مختصون: أزمة الرهن تضع المصرفية الإسلامية بديلا للنظام المالي العالمي

مختصون: أزمة الرهن تضع المصرفية الإسلامية بديلا للنظام المالي العالمي

طرح المؤتمرون في ندوة "البركة" المصرفية الـ 29 المنعقدة في مدينة جدة السعودية فكرة تقديم النظام المالي الإسلامي كـ (بديل) للنظام المالي العالمي السائد حالياً، بعد أن عجز الأخير عن معالجة أزمة الائتمان العقاري التي عصفت بالأسواق العالمية نهاية عام 2006 وما زالت تداعياتها تتلاحق حتى اليوم.
وأكد المؤتمرون أن هذه الأزمة وفرت فرصة ذهبية لتنظيم النظام المالي الإسلامي فكرياً وعلمياً ومهنياً والتفكير الممنهج لتنظيم البحث والدراسة لكتابات العلماء والمفكرين الأوائل والمعاصرين وبقية المصادر الإسلامية الأخرى.
وقال عدنان أحمد يوسف الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية "تابعنا أزمة الائتمان العقاري التي انطلقت شرارتها الأولى في نهاية عام 2006 وتتابعت فصولها خلال عام 2007 لتشمل معظم دول العالم وما زالت تراوح مكانها حتى هذه اللحظة.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

