"العملية ملغاة".. هاجس يهدد الموثوقية في النظام البنكي

"العملية ملغاة".. هاجس يهدد الموثوقية في النظام البنكي

"العملية ملغاة".. هاجس يهدد الموثوقية في النظام البنكي

"العملية ملغاة".. "نأسف لعدم إتمام العملية".. "عفوا لا يمكنك استخدام هذا الجهاز حاليا". عدد من جملة عبارات تظهر وتتكرر في أجهزة الصراف ونظام المدفوعات حتى إنها باتت تشكل قلقا للعملاء من المواطنين والمقيمين ولا يستبعد أن تؤثر سلبا في علاقتهم مع البنوك.
وبالنظر إلى أهمية هذه القضية، تنشر "الاقتصادية" اعتبارا من اليوم سلسلة تحقيقات تعرض فيها نماذج من هذه الأخطاء وموقف البنك والعميل على حد سواء.
وتسليط الضوء على هذه الأخطاء ينبع من وجود 78 مليار ريال متداولة خارج المصارف في السعودية، وهي التي تمر عبر أجهزة الصراف ونظام المدفوعات وبالتالي فهي معرضة للخطأ. مراقبون واقتصاديون وعملاء بنوك، يؤكدون أن هذه الأخطاء التي لم تعد ترتبط بمواسم الأعياد أو رمضان كما كانت في السابق، قد تحدث خللا في العلاقة بين البنوك والعملاء. في حين تتجه الدول المتقدمة إلى الاستغناء النقد وإحلال أنظمة الدفع بدلا عنه، يخشى أن تؤدي هذه الأخطاء إلى تعزيز استخدام النقد بدل التقنية في السوق المحلية. إلى الحلقة الأولى.

يحسب للقطاع المصرفي في السعودية أنه خطا خطوات كبيرة وبعيدة المدى فيما يخص التقنية تحديدا، وليس هناك ثمة اختلاف على أن البنوك السعودية استطاعت أن تؤسس لنظام فني وإداري قوي استشرفته في مراحل من البناء الاقتصادي قطاعات كثيرة خاصة أو تابعة للحكومة، باعتبار أن تجربة البنوك كانت تستحق الاستنساخ في كثير من جوانبها.
ولعل ما توفره البنوك السعودية من خلال ارتباطها بمؤسسة النقد قد لا يتوافر في بعض الدول، من ناحية الخدمات المالية والفنية المتوافرة في أجهزة الصراف الآلي وانتشارها في المدن أو من خلال توزيع نظام المدفوعات في عدد كبير من نقاط البيع.

"العملية ملغاة"

يطرأ حاليا في هذا القطاع ما قد يشكل تهديدا لموثوقية العملاء فيه .. "العملية ملغاة". نعني هنا الأخطاء التي تحدث في أجهزة الصراف الآلي والأخطاء التي تماثلها أيضا في نظام المدفوعات في نقاط البيع والتي باتت تشكل قلقا كبيرا للمواطنين وربما دفعت بعضهم إلى وقف التعامل مع نظام المدفوعات على وجه التحديد أو دفع البعض إلى نقل حساباتهم من بنك إلى بنك رغبة في العثور على أجهزة صراف لا تتعطل ولا تخطئ في السداد أو السحب.
من بين أخطاء أجهزة الصراف التي بدأ يتداولها الناس على نطاق واسع، هو أن البعض قد يضع بطاقته في جهاز الصراف ويختار المبلغ المطلوب سحبه ويعطى الموافقة من الجهاز لكن لا يدفع له الجهاز بالمبلغ في حين يكتشف أن المبلغ محسوما من حسابه. وهنا يدخل العميل في دوامة الاسترجاع خاصة إذا كان هذا الجهاز لا يتبع بنكه الذي يوجد فيه حسابه.
يقول مواطنون ومقيمون تعرضوا لمواقف مماثلة لتلك الحالة إنهم يسمعون تحرك المبلغ باتجاه موقع تسلمه من جهاز الصراف، لكن لا يظهر فعليا وهنا تكمن الإشكالية حيث يتضح أن السبب فني تقني بحت، وسيظهر في بيانات البنك وجهاز الصراف أن العميل سحب المبلغ في حين أنه لم يحصل عليه فعليا.

الأخطاء تتزايد

مثل هذه الحالات لا تختص بموسم بعينه لكنها تزيد وتصل درجة "القلق" مع بدء رمضان ومع اقتراب عيد الفطر وعيد الأضحى.
هذا ما يخص أجهزة الصراف، أما الحديث عن نظام المدفوعات (الموجودة في نقاط التوزيع)، فإن الحديث عنها يطول، فلا البائع ولا العميل يعلم حق العلم ما إذا كانت العملية التي ظهرت عليها عبارة "العملية فاشلة" هي حقا كذلك أم أن المبلغ حسم من حساب المشتري، وما هذه العبارة إلا نتاج خلل فني.
عملاء للبنوك السعودية كثيرون جزموا بحصولهم على ورقة من جهاز السداد في كثير من نقاط التوزيع تؤكد أن "العملية فاشلة" لكن حين استفسروا لاحقا عن حسابهم وجدوا المبلغ محسوما ومحددا مكان وسبب سحبه وهو التبضع الذي لم يتم أصلا.

