خبير إداري أمريكي يستعرض نصائحه الإدارية من عصر الرئيس ريجان
يروي وليام بي لودر، الرئيس والرئيس التنفيذي لشركات إستيه لودر, مشواره العملي والوظيفي وخبرات في المجال الإداري فيقول ـ والحديث له, إنني في صيف عام 1982، كنت أعمل لدى دونالد ريجان، الذي كان عندئذ وزير خزانة الولايات المتحدة في ظل رئاسة رونالد ريجان. وكنت على وشك دخول السنة النهائية في كلية وارتون، بعد أن عملت خلال عديد من مواسم الصيف لدى شركات إستيه لودر، حيث لم تكن سن الثالثة عشرة عاماً غريبة للغاية لحياة المكاتب. ولكن في هذا الدور كان مركزي "المساعد الخاص للمساعد الخاص", ليس ما توقعته.
في يومي الأول، تم إحضاري إلى مكتب صغير، كانت تجلس فيه ثلاث نساء يطبعن على الآلة الكاتبة. وافترضت أن المكتب الوحيد الفارغ كان معداً لي، لكن إحدى النساء أبعدتني قائلة: "أنا مساعدتك". وأشارت إلى غرفة واسعة، أكبر بنحو أربع مرات من حجم المساحة التي أشغلها اليوم، وقالت: "إن مكتبك هناك". وعلى الطاولة الكبيرة في الداخل، كان هناك ملف مختوم بعبارة "سري للغاية"، مع تعليمات باللون الأحمر، حول ما ينبغي عمله حالما تتم مراجعة محتواه المهم. كنت مرعوباً للمسه، فما بالك بفتحه. وشعرت كما لو أنني أمثل في فيلم لفرانك كابرا: "السيد لودر يذهب إلى واشنطن".
الآن، اتضح أن المكتب كان يخص مسؤولا في الاستخبارات السرية تقاعد لتوه، وأن الملف ترك له وليس لي. وجاء رجل من غرفة البريد ليأخذه فوراً. غير أن تلك التجربة، في حين أنها كانت مسلية، لفتت انتباهي. ووجدت نفسي في مستوى وظيفي أعلى مما حصلت عليه على الإطلاق، وهي حقيقة جعلتني يقظاً للغاية، وأكثر تأثراً. وبناءً عليه، عندما التقيت ريجان وحدي في النهاية – حينئذ كنت في سن الثانية والعشرين من عمري، قدمت حينها مذكرة سياسة تتعلق بأنابيب الطاقة إلى وزير خزانة الولايات المتحدة – كان لكلماته وأعماله تأثير دائم علي شخصياً.
كان ريجان، الرئيس السابق لـ "ميريل لينش"، وضابط البحرية السابق، يملك أسلوباً مباشراً وتوجيهياً. وعندما سرنا إلى اجتماعنا قبل الوقت المحدد بدقيقتين (أمر استثنائي لأي سياسي)، نظر إلى ساعته ثم إلي شخصياً. وقال صائحاً: "لودر!. أنا أعطي هذه النصيحة في جميع تقاريري: إذا لم تكن مسيطراً على مواعيدك، فإنك لست مسيطراً على الإطلاق!".
تبدو تلك النصيحة بسيطة للغاية، ولكنها ساعدتني إلى هذا اليوم، في تشكيل الاستراتيجية الفريدة للشركة، وكيف أدير نفسي وفلسفتي حول تحفيز الناس. وفي شركات إستيه لودر، لدينا 28 علامة تجارية مختلفة تماماً. ولا تحمل أي منها، فيما عدا العلامة التجارية الرئيسة، كلمات "إستيه لودر" على التغليف. ومن المستحيل لأي شخص أن يشرف على هذه الشركات العديدة – سيكون الأمر وكأنها رعاية قطيع من القطط. لدينا مديرو علامات تجارية موهوبون في مواقعهم، وتتمثل وظيفتي في إدارة وقتي بلا شفقة، وأن يبقى من السهل الوصول إلي من قبل العلامات التجارية الثماني والعشرين جميعها، وأن معظم الناس يعرفون بشكل متواصل بأن بإمكانهم الاتصال بي. وفي كل صباح، أدقق ورقة من جدولي الزمني، وأتأكد من أنني لا أحضر اجتماعات لا داعي لوجودي فيها، وإنني لا أجهز نفسي لحالة من الفوضى. هل هناك موعد لإلقاء خطبة على بعد ميلين، بتوافر خمس دقائق فقط من الوقت لكي أذهب إلى هناك؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد حكم عليَّ بالفشل. ويبقى باب مكتبي مفتوحاً، ويواجه مكتبي القاعة، ولا أملك واحداً من وسائل الاتصال الداخلي- أنهض وأمشي في الأرجاء كافة. ولدى المديرين هنا فكرة واضحة عما سأفعله، وإذا أرادوا تمضية بعض الوقت معي، فبإمكانهم ذلك.