طرح المؤتمرون في ندوة "البركة" المصرفية الـ 29 المنعقدة في مدينة جدة السعودية, فكرة تقديم النظام المالي الإسلامي كـ (بديل) للنظام المالي العالمي السائد حالياً، بعد أن عجز الأخير عن معالجة أزمة الائتمان العقاري التي عصفت بالأسواق العالمية نهاية عام 2006 وما زالت تداعياتها تتلاحق حتى اليوم.
وأكد المؤتمرون أن هذه الأزمة وفرت فرصة ذهبية لتنظيم النظام المالي الإسلامي فكرياً وعلمياً ومهنياً والتفكير الممنهج لتنظيم البحث والدراسة لكتابات العلماء والمفكرين الأوائل والمعاصرين وبقية المصادر الإسلامية الأخرى.
وعبّر عدنان أحمد يوسف الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية عن اعتزاز المجموعة وارتباطها بكوكبة من علماء الأمة على اعتبار أن هذا الرابط العضوي هو الذي سيترجم الرؤى والأفكار ويحيلها إلى سياسات قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
وأردف يوسف "لا شك أنكم تابعتم أزمة الائتمان العقاري التي انطلقت شرارتها الأولى في نهاية عام 2006 وتتابعت فصولها خلال عام 2007 لتشمل معظم دول العالم وما زالت تراوح مكانها حتى هذه اللحظة, حيث لم تفلح جهود البنوك المركزية في معظم الدول التي تأثرت بها في تقديم حلول عملية لمعالجة الآثار السالبة لها, ولم ينجح بعضها حتى في معرفة حدود حجم الكارثة. إن هذه الأزمة أوضحت بجلاء أن النظام المالي الدولي السائد حالياً عجز تماماً عن معالجة الأزمة ولم تفلح كل أدوات السياسة النقدية في تقديم حلول عملية، ويسود الآن اعتقاد كبير وسط الاقتصاديين أن النظام قد لا يقوى على مواجهة أزمات مالية أكبر، مثل الكساد العظيم الذي حدث عام 1924".
وأضاف الرئيس التنفيذي "أعتقد أن هذه الأزمة وفرت فرصة ذهبية لتنظيم أنفسنا فكرياً وعلمياً ومهنياً لتقديم النظام المالي الإسلامي بديلا عمليا للنظام المالي العالمي السائد حالياً، من خلال التفكير الممنهج لتنظيم البحث ودراسة كتابات العلماء والمفكرين الأوائل والمعاصرين وكل مصادر المعرفة الإسلامية الأخرى, وهو ما يجعلنا نضع لبنات هذا النظام البديل كي نقدمه هدية للبشرية جمعاء".
وفنّد عدنان أحمد يوسف بالأرقام ما شهدته المصارف العربية والإسلامية من نمو وتطور وقال "وفقاً لإحصائيات اتحاد المصارف العربية فقد ارتفع عدد المصارف العربية التي دخلت في نهاية عام 2007 ضمن قائمة أكبر ألف مصرف إلى 80 مصرفاً، تشمل ثمانية مصارف عربية دخلت لأول مرة في القائمة وهي المصرف التجاري السوري، مجموعة البركة المصرفية، بنك الكويت الدولي، مصرف دبي، بنك السلام (البحرين)، البنك الأردني الكويتي، بنك الاتحاد للادخار والاستثمار (الأردن)، الاعتماد اللبناني، والبنك العربي المتحد (الإمارات)، ليصبح العدد الإجمالي للمصارف العربية المصنفة داخل أول ألف بنك في العالم 80 مصرفاً، كما ارتفعت الموجودات المالية لدى القطاع المصرفي العربي بشكل كبير عام 2007 حيث بلغت نحو 1.69 تريليون دولار بنسبة نمو 30 في المائة عن عام 2006 والذي وصلت فيه الموجودات إلى 1.30 تريليون دولار بنسبة نمو 20 في المائة مقارنة بعام 2005، كما شهدت الأسواق المصرفية العربية منفردة عام 2007 زيادات ملحوظة في نشاطها وحجم أعمالها تجاوزت 40 في المائة في الإمارات، المغرب، وعمان، ونحو 25 في المائة في السعودية ومصر، و 31.2 في البحرين، و 28 في المائة في الجزائر".
وتابع الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية "شكل إجمالي موجودات دول مجلس التعاون الخليجي نحو 65.4 في المائة من إجمالي موجودات المصارف العربية، وتصدرتها في الترتيب الإمارات بإجمالي موجودات بلغ نحو 335.8 مليار دولار عام 2007، ثم السعودية والبحرين للترتيب الثاني والثالث على التوالي، كما بلغ حجم القطاع المصرفي العربي في نهاية العام الماضي 470 مؤسسة تتوزع بين 267 مصرفاً تجارياً، و 45 مصرفاً إسلامياً، و52 مصرفاً استثمارياً وطنياً، و49 مصرفاً متخصصاً، و57 مصرفاً أجنبياً، ويعمل في هذا القطاع أكثر من 370 ألف موظف، في إطار شبكة واسعة الفروع منتشرة في أنحاء العالمين العربي والدولي وصلت إلى أكثر من 15 ألف فرع نهاية العام 2007، وأصبح القطاع المصرفي العربي يحتل موقعاً مهماً وأساسياً في الاقتصاد العربي، انطلاقاً من دوره الأساسي في تمويل الإنتاج والتجارة والاستثمار، حيث يعتبر هذا القطاع بالفعل شريكاً أساسياً في تمويل الإنتاج والتجارة والاستثمار، وشريكاً في تفعيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية".
وفيما يخص قطاع الصيرفة الإسلامية, أشار يوسف إلى أن عدد المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية اليوم والعاملة في أكثر من 60 دولة في القارات الخمس يقارب نحو 300 مؤسسة ومصرف إسلامي حول العالم، ويتركز نحو 40 في المائة منها في الدول العربية وتحديداً في دول الخليج، وتوسعت قاعدة موجوداتها لتصل اليوم إلى أكثر من 520 مليار دولار، تشكل حصة دول الخليج منها نحو 90.8 في المائة من إجمالي الأصول لمجموع المصارف الإسلامية في الدول العربية عام 2007، والسعودية وحدها تشكل حصة نسبتها 49.5 في المائة من إجمالي حصة دول الخليج، والإمارات نحو 20 في المائة، بينما الكويت نحو 17.4 في المائة".
ووضع الرئيس التنفيذي بعض الرؤى والأفكار التي من الممكن أن تساعد على تقديم نموذج عملي بديل للنظام المالي العالمي الحالي وتتلخص في:
1- دعم مبادرات التفكير المنظم بما يعينها على تنظيم البحوث والدراسات الاقتصادية الهادفة إلى حلول عملية للقضايا الآنية والمستقبلية التي تهم المجتمعات الإسلامية (مثل الاتحاد الدولي للاقتصاد الإسلامي) وجعله المرجعية الأساسية فيما يتعلق بالتنظير في مجال الاقتصاد الإسلامي.
2- دعم المؤسسات والكيانات المهنية القائمة بما يعينها على أداء دورها كمرجعية تنظيمية فكرية للجانب العملياتي في الممارسة التطبيقية للمؤسسات الاقتصادية الإسلامية وليس فقط المؤسسات المالية.
3- إنشاء كيانات مهنية جديدة في مجالات لم يتم التطرق إليها من قبل وتجنب الازدواجية في عمل الكيانات المهنية القائمة منها أو تلك التي ستنشأ في المستقبل باعتبارها كيانات يمكن أن يستفاد منها في تجربة ما تنتجه المرجعيات الفكرية.
إلى ذلك أعاد الشيخ صالح كامل رئيس الغرفة الإسلامية تأكيد أن مسيرة المصرفية الإسلامية أصبح معترفا بها ليس في الدول الإسلامية فقط، بل احتضنها الغرب, الذي أقبل عليها بقوة بعد أن شاهد ولمس قوتها وجدواها الاقتصادية، وقال "موضوع ندوة هذا العام هو مراجعة النفس، والرجوع إلى الحق فضيلة، ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس أن تقضي بغيره اليوم، على مدى 29 عاماً منذ انطلاقة هذه الندوة والفتاوى التي صدرت عنها حدثت تغيرات في الزمان والأنظمة، فقد كانت الحكومات لا تعترف بالصيرفة الإسلامية وكنا نتحايل بتغيير الألفاظ، أما اليوم أصبحت الحكومات ـ بحمد الله ـ تعترف بهذا النوع من الصيرفة, وهو ما يحتم علينا إعادة النظر في كثير من الفتاوى التي صدرت في فترة الضعف، لكن بعد 35 عاماً من التجربة لا بد لنا أن نعود إلى المنبع الصافي وإلى مقاصد الشريعة، فتحريم الربا ليس تغيير ألفاظ محل أخرى، وليس ميكانيكية توهم البيع والشراء، نريد أن نصفي المسيرة مما لحق بها (بقصد أو من دون قصد) ونسعى إلى الإصلاح الذي يتطلب التعاون من جميع الأطراف.

