"التخصصي" ينجح في تخزين 1100 وحدة دماء لـ "الحبل السري"
"التخصصي" ينجح في تخزين 1100 وحدة دماء لـ "الحبل السري"
كشفت لـ "الاقتصادية" مصادر طبية سعودية، أن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض، انتهى من تخزين 1100 وحدة "عينة" من دماء الحبل السري التي تحتوي على أكثر من 500 مليون خلية جذعية في كل وحدة، بعد جمعها من متبرعين محليين.
ويستعد مستشفى الملك فيصل التخصصي الذي يعتبر المصرح الوحيد في المملكة، لاستخدامها بعد أيام في عمليات زراعة لمرضى يحتاجون إلى خلايا جذعية.
ويهدف المستشفى من تخزين وجمع الوحدات، إلى الاستغناء عن استيراد الخلايا الجذعية التي تتواجد في دم الحبل السري بملايين الخلايا والصالحة في الزراعة للمرضى الذين يحتاجون إليها، في الوقت الذي أفادت مصادر طبية أخرى أن استيراد هذه الخلايا من الخارج يكلف نحو 100 ألف دولار للحالة الواحدة، وهو ما يعادل 375 ألف ريال، بينما تبلغ تكلفة الوحدة المخزنة من دم حبل سري لمتبرع محلي نحو 30 ألف ريال.
وأوضحت لـ "الاقتصادية" الدكتورة هند الحميدان استشارية أمراض الدم ومديرة بنك الدم وطب نقل الدم وبنك دم الحبل السري في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، أن هناك شروطا ومعايير عالمية ينفذها فريق العمل الذي يضم ثمانية أشخاص في بنك دم الحبل السري، ويتم تطبيقها في عملية جمع وحفظ الوحدات سواء على الطفل المتبرع أم الأم المنجبة للطفل أو السجل الطبي للعائلة المتبرعة.
وقالت الحميدان خلال جولة "الاقتصادية" في بنك دم الحبل السري في تخصصي الرياض ومركز الأبحاث: "إننا نلتزم بالمعايير العالمية التي تشترطها بنوك دم الحبل السري العالمية، والتي منها خلو الطفل أو والدته من أمراض الدم"، مضيفة أن دم الحبل السري يحوي العديد من الخلايا الجذعية المستخدمة في زراعة بعض الأمراض.
وعن أهم الأمراض التي يمكن أن تعالج بزراعة الخلايا الجذعية الموجودة في دم الحبل السري، أوضحت الدكتورة هند أن الأمراض السرطانية وأمراض الدم المنجلية واللوكيميا وفشل النخاع يمكن معالجتها بوحدات دم الحبل السري، حيث يمكن زراعة تلك الخلايا الجذعية للمرضى. وأشارت إلى أن إنشاء البنك يهدف إلى الاستفادة من الخلايا الجذعية الموجودة في دم الحبل السري وبجودة عالية، حيث إنها لم تتعرض لمؤثرات خارجية مثل تلك المأخوذة من نخاع العظم لشخص بالغ، مضيفة أن المشيمة، والتي يجمع منها دم الحبل السري أثناء الولادة، ترمى ولا يستفاد منها وهي إحدى مصادر الخلايا الجذعية ويمكن الاستفادة منها طبيا.
من جانبه، أوضح مراد الكاف المشرف التقني لبنك دم الحبل السري ومختبر الخلايا الجذعية في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، أن بنك دم الحبل السري استطاع حفظ 1100 وحدة حتى الآن من متبرعين مواليد تم أخذ موافقات رسمية من والدي المتبرع، مضيفا أن من شروط حفظ وحدات دم الحبل السري في البنك أن يكون حجم الوحدة المجمعة 40 ملم كحد أدنى، وتحتوي على أكثر من 500 مليون من الخلايا، و بعد معالجتها يتم تقليص حجمها إلى 25 ملم مع الاحتفاظ بأعلى نسبة ممكنة من المحتوى الخلوي للوحدة.