النقد خارج المصارف

اقتصاديون ومراقبون يؤكدون أهمية تعليق الجرس تجاه هذه الأخطاء وهم يستشعرون خطورتها من حجم السيولة المتحركة خارج المصارف والمعرضة لمثل هذه الأخطاء، حيث تشير آخر البيانات الصادرة من مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" إلى أن النقد المتداول خارج المصارف ارتفع في تموز (يوليو) الماضي إلى 78.57 مليار ريال من 77.5 مليار ريال في حزيران (يونيو), وارتفاع من 74.4 مليار ريال في أيار (مايو) 2008.
وهذا المبلغ هو متداول بين السكان ونقاط البيع وقد يتعرض لأخطاء في نظام المدفوعات أو الصراف ومع ارتفاع المبلغ وحركته في السوق مع وجود الخلل في أجهزة الصرف أو نظام المدفوعات فإن احتمالات الخطأ ستزيد.
وبشكل عام، تشير بيانات مؤسسة النقد إلى أن السيولة في السوق الحلية ما زالت تسجل نموا وإن كان طفيفا مقارنة بالأعوام الماضية وهي سجلت بنهاية الربع الثاني من العام الجاري زيادة قدرها 26.7 مليار ريال لتبلغ 860.7 مليار ريال.
وفي جانب النشاط المصرفي، قال التقرير إن إجمالي الودائع المصرفية سجل خلال الربـع الثاني من عام 2008 ارتفاعاً نسبته 2.8 في المائة (21.5 مليار ريال (ليبلغ نحو 783.1 مليار ريال، مقارنة بارتفاع نسـبته 6.1 فـي المائة (44.1مليار ريال) خلال الربع السابق . وحقق بنهاية الربع الثاني مـن عـام 2008 ارتفاعا ً سنويا بلغت نسبته 21.9فـي المائـة (140.8مليار ريال). كما بلغت نسبة إجمالي الودائع المصرفيـة إلى إجـمالي عرض النقود (ن3) بنهاية الربع الثاني من عام 2008 ما نسـبته 91.0 في المائة، مقارنة بنسبة 90.6 فـي المائـة فـي نهايـة الفتـرة نفسها مـن العـام السـابق.

أرقام مالية

وباستعراض تطور مكونات الودائع حسب النوع خلال الربع الثاني من 2008 يتضح من التقرير ارتفاع الودائع الأخرى شبه النقدية بنسبة16.0 في المائة (20.6 مليار ريال) لتبلغ نحو 148.8 مليـار ريال مقارنـة بارتفاع نسبته 4.1 في المائة (5.1 مليار ريال) خلال الربع السابق، كما حققت الودائـع تحت الطلب ارتفاعا بلغت نسبته 3.6 في المائة ( 12.2مليار ريال ) لتبلغ نحو 351.6 مليار ريال مقارنـة بارتفاع نسبته 9.0 في المائة (27.9 مليار ريال) خلال الربع السابق. وحققـت الودائـع الزمنية والادخارية انخفاضاً نسبته 3.9 في المائة (11.4مليار ريال (لتبلغ نحو 282.8 مليار ريـال مقارنة بارتفاعٍ نسبته 3.9 في المائة (11.1 مليار ريال( خلال الربع السابق، فيما حققت الودائـع تحـت الطلب والودائع الزمنية والادخارية والودائع الأخرى شبه النقدية ارتفاعا سنويا نسبته 32.1 في المائـة ( 85.4 مليار ريال) 11.1 في المائة ( 28.2 مليار ريال) و22.3 في المائة (27.1 مليار ريال) علـى التوالي.
هذه الأرقام التي تعكس تنامي السيولة في السوق المحلية وهو أمر يتسق مع ارتفاع أسعار النفط وزيادة الاستثمارات الأجنبية المتدفقة للسعودية، وزيادة الاعتماد على البنوك من جهة المواطنين والمقيمين خاصة مع تحويل رواتب جميع موظفي الدولة والقطاع الخاص على البنوك، يتطلب وقفة جادة مع الأخطاء الفنية التي تصيب أجهزة الصراف ونقاط الدفع في المحال التجارية، حتى لا ينعكس الوضع على الموثوقية في القطاع المصرفي.

أرقام من نظام المدفوعات

تفيد مؤسسة النقد أن نظام المدفوعات الإلكترونية أجرى عمليات نقدية بلغ حجمها 14.6تريليون ريال خلال عام 2006، في حين يبلغ عدد أجهزة الصراف الآلي التي تقدم خدمة نظام سداد الجديد للمدفوعات وصل إلى 6300 جهاز، فيما يستمر نمو أجهزة نقاط البيع إذ وصل عددها إلى 70 ألف نقطة بيع، وتجري أنظمة المدفوعات حاليا ما يقارب ثمانية آلاف عملية يوميا.

الأكثر قراءة