ندوة "البركة" الاقتصادية تنظر في مدى شرعية الخيار التبعي
طرحت ندوة البركة الاقتصادية في دورتها التاسعة عدداً من المعاملات المالية المستحدثة ومعالجتها من منظور إسلامي بغية الوصول إلى تكييف شرعي لها, ومن ثم اعتمادها للعمل بها في مؤسسات الصيرفة الإسلامية.
وتشمل المعاملات المالية المطروحة في الندوة ما يطلق عليه اسم "الخيار التبعي " لتملك الأسهم والأصول, وقد تناوله اثنان من العلماء المشاركين في الندوة المتخصصين في الاقتصاد الإسلامي, العاملين في مجالاته التطبيقية بالبحث والتحليل بغية الوصول فيه إلى رأي جماعي حول مدى شرعيته وكيفية تطبيقه وفق قواعد الاقتصاد الإسلامي. والخيار التبعي هو حق مالي يمنحه شخص بإرادته المنفردة, يسمى الواعد, إلى شخص آخر, يسمى المستفيد الموعود له, أو المستفيد يخول المستفيد مطالبه الواعد بأن يبيع له أو يشتري منه أسهما أو أصولا أخرى معلومة .. معينة أو موصوفة, بثمن معلوم في تاريخ محدد أو خلال فترة معلومة والتعويض عن الضرر الذي يلحق بالمستفيد بسبب إخلال الواعد بوعده", كما يعرف بأنه "عقد اختيار ضمن عقد آخر لتملك أصول حقيقية بغرض تحقيق أرباح عند تنفيذ عقد الاختيار".
وبحث الموضوع تميزه عن الخيار الأصلي ومقارنته بصيغ أخرى مشابهة مع عرض لبعض التطبيقات الحديثة في منح الخيار التبعي وتقرير مدى شرعيته. وسيقدم ورقتي عمل عن هذا الموضوع كل من الدكتور حسين حامد حسان والدكتور سامي سويلم ويعقب عليهما الدكتور أحمد محيي الدين أحمد, وذلك خلال الجلسة الأولى لليوم الثاني لانعقاد الندوة, يوم الأحد.

