقدم ألا يضخم نفسه بصورة مبالغ فيها لأن مصير مثل تلك الطلبات إلى سلة المهملات، بل عليه أن يقدم نفسه بمصداقية وببساطة تجعل من يقرأ السيرة الذاتية يطلبه للمقابلة الشخصية.
وتعترف مرام بالحارث بأنها وعند إعداد سيرتها الذاتية تعمد إلى المبالغة لتجذب أصحاب العمل لمعرفتها أنهم لن يوظفوها فيما لو ذكرت أنها تجيد الإنجليزية بشكل متوسط وليس بشكل ممتاز، وعند سؤالها إذا ما كان هذا كذبا أجابت لا اعتبره كذب فمع التدريب سأتمكن من الإنجليزية بشكل ممتاز، وأكون كما كتبت في السيرة الذاتية وهم يعرفون أن العمل هو المحك الرئيسي وليس الدراسة أو الشهادة، وعند إبلاغها أن الفصل هو الجزاء لو عرفوا بهذا أجابت "لا أتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد ولو كان يهمهم التأكد مما كتبت لأجروا اختبار قدرات مثلا، المسألة في نظري شكلية طالما أنني لم أكذب كذبا ضارا أو خاليا من الصحة تماما".