كرة القدم أضاعتنا في بكين

كرة القدم أضاعتنا في بكين

اتفق خبراء رياضيون على أن أهم أسباب عدم تحقيق الرياضة السعودية ميداليات أولمبية، عائد إلى سببين، أولهما عدم وجود ثقافة أولمبية لدى الجمهور والأندية الرياضية، وثانيهما طغيان كرة القدم على جميع الألعاب بأفضلية ساحقة جعلت كل الدعم المادي والإعلامي ينصب عليها، ما همش بقية الألعاب الأخرى.
"الاقتصادية" في حلقتها الثانية التقت مختصين في الرياضة وطرحت عليهم الحلول المستقبلية، للنهوض بالألعاب المختلفة، وصناعتها بما يجعلها قادرة على إنجاب كثير من المواهب القادرة على المنافسة أولمبيا، مطالبين بضرورة تخصيص ميزانية مقطوعة للألعاب المختلفة، وكذا دعم اللاعبين ماديا ومعنويا، مقترحين أن يتم تخصيص رواتب شهرية لهم، إضافة إلى التوجه لتسويقهم بالشكل اللائق الذي يقدمهم كأبطال للجمهور الرياضي، كما اتفقوا على ضرورة وضع الخطط والأهداف المستقبلية للألعاب، نظرا لكون بناء اللاعب الأولمبي يحتاج إلى وقت طويل قد يمتد إلى سنوات.

أبدى فهد العجلان المشرف العام على الكرة الطائرة في نادي النصر امتعاضه من كون التركيز على كرة القدم جعل الألعاب الأخرى هامشية في الأندية وقال:" تصرف الملايين على لعبة كرة القدم، وهي الفريق المشكل من أكثر من 50 فردا ما بين لاعبين وأجهزة إدارية وفنية وعندما تصل اللعبة لقمتها في منافسات الأولمبياد العالمي فقد تحقق ميدالية واحدة ذهبية، بينما يهمل لاعب واحد في لعبة أخرى قد يحرز بمفرده كثيرا من ميداليات الذهب، لو وجد الاهتمام والرعاية الكافية، وبميزانية أقل بكثير مما يصرف على القدم، وقد حدث ذلك أخيرا مع سباح أمريكي حصد سبع ميداليات ذهبية وحده".
وأضاف للأسف لدينا ثقافة ضحلة فيما يخص المشاركة في الأولمبياد، كما أن من يحقق إنجازا في كرة القدم، يجعلنا نفتخر باإنجازه سنين طويلة، بينما لو حقق أحد لاعبينا في الألعاب الأخرى ميدالية ذهبية أو حتى فضية في مشاركة عالمية، يجعلنا نحتفي به فترة قصيرة جدا قد لا تتجاوز الأسبوع فقط.
واقترح العجلان أن تحال الإعانة التي تقدمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب للأندية الكبرى إلى الألعاب المختلفة فقط، خاصة أن الكثير من هذه الأندية ظفرت بعقود استثمارية ضخمة تدر عليها دخلا ممتاز، ولم تعد في حاجة لهذه الإعانة، كما أنها لا تدعم ألعابها المختلفة، وهنا نستطيع تأمين دخل سنوي لدعم هذه الألعاب.
وأشار إلى أن أحد أبطالنا السابقين في إحدى الألعاب أجري لقاء معه، وبدا بسيطا جدا، ولا يعرفه أحد، كما اأنه من ناد لا يعرف أيضا، فمثل هذا النجم لماذا لا يدعم ويخصص له راتب شهري مقطوع ليتفرغ لهذه اللعبة ويواصل تألقه، فهو أملنا الحقيقي في الأولمبياد بدلا من تهميشه ونسيانه، وبالتالي يحبط وتبور موهبته مع نسيانه وتجاهله.
وتساءل عن السر في كون لاعب في كرة قدم يبرز ويسجل عددا من الأهداف في موسم واحد، فيغدق عليه من الأموال تصل إلى ملايين الريالات، وينال شهرة واسعة وصيتا ذائعا، بينما لا ينال غيره من المبدعين في الألعاب الأخرى أي شيء، سوى بعض المبالغ الرمزية البسيطة.
واعترف بأن الألعاب المختلفة في الأندية لا يدفع لها ماديا ما يجعلها تنهض من سباتها، سوى ن بعض الدعم الفردي من بعض أعضاء الشرف.
وسرد ما حدث له من تجربة شخصية في ظل إشرافه على لعبة الكرة الطائرة في النصر قائلا:" لدينا نجوم كبار في هذه اللعبة، وقد اسر لي بعضهم رغم نجوميته في اللعبة بأنه يتمنى أن يكون لاعبا في كرة القدم، حيث النجومية والمال، فهو وإن حقق بطولات في الموسم لا تتجاوز مكافآته عشرين ألف ريال فقط".