تأييد جواز قبول أسهم البنك الربوي ضماناً لمديونية عميل البنك الإسلامي دون تقييد تطبيقها في حدود الحاجة
أيد العلماء المجتمعون في ندوة "البركة" المصرفية الـ 29 الفتوى الصادرة حول قبول أسهم البنك الربوي ضماناً لمديونية عميل البنك الإسلامي، مؤكدين أن ما انتهى إليه المفتون من حكم سديد ولا غبار عليه استناداً إلى الأصل العام المتمثل في مشروعية رهن الأسهم كونه جائزاً، واستناداً إلى مقصد الحث على تنمية المال ورواجه من خلال استثماره وإنما كان التحفظ عن المنهجية التي وظفوها لبيان حكم الشرع في المسألة.
وفي تحليل الفتوى السابقة التي أعدها الدكتور قطب مصطفى سانو أستاذ الفقه والمالية الإسلامية في الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، نائب رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي بأنها تعبر عن ذلك الواقع العملي الذي تعيش فيه المصارف الإسلامية في العصر الراهن، حيث إن المصارف التقليدية التي تتعامل معها قد ترغب في الاقتراض منها، أو المشاركة في معاملة استثمارية تستلزم وجود رهن، فإذا لم يكن عند تلك المصارف التقليدية أي رهن سوى أسهمها، فإنه يحق للمصارف الإسلامية – والحال كذلك – أن تقبل تلك الأسهم ولا يضير كون تلك المصارف التقليدية تتعامل بالربا.
وتستند هذه الفتوى كما يقرر المفتون إلى أن السهم يمثل حصة شائعة في رأسمال الشركة قبل التعامل بها في الربا، ولذلك فإنه يعد خالياً من الحرام، هذا من جهة، ولأنه يغتفر في الرهن ما لا يغتفر في البيع من جهة أخرى، ولأن الرهن لا يؤول إلى البيع حتماً من جهة ثالثة، وفيما يخص تطبيق هذه الفتوى قيد المفتون ذلك بأن يكون في حدود الحاجة بحيث لا تكون هنالك ضمانات بديلة يمكن رهنها.
وفي نقد الفتوى, خاصة إلى ما استند إليه من أدلة لتقرير القول بمشروعية قبول أسهم البنك الربوي، يجد أنها لا تخلو من نظر ومغمز، إذ إنها تقرر كون قبول أسهم البنك الربوي أمراً مشروعاً لأن السهم يمثل حصة في رأسمال الشركة قبل التعامل بها، وبالتالي فلا محظور بأن يقبل رهناً ولو كان ملكاً لبنك ربوي، وإذ الأمر كذلك فليس ثمة مبرر إلى تقييد تطبيق هذا الأمر في حدود الحاجة ما دامت المعاملة مشروعة وجائزة في الأصل، ولا حاجة منهجياً إلى استجرار قاعدة يغتفر في الرهن ما لا يغتفر في البيع ما دام السهم خالياً من الحرام، وبالتالي فإن ما انتهى إليه المفتون من حكم ينبغي تقريره استناداً إلى المرتكزات الثلاثة وهي الاعتصام بالأصول العامة في المعاملات، ومقاصد الشرع في المعاملات، ومآلات الأفعال.
كما أشار الفقهاء إلى أهمية التعاون والتواصل بين المصارف الإسلامية والتقليدية، إذ إنه يمكن من خلاله نشر الفكر المصرفي الإسلامي والعمل الجاد من أجل تحويل تلك المصارف التقليدية على المدى البعيد إلى مصارف إسلامية تتجنب المعاملات الربوية، وبطبيعة الحال لن يتأتي كل هذا ما لم يكن ثمة انفتاح رشيد ورغبة واعية في التواصل والتعاون مع المصارف التقليدية.

استعمال كلمة (فائدة) بدلاً عن كلمة "ربح" أو "عائد"

وفيما يخص استعمال كلمة (فائدة) بدلاً من كلمة (ربح) أو (عائد) دون قصد حقيقتها من أجل الحصول على المزايا المالية التي تعطى من قبل الجهات المختصة في الغرب للفوائد في حالات الإيداع أو التمويل، رأى الدكتور قطب مصطفى سانو أستاذ الفقه والمالية الإسلامية في الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، نائب رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي, أن الفتوى تحتاج إلى مراجعة ومزيد من التحرير والتحقيق والضبط، وأنها غير موفقة وينبغي الاستغناء عنها لأسباب منهجية وعلمية وموضوعية.
وكانت الجلسة الأولى قد تناولت موضوع (السلع الدولية وضوابط العمل فيها) حيث قدم الدكتور عبد الستار أبو غدة رئيس الهيئة الشرعية الموحدة في مجموعة البركة المصرفية بحثاً عنها، وبحثاً آخر للدكتور حمزة بن حسين الفعر المدير العام لبيت الخبرة العالمي لاستشارات المصرفية الإسلامية، إلى جانب مشاركة الدكتور عبد اللطيف آل محمود، وفي الجلسة الثانية التي تناولت مراجعة فتاوى ندوات البركة (المجموعة الأولى) شارك فيها كل من الشيخ محمد المختار السلامي، الدكتور قطب مصطفى سانو، والدكتور العياشي الصادق فداد، وتناولت ضمان رأس المال المودع بسبب القوانين الآمرة، استعمال كلمة فائدة بديلا لكلمة الربح أو العائد، قبول أسهم البنك الربوي ضماناً لمديونية عميل البنك الإسلامي، شراء أسهم الشركات ذات الغرض المشروع مع الإيداع أو الافتراض بفائدة والدين المماطل.

الأكثر قراءة