وأوضح أن الأبحاث الحديثة لدم الحبل السري والخلايا الجذعية أكدت أنه يمكن أن تعيش الوحدات المحفوظة نحو 15 عاما، حيث لا تزال هناك أبحاث تجرى لمعرفة هل بإمكان الطب حفظ تلك الخلايا فترات أطول، مشددا على أن الأبحاث المعترف بها لم تثبت أن وحدات دم الحبل السري تعيش لأكثر من 15 عاما، وقال: "العينات التي يراد حفظها من دم الحبل السري تتبع خطوات مهمة، أولها أخذ موافقة والدي الطفل رسميا وخطيا، وعمل تحاليل للأم لمعرفة سلامتها وجنينها ومطابقتهما للشروط العالمية، وأخذ التاريخ الطبي للعائلة، والتنسيق مع الفريق الطبي بموعد ولادة الأم الحامل، حيث يتم الترتيب مع الجهة التي ستلد الأم فيها إذا كان خارج مستشفى الملك فيصل التخصصي،و ذلك بإرسال الأدوات اللازمة للتجميع والتنسيق مع طبيب الأم لأخذ الوحدة، ثم تبدأ مرحلة الثانية وهي أمور فنية ومنها ألا يتعدى عمر الوحدة بعد أخذها أكثر من 48 ساعة عقب حالة الولادة، ثم معالجتها وإضافة مواد خاصة لحفظها وإبقائها حية في درجة حرارة منخفضة تصل إلى 200 تحت الصفر.
ويمكن للمواطنين التبرع بوحدات دم الحبل السري لأطفالهم المواليد ولكن بشروط ومعايير عالمية، حيث يتم التنسيق مسبقا مع بنك الدم في مستشفى الملك فيصل التخصصي والأبحاث في الرياض، والذي بدأ برنامج زراعة وحدات خلايا دم الحبل السري في 1423، و رغم التكلفة الباهظة لتلك الوحدات فقد تمت زراعة 100 وحدة تم استيرادها من بنوك عالمية لتخزين وحدات دم الحبل السري منذ بدء البرنامج وحتى نهاية 1428، الأمر الذي ولد فكرة إنشاء أول بنك عام وطني لتخزين وحدات دم الحبل السري في المملكة، كما يقوم مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بتجميع وحدات دم الحبل السري من متبرعات سعوديات ومقيمات، لزراعتها للمرضى المحتاجين لمثل هذا النوع من الزراعة في مستشفيات المملكة المختلفة، مما يسهل سرعة الحصول على الوحدة المراد زراعتها، إذا تطابقت نسيجيا مع المريض، بدلا من الحصول عليها من بنوك خارجية والذي يستغرق عادة عدة أسابيع أو أشهر.
ويمكن لتلك للخلايا الجذعية الموجودة في دم الحبل السري علاج عديد من الأمراض والتي منها ابيضاض الدم بأنواعه المختلفة، واعتلال كريات الدم الحمراء الوراثي، ونقص المناعة الوراثي، وأمراض المناعة الذاتية، واعتلال التمثيل الغذائي "الأيض" لدى حديثي الولادة.
وكان مجلس الخدمات الصحية قد أقر في اجتماعه الذي عقد في 18 شوال 1426 برئاسة الدكتور حمد المانع وزير الصحة، مشروع إنشاء بنك وطني لحفظ الخلايا الجذعية المأخوذة من دم الحبل السري للمواليد، وأوضح الدكتور عثمان الربيعة مستشار وزير الصحة، أن العلاج بواسطة زراعة الخلايا الجذعية مطبق على نطاق محدود في العديد من الدول المتقدمة، كما أنه مطبق في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث لعلاج بعض الأمراض المستعصية. وأضاف أن إنشاء بنك وطني لحفظ الخلايا يتيح توسيع نطاق الاستفادة من الخلايا الجذعية لأكبر عدد من المواطنين المحتاجين إلى ذلك، لافتا إلى أن المختصين أكدوا أنه إذا كانت الحاجة في الوقت الحاضر محدودة جدا فإن هذه الخلايا الجذعية المأخوذة من دم الحبل السري مع تطوير الأبحاث في هذا الشأن ستكون أمل المستقبل الواعد في علاج عديد من الأمراض المستعصية، مشيراً إلى أن المجلس كلف لجنة من الخبراء لإعداد تفاصيل المشروع وضوابط الاستخدام.