وفي صلب الموضوع أكد الدكتور صلاح السقا اللاعب السابق والإداري وأستاذ علما لنفس الرياضي الخبير بشؤون الرياضة أن من أهم الأمور التي ينبغي أن نبدأ العمل بها لصناعة ألعاب قادرة على المنافسة في الأولمبياد وضع هدف للعمل به، فمثلا لو بدأنا العمل من اليوم هل سيكون هدفنا إحراز ميداليات في أولمبياد 2012 المقبل، أو أننا سنعمل لكسب خبرات على أن تتحقق أهدافنا في الأولمبياد الذي يليه، ومن هذا المنطلق نبدأ العمل.
وأضاف: هناك دول كثيرة بدأت العمل لأولمبياد 2012 من قبل انطلاقة أولمبياد 2008 في بكين، فدائما اللاعب الأولمبي يحتاج لسنوات طويلة لتجهيزه للمنافسة بقوة، أما نحن فللأسف لم نشارك سوى في ألعاب بسيطة جدا مقارنة بالدول الأخرى، كما أن حظوظنا كانت تنحصر في لعبتين فقط هما العاب القوى والفروسية.
وطالب بضرورة عمل ندوات موسعة وتمتد لفترات طويلة لدراسة كيفية العمل لحصد نتائج منافسة في مشاركات الأولمبياد المقبلة، كما شدد على ضرورة أن تعمل اللجنة الأولمبية السعودية بوضع خطط شاملة تتكاتف بها مع اتحادات الألعاب والأندية الرياضية.
ووصف الإنجاز الأولمبي بأنه مدعاة للفرح ليس للإنجاز ولكنه دليل على أن البلد الذي حصد هذه الميدالية في هذه اللعبة هو بلد رياضي يمارس النشاط الرياضي بقوة، وهذا بالتأكيد ينعكس على الصحة بشكل عام.
وانتقد عدم وجود تكامل وتضافر في الألعاب الرياضية ما بين الأندية، الحواري، والمدارس مع علمنا أن بعض المدارس والحارات فيها ألعاب كالطائرة والسلة وغيرها، ولكنها بالتأكيد غير ملائمة لصناعة نجوم قادرين على التنافس في مشاركات مهمة عالمية، نظرا لكونها مهملة دون أن تجد الرعاية والدعم المناسب.
وشدد على أن الدعم المادي للألعاب المختلفة لن يقدم أي شيء يذكر دون تخطيط، فغيرنا دفعوا الملايين واستطاعوا الحصول على ألقاب بطرق غير شريفة عن طريق دفع الملايين لهذا الغرض، نحن هدفنا الدعم المادي مع التخطيط بعيد المدى الذي نلامس نتائجه مستمرة ومتواصلة.
ودعا السقا إلى ضرورة الاستثمار في الأفراد وليس الأندية، فهؤلاء أحوج لرعايتهم، فهناك لاعبون موهوبون انتهوا قبل أن يحصدوا أي ميدالية رغم قدرتهم، وذلك بسبب تهميشهم، خاصة إذا كانوا من أندية الظل البعيدة عن أعين الإعلام.

كما أكد الدكتور صالح الرشيد أستاذ علم التسويق في جامعة الملك فيصل
أن التسويق للرياضيين يكسبهم دورا فاعلا في ممارسة رياضتهم، وحفاظهم على تألقهم المستمر، فعلى صعيد الأندية السعودية نجح الكثير منها في تحقيق نجاحات بعد التعاقد مع شركات تسويق كبرى كما حدث مع الهلال، فالقدرة المالية انعكست إيجابا على هذه الأندية وجعلتها تملك القدرة على جلب أفضل اللاعبين، وفعلا حققت الأندية دخلا ممتازا مقارنة بالسابق، وذلك من خلال بعض الأفكار التسويقية الناجحة.
ودعا إلى دخول الفكر الاحترافي التسويقي للألعاب المختلفة لإنجاحها، خاصة أن تأثير شعبية الألعاب المختلفة لدينا سلبي بفعل عدم كونها ذات بريق، أو حس وبالتالي تجعل الكفاءات والقدرات تهجرها، ولا تفكر أن تستثمر مواهبها في هذا المجال.
وأبان كثير من الأشخاص لديهم إمكانات في ألعاب كرمي الجلة أو السباحة، ولكن عندما يعلم أنه مهما قدم من جهد وتعب وإنجاز فإن آخرتها مكافأة بـ ثلاثة آلاف ريال، بل يصل الأمر إلى أن ما يتقاضاه اللاعب من مقابل مادي لا يكفي لهذا اللاعب لبناء جسمه وعضلاته.
وأعتبر تسويق اللعبة للجمهور والمتابع سيؤثر بشكل كبير في وفرة المبدعين في مختلف الألعاب الرياضية وبالتالي قدرتها على المنافسة وحصد الذهب.

الأكثر قراءة