تقرير: إقناع المستثمرين بالعمل في كردستان العراق لا يزال مهمة صعبة

تقرير: إقناع المستثمرين بالعمل في كردستان العراق لا يزال مهمة صعبة

تقرير: إقناع المستثمرين بالعمل في كردستان العراق لا يزال مهمة صعبة

تستعد منطقة كردستان العراق لسيل من الاستثمارات الأجنبية منذ سنوات ولكن مسؤولين يقولون إن الأهداف العظيمة للشمال الذي ينعم بسلام نسبي أحبطها العنف الذي يسود بقية البلاد.
ويحلم مسؤولون أكراد أحلاما كبيرة ويتحدثون عن قدوم الأوروبيين للتزلج على القمم التي يغطيها الجليد في المنطقة وبناء مدارس ومستشفيات حديثة وإحياء حقول القمح العطشى.
وفي أربيل عاصمة المنطقة الكردية على بعد نحو 310 كيلومترات من بغداد تعج الشوارع بالنشاط، ويشيد عدد من الفنادق الراقية والمشاريع السكنية على مشارف المدينة، وتصل رحلات مباشرة من أوروبا ومن الشائع رؤية الأجانب في فنادق في وسط المدينة.
ويقول باقي صلاي رجل الأعمال الكردي وهو يحتسي الشاي في غرفة استقبال أنيقة مزينة بزخارف ذهبية في غرفة التجارة في أربيل "لدينا أشياء كثيرة.. النفط والحديد والفوسفات".
غير أن صلاي الذي يعمل في مجال الطيران والسياحة وغيرهما من الأنشطة عبر عن شعور بالإحباط حين شكا من اختلاط المفاهيم لدى أناس في الخارج لم يلاحظوا أن كردستان تجنبت إلى حد كبير إراقة الدم في العراق.
ويشكو كريم سنجاري وزير الداخلية في كردستان قائلا "إذا وقع خطب في الموصل يقولون (شمال العراق) وإذا حدث أمر في ديالي يقولون شمال العراق"، مشيرا إلى منطقتين شماليتين خارج منطقة الحكم الذاتي للأكراد، وتابع "لذا لا يمكن لشخص جالس في الولايات المتحدة يتابع الأخبار أن يفرق".
وبدت كردستان وهي حليف وثيق لواشنطن منذ سنوات طويلة في سبيلها لتحقيق ازدهار عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 للإطاحة بالنظام السابق.
وقالت ناوروز محمد أمين المسؤول البارز في مجلس الاستثمار في المنطقة إن منطقة كردستان أصدرت تراخيص لأكثر من 100 مشروع استثماري منذ صدور قانون استثمار جديد في 2006 يعد المستثمرين بإعفاء من الضرائب عدا الجمارك لمدة عشرة أعوام.
وتابعت أن الاستثمارات في الإسكان والسياحة والصناعة والقطاعات الأخرى غير النفط والموارد الطبيعية بلغت نحو 16 مليار دولار من عام 2006 إلى منتصف عام 2008.
وتمثل الاستثمارات الأجنبية نسبة 16 في المائة من إجمالي الاستثمارات وتمثل شراكات بين عراقيين وأجانب 25 في المائة منها والباقي استثمارات محلية، حيث تقود الشركات العربية الاستثمارات الخارجية.
وتنوي شركة داماك الإماراتية للتنمية العقارية بدء العمل هذا العام في إنشاء مدينة صغيرة تضم مباني سكنية وتجارية وترفيهية قرب أربيل بتكلفة لا تقل عن ستة مليارات دولارات بهدف جذب العراقيين في المنفى للعودة، غير أن المستثمرين الغربيين يصلون ببطء متزايد مما يصيب ناوروز محمد أمين بالإحباط.
وتقول "نزور دولا مختلفة، لدينا قانون استثمار، لدينا موقع للحكومة على شبكة الإنترنت ونذيع إعلانات على القنوات العربية"، وحتى قبل الانخفاض الحاد في أعمال العنف في العراق في العام الماضي سعت
الحكومة الكردية إلى جذب المستثمرين وأطلقت على المنطقة "العراق الآخر" وعملت على اجتذاب عملاء من عواصم أجنبية.
ويقول تيموثي ميلز رئيس الغرفة الأمريكية للتجارة - العراق "إن معظم الشركات الأمريكية ابتعدت عن كردستان حتى الآن لأنها لا تدرك التوازن بين المخاطر والمزايا هناك".
وأضاف تيموثي "تتشكل المفاهيم في قاعات مجالس الإدارة الأمريكية من خلال نصائح السفر "التي تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية" وما يعرض على شاشات التلفزيون.. درجات من عدم اليقين".
ومن العوامل الأخرى التي تبعد المستثمرين القتال بين متمردي حزب العمال الكردستاني التركي في المناطق الجبلية عند الحافة الشمالية لكردستان والقوات التركية على الجانب الآخر من الحدود.
ويقول سنجاري "تبذل الحكومة الكردية جهدا كبيرا ولكن لا نتحكم في بعض الأمور"، وحث الولايات المتحدة وبريطانيا على تخفيف تشدد سياسات السفر التي تبعد زائرين محتملين.
وفي أحدث نصائح أصدرتها وزارة الخارجية الأمريكية حذرت المواطنين الأمريكيين بشدة من السفر للعراق وأشارت لمجموعة من التهديدات منها الهجمات الصاروخية وخاطفين وعصابات وحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره واشنطن مجموعة إرهابية، ويأمل سنجاري أن يشجع تغير مثل هذه السياسات بالنسبة لكردستان على الأقل السائحين ورجال الأعمال.
وأكد مسؤولون أمريكيون أن ضعف الثقة في النظام القانوني ككل يعوق الاستثمار الأجنبي في أرجاء العراق. ويتوقعون تغييرا مع إقرار قانون النفط في العراق التي تمتلك ثالث أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم.
وأقرت الحكومة العراقية مسودة القانون في عام 2007 ولكن تعثرت النسخة النهائية نتيجة عدة خلافات من بينها تمتع منطقة كردستان بسلطة توقيع عقود نفط بمفردها والتحكم في الاحتياطي في المنطقة، كما ثار خلاف بشأن عقود النفط التي وقعتها الحكومة الكردية بالفعل التي تعتبرها بغداد غير قانونية.
ويقدر مسؤولون احتياطي النفط في المنطقة الكردية عند 45 مليار برميل، كما يحلم مسؤولون أكراد منذ فترة بأن تصبح مدينة كركوك الغنية بالنفط إلى جنوب المنطقة مباشرة جزءا من كردستان.
وحالت مثل هذه الخلافات الخاصة بالنفط دون استثمار شركات نفط عالمية كبرى في احتياطيات الغاز والنفط في المنطقة الكردية خشية أن تدرجها بغداد على قائمة سوداء وتمنعها من المشاركة في صفقات في مناطق أخرى من البلاد.
وفي وقت سابق من هذا العام أوقفت الحكومة المركزية صادرات النفط لشركة أو.أم.في النمساوية وشركة أس.كيه إنرجي الكورية الجنوبية بعدما وقعتا صفقات نفطية مع كردستان.

الأكثر قراءة