وينطوي هذا الأسلوب على مزايا إلهامية أيضاً. فعندما يعرف الموظفون أنك تحترم وقتهم، فإنهم يكافئونك بالأداء الرائع. وفي عام 1990، عندما كنا نطلق خط العناية بالبشرة أوريجنز، جعلت دائرة التقنية في الشركة تركب بعضاً من البرمجيات الأولى المتعلقة بترتيب المواعيد في السوق. وخلال ليلة وضحاها انتقلنا من كوننا ثمانية أشخاص يتعثرون لإنجاز الأمور، إلى فريق منظم. غير أن الأهم من ذلك، هو أن هؤلاء الأشخاص رأوا أدلة ملموسة على أن وقتهم كان مستثمرا، ويتم التعامل معه بعناية. واستجابوا بابتكار علامة تجارية مدهشة، لا تزال أحد أفضل مبيعاتنا.
عندما أرى الأشخاص يهدرون الوقت، أدعوهم على الفور. وإن الوقت هو موردهم الأعظم، وعندما يهدر، فإنه يضيع إلى الأبد.
مراجعة محفظة مبتكرة
قبل أي مراجعة لوحدة العمل، أو ابتكار خط إنتاجي، لا بد أن فريق العمل أنهى فعلياً التفكير بعمق في هذين المجالين: أهداف نمو العمل المحددة بوضوح إلى حد أدنى يصل إلى ما بين ثلاثة إلى خمسة أعوام، واختيارات محددة بوضوح لمسألة "أين تمارس لعبتك"، أو استراتيجيات العمل.
وبعد تحديد هذين المجالين فقط ستكون مراجعة الابتكار فاعلة. والسبب هو أن أهداف واستراتيجيات العمل، ترسخ البرنامج الابتكاري وتدمجه في العمل.
وتعلمت "روكتر آند جامبل" أنه دون هذا السياق، تفقد مراجعات الابتكار بسهولة التركيز، وتصبح مدفوعة بالتكنولوجيا، وليس بالتمحور حول المستهلك، والارتباط بالعمل.
بعد توضيح أهداف واستراتيجيات العمل الأساسية، تعالج مراجعة محفظة الابتكار ثلاثة أسئلة رئيسة:
ما مدى قوة محفظة الابتكار؟ وهل ستحقق أهداف النمو الموضوعة لثلاث إلى خمس سنوات؟
على القائد أن يحدد ما إذا كانت الخطة تقدم على نحو كافٍ مرتكزات بناء الابتكار الرئيسة التي من شأنها أن تحقق نمو العمل المطلوب. ويجب اتخاذ قرار حول إذا ما كان ميزان المخاطر المناسب متوافراً في محفظة الابتكار.
ويمكن تقييم ذلك أولاً بإدراك ما إذا كانت لديك فكرة كبيرة. وعليك بتحليل البيانات التي تظهر كيف يستجيب الزبائن إلى الفكرة. وهل الدليل غني بالبيانات، أو يعتمد على آراء الناس وخبراتهم؟
عليك بفهم الدرجة التي عندها يعرف الفريق كيف يصنع منتجاً عند مرحلة معينة في المشروع. فالاختراعات المتوافرة فعلياً، بطبيعة الحال، تملك درجة عالية من التأكد.
وعليك أيضا بتقييم حماية الملكية بالنظر إلى أي البراءات تم إيداعها، وتحديد إلى أي مدى سترفع الخطط من نقاط القوة الأساسية لديك، والتكنولوجيات لتحسين فرصك في النجاح، وحدد أنواع المساعدة التي ربما تحتاج إليها من خارج وحدة العمل. وعليك التأكد من أن خطط الابتكار ثابتة, ليس فقط للعامين المقبلين، ولكن أيضاً إلى ثلاث إلى خمس سنوات مقبلة.
ما مدى قوة خطة الابتكار مقارنة بالمنافسة الرئيسة؟
إن الإجابة عن هذا السؤال تقتضي وضع علامات مرجعية. عليك بتقييم اختيارات المنافسين الرئيسين من حيث أين تمارس اللعبة، وكيف تفوز. وأفهم في أي المجالات يقومون بإيداع البراءات التي من شأنها أن تؤثر في حرية الفريق في الابتكار.
ما مدى جاذبية برنامج الابتكار من الناحية المالية، وناحية العوائد؟
إن الابتكار الذي يخلق القيمة للزبون ينتج تبايناً مقابل المنافسة، ويدفع القيم بالنسبة للعمل والشركة. ويجب ألا ينتج عنه تخفيض هامشي على الإطلاق.
بطبيعة الحال، يوجد في محفظة الابتكار دائماً، نطاق من الهوامش الربحية. هل يمكن استغلال الابتكار من ناحية تجارية بحيث يقدم هامشاً ربحياً جذاباً، ويعطي في الوقت ذاته قيمة جيدة للزبون؟ هل تقدم محفظة الابتكار في مجملها عائداً جيداً على الاستثمار؟